ماذا لو فتحت موقع "يوتيوب" وكتبت فى خانة "البحث" كلمة "مصر"، أو "السيسي" ، أو "الشعب المصرى"؟ على الأرجح ستجد أن نصف نتائج البحث على الإنترنت ستكون فيديوهات أنتجتها جماعة الإخوان وقنواتها ومذيعيها للهجوم على مصر، الأمر المثير للريبة والتساؤل هل يتم الأمر بطريقة عادية أم أن خلفه عمل منظم.
فى البداية توجهنا إلى الخبير مكافحة الإرهاب والأمن الإلكترونى العميد حاتم صابر، والذى قال لنا: "مصر تتعرض منذ 2011 إلى ما يسمى بالعمليات النفسية الموجهة، والتى ينصب الغرض الرئيسى منها لإحباط الرأى العام، عن طريق تشكيل جبهة قوية من الأكاذيب على "السوشيال ميديا"، وهدفها الوحيد إحباط الإنجازات، وهو أمر مخطط وممنهج بحيث يظهر فى محركات البحث كل ما هو هادم للدولة".
وأضاف حاتم فى تصريح خاص لـ "برلمانى"، أن ما نعول عليه هو وعى الشعب المصرى، خاصة أن المواطن المصرى يرى النجاحات بعينه، وكلما رأى المواطن هذه الإنجازات أكثر بعينه تبدأ الأمور فى الاتضاح، والدليل على ذلك أن بعض الشائعات التى نالت من الجيش المصرى بعد إزاحة جماعة الإخوان من الحكم فى 2013 مباشرة أصبح التفكير فيها اليوم أمر هزلى ومثير للضحك.
وتابع الخبير فى الأمن الإلكترونى ومكافحة الإرهاب، أن العمليات النفسية تقوم بشكل رئيسى على بناء أكاذيب على جانب من المصداقية، بمعنى أنه قد تكون هناك مخالفة فى جهة ما داخل الدولة معينة ضبطتها الأجهزة الرقابية، فيقوم المغرضين بأخذ هذا الحادث الاستثنائى وتضخيمه وتعميمه، بحيث يشكل رأى عام مجتمعى بأن أجهزة الدولة لا تفعل شىء سوى المخالفات، بل ويتجاهلون أن من ضبطها هو أجهزة الدولة الرقابية نفسها، ونفس الشىء بالنسبة للتشكيك فى الإنجازات، حتى يرى المواطن بعينه هذه النتيجة، عندها ستصبح محاولة التشويه لا جدوى لها.
التساؤل الذى طرحناه فيما بعد كان حول إن كانت تلك الهجمات المنظمة تقف وراءها دول خاصة فى ظل تصاعد الحديث عن تدخل خارجى فى انتخابات عدد من الدول عبر مواقع التواصل الاجتماعى وصناعة أخبار مزيفة، فهل نشهد فى مصر شيئا شبيها بذلك الأمر؟
العميد حاتم صابر أكد أن هذا أمر حادث بالفعل، وأن دول مثل قطر وتركيا قد تكونان وراء هجمات إلكترونية من هذا النوع، قائلا: "نحن صنعنا أزمة نفسية لرجب طيب أردوغان، فكل ما كان يخطط له من عودته ليصبح الخليفة أنهيناه، فبالتأكيد هناك عمل على تحطيم نفسية المواطن المصرى، لذا على المواطن المصرى ألا يشارك فى نشر تلك الشائعات، بل عليه حين يقرأ معلومة خطيرة على الإنترنت أن يسعى لتحرى الدقة ومحاولة أن يرى الهدف من وراء نشر تلك المعلومة والمغزى منه، ومن هو الشخص الذى قام بنشره، لأن عملية النشر تسمى "الانتشار الفيروسى" بمعنى أن الفضول والاستغراب هو المقصود، ما يخلق انتشارا وكأنه عدوى.
انتشار العدوى هو ما أكد عليه أيضا الخبير النفسى جمال فرويز، والذى أكد أن هناك ما يسمى بجانب اللعب على "العاطفة" واستغلال خطأ بسيط لتضخيم الحدث، بعدها يقوم الشخص بتحريف الأمور لصالحه، وفى المقابل التهوين من أخطائهم ومحاولة إثبات كونها غير صحيحة.
كما يتلاعبون أيضًا على مسألة "روح الجماعة"، فالفرد فى الجماعة خاصة إذا كان قليل الثقافة يبدو منقادا للجمع ويذهب الأشخاص للتقليد والانقياد، وهى أيضًا ظاهرة نطلق عليها ظاهرة "البصمة" وهى أن يسير الصغير على خطوات الكبير، فما يتم هو خلق شعور لدى المواطن أنه صغير ولا يرى جيدا ويتم تضليله وفى المقابل فإن هناك شخص يجب أن يتبعه ويسير على خطاه.
ولفت فرويز أيضًا إلى أن التنظيم لديه سابق تجربة فى مسألة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بشكل منظم، بل وربما سبقوا أى جهة أخرى، فإذا عدنا بالذاكرة سنجد قضية سليسبيل الشهيرة، حين استخدم الإخوان أجهزة الكمبيوتر لصالح تنظيم أعمالهم.