50 مليار جنيه رأسمال صناديق التأمين الخاصة بمصر.. بمثابة كنز غير مستغل سواء فى تحقيق عائد مرتفع لأصحابها أو تمويل المشروعات التنموية، الأمر الذى دفع هيئة الرقابة المالية لدراسة تجارب الدول الأخرى لبحث كيفية استثمار هذه الأموال، والاستعانة ببنوك استثمار عالمية لطرح مقترحاتها فى هذا الشأن، وتضمين ذلك بمشروع قانون التأمين الجديد.
ويقصد بصندوق التأمين الخاص كل نظام فى أى جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة واحدة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى تتألف بغير رأس مال، ويكون الغرض منها وفقا لنظامه الأساسى أن تؤدى إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة.
وتبلغ عدد صناديق التأمين الخاصة بمصر المسجلة بالهيئة العامة للرقابة المالية 664 صندوقاً منها 55 صندوقا تحت التصفية بإجمالى عدد مشتركين بلغ 4.8 مليون مشترك وبإجمالى رأسمال مقدر حتى نهاية العام الماضى نحو 50 مليار جنيه، ومن بين تلك الصناديق 11 صندوقاً يتجاوز رأسماله مليار جنيه.
وفى هذا الإطار قال المستشار رضا عبد المعطى نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن صناديق التأمين الخاصة بمصر تنظم وفقا للقانون رقم 54 لسنة 1975، والذى يمنح الهيئة اختصاصات الإشراف والرقابة عليها، مضيفا أن الهيئة عملت خلال الفترة الماضية على تعظيم العائد من استثمارات هذه الصناديق لتحقيق أقصى استفادة لأصحابها، ولذا أصدرت العام الماضى، قرارا يلزم مجالس إدارات الصناديق التى يبلغ رأسمالها 100 مليون جنيه بتعيين مدير استثمار للصندوق، أما الصناديق التى تزيد رأسمالها عن 100 مليون جنيه ألزمتها الهيئة بتعيين شركة متخصصة لإدارة الاستثمار، غير أن بعض مجالس الإدارات المسئولة عن الصندوق اعترضت على القرار.
وأضاف عبد المعطى، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن الهيئة تدرس مقترحاً لضم نشاط صناديق التأمين الخاصة إلى مشروع قانون التأمين الجديد، ودراسة تجارب الدول المختلفة فى تعظيم عائد هذه الصناديق مع توجيه استثماراتها لتمويل المشروعات التنموية بما يحقق أقصى استفادة لأصحاب الصناديق ومشتركيها والدولة معا، كما قد تستعين ببنوك استثمار عالمية لطرح مقترحاتها بشأنها.
وأشار عبد المعطى، إلى أن الهيئة شاركت فى عدد من المؤتمرات العالمية مؤخراً، وعرضت خلالها تجارب بعض الدول فى استخدام صناديق المعاشات فى تمويل مشروعات البنية التحتية بما يساهم فى توفير التمويل لها وتعظيم عائدها، حتى أن تلك الصناديق أصبحت من أكبر صناديق الاستثمار فى العالم كله.
ولفت نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إلى أن هناك مقترحاً لرفع قيمة رأس مال صناديق التأمين الخاصة الواجبة التسجيل بالهيئة من ألف جنيه حاليا إلى 50 ألف جنيه بمشروع قانون التأمين الجديد، وذلك فى ظل ضعف المبلغ الحالى والذى لا يكفى الصندوق على تحمل تكلفة تقرير الخبير الاكتوارى والذى لن يقل عن 6 آلاف جنيه، وتحمل نشر قرار الصندوق بالجريدة الرسمية بمبلغ مماثل.
ومؤخراً أعلنت شركة "فورتكس"، أحد أكبر الشركات المتخصصة بالاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة فى أوروبا والمدارة بواسطة قطاع الاستثمار المباشر بالمجموعة المالية هيرميس، عن بيع 45% من أسهم شركة «Vortex Solar» إلى صندوق «KWAP» والذى يعد ثانى أكبر صندوق معاشات فى ماليزيا فى صفقة تبلغ قيمتها الإجمالية 67.5 مليون جنيه استرلينى.
ومن جانبه قال شريف سامى خبير الاستثمار والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، أن صناديق التأمين الخاصة تعد من القنوات الهامة لتعبئة المدخرات وتمويل الاستثمارات فى مصر، مقدرا حجم استثماراتها بنهاية عام 2017 بما يزيد عن 50 مليار جنيه.
