وزاد أردوغان الطين بلة، بمنطاحته للرئيس الأمريكى دونال ترامب الذى لا يتردد لحظة فى استخدام العقوبات الاقتصادية ضد الدول المتمردة، باستمرار احتجاز قس أمريكى فى السجون التركية بتهم مزعومة حول مشاركته فى الانقلاب الفاشل ضده فى عام 2016، بارغم من مطالبة الإدارة الأمريكية مرارا وتكرارا الإفراج عنه.
وأعلنت الإدارة الأمريكية عقب فشل الجهود الدبلوماسية، فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على أنقرة، لتزيد أعباء الاقتصاد التركى المتدهور بسبب سياسات أردوغان، التى أدت لتدهور قيمة العملة التركية سريعا، بدءا من أول أغسطس الجارى وحتى إغلاق سوق العملات نهاية الأسبوع الماضى، بهبوط تاريخى لليرة التركية.
وفى السياق نفسه، تناول خبراء اقتصاديون فى إسرائيل الأزمة التركية فى عدد من المقالات والتقارير، فقد أكدت المحلل الاقتصادية الإسرائيلية، دفناه ماؤور، فى تقرير لها بصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية، إنه مع زيادة لتضخم المالى. فى هذه الحال، يجب زيادة الفائدة لاعتراض الطلب وتعزيز قيمة العملة، ولكن خلافا للمنطق الاقتصادى وخبرة الاقتصادات الكثيرة، يدعى أردوغان أن رفع الفائدة يعزز التضخم المالى، لهذا طلب من البنك المركزى عدم زيادة الفائدة.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية، أن الإضرار الاقتصادية تعيق عمل المصرف المركزى، وأن ما يتخذه أردوغان من سياسات خاطئة تعد إحدى الخطايا الكبيرة فى الاقتصادات المفتوحة التى تحتاج إلى ثروة أجنبية للاستثمار.
وفى السياق نفسه، أكد المحلل الاقتصدى نداف إيال، فى صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن أردوغان استجاب إلى الطريقة الأسوأ، قائلا: "كان خطابه يوم الجمعة الماضى مثالا على ماذا يحظر قوله عندما تتعرض العملة لأزمة. تثير أقوال مثل إذا كان لديهم الدولار، فنحن لدينا شعبنا وربنا الله، إحباطا كبيرا لدى الأتراك، حيث يفضل الكثير منهم الدولار. غالبا، على الرئيس التركى أن يعرف أنه يحظر عليه أن يعرّض الأفراد أمام خيار بين كسب الرزق وبين الإيمان، وقد وصلت أقواله الذروة، عندما ناشد متأثرا وغاضبا بيع الدولار والذهب وشراء الليرة التركية، كاستعراض فنى اقتصادى، والنتيجة: باع الأتراك الليرة تحديدًا لأنهم أدركوا جيدا أن زعيمهم بات منفصلا عن الاعتبارات الواقعية".
ورغم التقديرات أنه نظرا لمصالح مشتركة فى حلف الناتو، هناك من سيسعى إلى حل الأزمة بين الولايات المتحدة وتركيا، فوفق تقديرات المحلل العسكرى بارئيل فى صحيفة "هآرتس" لا تشكل التسوية مع الولايات المتحدة بديلا لبرنامج اقتصادى تركى يمكن أن ينقذ الاقتصاد التركى من الأزمة.
ويتمتع أردوغان بكامل الصلاحية والدعم السياسى الضرورى للإعلان عن حالة الطوارئ الاقتصادية أو رفع الفائدة، وفق رغبة المصرف المركزى.
وتسأل خبراء الاقتصاد إلى أى مدى يمكن أن يعتمد أردوغان على الدعم الجماهيرى فى ظل نقص الثقة الكبير فى الليرة التركية، الذى يظهر عدم الثقة بقدرة الحكومة التركية فى إنعاش الاقتصاد.
وأوضح الخبراء أن انهيار العملة التركية أمر شديد الخطورة، لكن العجز الراهن فى ميزان التجارة الخارجية وإخفاق الحكومة التركية فى توسيع أسواق صادراتها الخارجية أكثر خطرا وضررا على الأمد الطويل. فهذا يعد قصورا فى الهيكل الاقتصادى، خاصة أنه ترافق مع أزمة ديون لم تتفاقم بعد، لكنها الآن فى بداية الطريق وهذا هو الخطر الأكبر على مستقبل تركيا الاقتصادى.
وأكد مراقبون اقتصاديون أن لدى تركيا مستوى مرتفع من الديون بعضها مستحق الدفع قريبا، ولن يكون أمام أنقرة سوى إعادة تمويل الدين، وتقدر الحاجة المالية لتركيا هذا العام وفقا لوكالة فيتش للائتمان المالى بنحو 230 مليار دولار، يضاف إلى ذلك أن جزءا كبيرا من ديون تركيا وتحديدا القطاع الخاص مقوم بالدولار الأمريكى، ومع انخفاض قيمة العملة وثبات الصادرات فإن عبء المديونية على الشركات التركية سيزداد، وقد يترافق ذلك مع أزمة فى القطاع المصرفى التركى قريبا.