ومع احتدام المواجهات بين القوات التركية والعناصر الكردية داخل الأراضى السورية، وتحذيرات العديد من الأطراف من استغلال المليشيا الإرهابية لتلك التحركات لإعادة تنظيم صفوفها ، كثف تنظيم داعش على مدار الأشهر القليلة الماضية منذ دعايته عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى، لحث أنصاره على الصمود واستمرار استهداف الدول الأوروبية لإرغام قادتها على الانسحاب الكامل من مسرح عمليات الشرق الأوسط.
دعاية داعش ضد الولايات المتحدة
الدعاية المصورة ومقاطع الفيديو التى دائب تنظيم داعش على نشرها خلال الفترة القليلة الماضية ، اعتبرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بمثابة تحدى جديد للمجتمع الدولى بعد التقديرات المتفائلة نهاية العام الماضى، والتى أجمع خلالها العديد من الخبراء الاستراتيجيين على أن 2018 سيشهد النهاية الفعلية للتنظيم الإرهابى.
وفى تقرير لها اليوم ، قالت "واشنطن بوست"، إن تكثيف داعش لدعايته عبر الإنترنت التى تؤكد سعيه لاستهداف المدن الغربية مثل نشر صور تحمل علمه الأسود وورائه صورة لمدينة "نيويورك" ومكتوب عليها "نحن فى وطنكم".
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الدعاية تشى إلى أن عملاء داعش يلاحقون المعالم فى المدن الغربية ويحثون أتباعه على شن هجمات حيثما كانوا، موضحة أن مثل هذه الدعاية التى أعتاد عليها داعش لا تزال حية بعد ثلاثة أشهر من عاصمة دولة الخلافة المزعومة فى الرقة بسوريا.
وأضافت الصحيفة الأمريكية فى تقريرها نقلا عن مسئولين أمريكيين لم تسمهم: "أصبحت هذه الدولة قاصرة على عدة قرى صغيرة فى الصحراء السورية. لكن تظل الخلافة الافتراضية قائمة على شبكة الإنترنت، صحيح أنها تضاءلت لكن لا يزال لها وجود قوى يركز على حشد أتباع التنظيم فى وجه الخسائر العسكرية الساحقة".
داعش يعود من جديد عبر السوشيال ميديا
وتابعت الصحيفة: "المحتوى تغير بشكل كبير منذ خسارة الرقة التى كانت فى السابق موطنا لقسم الإعلام الرسمى لداعش ومنشآت الإنتاج الخاصة بالتنظيم. وانتهت مجلات داعش اللامعة ومقاطع الفيديو التى تروج للحياة فى ظل حكمه، وحل محلها تشجيع مستمر يهدف كله تقريبا إلى توجيه تعليمات لتنفيذ هجمات إرهابية فى الولايات المتحدة والدول الغربية".
ومنذ نشأته الأولى فى عام 2013، ونجاحه فى السيطرة على مدن عراقية بالكامل عام 2014 ليفرض نفسه على ساحة التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة ، اعتمد التنظيم الإرهابى على الدعاية الإلكترونية ومنصات مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" و"تليجرام" وغيرها، والتى مكنته من استقطاب عناصر من شتى بقاع الأرض ليدشن من خلالها جيشاً من المرتزقة متعددى الجنسيات ، والذين أصبحوا فى الوقت الحالى مصدر تهديد لدول أوروبا كافة بعد فرارهم من ميادين القتال وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية لتنفيذ هجمات على أراضيها.
وقبل يومين ، شدد المبعوث الأمريكى للتحالف الدولى ضد داعش بريت ماكجورك، من أن الحرب ضد التنظيم فى سوريا والعراق لم تنته ، محذراً من التحركات التركية على الحدود مع سوريا واستهداف عدة مناطق حدودية بالأسلحة الثقيلة والطيران ، وتداعيات ذلك على الحرب ضد الإرهاب.
ودعا ماكجورك فى تصريحات له مساء أمس الأول الأحد "كافة الأطراف المتحالفة فى الحرب ضد الإرهاب بالتركيز على قتال داعش، وعدم تشتيت الجهود فى معارك جانبية، خاصة أن الوضع فى شمال شرق سوريا معقد لأن التحالف لا يملك حضورا مباشرا".
عدم تصفية البغدادى تربك حسابات العديد من الأجهزة الأمنية
وبخلاف الدعاية الإلكترونية للتنظيم والتى شهدت نشاطاً مكثفا فى الآونة الأخيرة ، خاصة قبل احتفالات رأس السنة وعيد الميلاد المجيد العام الماضى، يظل اختفاء زعيم داعش أبو بكر البغدادى عن الأنظار أحد أبرز مصادر القلق لدى دوائر الأمن والاستخبارات الغربية، خاصة بعد تراجع قوات التحالف عن الجزم بمقتله واعترافها بعجزها عن الايقاع به رغم الانتصارات المدوية التى حققتها القوات العراقية والسورية مدعومة بقوات التحالف الدولى وروسيا.