شهدت العاصمة السويسرية "جينيف" أمس الإثنين، أولى الفعاليات التى تنظمها عدة منظمات حقوقية دولية، لتحذير المجتمع الدولى من خطورة النظام الحاكم فى قطر على السلم والأمن الدوليين، وممارساته القمعية ضد أبناء شعبه، وهى الفعاليات التى بدأت أمس وتستمر حتى 20 مارس الجارى.
وبدأ "أسبوع الحسم" الدولى ضد النظام القطرى بإطلاق أبناء قبيلة "آل غفران" القطرية حملة دولية للضغط على نظام الدوحة، لوقف انتهاكات "تنظيم الحمدين" ضدهم، كما قدموا شكوى لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول هذه الانتهاكات، حيث يتهم أبناء الغفران – أحدى فروع قبيلة آل مرة- النظام القطرى بانتهاك حقوقهم بأشكال متعددة، منها سحب الجنسية والاعتقالات والتعذيب والنفى خارج البلاد، بالإضافة لحرمانهم من التوظيف بمؤسسات الدولة لصالح المجنسيين من ذوى الأصول الإيرانية، ومنعهم من العودة إلى ديارهم فى قطر.
وتتضمن فعاليات "أسبوع الحسم" أيضا التطرق لملف انتهاكات الدوحة لحقوق الإنسان والمرأة والعمال الأجانب، بجانب ملفات دعمها وتمويلها للإرهاب.
وقالت وسائل إعلام خليجية، إن القبيلة القطرية أرسلت وفدًا يضم 12 فردًا إلى جنيـف للمشاركة فى الفعاليات لدعم مطالبها على هامش الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان.
ونقلت صحيفة "البيان" الإماراتية، عن جابر عبد الهادى المرى، أحد نشطاء القبيلة، قوله لهيئة الإذاعة البريطانية: "سوف نسأل عن شكاوانا السابقة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وأسباب تجاهلها ونطرح قضيتنا فى كل منبر إعلامى وحقوقى"، مؤكدا إن أبناء القبيلة لا يريدون الإضرار بوطنهم قطر، لكن نحن نواجه حكامًا امتلأت صدورهم حقدًا وكراهية لأى شخص يحمل اسم " آل غفران".
وقالت التقارير الخليجية، إن قضية "آل غفران"، ستحاصر النظام القطرى فى اجتماعات مجلس حقوق الإنسان فى جنيف، فى وقت عبر فيه عدد من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان عن صدمتهم جراء المعلومات التى توفرت لهم عن مأساة هذه القبيلة، مشدّدين على أنها ستظل وصمة عار فى جبين النظام القطرى، مؤكدين إنه على مفوضية الأمم المتحدة المختصة الاضطلاع بدورها فى حماية حقوقهم من انتهاكات سلطات الدوحة المستمرة منذ أعوام.
وقد عانت "قبيلة الغفران" من كافة أشكال الاضطهاد والانتهاكات من النظام القطرى المستمر منذ سنوات عديدة، إلا أن هذه القضية بدأت تطفو على السطح مجددًا، بعد تعرض عدد من أفراد القبيلة أخيرًا لسحب الجنسية.
وتعتبر هذه القبيلة أحد الفروع الأساسية لقبيلة "آل مرة" الأكبر التى تعتبر من أقدم القبائل التى سكنت قطر منذ مئات السنين، ويعيش معظم أبنائها فى قطر والسعودية.
وكانت أحدث الانتهاكات، إسقاط الجنسية عن "طالب بن لاهوم بن شريم المرى"، شيخ قبيلة آل مرة، و50 من أفراد أسرته وقبيلته ومصادرة أموالهم، فى خطوة لقمع الحريات وتكميم الأفواه.
وقد بعثت حوالى 40 منظمة حقوقية تحت مظلة "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان"، برسالة إلى الأمير زيد بن رعد الحسين، رئيس المفوضية، تدعوه إلى إنصاف القبيلة.
