«شلة معصوم» كانت آخر أوراق جماعة الإخوان التى سقطت، ورغم أن الشلة لم تضم من بين أعضائها تنظيمياً سوى عنصر واحد وهو عمرو محمد جمال فضل، مالك مدارس «الفضل الحديثة»، إلا أن الأدوار المكلفين بها جعلتهم فى مصاف «التنظيمين»، وهو الأسلوب الجديد الذى اتبعته الجماعة مؤخراً بتخطيط وتدبير من «عزمى بشارة» عضو الكنيست الإسرائيلى السابق، والمستشار الخاص لأمير قطر تميم بن حمد، الذى تحول مكتبه فى أنقرة إلى مقر لعمليات وخطط الإخوان ضد مصر، وفى الاجتماع الأخير دعا عزمى بشارة قيادات الإخوان لتحريك مجموعات يوم 31 أغسطس، لمهاجمة أقسام الشرطة ومديريات الأمن بالمحافظات وتصوير لحظة الهجوم بالموبايلات ونقلها على قناة الجزيرة، لتصوير الأمر على أنه ثورة من المصريين ضد رموز الحكم.
معصوم
خطة الإخوان وبشارة ضد مصر كانت تقوم على اتجاهين، الأول سياسى والثانى ميدانى، السياسى كلف به معصوم مرزوق وشلته، والميدانى من خلال مجموعة من العمليات الإرهابية النوعية التى يقوم عناصر الإخوان بتنفيذها ضد مؤسسات الدولة والمصالح العامة فى توقيت متزامن مع ظهور «شلة معصوم» لإعطائها شرعية الحركة فى الشارع.
فى 5 أغسطس خرج معصوم ببيانه ومبادرته «الوهمية»، داعياً المصريين للخروج إلى الشارع ضد النظام المصرى، وحدد موعداً لذلك فى 31 أغسطس الجارى، وبدأ معصوم من خلال «الكتائب الإلكترونية» الإخوانية فى الترويج لهذه المبادرة والتحرك الذى كان يستهدف إحداث الفوضى، وقامت هذه الكتائب بنشر عدد كبير من الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعى، بهدف إحداث نوع من الفرقة والفتنة ما بين المصريين والحكومة، وهو ما رصدته أجهزة الدولة التى أحصت عددا كبيرا من «الشائعات» الكاذبة التى تستهدف المواطن المصرى البسيط، من خلال ترويج عدد من الأكاذيب مرتبط بالأسعار والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وتولت «شلة معصوم» خاصة نيرمين حسين ومعها يحيى القزاز ورائد سلامة فى عملية الحشد خاصة بين فلول الحركات المسماة بـ«الثورية»، ومحاولة إحياء حركة 6 إبريل من جديد، وتكرار سيناريو 25 يناير 2011، وتواصلت «شلة معصوم» مع عدد من الشباب وسياسيين وشرحوا لهم خطة التحرك، ورغم أن بعض السياسيين أبدوا لمعصوم تخوفهم من هذه الخطوة، خاصة بعد يقينهم أن الإخوان يقفون خلفها، وأن معصوم ليس إلا ديكورا مدنيا فقط، إلا أن معصوم ويحيى القزاز حاولوا إيهام من التقوهم وتحدثوا معهم أن 31 أغسطس هى فكرة خاصة بهم، ولا علاقة للإخوان بها، وكادت الكذبة أن تأخذ طريقها إلى التصديق لدى من جلسوا مع معصوم، لولا «غباء الإخوان» وتسرعهم عبر أذرعهم الإعلامية وإعلانهم مباركتهم لتحركات معصوم، بل ودعوة أنصارهم للوقوف خلفها، وهنا استشعر أصدقاء معصوم بأنهم أمام مأزق جديد، وهو ما يمكن أن نستكشفه من خلال البيان الذى أصدره حمدين صباحى وعمار على حسن وآخرون تربطهم بمعصوم علاقة قديمة، فهم أيدوا الفكرة، لكنهم حاولوا التبرؤ منها خوفاً من الكشف عن علاقتهم بالإخوان.
أمام هذا الوضع المرتبك الذى واجه معصوم، لم يجد من طريق أمامه إلا أن يطرح على قيادات الجماعة فى أنقرة تأجيل دعوة 31 أغسطس، إلى موعد آخر، وهو ما وعدته الجماعة بالتفكير فيه ودراسته، خاصة أن الحملة التى قادتها الشلة على وسائل التواصل الاجتماعى لم تحقق الهدف، حتى حينما لعبت «الشلة» على بعض الهاشتاجات المسيئة والمحرضة لم تحقق الهدف، وهنا يمكننا الإشارة إلى تصريح «ميسرة» نجلة معصوم مرزوق التى خرجت فى تصريحات هاتفية لأحد القنوات الإخوانية متحدثة عن والدها والقبض عليه والتحقيق معه فى النيابة العامة، فخلال المداخلة تحدثت «ميسرة» عن هاشتاج «ارحل يا سيسى» الذى مولته الجماعة الإرهابية ليحتل الصدارة على وسائل التواصل الاجتماعى، وقالت ميسرة إن هذه الهاشتاج أحدث حالة من القلق لدى الدولة المصرية، وهو ما يؤكد أن «شلة معصوم» لم تكن بعيدة عن هذا الهاشتاج.
