وتجلى هذا فى تضارب تصريحات جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى، مع تأكيدات مسئولين رفيعى المستوى بالبنتاجون بشأن الوجود الأمريكى فى سوريا، فقد قال بولتون خلال المشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لن نغادر سوريا طالما تتواجد القوات الإيرانية التى تشمل وكلاء وميليشيات فى خارج الحدود الإيرانية".
ومثلت هذه التصريحات اختلافا عن موقف البنتاجون الذى قال إن المهمة العسكرية الأمريكية فى سوريا ستنتهى بمجرد أن تهزم القوات المدعومة من الولايات المتحدة تنظيم داعش، وتقوم بتأمين المناطق التى خضعت لسيطرته، ولم تكن مواجهة القوات الإيرانية جزءًا من المهمة العسكرية الأمريكية حتى الآن، حيث لم يتلق الجيش بعد أوامر من البيت الأبيض لتغيير عملياته فى البلاد لمجابهة إيران.
وحاول وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس الحد من الجدل، وقال بعد ساعات من تصريحات بولتون إن المهمة العسكرية الأمريكية فى سوريا لا تزال تركز فقط على هزيمة داعش.
لكن صحيفة "واشنطن بوست" علقت قائلة، إن تصريحات مثل هذه التى صدرت عن اثنين من كبار المسئولين الأمنيين فى الولايات المتحدة أثارت أسئلة حول ما إذا كانت إدارة ترامب قد تبنت بالفعل سياسة جديدة بشأن سوريا.
ولذلك حرص مسئولو الدفاع الأمريكيين على التأكيد مجددا على أن مهمتهم فى سوريا تتعلق بداعش فقط، وقال موقع "ذا دايلى بيست" الأمريكى إن مسئولى البنتاجون أعربوا عن عدم توافقهم مع تصريحات مستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون.
وأشار الموقع إلى أن كبار مسئولى وزارة الدفاع الأمريكية كافحوا حتى لا يناقضوا تصريحات بولتون الأخيرة، وأكد هؤلاء المسئولين على أن الهدف الرئيسى للحرب هو هزيمة تنظيم داعش، لكن فى حين أن هذا الهدف أصبح أقرب مما كان عليه من قبل، فإن بولتون أشار إلى أن بقاء القوات الأمريكية سيدوم أكثر.
ونقل الموقع عن روبرت كارم، مساعد وزير الدفاع لشئون الأمن الدولى أمام لجنة الخدمات المسلحة الفرعية بمجلس النواب بالكونجرس، الأربعاء، إنه سيفصل الأهداف العامة لسياسة الولايات المتحدة عن أنشطتها العسكرية، وأوضح أنهم لا يسعون إلى حرب مع إيران، وأنهم لا يقولون بعمليات ضد إيران.
ودعمته تصريحات للجنرال سكوت بنديكت، الضابط رفيع المستوى فى هيئة الأركان المشتركة بالبنتاجون أمام نفس اللجنة، حيث قال إن هدف أمريكا فى سوريا هو محاربة داعش.
وبينما قال مسئولو البنتاجون إن بولتون لا يتحدث عن أى مهام عملياتية جديدة، فإنهم أشاروا إلى أنه يتحدث عن المراجعة الأحدث لنهج الإدارة الأمريكية إزاء سوريا، والمفارقة أنها تمنح إيران نفوذا كبيرا على وجود القوات الأمريكية.
وفى ظل التغييرات المفاجئة التى يقوم بها ترامب فى قضايا السياسة الخارجية بشكل عام، لا أحد يعرف حقيقة الموقف الأمريكى فى سوريا، وهل ستظل مهمة القوات الأمريكية مرتبطة بمحاربة داعش فقط، أم أن الأمر قد يمتد لمواجهة إيران، لاسيما فى ظل عداء ترامب المتزايد لطهران.