حكايات لأول مرة من الغرف الخاصة للبرلمان

فى هذه الحلقة من أسرار القبة، ستجد نوعاً جديداً من الحكايات، هنا معلومات رسمية لأول مرة من أدراج المجلس، لن تقرأ هنا قصصاً فى صميم عمل المجلس وفقط، بل إنك ستتعرض إلى أطراف من خيوط الحب تحت القبة فى نماذج فريدة، وستذهب إلى حيث يحاول النواب أن يختبئوا بعيداً عن أعين الصحافة والإعلام، حتى فى مصايفهم خلال الإجازة.

دعونا نضع فى بداية الحلقة الثالثة إطاراً من الأمانة فى النشر، ومن الصدق فى عرض أسرار القبة حلوها ومرها، فكما نقرأ الانتقادات التى يطرحها مراقبو البرلمان بين الحين والآخر على أدائه، منها ما هو متعلق بتغيب النواب الذى استنكره الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان ذاته من أعلى المنصة، بعدما تسبب استمراره إلى تأجيل التصويت على مشروعات قوانين مهمة.

 

قائمة شرف.. 10 نواب يلتزمون بحضور الجلسات العامة

لكن هناك ما يستوجب تسليط الضوء عليه، فقد حصلت من مصادر رسمية من البرلمان على قائمة بالعشرة نواب الأكثر التزاماً بحضور الجلسات العامة منذ بدء عمل البرلمان، وهم المهندس محمد زكى السويدى رئيس ائتلاف دعم مصر، والنائب محمد ماهر حامد عضو مجلس النواب عن دائرة الخليفة والمقطم والدرب الأحمر، واللواء الدكتور محمد أبو زيد نائب دائرة طوخ قليوبية.

والنائب محمد صلاح صالح أبوهميلة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، وحسنى حافظ إبراهيم محمد نائب سيدى جابر بمحافظة الإسكندرية، والنائب حمادة أحمد إبراهيم القسط عن دائرة قطور وبسيون بمحافظة الغربية، والنائب عصام فاروق فؤاد سعد عن دائرة مصر القديمة، وعلى عبدالونيس على سواح نائب دائرة دار السلام.

 

والنائبة فايقة فهيم إبراهيم عوض عضو ائتلاف دعم مصر عن محافظة الشرقية، وعبدالرحمن محمد البكرى أبوالحمايل عضو مجلس النواب عن حزب النور بدائرة فارسكور بمحافظة دمياط، وأعتقد أنه كما ننتقد النواب دائمى التغيب والذى قد أنشر قائمة بأسمائهم فى حلقات مقبلة، علينا أيضاً أن نضع هؤلاء فى قائمة شرف لالتزامهم بحضور جلسات تمس مصالح دوائرهم بشكل مباشر.

 

وإلى جانب الدعوات التى تدعو البرلمان لترشيد النفقات، هناك قائمة اخرى حصلت عليها أيضاً من مصادر رسمية بمجلس النواب لأسماء عدد من أعضاء المجلس يدعمون البرلمان مادياً فى الزيارات الخارجية، إعمالاً بمبدأ ترشيد النفقات، وهم النواب محمد السويدى رئيس ائتلاف دعم مصر، واللواء علاء عابد نائب رئيس حزب مستقبل وطن.

 

والنائب طارق رضوان رئيس لجنة العلاقات الخارجية، والنائب عمرو غلاب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية، والنائبة سحر طلعت مصطفى رئيسة لجنة السياحة بالبرلمان، ومعتز محمد محمود رئيس لجنة الإسكان، وعلاء والى عضو لجنة الإسكان، والنائب محمد مصطفى السلاب عضو المكتب السياسى لائتلاف دعم مصر.

 

وبمناسبة كون علاء عابد ضمن تلك القائمة، يرتبط «عابد» بعدد من المواقف الطريفة تحت قبة البرلمان، منها مثلاً أن الأمانة العامة أخبرته بضرورة المشاركة فى لقاء رئيس فيتنام يوم الاثنين التالى لأجازة عيد الأضحى، لكنه من دون تركيز اعتبر أن الموعد الاثنين يوم وقفة عيد الأضحى، وترك أجازته مع أولاده فى الخارج وعاد إلى القاهرة.

