الواقعة التى آثارت الجدل كانت فى منطقة مصر الجديدة، حيث حاولت خادمة فى العقد الثالث من عمرها الانتحار بالقفز من الطابق الرابع، هربا من تعذيب مخدومتها والتى عذبتها بخلع أظافرها وقص شعرها والاعتداء عليها بالضرب، وأصيبت عقب قفزها من الطابق الرابع بجرح قطعى فى فروة الرأس وكدمات متفرقة بالجسم وتسلخات أسفل العينين"، كما تبين خلع أظافرها وقص شعرها وأثار قضمة باليد اليمنى، والغريب أن ربة المنزل المتهمة اعترفت بالواقعة بزعم بزعم تعليمها كيفية العناية بالنظافة.
واقعة أخرى كشفها رواد موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، حيث تداولوا صورًا لآثار تعذيب طفلة لم تتعد العشر سنوات بإحدى قرى الساحل الشمالى، وهو ما لاقى رد فعل من المجلس القومى للطفولة والأمومة، حيث أكدت الدكتورة عزة العشماوي أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة أن خط نجدة الطفل "16000" تلقى بلاغا بتعذيب طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات وعلى وجهها آثار ضرب مبرح فى إحدى قرى الساحل الشمالي، وتبين أنها تعمل خادمة لدى أسرة قامت بتعذيبها، مشيرة إلى أنه تم تحرير محضر رقم 491 جنح مارينا لسنة 2018، كما تبين أن الطفلة وتدعى نور، تعرضت للضرب المٌبرح بسبب تناولها علبة حلوى صغيرة من الثلاجة، وقالت:"كانوا بيربطوني من إيدي، ويقلعوني ملابسى العلوية ويربطوننى فى كرسى و يضربونى بسلك وخرطوم".
الدكتور على عبد الراضى، استشارى العلاج والتأهيل النفسى، أوضح أن الشخص الذى يمارس أى نوع من أنواع الضغط النفسى أو الضرب والتعذيب ضد أى شخص ليس إنسان طبيعى، ولكنه مريض بما يسمى اضطراب الشخصية السادية، وهو الذى يتلذذ بتعذيب وإهانة الآخرين، وربما تصل لمراحل تعذيب مبالغ فيها مثل خلع الأظافر والكى بالنار وقص الشعر، لأنه ينظر إلى العامل لديه أو الخادم وكأنه عبد لديه.
وأكد عبد الراضى، لـ"برلمانى"، أن هذا الاضطراب السلوكى لا يعفى من المحاكمة القضائية والسجن، لأنه مسئول عن اضطرابه هذا ويمارس التعذيب عن قصد ورغبة لديه ووعى كامل كما أنه هو من يختار ضحيته ويخلق مبررات لتعذيبه، مشيرًا إلى أن ما يدفع ضحية الشخص السادى للمحاولة الانتحار والاكتئاب هو أن ينفذ صبره على هذه الإهانات والتعذيب، أما إذا كان الضحية مصاب باضطراب "الشخصية المازوخية"، فإنه سيكون مستمتع ومتلذذ بما يقع عليه من تعذيب وضرب وإهانة من الشخص السادى، ولكن هذا نادرا ما يحدث هنا فى مصر فالخادم مثلا قد يصبر على الإهانة والضرب البسيط ليحافظ على عمله ولكن له طاقة لن يتخطاها.
فيما علقت أمل زكريا قطب، عضو مجلس النواب، ومقررة المجلس القومى للطفولة والأمومة بالبحيرة، على تعذيب وضرب الخادمات قائلة: "لم أندهش من كثرة ما أسمعه هذه الأيام عن قتل أطفال وتعذيبهم أو انتحار البعض من خادمات المنازل أو انحراف البعض للممارسات التى تضر بآدميته بسبب عدم تفعيل القوانين واللوائح المنظمة سواء الدولية أو المحلية وللاسف كثيرون لا يعلمون عن هذه القوانين شئ".
وأضافت النائبة أمل زكريا، لـ "برلمانى"، أن كثيرًا من الأطفال خلعوا ثياب الطفولة وودعوا براءتهم لأن ظروف أسرهم أجبرتهم على النزول للعمل لسد احتياجاتهم، وفى النهاية يجب أن ننتبه إلى خطر يحلق بيننا جميعا وهو التحايل على القانون واستخدام الأطفال وحتى البالغين لأعمال غير آدمية وغير قانونية، لذلك يجب تفعيل القوانين ودور المجتمع المدني ومؤسسات الدولة المصرية في الحد من انتشار ظاهرة عمالة الأطفال، وأن يكون لدينا قاعدة بيانات دقيقة عن عمالة الأطفال، مع تصنيف الفئات المختلفة من حيث الجنس والنوع والمرحلة العمرية وبناء عليه يتم تصنيف هؤلاء الأطفال ومعرفة من منهم يحتاج للتدخل السريع، ومن يجب أن تقدم له الحلول والخدمات الفورية ومن يحتاج لدخول محميات إعادة التأهيل".
وأكدت مقررة المجلس القومى للطفولة والأمومة بالبحيرة، ضرورة وضع قانون جديد يحمى المستحقات المالية والإنسانية والاجتماعية لغير الأطفال ممن يعملون فى المنازل، ومحاسبة المتعدين عليهم والحرص على الحفاظ على آدميتهم".
فى المقابل انتشرت فى الآونة الآخيرة حوادث سرقة المنازل على يد الخادمات التى يعملن بها، لاستغلالهن علمهن بظروف أصحاب المنازل، والتى كان آخرها قيام خادمة بسرقة مشغولات ذهبية من داخل شقة تعمل بها بمنطقة 15 مايو، وتسليمها لأحد الأشخاص الذى ترتبط به عاطفيا والتصرف بها ببيعها.
اللواء دكتور على زين العابدين، أستاذ القانون الجنائى، والمحاضر بأكاديمية الشرطة، أكد أن العاملين فى المنازل "الخدم"، لا يخضعن لقانون العمل المصرى، حيث استثنى القانون ثلاثة فئات وهى :" العاملون بالحكومة، لأنه يسرى عليهم قانون العاملين المدنيين بالدولة، و أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم، وأخيرًا عمال الخدمة المنزلية ومن فى حكمهم كسائق السيارة الخاصة لصاحب المنزل والبستاني ومربية الأطفال وبواب المسكن الخاص، وذلك لأن العمل الذى يؤدونه يختلف فى طبيعته عن باقى الأعمال لأنهم يكون لديهم صلة مباشرة بمخدوميهم، فمثلا إذا مرض الخادم يعالجه صاحب المنزل وهكذا.
وأوضح زين العابدين، لـ "برلمانى"، أنه فى حال تعرض الخادم للضرب أو التعذيب مثلا فله الحق فى التوجه لقسم الشرطة وتحرير محضر ضد مخدومه يتهمه فيه بما حدث له وهنا ينطبق عليه قانون العقوبات المصرى، ويتم محاكمة المخدوم إذا ثبت تعديه على الخادم، وفى المقابل إذا اتهم المخدوم الخادم مثلا بالسرقة تكون العقوبة مشددة بالسجن من 3 إلى 5 سنوات، بدلا من سنة إلى 3 سنوات، لأن السرقة هنا تكون مقرونة بخيانة أمانة.