أكد جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولى، لـ"برلمانى" أن المرحلة الأولى من الإصلاحات الاقتصادية فى مصر شهدت نجاحا كبيرا، مشيدا بجهود السلطات فى السيطرة على التضخم ووضعه على مسار تنازلى بالإضافة إلى استعادة الثقة وهو ما انعكس فى زيادة تدفقات العملة الأجنبية واستثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المحلية وارتفاع الاحتياطى الأجنبى وتحويلات المصريين العاملين بالخارج ، فضلا عن تعافى بعض القطاعات خاصة الصادرات والسياحة.
وأضاف أزعور لـ"برلمانى" على هامش القمة العالمية للحكومات فى دبى، أن مصر تتجه تدريجيا نحو تطبيق المزيد من الإصلاحات الهيكيلية التى من شأنها تخفيف الأعباء الاجتماعية على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، إلى جانب إتاحة الفرص لتمكين القطاع الخاص وتأسيس المزيد من الشركات وهو ما يسهم فى خلق فرص عمل جديدة وزيادة الأجور.
س: تراجع التضخم بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين، ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى الخميس المقبل للنظر فى أسعار الفائدة وسط توقعات من اقتصاديين باتجاه المركزى بخفض تدريجي لجذب استثمارات جديدة، فما هو توقعكم لقرار المركزى؟
ج: ليس عندى توقعات لأسعار الفائدة لأنه قرار خاص بلجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى. وليس هناك شك أن البنك المركزى اتخذ خلال المرحلة الماضية إجراءات مهمة ساهمت من جهة فى علاج معضلة كبيرة وهى سوق النقد والمرحلة الثانية كانت بعد بدء الإصلاحات وهى معالجة التضخم بنجاح، حيث تمكنت إجراءات المركزى من تخفيض مستوى التضخم من أكثر من 30% إلى حوالى 22% بنهاية 2017 ومن المتوقع أن تستمر نسبة التضخم فى الانخفاض تدريجيا خلال عام 2018 وهذا إنجاز يساهم فى تحقيق الاستقرار وتحقيق العدالة الاجتماعية من تخفيف الأعباء الاجتماعية، فلا يخفى على أحد أن التضخم هو الضريبة الأقل عدالة وتطال الجميع.
أيضا ساهمت إجراءات البنك المركزى فى رفع مستوى الثقة لدى المستثمرين والمؤسسات، كما بدأت معدلات النمو فى التحسن تدريجيا، فضلا عن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج واستثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المقومة بالعملة المحلية، وهذا دليل ثقة.
س: تراجع ما يعرف سنة الأساس التى يقاس عليها التضخم هى أحد العوامل الرئيسية التى أدت إلى تراجع التضخم، فمتى ينعكس ذلك على القوة الشرائية للمواطنين وخاصة الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة من خلال استرداد قيمة العملة المحلية جزءا من قيمتها؟
ج: الإصلاح مسار ولا يتمثل فى إجراء واحد ومما لا شك فيه اليوم أن مسار الإصلاح يسير بالطريق الصحيح وتمكنت مصر والبنك المركزى والحكومة من معالجة سريعة لمشكلة التضخم، وهناك التزام واضح من البنك المركزى فى هذا الاتجاه، ولا يوجد شك أن الانتقال إلى مرحلة الإصلاحات الهيكيلية سيسهم فى تحسين فرص العمل وبالتالى تحسين الوضع المعيشى للمواطنين من خلال تمكين القطاع الخاص وتسهيل الإجراءات وتحسين مناخ الاستثمار وتأمين إجراءات وبرامج تساعد فى تخفيف الأعباء الاجتماعية.
س: برامج الحماية الاجتماعية تستهدف الفقراء ومحدودة الدخل فماذا عن الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة وهى الأكثر تضررا من الإصلاحات الأخيرة؟
ج: الحماية الوحيدة لتلك الطبقة هى خلق فرص العمل ولهذا فإن كل ما من شأنه تحسين الوضع الاقتصادى ورفع ثقة المستثمر مثل تحسين مناخ الاستثمار وعودة الثقة للمستثمر -الذى يخلق الوظائف ويرفع مستوى الأجور والمعاشات- وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبى والاستفادة من استعادة الاقتصاد العالمى لنشاطه كل هذه الأمور تسهم تدريجيا فى تحسين مستوى معيشة الطبقة الوسطى من خلال خلق فرص عمل جديدة أو تحسين الأجور.
