الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 03:05 ص

القوات الكردية وافقت على دخول الجيش السورى خوفا من التطهير العرقى.. مصالح أردوغان وبشار تلتقيان ضد مشروع الفيدرالية الكردى.. روسيا ضامنة لعدم الصدام العسكرى بين أنقرة ودمشق

كيف نفهم التحولات الراهنة فى عفرين؟

كيف نفهم التحولات الراهنة فى عفرين؟ كيف نفهم التحولات الراهنة فى عفرين؟
الأربعاء، 21 فبراير 2018 02:00 ص
كتب : أحمد جمعة

مع إعلان وحدات الشعب الكردية دخول وحدات عسكرية تابعة للجيش السورى إلى مدينة عفرين شمال سوريا، بدأت خارطة التحالفات الإقليمية والدولية تتبدل فى المنطقة الأكثر سخونة على الملعب السورى، وذلك فى ظل الصراع الأبدى بين الأكراد والأتراك ودعم إيران وروسيا لتطلعات الأخيرة بالقضاء على أى حلم للأكراد فى شمال سوريا.

 

ما يجرى فوق تراب عفرين هو نتيجة تحالفات ومصالح مشتركة لبعض الدول المعنية بالأوضاع فى سوريا وتحديدا الدول المشاركة فى مفاوضات أستانة وهى إيران وروسيا وتركيا وسوريا، والهدف غير المعلن للعملية العسكرية التى يقودها أردوغان هو إحداث تغيير فى عفرين وعدد من مدن الشمال السورى للبدء فى مفاوضات جديدة بأستانة لتبادل الأراضى ومناطق خفض التصعيد.

 

ما يجرى فى عفرين يدفعنا لمحاولة فهم ما يجرى فى المدينة التى تمتاز بطبيعتها الجبلية التى تصعب مهمة أى قوات فى حسم معركة عسكرية لصالحها، وما هى احتمالية حدوث صدام عسكرى بين الجيشين التركى والسورى.

 

ورقة الجيش الحر والتصعيد مع الأكراد

يبدو أن تركيا تستثمر دعمها للفصائل المسلحة لتنفيذ أجندتها فى الأراضى السورية والتى تأتى فى مقدمتها القضاء على أى تطلعات للأكراد فى إقامة فيدرالية على طول الحدود المشتركة مع تركيا، لأن ذلك سيدفع أكراد تركيا المتمركزين فى جنوب تركيا للمطالبة بتقرير مصيرهم كما هى مطالبات أكراد سوريا فى شمال البلاد.

 

ودفعت تركيا بعدد كبير من مقاتلى الجيش الحر، عديمى الخبرة العسكرية، لدعم قدرات الجيش التركى، وذلك فى إطار ضغط تمارسه أنقرة على الفصائل الكردية لتقديم تنازلات أكبر فى أى عملية تفاوضية مقبلة فى أستانة.

 

صفقة روسية إيرانية تركية وترحيب سورى

 

الواضح من التحركات التى يقوم بها الجيش التركى وجود صفقة إيرانية روسية وترحيب سورى بدخول قوات الحكومة السورية إلى عفرين ومدن الشمال السورى لوأد مشروع الأكراد المتمثل فى إقامة فيدرالية وضبط الحدود المشتركة مع تركيا.

 

ويبدو أن القوى المشاركة فى أستانة "روسيا – إيران – تركيا – سوريا" تسعى لتغيير الوضع الراهن فى عفرين وعدد من المدن السورية، وذلك فى محاولات لإدخال تلك المدن فى اتفاقات خفض التصعيد التى تحتضنها كازاخستان.

 

رغم الخلافات.. مصالح الأسد وأردوغان تلتقى فى عفرين

 

وعلى الرغم من الخلافات والعداء الشديد الذى تكنه أنقرة لدمشق إلا أن التحركات التى تجرى فى عفرين من قبل الجيش التركى أو الجيش السورى تأتى فى إطار مصلحة مشتركة وهى القضاء على أى تطلعات كردية لإقامة فيدرالية أو كيان منفصل شمال البلاد.

 

التحالف الذى تقوده روسيا مع إيران يدعم تحركات الجيش السورى داخل عفرين ولكن ضمن تفاهمات تقوم بها موسكو مع أنقرة لمنع تصعيد التحركات بين الطرفين فى شمال سوريا، وذلك فى ظل غضب أمريكى من التحركات التى تقودها تركيا بالتنسيق مع موسكو ضد القوات الكردية التى تدعمها واشنطن بالمال والسلاح.

 

العداء المشترك للأكراد يخفف احتمالية حدوث صدام عسكرى بين الطرفين

 

ومن الواضح أن احتمالية حدوث صدام عسكرى أبعد ما يكون عن الواقع والحقيقة التى تؤكد أن دخول قوات الجيش السورى إلى عفرين تأتى ضمن تفاهمات إقليمية ودولية، وانسحاب قوات الجيش السورى مسافة 10 كم عن المدفعية التركية يؤكد وجود تفاهمات غير معلنة حول التحركات العسكرية فى عفرين.

 

وأعلنت روسيا بشكل رسمى، أن الخلافات بين أنقرة ودمشق يمكن حلها باللجوء إلى الحوار، وهو ما يفسر الصمت الروسى تجاه التحركات التركية ودعم موسكو لدخول الأسد إلى عفرين.

 

تأجيل مفاوضات أستانة المقبلة

 

التغيرات التى تجرى على الأرض فى عفرين يمكن أن تدفع الأطراف المشاركة فى أستانة إلى تأجيل الجولة المقبلة من المفاوضات لحين تبيان الصورة الكاملة لما ستنتج عنه العملية العسكرية التى تقودها تركيا والتحرك الذى يقوده الجيش السورى.

 

تراجع الأكراد يعزز نفوذ الأسد شمال سوريا

 

ويعد إعلان وحدات حماية الشعب الكردية، تلبية الحكومة السورية الدعوة واستجابتها لنداء الواجب بإرسال وحدات عسكرية إلى عفرين تعزيز لنفوذ الرئيس السورى بشار الأسد الذى تسعى قواته للتمركز على الحدود المشتركة مع تركيا وهو ما يرجح فتح حوار مباشر بين أنقرة ودمشق فى الفترة المقبلة.

 

وأكد نورى محمود، الناطق الرسمى لوحدات حماية الشعب الكردية، تكبيد وحدات حماية الشعب الكردية لجيش الغزو التركى والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معها من جبهة نصرة وداعش وغيرها، خسائر فادحة فى العدة والعتاد حيث ارتأت وحدات حماية الشعب دعوة الحكومة السورية وجيشها للقيام بواجباتها فى المشاركة بالدفاع عن عفرين وحماية الحدود السورية ضد هذا الغزو الغاشم.

 

الموافقة الكردية على دخول الجيش السورى جاءت خوفا من بطش الرئيس التركى وقواته التى تقوم بحملة تطهير عرقى ضد الفصيل الكردى شمال سوريا سواء باستهداف المدنيين أو العسكريين، وهو ما يفسر سبب موافقة الأكراد على دخول الجيش السورى بذريعة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى السورية.


print