مصير الشركات الأوروبية
فقد تساءلت جريدة نيويورك تايمز حول مصير الشركات الأوروبية التى هرولت للاستثمار فى إيران، موضحة أنها "تحركت بسرعة للاستثمار فى إيران بعد أن وافقت فى عام 2015 على وقف برنامجها للأسلحة النووية مقابل إنهاء العقوبات الاقتصادية".
شركة توتال الفرنسية العاملة فى طهران
وأضافت الجريدة الأمريكية الشهيرة فى تقرير لها نشرته من خلال موقعها على الإنترنت أمس الأربعاء، أن شركات صناعة السيارات مثل دايملر بيجو وسيتروين تعأونت مع شركاء إيرانيين لبيع السيارات، كما أبرمت شركة سيمنس الألمانية صفقة لتسليم القاطرات. وبدأت فرنسا مجموعات مشروعات لاستكشاف الغاز الطبيعى فى حقل بارس الجنوبى.
ولكن حتى قبل انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق مع إيران، كانت العديد من الشركات قد خففت بألفعل من توقعاتها وحدت من استثماراتها. وتبدو آفاقها الآن أشد ضبابية بينما يحأول القادة الأوروبيون تحديد ما إذا كان هناك طريق إلى الأمام بدون الولايات المتحدة.
تهديد أمريكى صريح
وأوضحت الجريدة أن المسئولين فى أوروبا يريدون حماية شركاتهم من خلال إيجاد طرق لحمايتها من العقوبات الأمريكية بينما يستمرون فى ممارسة الأعمال فى إيران. لكن سفير الولايات المتحدة لدى ألمانيا، ريتشارد جرينيل، لم يعلق بنبرة متفائلة، لكنه قال على تويتر إن "الشركات الألمانية التى تقوم بأعمال فى إيران يجب أن توقف العمليات على ألفور".
تدوينة السفير الأمريكى لدى برلين
ويبلغ عدد سكان إيران حوإلى 82 مليون نسمة ولديها احتياطيات نفطية كبيرة، وتمثل إيران سوقا لم يمسها أحد إلى حد كبير مع إمكانية النمو السريع، وهى فرصة نادرة للشركات الغربية ذات الطموحات العالمية.
وبينما كان اللاعبون مثل "جنرال إلكتريك" و"بوينج" يصطفون فى صفقات، كان على العديد من الشركات الأمريكية، بما فى ذلك شركات النفط العملاقة مثل "شيفرون" و"إكسون موبيل"، أن تراقب من بعيد. حتى مع الاتفاقية النووية، كانت لا تزال محظورة فعليًا بسبب العقوبات التى تفرضها الولايات المتحدة على العمل فى إيران. ولهذا سارعت الشركات الأوروبية للعمل فى إيران إذ لم يكن لديها القيود نفسها التى كانت لدى الشركات الأمريكية.
البيروقراطية الإيرانية
وقالت الصحيفة إنه بالنسبة لأوروبا كانت إيران مثالاً واعدًا بشكل خاص على هذا النوع من الدول الناشئة سريعة النمو التى ساعدت على إخراج المنطقة من أزمة الديون الحادة فى السنوات الأخيرة. فقد ازدهرت الشركات الألمانية، على سبيل المثال، عن طريق بيع آلات المصانع، والبنية التحتية لشبكة الطاقة ومعدات البناء التى تحتاجها الدول النامية لبناء اقتصادات حديثة.
مصنع إيرانى لتجميع السيارات الأوروبية فى طهران
وعلى الرغم من إمكاناتها، إلا أن إيران مثلت إلى حد كبير خيبة أمل للمستثمرين الأوروبيين. فى اقتصاد مختل، فقد فشل الكثيرون فى الحصول على جإذبية للاستثمار فى ظل بيروقراطية ضخمة تنتشر فيها صراعات السلطة السياسية. كما تم لجم الشركات بسبب إحجام البنوك الأجنبية عن توفير التمويل، والمخاوف المبررة بالكامل، كما اتضح أن الآنفراج النووى لن يدوم.
وعلى الرغم من أن الصادرات من الاتحاد الأوروبى إلى إيران زادت بنحو الثلث فى العام الماضى إلى 10.8 مليار يورو، أى حوإلى 12.8 مليار دولار، فإن البلاد لا تزال تحتل المرتبة الثالثة والثلاثين بين الشركاء التجاريين للكتلة الأوروبية، وراء شركاء مثل كازاخستان وصربيا.
حول الاتفاق النووى
وتوصلت القوى الدولية إلى الاتفاق النووى مع إيران على ثلاث مراحل بدأت فجر الرابع والعشرين من نوفمبر بالعام 2013 تحت صيغة "الاتفاق المؤقت"، مرورا باتفاق إطار العمل أو "اتفاق لوزان النووى" الذى تم توقيعه يوم 2 إبريل 2015، وانتهاء بخطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النهائى الذى تم توقيعه فى فيينا ظهر الرابع عشر من يوليو 2015.
ومنذ اليوم لإعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكى عدم رضاه عن الاتفاق النووى، مؤكدا أنه أسوأ اتفاق قرأه فى حياته، متعهدا بإلغائه والتزام إدارته بثنى إيران عن سلوكها الإقليمى "المزعزع للاستقرار" وامتلاك السلاح النووى.
وفى الأشهر الأخيرة حأول الرئيس الأمريكى "الجمهورى" الضغط على إيران لإدخال تغييرات على الاتفاق، أو الحصول على اتفاق بديل أو اتفاق تكميلى، الذى أبرم فى عهد سلفه الرئيس "الديمقراطى" باراك أوباما، وأفضى إلى وضع إيران حدا لبرنامجها النووى مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها تدريجيا، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ بألفعل بناء على القرار الأممى 2231.
وقدّم ترامب مساء الاثنين الماضى موعد إعلان قراره النهائى بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) من السبت 12 مايو إلى الثلاثاء، فى وقت كانت الأنظار تتجه إلى موسكو وبروكسل للقيام بالمحأولة الأخيرة لإنقإذ الاتفاق، ما عنى أن الإدارة الأمريكية عازمة على المضى قدما فى تحقيق التزاماتها تجاه قضايا انخراط إيران فى ملفات الشرق الأوسط.