- نتمنى أن السنة الجديدة تعود بالحب والسلام والهدوء على مصر، العالم كله يحتاج للسلام بشدة، وليسند الله الرئيس السيسى فى كفاحه ضد الإرهاب وكفاحه لتعمير مصر وإصلاح ما أفسده الدهر لسنوات طويلة ويساعده المسؤولون من أجل خير مصر وشعب مصر، ويحافظ الله على كنيستنا والشعب المصرى مسلمين وأقباط، أملنا كبير أن تحقق مصر نجاحات كبيرة.
شهد المجمع المقدس الأخير للكنيسة خلافا حول قضية قبول معمودية الكاثوليك.. فماذا جرى؟
- قضية قبول معمودية الكاثوليك قضية كبيرة، هناك من يرى أنه لا يمكن القبول بتوحيد المعمودية مع الكاثوليك دون باقى الأسرار السبعة، فإما أن نوحد مع الكاثوليك باقى الأسرار، أو لا نقبل أيا منها، ولماذا نقبل سرا واحدا من سبعة؟ الكنيستان بعيدتان عن بعضهما البعض منذ 1500 سنة، وفى هذه السنوات دخلت عوامل كثيرة فى قضية الأسرار المقدسة، وهناك لجان لاهوتية تجرى حوارات لتقريب وجهات النظر، ولدينا أساس قوى وهو الوثيقة التى كتبها البابا شنودة فى الفاتيكان عن طبيعة السيد المسيح، وهى قاعدة جيدة ننطلق منها ولكن تفاصيل كثيرة تعيقنا عن الوحدة مع الكاثوليك.
تقصد أن نبدأ مرحلة الحوار اللاهوتى مع الكنيسة الكاثوليكية لكى تقبل الكنيسة الأرثوذكسية قضية المعمودية؟- الحوار بدأ بالفعل من خلال لجنة الحوار التى يرأسها الأنبا بيشوى، لدينا الكثير من الخلافات الطقسية واللاهوتية والعقائدية والتاريخية أيضًا.إذن ما الذى تعنيه بالوحدة بين الكنائس؟
- المحبة هى الأساس، وبناء على تلك المحبة نبدأ الحوار حول التفاصيل، ولكن لا يمكن الاتجاه نحو الوحدة دون أى أساس عقيدى أو لاهوتى.
انقسم المجمع المقدس للكنيسة بين تيارين مجدد يقبل بالمعمودية وتقليدى يرفضها.. فما رأيك؟
- ليس لدى حصر تفصيلى لآراء الآباء الأساقفة من تلك القضية، ولكن المجمع المقدس لم يجتمع، بل عقدت جلسات بحثية، والأوراق والأبحاث التى تسلمناها من الأساقفة تتمسك بالعقيدة والإيمان الموروث لنا منذ أكثر من ألفى سنة، من غير المعقول أن نتخلى عن إيمان سلمه لنا آباءنا بصلواتهم ودمائهم وعقيدتهم، والبابا شنودة نفسه كان متمسكًا بآراء الآباء الأولين، البابا شنودة لم يضع مبادئ العقيدة بل سار على الموروث وحافظ على هذا التاريخ، وقال لنا سأسلم العقيدة مثلما تسلمتها من الآباء.
لكن الكنيسة تشهد مدرستين فكرتين الأولى تنتمى للبابا شنودة والثانية لمتى المسكين؟
- هذا صحيح، ولكننا لم نبدأ منذ القرن العشرين، بل ملتزمين بأقوال الآباء، ونقول على مدرسة متى المسكين إنهم مجددون، ولكن على هذا التجديد أن يتوافق مع تاريخ الكنيسة وعقيدتها، وإن قبلت التجديد الكنيسة كلها «هتتلخبط» بعد ألفى سنة من التمسك بالتقاليد.
عملت سكرتيرا للبابا شنودة.. ماذا تعلمت منه؟
- حتى وفاته كنت أتعلم من البابا شنودة، وهو مدرسة جامعة، وأقواله وكتبه سوف تدرس فى الرسائل الجامعية فى العالم فى عدة فروع اللاهوت والعقيدة والرهبنة، هو بحر واسع من العقيدة وحافظ على تراث الكنيسة، وأهم ما يميز عهده أنه حافظ على مسلمات الكنيسة وتقاليدها.