عزمى بشارة
بالتزامن مع هذه التحركات التى كان يقوم بها معصوم وشلته، كانت هناك تحركات على الأرض تمولها جماعة الإخوان، لإثارة الرعب فى قلوب المصريين، ودفعهم للخروج إلى الشارع، وتمثلت هذه التحركات فى التخطيط لعدد من العمليات الإرهابية النوعية فى القاهرة وسيناء وعدد من المحافظات، لكن وقفت اليقظة الأمنية حائلاً أمام تحقيق الجماعة لغرضها الخبيث.
العمليات النوعية التى خططت لها الجماعة من أنقرة كانت تستهدف أماكن حيوية ودور عبادة، وهو ما ظهر من الكشف عن الخلية الإرهابية التى تم ضبط أفرادها قبل أسبوعين، وكانت تستهدف «كنيسة مسطرد»، التى ضمت 6 عناصر، وهى محمد عواد ويحيى كمال وصبرى سعد ورضوى عبد الحليم وهيثم أنور ونهى عبد المؤمن، ونسبت إليهم النيابة اتهامات تتعلق بالانضمام لجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون تستهدف ارتكاب عمليات إرهابية، كما وجهت النيابة للمتهمين ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة إرهابية أُسست على خلاف القانون، الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، واعتناق أفكار تكفيرية وتغيير نظام الحكم بالقوة، والقيام بأعمال عدائية ضد منشآت الدولة الحيوية وضد دور العبادة والقوات المسلحة والشرطة، وكذلك ارتكاب جريمة إرهابية باستهداف كنيسة العذراء بمسطرد محافظة القليوبية.
هذه الخلية كانت تعوِّل عليها الجماعة بشكل كبير فى خطتها التى جاءت متزامنة مع تحركات «شلة معصوم»، فقد كشفت التحقيقات الأولية، أن المتهمة رضوى عبد الحليم قامت باستقطاب أعضاء للجماعة وتوفير التمويل المالى لهم والترويج للأفكار المتطرفة، وأن المتهمين رصدوا الكنيسة قبل التفجير باستخدام دراجة نارية استقلها أحدهم، وأن الانتحارى منفذ الحادث عمر مصطفى كان يضع العبوة الناسفة تحت ملابسه، وأن التشديدات الأمنية منعته من الوصول للكنيسة وتنفيذ مخططه، وأن عناصر التنظيم يحوزون بمنازلهم بعض الأوراق التنظيمية وأجهزة الحاسب الآلى الحاوية لمخططات التنظيم الإرهابية، وكان لافتاً فى مضبوطات هذه الخلية إلى أنها تضم العشرات من الأوراق التنظيميةالمتعلقة برسائل لشباب الإخوان المسلمين والتنظيمات الدعوية، والموقف من الانتخابات الرئاسية والدعوة لمقاطعتها وعرقلة إجرائها ومعلومات عنها، وما يسمى بالموجة الثورية وخريطتها ضد ما سماه بالانقلاب، وهو ما يترافق أيضاً مع «مبادرة معصوم».
يحيى القزاز
بعد الكشف عن خلية كنيسة مسطرد، وضبط كل عناصرها، كان التفكير هو لفت الأنظار إلى سيناء مرة أخرى، لكن اليقظة الأمنية تصدت لهم، فقد نجحت قوات الشرطة السبت الماضى فى التصدى للمجموعة الإرهابية التى هاجمت الكمين الأمنى بالطريق الساحلى لمدينة العريش، رغم استخدامهم للأسلحة الثقيلة وإطلاق قذائف الآر بى جى، لكن قوات الأمن تصدت بقوة مما أسفر عن مقتل أربعة من العناصر الإرهابية، وفرار باقى الأفراد، وأسفرت العمليات عن العثور على 10 عبوات ناسفة بجانب الكمين، وضبط كميات من الأسلحة الخاصة بهم وهى 4 سلاح آلى، و30 خزنة آلية، وقنابل يدوية جارٍ حصر عددها، وآر بى جى، و3 أحزامة ناسفة، وكاميرا لتصوير العمليات الإرهابية، وجهاز موتورولا.