وفى ظل ما يمكن تسميته "قلة الحيلة" أمام مكافحة عادة التدخين فإن هناك أرقام مفزعة تؤكد أهمية عدم اليأس فى مواجهة تلك الظاهرة ومنها مثلاً ما أعلنته منظمة الصحة العالمية عن استهلاك المصريين يبلغ أكثر من 80 مليار سيجارة وتحتل مصر بها المركز العاشر بين الدول الأكثر تدخينًا، كما تصل عدد الوفيات بين المدخنين إلى 170 ألف حالة سنوياً.
المؤسف أن التدخين يأتى ضمن مجموعة من العادات غير السليمة مما تؤثر على الصحة العامة للمصريين فعلى سبيل المثال لا الحصر فإنه وفقا للتقارير الصادرة عن وزارة الصحة فإن 22% من المصريين مدخنين، وذلك بخلاف عدم ممارسة الرياضة وإتباع البرامج الغذائية غير الصحية.
وبشكل مبسط يمكن تخيل حجم الأضرار الناتجة طبقا للإحصائيات السابق الإشارة إليها عندما تعلم أن التدخين يؤدى إلى مشاكل بكل أجهزة الجسم مثل القلب، والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية، والجلطات، والجهاز التنفسى، وأورام الرئة، والسدة الرئوية المزمنة، والجهاز الهضمى، وصحة المرأة أثناء الحمل، والأطفال وتعرضهم لنزلات شعبية مزمنة.
تلك المشاكل والأضرار الناتجة عن وحش التدخين كان لابد له من اتخاذ قرارات جريئة من أجل مكافحته حتى لو بشكل حاد وليس مجرد حملات للمكافحة والتوعية، وهذا تقريبًا ما فعلته فى الساعات الماضية وزارة الأوقاف بإعلانها فى بيان لها حظر التدخين فى أماكن العمل الرسمى بالوزارة.
الوزارة أوضحت فى بيانها أن الأمر استدعى المساءلة الواجبة الفورية، خاصة أن طبيعة العمل بالوزارة وجميع الجهات التابعة لها سواء بالديوان العام، وجميع المديريات الإقليمية والإدارات الفرعية التابعة.
وأشارت الوزارة إلى أن السبب وراء قرارها يأتى تفعيلا لدور تشريعات السلامة والصحة المهنية التى تحظر التدخين فى أماكن العمل، خاصة القانون رقم ١٥٤ لسنة ٢٠٠٧ بحظر التدخين فى المصالح الحكومية وتقرير عقوبة الغرامة، مشددة على جميع العاملين بالمساجد، خاصة العمال مراعاة ذلك، حرصا على إعطاء نموذج للانضباط والصورة التى يجب أن يكون عليها جميع العاملين بالوزارة بصفة عامة وقطاع الدعوة والمساجد بصفة خاصة لطهارتها وقدسيتها.
وبناءً على قرار وزارة الأوقاف فإن أسئلة تطرح نفسها، هل يمكن تعميم تلك الفكرة على باقى المؤسسات الحكومية لاسيما أنه ليس غريبًا أن تذهب إلى مصلحة حكومية لتجد موظفًا يعطل مصالح المواطنين من أجل الانتهاء من سيجارته أو ينفث دخانها فى وجه المواطن الذى يقف أمامه غير مبالى بما يقع عليه من أضرار صحية خصوصا إذا كان هناك تكدس فى المكان.
النائب شكرى الجندى، وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان، وصف قرار وزارة الأوقاف بالجرىء و الهام للغاية فى مواجهة تلك العادة السيئة فى ظل أضرارها البالغة على صحة المصريين وكذلك على وضعهم الاقتصادى.
أوضح وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان لـ"برلمانى"، أنه يؤيد تعميم هذا القرار على كافة المصالح الحكومية وإن لزم الأمر يتم تخصيص غرف للمدخنين، مضيفًا أنه فى شهر رمضان لا يدخن الموظفون ولا تحدث كارثة بل على العكس تسير الأمور فى شكل طبيعى.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن الأصل فى التعامل مع تلك العادة المكروهة هو المنع لما تسببه من أمراض ومشاكل صحية بالغة على الشخص المدخن وكذلك على المحيطين به، لافتًا إلى أنه يتمنى رفع الوعى المجتمعى فى مواجهة تلك الظاهرة الخطيرة.