تعاملت مع اثنين من البطاركة.. ما الذى يميز البابا تواضروس عن البابا شنودة؟- كل واحد منهما له مواهبه الخاصة، البابا شنودة كان متميزًا فى الشعر والخطابة والتواصل مع شعب الكنيسة، وكيف كانت محاضرته تجتذب الآلاف، أما البابا تواضروس يتسم بالثقافة، وهو رجل وطنى جدًا ويتناقش بالعقل والحكمة والفهم، وكل منهما له نفس القدر من العطايا الإلهية والقدرات الشخصية.فى رأيك هل شهدت أوضاع الأقباط أى تغيير فى السنوات الأخيرة؟
- الشعب المصرى كله تغير بعد ثورة يناير، والأقباط جزء من هذا الشعب، وأصبح الكل يتحلى بروح الرفض والانتقاد «محدش عاجبه حد»، وقلت روح الاحترام والتوقير التى كانت تتمتع بها الكنيسة عن ذى قبل.
أتقصد أن شعب الكنيسة صار أكثر تجرؤًا عليها بعد ثورة يناير؟- نعم حدث هذا التجرؤ، ولكن بنسب معينة فهى لم تصبح ظاهرة، وداخل المجتمع الكنسى لا نشعر بتجاوزات، ومن يريد أن يتجاوز يبتعد عن الكنيسة عادة.كمطران كيف تنصح الكهنة فى التعامل مع من يبتعدون عن الكنيسة؟- من يبتعد عن الكنيسة يحتاج احتضانا وتفهما، فمن ينتقدنى شخصيا أسمعه وأحاول أن أناقشه فى مفاهيمه بمنتهى طول البال وسعة الصدر وأقدر أن خبرته محدودة فى الحياة.هل تعتبر قانون بناء الكنائس خطوة للأمام فى حل تلك المشكلة؟
- مجرد التفكير فى قانون لبناء الكنائس هو شىء إيجابى، ولكن الدولة حتى الآن ليس لديها الخبرة فى التعامل مع هذا القانون، ومازلنا فى طور التجريب بعدما عشنا 200 سنة تحت قانون الخط الهمايونى، ومازالت الدولة والأمن يجربون هذا القانون، ففكرة أن يمنح المحافظ تصريحا لبناء كنيسة هى فكرة جديدة على المحافظين أنفسهم، وتقدمنا بطلبات لترخيص كنيسة أو اثنين، والأمر مازال تحت الدراسة.
هل لديك خطط للتوسع العمرانى وبناء كنائس جديدة؟- نعم لأن هناك مجتمعات جديدة تنشأ ولدينا مثلا منطقة جديدة بها ألف أسرة نرسل لهم أتوبيسات لكى يصلوا، ومازلنا ننتظر كيفية تطبيق القانون، وأكثر من %90 من المحافظات لم تطبق قانون بناء الكنائس حتى الآن.كمطران فى مجتمع صعيدى هل ترى أن العرف أقوى أم القانون؟
- التفاهم الودى هو الأساس ويساعد على تطبيق القانون، الصدام ليس فى مصلحة أحد، والقانون لن يساعدنى على ذلك، تطبيق القانون وحده لا يكفى فى ظل المجتمعات الريفية، شعبنا عاطفى وثقافته محدودة، والقانون سوف يصدمه، ومن الأفضل أن نكسب الود والتراضى حتى يسهل ويساعد على تطبيق القانون نفسه.
كيف تتعامل الكنيسة مع قضية الإلحاد؟
- مشكلة الإلحاد ليست جديدة، كنت أخدم فى الإسكندرية فى الستينيات، كان الاتحاد السوفيتى ينشر الإلحاد بالقوة والعنف، وروسيا عاشت أهوالا وعنفا بسبب الدين، وانتشر الإلحاد فى العالم كله، وصدر كتاب فى الستينيات اسمه إله الإلحاد المعاصر، وهى مشكلة ليست جديدة على الكنيسة، ونظرية داروين تحاول تثبت عدم وجود إله وتستند إلى فكرة النشوء والتطور، وكلها قضايا لم تتعب الكنيسة، بل فتحت الكنيسة صدرها ورحبت ودفعتنا للنقاش، ومازلت أحتفظ بكتاب صدر منذ الستينيات ومازلت احتفظ به اسمه «الله يتمجد فى عصر العلم»، مؤلفوه حصلوا على نوبل، وأثبتوا أن كل ما درسوه من علم يثبت وجود خالق فى الكون، وحين نتحدث مع الملحدين إما يقتنعون بوجود الله، أو يهربون ولا يكملون النقاش، وأصل المشكلة أن الإنسان ضميره تعبان ولكى يريح ضميره ينفى وجود العقاب والحساب، ولكن من لديه ضمير حساس سهل أن يقتنع.
