والسبب ربما يرجع إلى عدة أمور، منها عدم إدراك هؤلاء ما يعنيه إعلان الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى على المستويين المحلى والدولى.
مزايا عديدة على المستوى المحلى
فعلى المستوى المحلى يوفر الاكتفاء الذاتى من الغاز نحو 250 مليون دولار، كنا نستورد بهم غاز شهريا، بما يعادل نحو 27 مليار جنيه سنويا. هذا معناه إننا سنقلل عجز الموازنة بنحو 27 مليار جنيه سنويا.
ومحليا معناه أن تخوف المستثمرين من التوسع فى الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة أصبح من الماضى، مما يدفعهم إلى التوسع دون خوف.
ومعناه أيضا أن الخسائر التى كانت المصانع تتكبدها جراء توقف ضخ الغاز، أو انقطاع الكهرباء نتيجة قلة الغاز فى المحطات مضى إلى غير رجعه.
كل تلك المعطيات السابقة تقودنا إلى نظرة إيجابية للاقتصاد المصرى فى مختلف الأوساط الاقليمية والدولية، وتمنح مصر أفضلية لجذب المزيد من الاستثمارت فى الصناعات كثيفة الطاقة، وهى فى الوقت نفسه تكون كثيفة العمالة، مما يضرب عصفورين بحجر واحد كما يقال، الأول ثقة فى الاقتصاد والثانى الحد من البطالة.
من المهم أيضا أن نعلم أن الاكتفاء من الغاز، معناه توصيل الغاز الطبيعى إلى كل بيت فى مصر، بعد أن بلغ عدد الوحدات التى تم توصيل الغاز لها 9 ملايين وحدة.
قد يقول البعض وإيه يعنى توصيل الغاز للمنازل فأنابيب البوتاجاز متوفرة؟
أقول لهؤلاء أن توصيل الغاز للمنازل يوفر نحو 187 مليون دولار شهريا نستورد بهم بوتاجاز من الخارج، لأننا ننتج فقط 50% من احتياجاتنا البالغة 4.5 مليون طن سنويا حجم استهلاكنا.
صدقنى عزيزى المواطن المصرى المحب لبلده، من حقنا أن نفرح بذلك، بل وأن ندعو الحكومة إلى ضخ المزيد من الاستثمارت عبر القطاع الخاص والشركات العالمية للتنقيب والبحث عن الغاز وعن البترول، فلربما تأتى الرياح ولو مرة واحدة بما تشتهيه السفن، ويتم اكتشاف 4 أو 5 اكتشافات غازية وبترولية تنقل مصر إلى مكانة أفضل اقتصاديا، وتنهى تماما على عجز الموازنة وعلى اعوجاج الميزان التجارى.. ربنا كبير وهو حامى مصر من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأنتم تعلمون ما أكثرها سواء داخل الوطن أو خارجه.
ثقل عالمى لمصر وخطوة نحو التصدير
أما تداعيات القرار على المستوى الدولى، فهى تداعيات كثيرة لعل أهمهما أن غاز بإيدك، وهو مغزى كبير فلا أحد يمكنه مساومة احتياجك للغاز بمواقف سياسية معينة، وهو أمر ليس بعيدا عنا، بالفعل تعرضنا من بعض الأشقاء العرب إلى مساومات وتلويحات بقطع إمدادات الطاقة نظير مواقف سياسية اتخذتها مصر من واقع رؤيتها لواقعها العربى والاقليمى والأمن القومى، وهو ما اتضح بالفعل أن القرار المصرى كان القرار السليم بدليل ما حدث فى سوريا فيما بعد.
الأمر الهام أيضا أنه يمكن توجيه ما يتوفر من استيراد الغاز نحو 250 مليون دولار فى استيراد بعض الاحتياجات الأساسية الأخرى مثل بعض الأدوية أو استيراد "نو هاو" من الخارج أو حتى استثمار ذلك فى مشروعات الأمل التى يتم بناؤها فى كل ربوع مصر.
وبجانب ذلك فإن معنى الاكتفاء المصرى من الغاز، هو بمثابة رسالة قوية لكل الجيران لأنه يمنحنا ثقل إقليمى كبير فى المنطقة، كما يحولنا إلى سوق كبير للغاز، وما أدراك ما الغاز واحتياج أوروبا تحديدا له.
الأهم - الذى أراه- أن تحقيق الاكتفاء الذاتى إنما هو خطوة نحو التصدير وهذا معناه إنه يمكن لنا أن نصدر بنفس المبلغ اتلذى نوفره شهريا، أو ضعفه على الأقل فى العامين المقبلين، وبالتالى توفير نحو 6 مليارات دولار سنويا تحسن كثيرا من وضع الاقتصاد المصرى وفى تحسين ميزانه التجارى فى ظل ظروف اقتصادية صعبة.
إن إعلان الحكومة الاكتفاء من الغاز يحتم علينا أن نوجه الشكر إلى الرجل الذى أعلن وأوفى، الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى يضحى بشعبيته من أجل انقاذ بلاده واتخاذ قرارات صعبة خشى الرئيس الأسبق حسنى مبارك اتخاذها بحجة خوفه من رد فعل الشارع، وذلك بشهادة الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق.
شكرا للحكومة، وشكرا لشركاء مصر على ثقتهم، منتظرين المزيد من الكشوف.