وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال خطابه، عقب أداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، بوضع الإنسان المصرى على رأس أولوياته خلال الفترة الرئاسية الثانية على أساس شامل وكامل باعتباره كنز الأمة الحقيقى، وهو ما يعنى بالضرورة الاستعانة بعدد من التشريعات المرتبطة ارتباطا لصيقا بخطة الرئاسة فى الاهتمام بالإنسان من حيث الصحة والتعليم والثقافة، حيث من غير المتصور أن يتم بناء إنسان دون بناء بنيته تشريعية تساعده فى الوصول إلى إنسان سليم.
يرى الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى، أن بناء الإنسان مرتبط ارتباطا وثيقا بالبناء التشريعى حتى يمكن الوصول إلى عدالة اجتماعية ومجتمع سوى، فلا يمكن أن يكون هناك صحة دون تجريم الإهمال الطبى والإشراف على الأدوية، ولا يوجد تعليم دون أن يكون هناك تجريم للغش فى الامتحانات.
وأوضح "السيد" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أنه على الرئيس السيسى خلال الفترة المقبلة أن يعيد الطبقة المتوسطة إلى طبيعتها من خلال سن التشريعات الاقتصادية التى تراعى فيها البعد الاجتماعى وتغليب الجانب الإنسانى فيها بحيث تعالج الآثار المترتبة على القرارات الاقتصادية.
ونوه إلى ضرورة الإسراع فى إصدار قانون الإجراءات الجنائية بما يسهل وييسر إجراءات التقاضى فى مصر ويقضى على البيروقراطية التى تعتبر باب الفساد مستغربا من صدوره حتى لان، مشيرا إلى أن الأهم من التشريعات هو تطبيق التشريعات الموجودة حاليا.
وأضاف "السيد" أنه بجانب ذلك فالرئيس السيسى يواجه تحديات تشريعية خلال ولايته الثانية وكذلك البرلمان، حيث هناك عدد من القوانين والتشريعات التى تمثل التزاما دستوريا يجب الانتهاء منها خلال الفترة المقبلة وقبل انتهاء البرلمان.
ومن بين القوانين التى نص عليها الدستور والتى لم تصدر بعد قانون ندب القضاة حيث تنص المادة 239 من الدستور على أن "يصدر مجلس النواب قانونًا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور"
ومن بين القوانين الهامة أيضا التى ألزم الدستور الرئيس والبرلمان بإصدارها قانون العدالة الانتقالية والذى من شأنه المساهمة فى بناء الإنسان السليم حيث نصت المادة 241 من الدستور على أن "يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية" .
وذكر "السيد"، أن من ضمن القوانين الهامة والتى تمثل التزاما دستوريا، قانون الإدارة المحلية حيث نصت المادة 242 من الدستور على أن"يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه، ودون إخلال بأحكام المادة (180) من هذا الدستور" .
من ناحيته يقول الدكتور صلاح فوزى أستاذ القانون الدستورى وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، أن الأجندة التشريعية سواء للحكومة أو البرلمان ممتلئة فهناك قوانين كثرة شبة مكتملة مثل قوانين الإدارة المحلية وقانون الصحافة وتداول المعلومات والمحال العامة وغيرها من القوانين التى تم الانتهاء من صياغتها وتحتاج لمناقشات فقط وهناك قوانين قائمة بالفعل والتى تحتاج إلى تعديل مسار فقط بما يحقق العدالة الناجزة السريعة المنصفة.
وأضاف "فوزى" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن الرئيس السيسى تحدث فى خطابه عن أمر مهم وهو بناء الإنسان ووضع الروشتة اللازمة لهذا البناء والمتضمنة التعليم والصحة والثفاقة وبالتالى فان التحديات التشريعات التى تواجه الدولة هو القوانين المتعلقة بما تضمنته الروشتة .
وأشار "أستاذ القانون الدستورى" إلى أن قانون التربية والتعليم الحالى يحتاج إلى مراجعة كبيرة ودقيقة وتعديل كامل فلا يمكن أن يتم بناء الإنسان المصرى طالما لا يوجد قانون يلبى الحاجة ويساعد فى تكوين الإنسان السليم بتعليم صحيح وجيد،كما أن مصر فى حاجة إلى قوانين جيدة خاصة بالتعليم العالى مثل قانون تنظيم الجامعات الحكومية وقانون تنظيم الجامعات الخاصة والأهلية، وقانون المعاهد العليا الخاصة.