ما آخر تطورات قضية تعديل لائحة الأحوال الشخصية؟- اللائحة الجديدة لابد وأن تشمل على الثلاث كنائس وكل كنيسة لها فكر معين فى قضية الانفصال، والدولة تطالبنا بتقديم قانون مشترك للأحوال الشخصية «وإحنا مش عارفين نقدمه»، نحاول بكل الطرق أن نصل لاتفاق مع كل الكنائس تحتفظ فيه كل كنيسة بشريعتها الخاصة.لا طلاق إلا لعلة «الزنا» هل هى آية من الأنجيل أم من أقوال البابا شنودة؟- هى من أقوال البابا شنودة وليست آية فى الإنجيل، ولكنها تفسر ما قاله المسيح فى الإنجيل عن قضية الطلاق.ارتفعت نسب الطلاق فى المجتمع بشكل عام فكيف تواجه الكنيسة ذلك؟- نحاول أن نصبر الطرفين، وإذا كنا نستطيع أن نصلحهما فنفعل ذلك لأن الضحية هم الأطفال، فى قضايا نستطيع أن نحلها بالتصالح مهما استغرقت من وقت، وفى قضايا من الصعب أن يعودا إلى بعضهما البعض، ونحاول أن نمنح المظلوم شيئا من الصبر، وإذا رفع قضية فى المحكمة القاضى لن يمنحه الطلاق.ثار الجدل فى الفترة الأخيرة بسبب قضية السماح للمرأة بالتناول أثناء الحيض التى طرحها مطران سمالوط.. فما رأيك؟- الموضوع تم طرحه فى المجمع المقدس الأخير، ورفض المجمع كله الفكرة فيما عدا ثلاثة أساقفة بينهم الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط، والرفض ليس كنسيا فقط بل شعبيا أيضا، فالنساء رفضن ذلك لأنهن لم يتعودن على ذلك، لذلك نقول إننا كنيسة تقليدية تسلم تعاليمها من جيل إلى جيل.كيف تقيم برنامج البابا تواضروس للرعاية الاجتماعية؟- تحتاج المسألة لمجهود ونكرس فريقا من الموظفين لنطبق هذا البرنامج وقد تأخرت إيبراشيتنا فى الانضمام إليه، وهو مشروع قيم ونفكر عمليا فى الانضمام له.كيف أثر تكرار الحوادث الإرهابية على طريقة تعاملكم مع شعب الكنيسة؟
- بالنسبة لإيبراشية أسوان، أشعر أن الأمن يقوم بواجبه وأكثر وباستمرار نحافظ على العلاقات الطيبة ونحافظ على التفاهم مع الدولة وكل الأجهزة وهم يساعدوننا كثيرًا على ذلك، وما بين الأقباط أنفسهم وإخوتهم المسلمين، ولكن أحيانًا تظهر شخصيات مثيرة للقلق والمشاكل بطبيعتها، وتكوينها النفسى مؤذٍ، ولكن أمن الدولة تسيطر على تلك الحالات الفردية، ولكن بصفة عامة لدينا تآلف ومودة بين الطرفين فى أسوان.
هل اتخذتم أى إجراءات احترازية إضافية؟- الأمن يطلب منا حين نسافر فى رحلة بالأتوبيس، أن نبلغه مسبقا لكى تخرج معنا حراسة، بوابات للكشف عن المعادن ودربنا بعض أبنائنا لكى يساعدوا الشرطة فى التعرف على المترددين على الكنيسة هل هم من شعب الكنيسة أم لا.نحن مقبلون على انتخابات رئاسية.. هل توجه الكنيسة الناخبين؟- لا نتدخل فى الانتخابات ونبقى على الحياد، ومن حق الكاهن أو الأسقف أن يقول رأيه ولكنه لا يلزم به أحدًا، والناس لا تقبل ذلك، وشعب الكنيسة ينصحنا أن نبتعد عن السياسة.