وأشار سامى، لـ"برلمانى"، إلى أن دراسات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD) والمنظمة الدولية لمراقبى نظم التقاعد (IOPS) أوضحت مدى مساهمة نظم التأمينات كمستثمر مؤسسى فى دولها، وأن غالبية نظم التأمين تسعى إلى تنويع الأدوات المالية التى تستثمر فيها وتوزيعها ما بين سندات وأذون خزانة ومحافظ أوراق مالية متداولة واسثمار مباشر وعقارى.
وأكد على أهمية تشجيع التوسع فى منظومة صناديق التأمين الخاصة فى مصر من خلال وجود صناديق كبرى وزيادة عدد المشتركين بها، لاسيما وأن أجلها الاستثمارى يتراوح بين متوسط وطويل الأجل وهو ما يتلاءم مع تمويل المشروعات الكبرى سواء من خلال السندات أو الصكوك أو أسهم رأس المال.
غير أنه لفت إلى أن أموال صناديق التأمين الخاصة تخص المشتركين بها ومن ثم فمن يتولى إدارتها يسعى إلى تحقيق عوائد مناسبة على المدى الطويل وبمخاطر مقبولة مما يتطلب زيادة الأدوات المالية المناسبة لتلك الصناديق، ولاسيما السندات وسندات التوريق وغيرها من الأوراق المالية.
وتوقع أنه فى حالة تنشيط سوق السندات فإن صناديق التأمين الخاصة إلى جانب شركات التأمين ستكون مستثمر مؤسسى مهم فى هذا المجال، كذلك فإن التوسع فى إنشاء صناديق الاستثمار العقارى من المتوقع أن يجذب بالتدريج استثمارات صناديق التأمين الخاصة للاستفادة من جاذبية هذا القطاع والارتفاع المطرد فى قيمة العقارات بمصر، بدون الدخول فى مشروعات عقارية مباشرة هى ليست مؤهلة للقيام بها.
ونوه إلى أن نظام صناديق التأمين الخاصة وأن كان اختيارياً للمشتركين فيه إلا أنه يلقى اقبالاً من العديد من فئات العاملين والمهنيين وأعضاء النقابات للانضمام لصندوق أو أكثر من صناديق التأمين الخاصة، وذلك لما يوفره من تغطية تأمينية ودخل أو تعويض إضافى للمشترك فى ضوء ما ساهم به خلال فترة اشتراكه من مبالغ اقتطعت من راتبه، وليس أدل على هذا الاقبال من عدد صناديق التأمين الخاصة التى فاق عددها الستمائة صندوق، وناهز عدد المشتركين فيها الخمسة ملايين مواطن، هذا وقد تأسس 15 صندوق تأمين خاص جديد فى العشرة أشهر الأولى من سنة 2017.
ولفت إلى أنه فى حال تعديل قانون ضريبة الدخل بزيادة الإعفاء للمبالغ التى يخصصها الممول للاشتراك فى أحد نظم التأمين – سواء وثيقة تأمين أو صندوق تأمين خاص – فإن ذلك سيعمل على تشجيع المواطنين على زيادة المبالغ المستقطعة من دخلهم كاشتراكات فى صناديق التأمين الخاصة أو فى وثائق تأمين صادرة عن شركات التأمين العاملة فى مصر.
وكشف شريف سامى، أن منظومة صناديق التأمين الخاصة فى مصر هى الأكبر والأكثر تطوراً وانتشاراً مقارنة بمختلف دول المنطقة العربية وتأتى فى مقدمة النظم المشابهة بافريقيا، وهى تعد الشقيقة الصغرى لنظام معاشات التقاعد والذى تديره الدولة من خلال صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالحكومة وصندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الخاص والعام التابعين للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى.
وأشار إلى أنه فى ضوء المساهمة الإيجابية لمنظومة صناديق التأمين الخاصة فى الاقتصاد القومى بما يساعد المستفيدين منها على توفير مستوى معيشى واجتماعى أفضل وما يقدمه من حماية تأمينية اختيارية لقطاع عريض من العاملين بمختلف الجهات فى مصر، فإنه على كافة الجهات المعنية العمل على زيادة كفاءة وفعالية تلك المنظومة وضمان الاستمرار فى أداء دورها بنجاح، وأشاد بجهود العاملين بالهيئة العامة للرقابة المالية المعنيين بالإشراف على سلامة المراكز المالية لتلك الصناديق وتعزيز حوكمتها وفحص أى شكاوى ترد بشأنها.