 

بل ورتب موعداً مع المستشار مرتضى منصور فى ذات اليوم للقاء رئيس البرلمان، وفى مكالمة يوم الأحد لـ«عابد» مع أحد النواب، أدرك الموعد الصحيح ونسى إبلاغ النائب مرتضى منصور، الذى ذهب إلى البرلمان وحده، وأخذ يتجول بالبرلمان، وهاتف «عابد» أمام مكتب رئيس البرلمان المُغلق، وقال له: «يا سيادة النائب أنت فين، أنا هنا لوحدى وما لقتش حتى قطة أتكلم معاها»، وعاد إلى حيث جاء.

 

 

علاقات خاصة مع الكبار.. عم ناصر ووكيل البرلمان

دعكم من المستشار والقطة، لأخبركم بقصص أخرى حصلت على تفاصيلها من البحث عن إجابة سؤال دائماً ما أسأله لنفسى، لمن يستمع النواب لكى يتحدثوا بثقة فى الجلسات العامة عن أنهم يُعَبِّرون عن صوت الشعب؟، وفى البحث وجدت عدداً من الحكايات، منها حكاية أبوناصر المزارع صاحب الـ 85 عاماً والذى يقبع هناك فى أخميم بسوهاج.

 

لم يكِل أبوناصر أبداً من الخدمة فى الأرض، حفظ خطوطها كما حفظت تجاعيده، يرويها بعرقه قبل أن يفتح السد لمرور الماء، ولم يمنعه تعبه فى الزراعة عن متابعة ما يجرى فى البلد شرقاً وغرباً، يقرأ ويحلل، وينتظر السيد الشريف وكيل مجلس النواب فى مزرعة بيته، ليتحدث إليه فى كل كبيرة وصغيرة تخص الفلاحين، الذى يعتبرهم وكيل البرلمان صوتاً واحداً على لسان صديقه الفلاح أبوناصر.

 

أبوناصر يرتبط مع وكيل البرلمان فيما هو أعمق من كونه مزارعا فى حديقة منزله، لكن العشرة والمواقف والأحداث التى تشاركا فيها سوياً تمتد إلى سنوات مضت، فوسط اشتعال أحداث ثورة يناير 2011، اتكأ وكيل البرلمان على مقعده أمام المنزل وعلى يمينه صديقه أبو ناصر، وسأله: «إيه الحل يا أبو ناصر»، قال له المزارع البسيط: «البلد عاوزة ولد»، ليعود فى 30 يونيو 2014 ويشير إلى صورة الرئيس السيسى: «جلتلك عاوزة ولد، وأهو جه الولد».

 

كثيرون يسألون عن سر العلاقة الوطيدة بين الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب والسيد الشريف وكيل أول مجلس النواب، وفى الحقيقة الأمر لا يتعلق بكونهم زملاء فى هيئة مكتب مجلس النواب، أو أنهم تشاركوا فى عمل واحد تحت قبة واحدة، بل إن علاقة انتماء تجمعهما، فرئيس البرلمان والوكيل الأول ينتمون لقبيلة الأشراف.

 

وقبل أن نخرج من حديثنا عن وكيل البرلمان، أذكر الآن قصة طريفة تفسر جزءاً من شخصيته، ففى أحد الجلسات المكثفة التى كان يترأسها لانشغال الدكتور على عبدالعال فى موعد رسمى، طلب منه أحد الأشخاص فى ورقة صغيرة أُرسلت له عبر المنصة بأن يغلق الجلسة، بكلمات مفادها: «كفاية يا سيادة الوكيل، الناس تعبت»، ابتسم الوكيل ودس الورقة فى جيبه، واستمرت الجلسة لأربع ساعات إضافية، حتى انتهى كل طالبى الكلمة من عرضها.

 

 

حكايات على نسيم البحر.. قصص من عزومات النواب

انتقالاً من حكايات الوكيل فى الجلسات العامة، إلى حكايات النواب على نسمات هواء البحر، علمت بعزومتين للنائبين علاء عابد نائب رئيس حزب مستقبل وطن، فى مارينا، وأخرى للنائب طلعت السويدى رئيس لجنة الطاقة فى هاسيندا الأسابيع الماضية، بعيداً عن خلافات السياسة وصراعات السلطة، وعلى شرف العشرة والمودة فقط.

