وصعدت طهران من لهجتها مجددا أمام الأوروبيين شركاء الصفقة النووية (فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين والاتحاد الأوروبى)، حيث لا تزال تنتظر منهم المزيد من الدعم الاقتصادى الذى سيمنحها مقومات البقاء فى الاتفاق النووى، وهدد مساعد وزير الخارجية عباس عراقجى، الأوروبيين بانسحاب بلاده من الاتفاق حال لم يقدموا الضمانات خلال شهرين، حتى 4 نوفمبر أى موعد دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ.
ومنح المسئول الإيرانى وعضو فريق التفاوض النووى للأوروبيين مهلة شهرين، قائلا عراقجي في مقابلة تلفزيونية "أننا نقول للاوروبيين أنه يتوجب عليهم دفع التكاليف لتوفير أمنهم وخلق ظروف مناسبة لشركاتهم".وأضاف "الأمريكيون أنفسهم حددوا مهلة زمنية للاوروبيين وهم يعرفون جيدا أنه ليس لديهم وقت كثير في هذا الخصوص".
وأكد أن "إيران أعلنت بوضوح للدول الأوروبية أنه إذا لم يتم تحقيق مصالحها الرئيسية في الاتفاق النووي، ومنها استمرار بيع النفط، والتعامل المصرفي وغير ذلك فإن طهران ستنسحب من الاتفاق والبقاء لن يفيدنا بعد الآن".وتابع مساعد وزير الخارجية للشؤون الدولية " على الاوروبيين أن يبينوا موقفهم ويحددوا آليات واضحة حتى ذلك الموعد المحدد".
ويعد تهديد المسئول الإيرانى بالانسحاب من الصفقة النووية هو الثانى خلال شهر، فقد أكد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نهاية اغسطس الماضى جاهزية بلاده "للتخلي عن القرار النووي إذا لزم الأمر". قائلا"إن إيران يجب ألا تعلق الأمل على الأوروبيين وألا تخوض مفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي".وأكد "بالطبع، إذا وصلنا إلى خلاصة مفادها أنه لم يعد يحفظ مصالحنا القومية، سنتخلى عنه".
وحتى المهلة التى حددها الدبلوماسى الإيرانى نوفمبر المقبل، سوف تبدأ الولايات المتحدة سريان المرحلة الثانية من العقوبات، والتى ستفرض ضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن. وستشمل أيضا قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط. إضافة إلى البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.
وكانت الحزمة الأولى التى تم تطبيقها فى الـ 7 من اغسطس الماضى، تشمل حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، و التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية، وحظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران، وحظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
فى الداخل الإيرانى، تبقى الأزمات تتصدر المشهد، جراء تسجيل العملة المحلية (التومان) هبوطا جديدا أمام الدولار إثر تداعيات العقوبات الأمريكية، وتراجعت العملة الإيرانية في السوق إلى نحو 146 ألف تومان للدولار الواحد، وسط غياب إجراءات واضحة تتخذها الحكومة للحد من نزيف العملة، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع ونقصان حاد فى بعضها داخل الأسوق، فقد أثار ارتفاع أسعار ونقص حاد فى "حفاضات الأطفال" والفوط الصحية للنساء أزمة سياسية، وحمل المتشددون الرئيس مسئولية الأزمة.
ودشن نشطاء داخل إيران هاشتاج لإيصال صوتهم للحكومة من أجل توفير حفاضات أطفالهم، والبعض أخذ يسخر من الدولة التى تمتلك الصواريخ وليس لديها حفاضات. وعلى جانب آخر، رأت صحيفة "آرمان" الإصلاحية، أن الأزمة تحولت إلى مادة خصبة لمنافسى الرئيس للنيل منه من أجل إضعاف الحكومة وشن هجوما عليها، وتهكم النائب المتشدد حميد رسائى على الرئيس الإيرانى. وقال رسائى "مطلب الشعب من حسن روحانى هو، رجاءً دعك من الاتفاق النووى الصاروخى وفكر قليلا فى الاتفاق النووى للحفاضات، الأطفال فى مأزق وأنت متخصص فى هذا المجال.. ".
أزمة النقص الحاد فى حفاضات الأطفال، اعترف بها المرشد الأعلى على خامنئى قائلا "إن الأزمة تغضب الإيرانيين لكنه اعتبرها مؤامرة قائلا إن أحد الطرق التى يقوم بها أعداء بلاده أن يغضب الشعب الإيرانى من السلطات.
فى غضون ذلك قدمت النائبة الإيرانية ما يمكن أن يطلق عليه روشتة لإنقاذ الوضع الداخلى، وطالبت النائبة التى تنتمى للتيار الاصلاحى براونه سلحشورى المؤسسات العسكرية الايرانية بالابتعاد عن السياسة والاقتصاد والقيام بوظيفتها الأساسية داخل ثكناتها، كما نادت بإجراء استفتاء على آداء المؤسسات غير المنتخبة من الشعب كمؤسسة الإذاعة والتلفزيون ومجلس خبراء القيادة.
ونشرت بروانة على صفحتها على تويتر، مقطع فيديو لخطابها السنوى داخل البرلمان، والذى انتقدت فيه الأوضاع الاقتصادية، وتهاوى العملة الإيرانية أمام العملات الأجنبية، والحريات الاجتماعية والتلوث، والفقر وارتفاع الأسعار، قائلة "كل هذه المشكلات ينكرها الرئيس روحانى".
وانتقدت بروانة رجال الدين الذين يهتمون فقط بقضايا شعر النساء والحجاب وركوب الدراجات، بدلا من اهتمامهم بقضايا الفقر والفساد وهرب الشباب من الدين والاختلاس من بيت المال.
وخاطبت النائبة الإيرانية المرشد الأعلى، مطالبة إياه بالتدخل لإنقاذ الوضع، ودعته لإجراء استفتاء فى مجال السياسة الخارجية وأسلوب إدارة مؤسسة التلفزيون الإيرانية وإشراف مجلس خبراء القيادة، وفقا للمادة 59 من الدستور الإيرانى والتى تجيز إجراء استفتاء فى القضايا محل خلاف فى البلاد.