أحد أفراد الشرطة الألمانية
ولعل الزيارة التى يقوم بها أردوغان إلى ألمانيا ليس المحاولة الأولى من نوعها التى يخوضها الرئيس التركى من أجل إصلاح العلاقات مع حلفاءه فى أوروبا، وذلك بعد سنوات من التعنت، فى ظل خلافات دارت حول الدور التركى المشبوه فى منطقة الشرق الأوسط من جانب، بالإضافة إلى رفض القوى الرئيسية فى القارة العجوز محاولاته المتواترة للإنضمام إلى الاتحاد الأوروبى منذ وصوله إلى السلطة، فى عام 2002، حيث حاول كذلك إصلاح العلاقة مع اليونان عبر الإفراج عن جنديين يونانيين اتهمتهما أنقرة بانتهاك مياهها الإقليمية، تهديد الأمن القومى التركى، إلا أن الولايات المتحدة اتجهت نحو التعاون العسكرى مع اليونان لتقوض المحاولة التركية للتقارب مع الاتحاد الأوروبى عبر التصالح المرحلى مع أثينا.
أحد القناصة الألمان فوق مبنى فندق الرئيس التركى لتأمين الزيارة
الورقة الأخيرة.. ألمانيا وتركيا يتشاركان العداء تجاه ترامب
وهنا يصبح التوجه التركى نحو ألمانيا بمثابة الورقة الأخيرة أمام الرئيس التركى، لتحقيق قدرا من التوازن مع القارة العجوز فى المرحلة الراهنة، وذلك بالرغم من الخلافات الكبيرة بينهما، حيث بادرت أنقرة، تزامنا مع انهيار علاقتها مع الولايات المتحدة، إلى الإفراج عن صحفية ألمانية كانت موضوعة تحت الإقامة الجبرية فى أنقرة، بنفس الاتهامات التى وجهتها السلطات التركية إلى روبنسون، فى محاولة لمغازلة برلين والفوز بدعمها فى إطار الصراع الحالى مع واشنطن، سعيا للفوز باتفاقات تجارية أو دعم مالى يمكنه المساهمة فى انتشال أنقرة من أزمتها الحالية.
أعلام ألمانيا وتركيا فى شوارع برلين
يبدو أن التوجه التركى نحو ألمانيا مرتبطا إلى حد كبير بالموقف المشترك لحكومتى البلدين تجاه واشنطن، حيث أن التوتر فى العلاقة بين واشنطن وألمانيا على خلفية الإجراءات الجمركية التى قرر الرئيس ترامب اتخاذها تجاه حلفاءه الأوروبيين وعلى رأسهم برلين، كان بمثابة صفعة قوية للاقتصاد الألمانى، بالإضافة إلى غضب برلين جراء القرارات الأحادية الجانب التى تتخذها إدارة ترامب فى العديد من الملفات الدولية الشائكة، وعلى رأسها الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى فى شهر مايو الماضى، وهو الأمر الذى ترفضه أوروبا، على اعتبار أن الاتفاق يمثل ضمانة لاحتواء التهديد الذى تمثل طهران فى الوقت الراهن.
أعلام ألمانيا وتركيا والاتحاد الأوروبى أمام فندق إقامة أردوغان
معايير مزدوجة.. الشارع الألمانى لا يرحب بالضيف الثقيل
إلا أن الموقف الألمانى من أنقرة يبدو منقسما إلى حد كبير، ففى الوقت الذى ترحب فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالرئيس التركى، فأن الشارع الألمانى ربما لا يحمل نفس الدفء تجاه الضيف الذى يراه قطاع كبير من الألمان ثقيلا للغاية، خاصة بعد حملات القمع التى يرتكبها نظامه تجاه المعارضة فى الداخل، وكذلك موقفه المناوئ للصحافة فى بلاده، وهو الأمر الذى دفع الشرطة الألمانية إلى الانتشار فى العديد من الشوارع من أجل التعامل مع أية محاولات لإثارة الفوضى أثناء الزيارة المرتقبة.
انتشار أمنى مكثف فى شوارع برلين
الموقف المناهض للرئيس التركى، لا يقتصر بأى حال من الأحوال على قطاع النشطاء والحقوقيين، وإنما امتد إلى داخل أروقة السياسة الألمانية، حيث أعرب الحزب الديمقراطى الشعبى فى برلين عن امتعاضه جراء الازدواجية الألمانية فى التعامل مع ملف حقوق الإنسان، ففى الوقت الذى تحاول فيه برلين فرض معاييرها الحقوقية على الدول الأخرى، تتجه للتوافق مع الرئيس التركى ذو السجل الحقوقى السئ فى التعامل مع معارضيه فى الداخل، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول مصداقية الحكومة الألمانية فيما يتعلق بتلويحها المتواتر لقضية حقوق الإنسان فى التعامل مع الدول الأخرى.
سيارات أمنية تنتشر بشوارع العاصمة الألمانية
ورقة المهاجرين.. أردوغان يمكنه ابتزاز ميركل
ولكن تبقى مسألة المهاجرين هى أحد القضايا الهامة التى تدفع الحكومة الألمانية للتقارب مع نظيرتها التركية، خاصة وأن أنقرة يمكنها استخدام هذا الملف لابتزاز برلين من خلال التخلى عن التزامها بمنع المهاجرين من العبور إلى أوروبا، إذا لم تقدم لها يد المساعدة فى أزمتها الحالية، وهو ما يمثل تهديدا صريحا لحكومة ميركل، فى ضوء الاحتجاجات واسعة المدى التى تشهدها شوارع برلين جراء سياسات الهجرة التى تبنتها المستشارة الألمانية، والتى أدت إلى العديد من الحوادث الإرهابية، وأثارت قلقا كبيرا فى الشارع الألمانى فى الأيام الماضىة، وهو الأمر الذى أثار انقسام كبير داخل التحالف الحاكم فى برلين خلال الأشهر الماضية فى ضوء تهديدات أطلقها وزير الداخلية الألمانى هورست زيهوفر بالاستقالة من منصبه قبل عدة أشهر على خلفية هذه القضية، وهو ما ينذر بانهيار الحكومة الألمانية.
علما تركيا وألمانيا استعدادا لزيارة أردوغان
ولعل ابتزاز أردوغان لأوروبا ليس بالأمر الجديد تماما، حيث دأب على ابتزاز أوروبا طيلة السنوات الماضية، للحصول على الدعم المالى من الاتحاد الأوروبى مقابل المساهمة فى احتواء أزمة اللاجئين، والتى أصبحت بمثابة شبح يحوم حول القارة العجوز لالتهامها سواء على المستوى الاقتصادى، فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية فى الآونة الأخيرة، أو حتى أمنيا بعد تنامى العمليات الإرهابية التى تستهدف الداخل الأوروبى وتطورها فى السنوات الماضية.
فندق إقامة الرئيس التركى
قوات الأمن تنتشر فى شوارع برلين
قوات الأمن فوق مبنى الفندق الذى يقيم به أردوغان
لافتة على أحد اسيارات مكتوب عليها أردوغان يهبط ببرلين والصحفيون بالسجون
نشطاء ألمان يحملون لافتات مناهضة لأردوغان
نشطاء يتظاهرون ضد أردوغان
وصول طائرة الرئيس التركى إلى برلين