 

وعلمت أيضاً أن النواب احتشدوا فى دوائر بعزومة النائب علاء عابد، لمشاهدة النجم محمد صلاح فى أحد المباريات لفريقه ليفربول، وأن «عابد» قال للمدعوين فى عزومته: «ممنوع الكلام فى السياسة»، لكن ذلك لم يمنع البعض من الهمس الجانبى حول انتخابات اللجان النوعية المقبلة، بالإضافة إلى أن وزيرة البيئة الحالية ووزير البيئة السابق تجاورا فى عزومة «السويدى».

 

وبمناسبة طلعت السويدى، المقربون من رئيس لجنة الطاقة، يعلمون أنه دائم التدخين كما هو دائم الدراسة والتحليل فى عمل لجنة تحتاج لجهد من نوع خاص، الطريف حدث فى آخر زيارة برلمانية لمجلس النواب لوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور على عبدالعال إلى قبرص، وتحديداً فى لقاء الرئيس القبرصى، وهو مدخن شره هو الآخر.

 

المهم أنه خلال اللقاء الرسمى، أخرج الرئيس القبرصى سيجارته الإلكترونية، ليسحب لرئتيه نفسين دخان، وبما أن الدخان يعرف الطريق دائماً لقلب محبيه أياً كانت الظروف، فشعر الرئيس القبرصى أن النائب طلعت السويدى يريد أن يشعل سيجارة خلال الاجتماع، وهو ما سمح به لأول مرة فى تاريخ المقابلات الرسمية لرئيس دولة بل وبأمر منه، وفى إشارة للحفاوة والود، بأن يشعل «السويدى» سيجارته.

 

 

حب كبير تحت القبة.. رسائل خاصة بين يحيى ولميس

قبل أن ننتقل إلى السر الأخير فى الحلقة الثالثة، أريد أن أشير إلى نقطة مهمة، ما يحدث تحت قبة البرلمان ليس فقط سياسة وتشريع ورقابة، بل إن هناك حبا، نعم هناك حب ومن نوع خاص، ففى أول يوم لعمل البرلمان، وأثناء ما كان النواب يحلفون القسم، كان الفنان الكبير يحيى الفخرانى يقف أمام التليفزيون فى المقطم وقد أمسك الكاميرا منتظراً زوجته ليسجل لها لقطات من محطة مهمة فى تاريخ الأسرة.

 

ووضع القدر «الفخرانى» فى اختبار صعب، فحلفت الدكتورة لميس جابر الكاتبة الكبيرة القسم كنائبة مُعينة من رئيس الجمهورية فى البرلمان، فى آخر قائمة النواب، أى أن الفنان الكبير انتظر 596 نائباً حلفا اليمين واستمع إليهم جبراً انتظاراً لشريكته فى الحياة، وأرسل مقطع حلف اليمين للدكتور لميس على جروبات الأسرة على موقع التواصل الاجتماعى «الواتس آب»، وقال لها فى رسالة خاصة: «يا لميس، أنتى أحسن واحدة حلفتى القسم، نطقك وشكلك وطريقتك، كل حاجة حلوة».

 

 

لا يهدأ الشغف بين الكاتبة الكبيرة والفنان الكبير، ولا تبهت صورة الحب بداخلهما، حتى وإن كانوا معاً فى غرفة واحدة، يعيشون اليوم وكأنهم بدأوا قصة حب بالأمس، لهم كاتالوج صعب التقليد، اقتربت منه فقط حينما طلبت من الدكتورة لميس توجيه رسالة لزوجها فى عيد زواجهم الخمسين، فقالت: «إذا كانت الجملة مبتدأ وخبر، فأنت مبتدأى وأنا خبرك»، فرد عليها: «يا ترى من غيرك يا لميس، ممكن أشوف مين».

 

سألنى عدد من الزملاء المحررين البرلمانين، عن الرجل الذى يقف بجوار الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب فى الجلسات العامة، يدخل قبل أن تبدأ الجلسة وينتهى بعد أن يخرج رئيس البرلمان، فلتكن قصته هى الأخيرة من الحلقة الثالثة، هذا الرجل يدعى «عاشور»، وهو معاون رئيس الجلسة، يقدم له جدول أعمال الجلسة، بنداً بنداً، يعطيه الدستور أو اللائحة إذا طلب، ويرتب الأوراق لتكون هناك مساحة مُنظمة أمام رئيس البرلمان.