وكان رئيس الفيدرالية الدكتور أحمد الهاملى، بعث رسالة للمفوض الإنسانى بالأمم المتحدة رعد بن الحسين، شدّد خلالها على ضرورة رد الاعتبار للمواطنين القطريين الذين انتزعت جنسياتهم.
وتعود بداية الاضطهاد القطرى لـ"آل غفران" إلى عام 1996، عندما قام النظام بتوقيف الكثير من أبناء القبيلة خلال هذا العام الذى حصل حمد بن خليفة آل ثانى على الحكم بعد انقلابه على والده خليفة آل ثانى، إلا أن الأب حاول القيام بانقلاب لاسترداد الحكم دون جدوى وفشل فى ذلك.
وبعدها تم اتهام عدد من أفراد تلك القبيلة من العاملين فى الشرطة والجيش بالمشاركة فى ذلك الانقلاب الفاشل الذى قام به الأب، وانحيازهم للحاكم الأسبق الشيخ خليفة خلال محاولته العودة إلى سدة الحكم من جديد.
وطالت قرارات نزع الجنسية التعسفية والمخالفة للقوانين والأعراف الدولية، التى تعرضت لها "آل غفران" 972 رب أسرة، وامتدت لتشمل جميع أفراد عائلاتهم بالتبعية والبالغ عددهم نحو 6000 فرد هم عدد أبناء القبيلة بأكملها، وتبع تلك القرارات إجراءات حكومية بفصلهم من أعمالهم ومطالبتهم بتسليم المساكن التى يقيمون فيها كمواطنين، وحرمانهم من جميع امتيازات المواطنة من علاج وتعليم وكهرباء وماء وأعمال تجارية، ومطالبتهم عن طريق الجهات الأمنية المختلفة بتصحيح أوضاعهم كمواطنين غير قطريين.
وكشف حينها أبناء آل غفران إن حملهم لجنسيتين ليس هو السبب الحقيقى للمأساة، حيث ما زال الآلاف من قبائل أخرى يحملون أكثر من جنسية بجانب جنسيتهم القطرية، بل أن السبب الحقيقى هو الانتقام بسبب الشك فى مشاركة بعض أفراد هذه القبيلة فى الانقلاب الفاشل.
فى حين قال مسعود المرى أحد المتضررين من التهجير فى لقاء صحفى سابق، إن التنكيل الذى تعرض له أبناء آل غفران بدأ عام 1996 بعد تولى حمد بن خليفة آل ثانى الحكم.
ومع النوايا المبيتة للتهجير القسرى لـ 6 آلاف إنسان، قامت السلطات القطرية بتغيير الوثائق التى تنص على أن "آل غفران" قطريون، حيث وضعوا بدلاً عنها وثائق تشير إلى أن الجنسية الحالية سعودية، مبينين أن التعديل كان من قبل الحكومة القطرية وحدها دون وجود أى أوراق رسمية سعودية، وأنه بعد أن تم تغيير جميع الأوراق ألقى بهم إلى الحدود السعودية يحملون أوراقاً قطرية تفيد بأنهم سعوديون، بينما لا يحملون أى مستند قانونى سعودى يؤكد ذلك، وأمام المأزق الإنسانى قبلت السلطات السعودية دخولهم إلى البلاد.
وحسب صحيفة "البيان"، فأن الدوحة لا ترغب فى إبادة هذه القبيلة وحدها، وذلك عقب إنذار مستشار أمير قطر تميم بن حمد "محمد آل مسفر" عبر تلفزيون قطر الرسمى بإبادة القبائل.
وبدا بعد هذا التخويف أن أمير قطر تميم بن حمد سيُلاحق قريباً بتهمة "الإبادة الجماعية"، ويرى مراقبون إمكانية تحريك دعوى من هذا النوع أمام محكمة الجنايات الدولية ضد الدوحة.
وتستند مطالب تحريك دعوى ضد الدوحة إلى أن التصريح صادر عن تلفزيون قطر الرسمى، وكون "المسفر" يعمل مستشارًا لأمير قطر، إلى جانب أن الحكومة القطرية لم تعتذر عن التصريحات أو تشجبها.