إقالة الوزراء
ويوم الأحد 26 أغسطس سحب مجلس الشورى الإيرانى الثقة من وزير الشؤون الاقتصادية والمالية مسعود كرباسيان ضمن تداعيات اقتصادية قاسية تواجهها الحكومة الإيرانية مع عودة العقوبات الأمريكية، بعد أن خسر كرباسيان تصويت الثقة بـ137 صوتاً مقابل 121، وامتنع نائبان عن التصويت، ما يجعله ثانى وزير فى حكومة الرئيس حسن روحانى يتم عزله هذا الشهر.
وكان 33 نائباً وقعوا طلب استجواب لكرباسيان، قدم إلى الهيئة الرئاسية للمجلس، ويتهم الوزير بالعجز عن إدارة الاقتصاد فى ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تعانى منها إيران. وزادت مساءلة وزير الاقتصاد والمالية الإيرانى الضغوط على الرئيس حسن روحانى الذى يواجه بالفعل انتقادات من المحافظين بشأن إدارته لملف الاقتصاد فى ظل العقوبات الأمريكية الجديدة التى يتوقع دخول القسم الثانى منها حيز التنفيذ يوم 4 نوفمبر المقبل.
وفى يوم الأربعاء الثامن من أغسطس الجارى صوت مجلس الشورى الإسلامى فى إيران، على سحب الثقة من وزير العمل والتعاون والرخاء الاجتماعي، على ربيعى، بعد أن صوت 129 نائبا على إقالة ربيعى من منصبه من بين 243 نائبا حضروا الجلسة، وعارض الإقالة 113 نائبا، فيما امتنع ثلاثة نواب عن التصويت.
فى غضون ذلك بدأ أعضاء فى مجلس النواب الإيرانى إجراءات لعزل وزيرى التعليم والصناعة، وطالب عشرات النواب بعزل الوزيرين بتهم تتعلق بالإخفاق الاقتصادى والفساد فى المنظوم التعليمية، ما يعد تصعيدا للضغوط التى يمارسها المرشد على الرئيس حسن روحانى تجييرا للسبب الأصلى لكل تلك الأزمات.
تداعيات حرب العقوبات
ورأى الكاتب والمحلل الروسى سيرجى ستروكان، أن حرب العقوبات، التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ضد إيران، تشكل نوعًا من أنواع الاختبارن ذلك أن الهدف الاستراتيجى للعقوبات، هو "زعزعة الاستقرار"، موضحا أن واشنطن واشنطن فى خلق مشاكل جدية لإيران، لم تعد قيادة البلاد قادرة على تجاهلها.
وأضاف ستروكان فى مقالة له نشرها بجريدة "كوميرسانت"، حول استجابة الاقتصاد الإيرانى للعقوبات الأمريكية، والبحث عن أكباش فداء، أن روحانى فى خطابه المتلفز للأمة، يوم السبت الماضي، قال إن السلطات "تدرك مشاكل الشعب ومعاناته"، إلا أن الوحدة بين النخبة والمجتمع فى إيران مجرد مظهر، حيث يؤدى اختبار التصادم الذى أطلق عليه اسم دونالد ترامب إلى مزيد من الانقسام والانفصال بينهما.
ولفت المحلل الروسى إلى أن أول الرؤوس التى طارت، هى رؤوس الليبراليين، الذين يذكرهم المحافظون بمغازلتهم للغرب التى لم تبرر الآمال، فى ظروف المواجهة مع الولايات المتحدة، إذ يبدو نهج الليبراليين فى السلطة بمثابة تفريط فى المصالح الوطنية العليا للبلاد.
دلالات رمزية
المهم فى هذا السياق أن كل تلك الإقصاءات ليست سوى دلالات رمزية خاصة إن إقالة وزير الاقتصاد والمالية مسعود كرباسيان، المقرب من الرئيس، جاءت فى اليوم التالى بعد أن دعا حسن روحانى خصومه إلى الوحدة فى المجلس، إذن الإقصاء موجه لروحانى وليس إلى الوزير نفسه.
على هذا النحو يعتقد ستروكان أن هذه هى الضربة الثانية التى يتلقاها حسن روحانى فى الأسابيع الأخيرة، ففى أوائل شهر أغسطس، قام المجلس بإقالة وزير العمل والرفاهية الاجتماعية والتعاون، على ربيعى، وهو ما يعنى فى المحصلة النهائية أن ملاحظات انعدام الشفافية فى الاقتصاد والمشاكل الناجمة عن تقلبات أسعار الصرف وانتهاكات النظام المصرفى مجرد مسوغات لتسويق القرار لدى الرأى العام الداخلى.
فى المجمل يبدو أن المرشد الإيرانى الداهية، على خامنئى، يحاول تحصين نظامه بكل الوسائل المتاحة، لأن تلك التصرفات تجعل رجال الاقتصاد الوحكومة هم المسؤولون عن تردى الاوضاع الداخلية وليس العقوبات ولا سياسات البلاد الخارجية التدخلية فى مناطق عمليات لا قبل لإيران بتحمل تبعاتها ماليا ولوجيستيا وجيوستراتيجيا.