الجمعة، 22 نوفمبر 2024 11:50 ص

كيف قدم الرئيس صياغة متفردة لتحديات الولاية الأولى؟.. "التفويض" بداية الإنقاذ.. و"أهل الشر" كشف الأعداء.. "السياسة الشريفة" أحرجت الكاذبين.. "القوة الغاشمة" و"حق مكافحة الإرهاب" صدما المتلونين

"قاموس السيسي"

"قاموس السيسي" "قاموس السيسي"
الأحد، 04 مارس 2018 09:00 ص
تقرير يكتبه تامر إسماعيل صالح

كحال الفترة التى جاء بها على رأس الحكم فى مصر فى اختلافها وخصوصيتها، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي مختلفا فى كثير من أشكال الإدارة والحكم عن غيره من رؤساء مصر السابقين، وأيضا عن رؤساء دول أخرى حاليين.

 

ومن أبلغ تلك الاختلافات التى برزت فى شخصية السيسى قبيل وخلال فترة حكمه الأولى، هو اللغة والمصطلحات التى استخدمها فى حديثه وتوصيفاته للقضايا الكبرى فى مصر، حيث لم تظل لغته حبيسة قاموس السياسة التقليدى، ولم تقف عند حدود ما استخدمه سابقيه أو حتى معاصريه من رؤساء الدول الأخرى، بل استحدث الرئيس عدد من الجمل والمصطلحات التى خدمت أهدافه وأهداف الدولة المصرية فى مواجهة الكثير من التحديات التى تواجهها، فى وقت عجزت فيه مفاهيم ومصطلحات سياسية تقليدية على التعامل معها، خاصة مع تطور أساليب الخداع والتآمر السياسى على مصر.

 

واتسم قاموس المصطلحات الجديدة التى استحدثها الرئيس السيسى بالبساطة فى الألفاظ، والوضوح فى المعنى، ودقة إصابة المقصود، وعدم التكلف أو المغالاة فى الوصف، فمن مصطلح "التفويض"، إلى "أهل الشر" ثم "السياسية الشريفة"، ومنهم إلى "القوة الغاشمة" و"حق الإنسان فى مكافحة الإرهاب"، سطر السيسى صفحات جديدة فى قاموس السياسة والحكم، استطاع من خلالها أن يوصف ويواجه ويكشف أشكال الصراع والتآمر والحروب الجديدة التى تواجه مصر خلال تلك المرحلة الزمنية والتى لم تعد تصلح معها مصطلحات سياسية تقليدية فقدت قوتها بتطور أشكال الصراعات السياسية ومحددات الأمن القومى لدولة مثل مصر.

 

"التفويض" مصطلح ألهب الحماس وفرض إرادة مصر

فى خطابه أمام حفل تخرج طلاب دفعة 2013 من ضباط الأكاديمية البحرية صك الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع –فى تلك الفترة- مصطلحا ليس معتادا على مسامع المصريين خاصة من أحد المسئولين، وهو "التفويض"، حين ناشد السيسى جموع الشعب المصرى بالنزول إلى الشوارع فى الجمعة التى تلت ذلك الخطاب لإعطائه تفويض وأمر بمواجهة الإرهاب المحتمل.

 

 

وكان ذلك المصطلح هو كلمة السر فى تثبيت أركان الدولة المصرية وتأكيد شرعية ثورة 30 يونيو فى مواجهة إرهاب جماعة الإخوان داخل مصر، ومؤامرات الدول الداعمة للجماعة من خارج مصر، وفى مواجهة حملة تشكيك دولية كبرى واجهتها مصر فى تلك الفترة.

 

"أهل الشر".. أدق وصف لأطياف متباينة من الأعداء

فى وقت اختلفت فيه توصيفات ومسميات المتآمرين على مصر، وتباينت تلك الأوصاف على حسب طبيعة دورهم، وعلى حسب درجة وعى المتحدث عنهم، صك الرئيس السيسى فى خطاباته مصطلح جامع شامل دقيق لكل أصناف المآمرين على مصر وهو "أهل الشر".

 

وكان أول استخدام له فى خطاب بالعام الأول من فترة رئاسته وبالتحديد فى شهر سبتمبر 2014، كان يتحدث فيه عن أزمة الكهرباء واستهداف المحولات من قبل الجماعات الإرهابية، وقال السيسى نصا: "أهل الشر والدمار لو لقونا منتبهين لحالتنا مش هيقدروا يؤذونا"، فى إشارة إلى من يسعون لتضخيم أزمة الكهرباء بحرق المحولات وقطع الأسلاك، فى تلك الفترة.