وأضاف:" ومن حيث الثقافة فإن القوانين الخاصة بروافد الثقافة كالصحافة والإعلام وتداول المعلومات وحماية الملكية الفكرية وحماية التراث وغيرها بحاجة إلى المراجعة سريعا والإصدار فى أقرب وقت ممكن طالما نرغب فى الإصلاح وبناء إنسان مثقف ."
وأوضح "فوزى" أن القضية ليست أولوية إصدار قوانين، ولكن الأهم هو تنفيذ هذه القوانين بشكل سليم يساعد على العدالة الناجزة، بما يضمن الحقوق والضمانات الإنسانية.
وفى السياق ذاته قال الدكتور محمد حمودة المحامى، أن هناك تحديات تشريعية عديدة تواجه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الولاية الثانية لرئاسة مصر، أبرزها تعديل قانون الإجراءات الجنائية ليعطى مزيدا من الحريات وفقاً لخطاب الرئيس بمجلس النواب، حينما قال أنه يسع للجميع وأنه رئيس لكل المصريين من اتفق معه ومن اختلف معه، شريطة أنهم لم يستغلوا الحرية لانتقاد الدولة، مؤكداً على أن الدولة تحتاج لسقف حريات عالى مع الحفاظ على عدم التحريض ضدها .
وأضاف "حمودة" أنه يجب أن يصاغ قانون عقوبات يقلل من العقوبات الجنائية فى حدها الأقصى حفاظا على الشكل العام فى مصر، أملا فى استتابه المجرم وتماشياً مع التشريعات الدولة، وذلك من أجل تقليل حجم النفقات التى تنفقها الدولة على المساجين، والسماح بإعادة تأهيل الجانى من خلال إعطاءه فترة للتأهيل لا تزيد عن ثلث العقوبة بنظام السجن المفتوح المعمول به فى بعض الدول الأوروبية مثل الدنمارك.
وأكمل "حمودة" أنه لابد من وضع تشريعات مدنية وتجارية تسمح بالتخفيف من حدة القواعد المتضاربة التى تخيف المستثمر وتنقية وتنقيح مواد القانون التجارى والمدنى، ناصحاً بإنهاء عمل لجنة الإصلاح التشريعى والاكتفاء باللجنة التشريعية حتى تخرج القوانين المتوافقة بعد دراسة متأنية مع مقترحات كل وزارة على حدة والعرض على مجلس النواب مباشرة من تلك الوزارات العليمة بحجم مشاكلها للنظر فى قبول القوانين من عدمه .
وتابع "حمودة" لابد من النظر فى إلغاء مادة التصالح مع الموظف العام والاكتفاء بالتصالح مع رجال الأعمال وموظفى الشركات المساهمة التى تساهم الدولة فيها بنسبة أقل من 51 % وإلغاء الإعفاء فيما عدا ذلك، مضيفاً إلى أن تلك المادة أخرجها الإصلاح التشريعى قبل مجلس النواب، وهى مادة تفتح باب الفساد للوزراء والمسئولين ولا يوجد لها مثيل فى العالم.
وشدد على أن هناك تحد كبير يجب أن يكون ضمن أولويات الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهو وضع منظومة قواعد قانونية تشريعية اقتصادية ذات طبيعة خاصة لمنطقة قناة السويس لتحقيق الحلم التاريخي لمصر الذى تبناه الرئيس لجعل تلك المنطقة منطقة عالمية كـ"هونج كونج" ولن يتأتى هذا إلا بقواعد اقتصادية استثنائية تجذب المستثمر مع إعفاءه من كافة الضرائب وكافة التعقيدات التى يتفنن فيها كبار الصغار من الموظفين العمومين إما لغرض أو لمرض مما يقضى على الحلم فى مهده.
وأفاد "حمودة" أنه لابد أن يتم وضع منظومة تشريعية للأسرة تمكن الزوجات والأزواج من التمتع بحياة سوية دون خوف أو هلع مع وجود ضمانات كافية لكليهما فى حالة الانفصال لحسن تربية قويمة للأطفال .
وأوضح "حمودة" أنه يجب تفعيل قانون الخدمة المدنية فى صورته الأولى التى رفضها مجلس النواب حتى نتمكن من القضاء على الفشل الإدارى الموجود فى المؤسسات الحكومية ودون الالتفات إلى دعاة حرية كاذبة أشار اليهم الرئيس فى خطابه.
واختتم "حمودة" حديثة عن التحديات بضرورة وضع منظومة من القوانين تسمح بمراقبة أفسد من فى المجتمع من موظفين وهم صغار موظفى الإدارات المحلية وكبار الصغار لأهمية الإدارات المحلية فى تنفيذ توجيهات الرئيس والقيادة السياسية والتى تقف بسبب عدم وجود قوانين حاكمة تمنع الموظف من التلاعب بالصغرات والفراغ القانون الغير عادى الموجود بتلك القوانين.
