تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلى أثارت كثيرًا من علامات التعجب، ليس بسبب حضوره المباراة بل على العكس هذا أمر طبيعى خاصة أنه انتهز فرصة تواجده فى روسيا ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين، إنما استغراب البعض جاء بسبب مساندته منتخب كرواتيا رغم العلاقات التاريخية المعروفة بين بريطانيا وإسرائيل.
وعد بلفور
بعد نشر نتنياهو للفيديو عبر حسابه على تويتر، انتشرت تساؤلات تحاول فهم هذا الرسالة، خصوصا أن علاقات بعيدة الأمد تتمتع بها بريطانيا وإسرائيل، بل إن الأراضى الفلسطينية تشهد بذلك فالدولة الأوروبية طالما أعطت ما لا تملكه لهم، رغم أنها لا يستحقونه، ولايزال وعد بلفور يلوح فى الأفق، فماذا حدث هل هناك متغيرات حدثت على الساحة مؤخرًا، وكيف حدث هذا التباعد النسبى فى وجهات النظر؟.
بلفور
ربما يكون من أكثر الأشياء تأثيرًا على العلاقات بين إسرائيل والمملكة المتحدة فى الفترة الأخيرة إعلان بريطانيا عدم اتفاقها مع قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس، واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وفى 6 ديسمبر الماضى، قال متحدث باسم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى، إن ماى لا تتفق مع قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لأنه لن يساعد على الأرجح الجهود الرامية لتحقيق السلام فى المنطقة.
وقال المتحدث: "نختلف مع قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيلية قبل اتفاق بخصوص الوضع النهائي..نعتقد أن هذا لا يساعد فرص إرساء السلام فى المنطقة".
الاتفاق النووى والخلاف البريطانى الإسرائيلى
الخلافات بين بريطانيا وإسرائيل لم تقتصر على مسألة عدم التأييد لقرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس بل امتدت إلى بعض الأمور الأخرى على رأسها عدم الاتفاق فى وجهات النظر تجاه التصرف بالاتفاق النووى الإيرانى التى أعلنت إدارة الرئيس الأمريكى الانسحاب منه فى 8 مايو، وهو القرار الذى لاقى تأييدا كبيرا من إسرائيل، وفى المقابل رفضت دول أوروبية أبرزها بريطانيا النهج الأمريكى الإسرائيلى ومازالت تعمل جاهدة على عدم انهيار الاتفاق.
قبل الإعلان الرسمى للانسحاب كانت بريطانيا أعلنت عن وجهة نظرها بشكل صريح فى مسألة الاتفاق النووى الإيرانى مؤكدة على لسان المتحدث باسم الحكومة البريطانية أن هذا الاتفاق هام حتى تتمتع إيران ببرنامج نووى يستخدم للأغراض السلمية دون غيرها، وذلك على الرغم من اتهامات إسرائيل وأمريكا الموجهة لإيران بأنها خرقت الاتفاق.
وقالت الحكومة البريطانية فى بيانها "إن الحكومة البريطانية لم تكن مطلقًا ساذجة بشأن البرنامج النووى الإيرانى"، مشيرة إلى أن عمليات التفتيش المنفذة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة لضمان استخدام هذا البرنامج لأغراض سلمية.
وتابعت : نظام التفتيش الذى تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى إطار الاتفاق النووى الإيرانى هو أحد أكثر الأنظمة شمولا وقوة فى تاريخ الاتفاقيات النووية الدولية.
وبالنسبة لإسرائيل فإنها كانت سعيدة للغاية بالقرار الأمريكى خصوصا أن رئيس الوزراء كان قد أعلن فى مؤتمر صحفى قبل اتخاذ القرار أن لديه أكثر من 55 ألف وثيقة سرية تم الحصول عليها بعمل استخباراتى حول أنشطة إيران النووية السرية، وأنها تثبت أن إيران تضلل عندما تقول إنها أوقفت أنشطتها النووية وسعيها لامتلاك الأسلحة النووية.
ولا تزال الحكومة الإسرائيلية غاضبة جراء محاولات دول أوروبية منهم بريطانيا بالحفاظ على الاتفاق الإيرانى، معتبرة أن هذا النهج فى التعامل مع طهران يعتبر بمثابة حافز لها على الاستمرار فى نهجها العدائى، وذلك بحسب وجهة النظر الإسرائيلية الرسمية.
مناوشات خفيفة
ومما يدل على أن العلاقات ليست على النحو الأفضل أو المتوقع ما صرحت به تيريزا ماى فى 6 يونيو الماضى بعد لقائها نتنياهو أنها تعرب عن قلق بلادها جراء سقوط قتلى فلسطينيين فى غزة، وذلك على خلفية الاحتجاجات التى شهدها القطاع خلال تلك الفترة، وقالت رئيسة الوزراء آنذاك إن الوضع تدهور.
حالة ضيق الصدر والتوتر بين مسئولى الدولتين ظل مستمرا، وقد ظهر جانب منه فى 24 يونيو الماضى بعدما وجه نتنياهو انتقادا لبرنامج زيارة أمير المملكة المتحدة التى جرت مؤخرًا لكل من الأردن وإسرائيل وفلسطين، وجاء الغصب الإسرائيلى جراء اعتبار الأمير ويليام أن زيارته لمدينة القدس سيكون على أنها جزء من برنامج زيارته إلى السلطة الفلسطينية، حيث ورد ذكرها على أنها جزء من الأراضى المحتلة، مما أغضب إسرائيل نظرًا لزعمهم أن القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل.
وفى ظل المتغيرات السابق ذكرها، ربما تزول كثير من علامات التعجب حول إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلى الصريح عن دعمه للمنتخب الكرواتى ضد إنجلترا فى المباراة قبل النهائية، مع الوضع فى الاعتبار أن هذه المواجهة الكروية كانت تمثل الكثير بالنسبة للإنجليز!.