 

 

وظل الرئيس يعيد استخدام ذلك المصطلح فى مواقف متعددة كلما أراد الإشارة على من يريدون العبث بأمن مصر ومقدراتها، سواء كانوا فى الداخل أو الخارج، سواء كان تآمرهم سياسيا، أو مسلحا، أو إعلاميا، وكان آخر تلك الاستخدامات فى مؤتمر حكاية وطن الذى عقده الرئيس الأسبوع الماضى لتقديم كشف حساب عن فترة رئاسته الأولى، وأعاد استخدام نفس المصطلح فى معرض حديثه عن المشروعات التى لايتم الإعلان عنها إلا بعد اكتمالها، وتحدث قائلا: "أنا صادق والله، إحنا بنخاف نفتتح مشروعات عشان أهل الشر".

"السياسة الشريفة".. الوصف الذى أحرج أصحاب السياسة "القذرة"

ظل الرئيس السيسى محاولا التأكيد على منهجية مصر ومبادئها الدبلوماسية والسياسية فى مقامات عدة دولية وإقليمية، مرة مستخدما جملة "لسنا متآمرين"، وأخرى مستخدما "كلمتنا واحدة"، ومرة أخرى "سياسة الوجه الواحد"، محاولا التأكيد على أن مصر صاحبة مبادئ لا تتغير ولا تتلون.

 

ظل الرئيس محاولا التأكيد على ذلك بطرق مختلفة حتى صك مصطلحا جديدا لخص الصورة كاملة بوجهيها "المصرى" و"الخارجى"، من خلال كلمة "السياسة الشريفة"، والتى استخدمها لأول مرة فى مؤتمره الصحفى المستشار النمساوى كريستيان كيرن خلال زيارته للقاهرة فى مايو 2017.

 

وقال السيسى ردا على تصريحات الرئيس السودانى عمر البشير التى قالها وقتها عن أن مصر تتآمر على بلاده: "مصر تتبع سياسة شريفة فى زمن عزّ فيه الشرفاء، ولا تتآمر ضد أحد، هذا اتهام مباشر لمصر، ونحن لا نتآمر ضد أحد لا السودان ولا غير السودان".

"القوة الغاشمة".. كلمة صدمت المتلونين

فى خطابه الشهير عقب الحادث الإرهابى الأبشع الذى استهدف مسجد الروضة بسيناء فى نوفمبر الماضى، وعد الرئيس السيسى المصريين وتوعد الإرهابيين باستخدام القوة الغاشمة لمواجهة الجماعات المتطرفة.

وأثارت تلك الكلمة الجدل وقتها حول مدى دقتها اللغوية، إلا أنها كانت بمثابة اختبار لكشف بعض المتلونين الذين حاولوا الصيد فى الماء العكر وتلوين الكلمة وتحميلها أوجه غير مقصودة بطبيعة الظرف الذى تمر به مصر وقتها.

 

وتأكيدا على وعى الرئيس لما يقوله، وقصده المستهدف من تلك الكلمة التى استحدثها فى حرب المواجهة مع الإرهاب، أعاد السيسى استخدامها خلال الاحتفال بالمولد النبوى الشريف أثناء تكليفه لرئيس الأركان الفريق محمد حجازى بالقضاء على الإرهاب فى سيناء خلال 3 أشهر مرددا "باستخدام كل القوة الغاشمة".

 

"مكافحة الإرهاب".. باب جديد باسم السيسى فى كتاب حقوق الإنسان

فى الوقت الذى ينشغل فيه العالم بمنظماته المدنية والحقوقية بأبواب وأشكال مختلفة من حقوق الإنسان، فى دول العالم، وخاصة الدول النامية، كلها تتمحور حول الحقوق السياسية، أعاد الرئيس السيسى الاتزان إلى تلك المنظومة من خلال إعلانه بأن حماية حقوق الإنسان فى دول العالم –وخاصة الفقيرة- ليست حكرا على الحقوق السياسية فقط، معلنا تدشين فكرة جديدة عن حقوق الإنسان عنوانها "مكافحة الإرهاب حق إنسانى"، خاصة فى وقت يشهد فيه العالم موجات عنيفة من الإرهاب لا تشهد فى مواجهتها تحركات جدية من الدول والمنظمات تجاه من يدعمون تلك الجماعات المسلحة التى تحرم الإنسان من حق الحياة.

 

وأطلق السيسى دعوته باعتماد حق مكافحة الإرهاب كحق من حقوق الإنسان خلال كلمته بافتتاح منتدى شباب العالم الذى انعقد فى شرم الشيخ نوفمبر 2017، وتبع تلك المبادرة من الرئيس دعم كبير على مواقع التواصل الاجتماعى، وتأييد من كافة الجنسيات الحاضرة للمنتدى.

 


print