لم تكتفى الولايات المتحدة الأمريكية بقرارها المشئوم بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فى ديسمبر الماضى، وإعلانها نقل السفارة الأمريكية للقدس يوم الإثنين الماضى فى خطوة استفزازية لمشاعر العرب والمسلمين، ولا سيما تزامن هذه الخطوة مع المجازر التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى بحق الشعب الفلسطينى الأعزل بقتل 61 فلسطينيًا وآلاف الجرحى والمصابين خلال مسيرة العودة.
وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية، أن الإدارة الأمريكية تقود حملة دولية من أجل إقناع العديد من دول العالم لنقل سفارات بلادهم من تل أبيب للقدس، مثلما فعلت الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها يوم الإثنين الماضى فى حضور وفد رفيع المستوى.
ابنة ترامب تحضر حفل نقل السفارة الأمريكية
ونقلت الإذاعة عن مسئول كبير بالخارجية الأمريكية، أنه من غير المستبعد أن تضغط الإدارة الأمريكية على عدة دول بالعالم لنقل سفارة بلادهم من تل أبيب للقدس، مرجحا استخدام ورقة المعونة الأمريكية للضغط على الدول.
قرار الرئيس الأمريكى بالاعتراف بالقدس
وأشارت الإذاعة إلى أنه فى أعقاب قرار الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت دولة جواتيمالا أنها ستنقل سفارتها إلى القدس وبالفعل تم ذلك، كما أن دولة "هندوراس" تدرس هى الأخرى نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس من دون أن تعلن ذلك رسمياً.
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد فؤاد أنورعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن الولايات المتحدة تقود حملة تشوية للدول التى ترفض التعاون معها فى أى مجال من المجالات وليس فى مجال نقل السفارة فقط.
أحمد فؤاد أنور
وأضاف "أنور" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن استجابة الدول للحملة الأمريكية سيحتاج لوقت طويل، ولا سيما أن الدول الأوروبية الكبرى لم تنصاع لمطلب نقل سفارتها للقدس المحتلة بمعنى أن واشنطن فشلت فى إقناع الدول الأوروبية الكبرى أو حتى الصغيرة.
وأكد على أن الإدارة الأمريكية ستستغل سلاح المعونة الاقتصادية التى تقدمها لمجموعة من الدول من أجل الضغط عليها لنقل السفارة، لكن لن تنجح فى إقناع عدد كبير منها لنقل سفارتها للقدس، مرجحًا أن 10 دول فقط فى العالم ستسجيب لضغوطات الولايات المتحدة، وذلك وفق المؤشرات والتقديرات ونسبة التأييد فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى.
والمؤشر هو أن تل أبيب دعت نحو 88 دولة لحضور احتفالية نقل السفارة والأغلبية الكاسحة رفضت، رغم أن الحضور لا يمكن مقارنته بالتكلفة المادية والأمنية والسياسية والأخلاقية لافتتاح تلك الدول سفارات لها فى القدس.
وأشار "أنور" إلى أن الهدف من سعى الولايات المتحدة لإقناع دول أخرى لنقل السفارة ليس من أجل خدمة إسرائيل وإنما أيضًا من أجل تجميل صورتها أمام العالم بأنها ليست الدولة الوحيدة التى نقلت سفارتها للقدس، بل هناك تيار دولى يسير فى هذا الاتجاه.
وتابع أن رغبة الولايات المتحدة فى تحويل الصراع فى المنطقة إلى صراع دينى أمر بالغ الخطورة، خاصة وأن واشنطن تحاول تصدير النموذج الطائفى فى المنطقة منذ عقود.
الجامعة العربية
وكان مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، شدد فى اجتماعه الطارئ أمس الخميس، بشأن تطورات القضية الفلسطينية، على إدانتهم للمجازر التى ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلى للمدنيين ألفلسطينيين، واستنكارهم أيضًا لقرار نقل السفارة الأمريكية للقدس.
وقال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إننا أمام حالة من العدوان السافر على القانون والشرعية الدولية جسدها نقل السفارة الأمريكية لدى دولة الاحتلال إلى مدينة القدس، بالتوازى مع حالة من غطرسة القوة والإمعان فى العنف من جانب القوات الإسرائيلية فى مواجهة المدنيين ألفلسطينيين العزل الأبطال الذين انطلقت مسيراتهم السلمية من قطاع غزة.
وجدد أبو الغيط خلال كلمته فى التجتماع، التأكيد على أن القرار الأمريكى باطل ومنعدم ولا أثر قانونياً له، ومرفوض دولياً وعربياً، رسمياً وشعبياً، الآن وفى المستقبل.
كما شدد على أن هذا القرار غير المسئول يُدخل المنطقة فى حالة من التوتر، ويُشعر العرب جميعاً بانحياز الطرف الأمريكى بصورة فجة لمواقف دولة الاحتلال. بل إن هذا الموقف الأمريكى على ما يبدو قد شجع إسرائيل على المضى قدماً فى ما تقوم به من بطش عشوائى وعنف أعمى وقتل وحشى فى حق المدنيين غير عابئة بالقانون أو حتى بأبسط الأعراف الإنسانية التى لا تُبيح قتل المدنيين العزل من السلاح.