س: ما هو معدل النمو المطلوب حتى ينعكس على مستوى معيشة المواطن مع الأخذ فى الاعتبار بالتعداد السكانى ومعدل نموه؟
ج: يدخل سوق العمل المصرى حوالى 700 ألف فرصة عمل جديدة سنويا، وأثبتت الدراسات أنه إذا تجاوز معدل النمو نسبة 5.5 إلى 6% سنويا فإنه يساهم ليس فقط فى الحفاظ على الاستقرار فى سوق العمل وإنما الخفض التدريجى لمعدلات وهو الهدف، ولهذا السبب ركزنا فى مؤتمرنا –صندوق النقد الدولى- فى مراكش بالمغرب أواخر الشهر الماضى، على أن استعادة النمو تتطلب مجموعة من الإصلاحات ومن خلال هذا النمو سيتم خفض البطالة تدريجيا، مصر لديها فرصة لتخفيض البطالة من خلال زيادة معدلات النمو الاقتصادى وهذا ينطبق على مصر وبعض الدول العربية الأخرى.
س: تدهورت العملة المحلية وفقدت ما يقرب من 50% من قيمتها بعد التعويم فى نوفمبر 2016، فمتى تتوقعون استعادة الجنيه المصري عافيته؟
ج: لا نقيم قيمة العملة المحلية وإنما السوق وحركة العرض والطلب والسياسة التى يتبعها البنك المركزى صحيحة ويواكبها سياسة جيدة من وزارة المالية لمعالجة عجز الموازنة وتأمين مساحة مالية أوسع لزيادة برامج الحماية الاجتماعية لتخفيف العبء على الشرائح الأكثر ضعفا، تفاعل هذه السياسات مع بعضها من شأنه رفع الثقة وتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات أجنبية مباشرة ليس فقط فى أذون الخزانة المحلية وكل هذا يسهم فى تحسين النشاط الاقتصادى بمصر.
مصر عندها طاقة اقتصادية كبيرة نظرا لحجم الاقتصاد المصرى وعودة النشاط للاقتصاد العالمى وتحسن نشاط التجارة العالمية يصب فى صالح مصر فى ضوء موقعها المتميز.
س: قفز الدين الخارجى لمصر بعد التعويم ورفع صندوق النقد الدولى توقعاته لمستوى الدين فى الوثائق التى صدرت الشهر الماضى، فما هى اقتراحاتكم للسيطرة على الديون الخارجية؟
ج: تخفيض الدين الخارجى أو الداخلى مرتبط بنسبة العجز فى الموازنة فلا يمكن خفض الدين إلا بتقليص عجز الموازنة وبالمقابل رفع النمو الاقتصادى، وتعمل الحكومة المصرية على تحقيق الهدفين من خلال برامجها.
ولا شك أنه فى ضوء عودة الاستقرار والثقة بالاقتصاد المصرى، تشجع المستثمرين الأجانب فى ضخ رؤوس أموالهم فى الأدوات المالية المصرية وهذا عنوان ثقة، إنما الأساس هو الاستمرار فى سياسة خفض العجز والتى ستسمح تدريجيا لمصر بتخفيض مستوى الدين ومن ثم زيادة نشاط الاقتصاد لأن المقدرات المالية بالأسواق ستوجه أكثر لتمويل المشروعات والقطاع الخاص.
س: ما هو الموعد المحدد للجولة القادمة من خفض دعم الطاقة؟
ج: قامت الحكومة المصرية بعدة إجراءات لإصلاح دعم الطاقة والحكومة المصرية هى التى تقرر تلك الإجراءات واختيار الموعد المناسب لتخفيض الدعم تدريجيا حتى نهاية مدة البرنامج الذى يدعمه الصندوق فى 2019، ولا يخفى على أن دعم المحروقات بالأرقام ووفقا للدراسات يستفيد منه أصحاب الدخل الأعلى، مما يتطلب تخفيضه وتحويل جزء منه لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية مثل برنامج تكافل وكرامة للدعم النقدى وغيرها لتخفيف الأعباء عن أصحاب الدخل المحدود والفئات الأكثر ضعفا.