وأثار تخفيض هيئة الإعلانات الصحفية فى تركيا عدد العاملين بالإعلانات فى الصحف سخط العاملين فى قطاع الإعلام، مع تزايد المخاوف من سيطرة شبح البطالة على القطاع، حيث عرّض قرار هيئة الإعلانات الصحفية تخفيض عدد الموظفين المخول لهم بجلب إعلانات رسمية، مئات الصحفيين العاملين بالصحافة المحلية لخطر البطالة.
وأدى فقدان الليرة 43 %من قيمتها أمام الدولار خلال فترة أقل من عام بالتأثير سلبا على طباعة الصحف بسبب استيراد تركيا لورق الطباعة، وقررت الحكومة مؤخرًا عدم طباعة الصحيفة الرسمية والاكتفاء بصدورها رقميًا على الإنترنت.
وانتقد نائب حزب الشعب الجمهورى المعارض، سازجين تانرى كولو، القرار الجديد لهيئة الإعلانات الصحفية، متسائلاً ما إن كانت هيئة الاعلانات الصحفية ستواجه أزمة قطاع الورق بتخفيضها عدد العاملين، هى الأخرى.
واعتبر تانرى كولو، وفقا لصحيفة "زمان" التركية، أن قرار هيئة الإعلانات الصحفية بتخفيض عدد العاملين بالحد الأدنى للأجور فى الصحف يعكس الأخبار المتداولة عن احتمالية مواجهة 1200 صحفى لخطر البطالة.
تضييق اقتصادى على الصحف
وفى محاولة للتضييق الاقتصادى على الصحف المحلية، مرر البرلمان أوائل العام الجارى، حزمة من القوانين، أفقدت الصحف المحلية نصيبها من الإعلانات الرسمية، حيث يوجد نحو 1156 صحيفة محلية يحق لها الحصول على نصيب من الإعلانات الرسمية على الصعيدين المحلى والإقليمي، خرج 90 % منها من الحسبان.
ولوحظ أن الإعلانات الرسمية مثل إفلاس الشركات وغيرها نشرت عقب تمرير تلك القوانين على الموقع الإلكترونى لهيئة الإعلانات الصحفية وحدها بدلاً من نشرها فى الصحف المحلية، بعد أن كانت الإعلانات الرسمية تعد فى الماضى من أهم مصادر دخل الصحف المحلية التى تعانى من مشاكل مالية فى الوقت الراهن.
وفى السياق ذاته، باتت معدلات توظيف الصحفيين فى تركيا الأدنى من بين الوظائف الأخرى، وتشير بيانات هيئة الإحصاء التركية إلى أن عدد معدلات التوظيف فى قطاع الصحافة والإعلام بلغت 54.6 %، ويقول مراقبون إن العمل فى المهنة بات يمثل خطرًا على أصحابها.
اعتقال الصحفيين
وفى اعقاب المحاولة الفاشلة للانقلاب على الديكتاتور التركى فى صيف عام 2016، أغلقت السلطات التركية المئات من المؤسسات الإعلامية، واتهم العديد من الصحفيين "بنشر دعاية ارهابية" أو "إهانة الرئيس."
وطالت هذه الحملة أكثر من 160 ألف شخص بين معتقل ومطرود ومقال، من رجال شرطة إلى طيارين إلى مدرسين إلى رجال أعمال، وقد طرد المئات من الأكاديميين من وظائفهم.
وأكدت تقارير منظمة "مراسلون بلا حدود" فى تقريرها السنوى، على أن تركيا أصبحت سجنا كبيرا، وقالت إن عدد الصحفيين المسجونين والمعتقلين فى العالم سجل خلال العام الماضى، ارتفاعا مرتبطا بالوضع السياسى فى تركيا، مشيرة إلى أن معتقلات أردوغان يقبع خلفها الكثير من الصحفيين، وتحتل تركيا المكانة رقم 155 فى قائمة تضم 180 دولة أعدتها المنظمة.
وكشفت المنظمة فى تقرير سابق لها، عن ارتفاع عدد الصحفيات المسجونات بمقدار أربعة أضعاف مما يدل على الكارثة التى تشهدها تركيا حيث تسجن ثلث الصحفيات.
أشار تقرير آخر للجنة حماية الصحفيين، إلى أن هناك حوالى 165 صحفيا محتجزون فى السجون التركية حاليا، ومن بينهم الصحفى الألمانى- التركى دينيز يوجيل المحتجز فى الحبس الاحتياطى بتركيا منذ يوم 27 فبراير الماضى.
وأغلق النظام التركى أيضا ما يزيد على 170 مؤسسة إعلامية ودار نشر فى ظل حالة الطوارئ المعلنة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فى يوليو عام 2016.
الصحف الورقية مهددة بالتوقف
وبسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة للنظام التركى، أصبح الناشرون الأتراك يصارعون من أجل البقاء فى تركيا التى تستورد أوراق الكتب والصحف.
وقالت تقارير لسائل إعلام تركية، إن الناشرون يواجهون صعوبة فى الحصول على الورق المستورد بسعر مناسب، كما يواجهون مشكلة نابعة من الضرائب العالية وحقوق التأليف والنشر للكتب المترجمة التى تسدد بالعملات الأجنبية.
وفى حديثه مع النسخة التركية من موقع "دويتشه فيلة" الألمانى، أفاد رئيس اتحاد الناشرين التركى كنعان كوجاترك أن تركيا تنتج لب الورق عالى الجودة فقط، وأن هذا الإنتاج يعادل 3 % من السوق فقط، مؤكدًا أن تركيا تستورد الأوراق المستخدمة فى الصحف والكتب.
وأضاف كوجاترك أن قطاع النشر فى تركيا بات يعتمد على الاستيراد منذ خصخصة أول مصنع للأوراق فى تركيا "سيكا" بمدينة "إزميت" وإغلاقه فى عام 2005، مؤكدًا أن القطاع يعانى من مشكلات كبيرة نتيجة لارتفاع مؤشر العملات الأجنبية وتراجع مبيعات الكتب هذا العام.
وشدد كوجاترك على أن تركيا لا تنتج أوراق الكتب وأن سعر طن الورق ارتفع من 750 يورو إلى 900 يورو.
فيما تمر الصحف الورقية أيضًا بأيام عصيبة مثل دور النشر، ففى عددها الصادر فى الـ 21 من شهر أغسطس الجارى أعلنت صحيفة "أيدينليك" المعروفة بقربها لحزب "الوطن" توقف نسختها المطبوعة لمدة 3 أيام مضطرًا بسبب مشكلة الورق والنفقات المتزايدة.
ومن جانبه شدد رئيس تحرير صحيفة "أفرينسيل" فاتح بولات على وجود مشكلة ناجمة عن هذا الوضع بالنسبة للصحيفة التى تواصل مسيرتها بإمكانات متواضعة، مؤكدًا أنهم يحاولون عدم رفع سعر الصحيفة حتى آخر لحظة يمكنهم المقاومة فيها.
وفرضت حكومة أردوغان قيودًا على وسائل الإعلام من خلال فرض الغرامات التأديبية التى يتم تطبيقها بشكل انتقائى تجاه كل من يناهض الحكومة، كما تشن الحكومة حملات تشهير ضد الصحفيين وتقوم بعمليات احتجاز دون محاكمة لبعض الصحفيين بتهم الإرهاب، وصنفت لجنة حماية الصحفيين الدولية تركيا السنوات الماضية بأنها البلد الأول عالميا فى قمع الحريات الصحفية وسجن الصحفيين.