فيما قال المستشار يحيى عبد المجيد، المحامى، ووزير الدولة لشؤون مجلس الشورى السابق، إن أبرز التحديات التشريعية التى تواجه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الولاية الثانية لرئاسة مصر، مشكلات المستثمرين الصغار، قائلا:"لابد من سن تشريع لتفعيل منح المستثمرين الصغار قروضا صغيرة بفوائد قليلة، مشيراً إلى أنه لابد من تفعيل قوى لقانون الإفلاس الجديد الموجود بالفعل فيما يتضمنه من إعادة الشركات التى فى طريقها للإفلاس."
وأضاف "عبد المجيد" أن مصر تحتاج لقانون يحدد مساحات الأراضى التى يزرع فيها المحاصيل التى تحتاج إلى مياه كثيرة مثل "الأرز والموز وغيرهم" فى كل محافظة ويفضل أن يكون الجزاء مصادرة المحصول فى حالة تجاوز النسبة المقررة فى القانون، بالإضافة إلى سن تشريع صارم يحد من البناء على الأراضى الزراعية.
وأكد "عبد المجيد" أن التحدى الأكبر هو تنفيد وتفعيل قانون التأمين الصحى والإسراع فى تطبيقه على جميع محافظات مصر فى فترة زمنية أقل من المطروحة حالياً، فضلا عن أهمية إنشاء قانون يبدل الضريبة التصاعدية لضريبة اجتماعية على المستثمرين بتخصيص نسبة مئوية من أرباح المستثمر يوجهها لبناء مدارس ومستشفيات ومشروعات تحتاجها الدولة.
وأوضح "عبد المجيد" أنه لابد من تحديد أوجه الاستثمار فى قانون الاستثمار الجديد من خلال تعديل لعدم التوجه إلى نوع من واحد من الاستثمار، بالإضافة إلى إنشاء مدارس وكليات متخصصة فى التمريض.
وأفاد "عبد المجيد" أن خطاب الرئيس تطرق إلى أهم شئ فى بناء الشعوب والأمم وهى بناء الإنسان والذى يبدأ من النبت، مؤكداً على أن أصعب شئ هو بناء الإنسان ونحن نحتاج لبناء الإنسان وإعادة توظيف القيم، ومجتمع وفى لنفسه وللوطن، حيث نصح القائمين على هذا الملف بدراسة مركز الطفل وكيفية إعداده وتقويته ومعاملته فى المواثيق الدولية فى العالم من أجل إعداد جيل جديد.
ويقول ياسر سيد أحمد المحامى أن أبرز وأهم التحديات التشريعية التى تواجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، هى 7 قوانين هامة، قانون الإجراءات الجنائية، وقانون مجلس الدولة، وقانون الرسوم القضائية، وقانون الإدارة المحلية، وقانون التعليم الجديد، وتطبيق فعلى لقانون التأمين الصحى، وقانون جديد للثقافة يهدف لمواكبة التطور المجتمعى لبناء الإنسان الذى تحدث عنه الرئيس فى خطاب القسم أمام مجلس النواب.
وأضاف أن هناك حزمة من التشريعات إقرارها مجلس النواب فى المرحلة الماضية، والتى من شأنها مواجهة الإرهاب والتصدى له داخليا وخارجيا، وكان أخرها قانون الجريمة الإلكترونية ويبقى له إصدار التشريعات الاقتصادية التى تساعد فى جذب الاستثمار ومن ثم تنمية الإنسان المصرى.
وأضاف "أحمد" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن التشريعات وحدها لا يمكن أن تبنى إنسان طالما لا تراعى البعد الاجتماعى لهذا الإنسان ولا تنفذ حيث التحدى الأكبر يتمثل فى تطبيق هذه التشريعات على الجميع ودون تفرقة.
وأشار "أحمد" إلى أن هناك ثلاثة مواد دستورية تختصر كل ما نحتاجه خلال الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسى فى التعليم والصحة والثقافة حيث تنص المادة (18) من الدستور على أن "لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة. وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى. وتخضع جميع المنشآت الصحية، والمنتجات والمواد، ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة، وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقاً للقانون".
وتنص المادة (19) من الدستور على أن"التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها".
كما تنص المادة (48) على أن "الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك. وتولى اهتمامًا خاصًا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجًا. وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها".