تسعى القيادة السياسية إلى توفير وحدة سكنية لكل مواطن من الـ100 مليون مواطن الذين يعيشون فى مصر، وهو أمر يؤكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مختلف المناسبات، ويوجه الحكومة من خلال أجهزتها التنفيذية، وعلى رأسها وزارة الإسكان لتنفيذ ذلك، فيما تؤكد الإحصائيات الرسمية، أن الزيادة السكانية فى مصر وكثرة حالات الزواج والطلاق تتطلب توفير أكثر من 900 ألف وحدة سكنية فى العام بتكلفة حوالى 180 مليار جنيه، فى حين أن ما يتم إنتاجه من وحدات سكنية سواء من قبل الدولة والقطاع الخاص معًا لا يتجاوز الـ100 ألف وحدة فى العام.
فى هذا الإطار، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان، فى تصريحاته دائمًا، أن الوزارة لن تتوقف عن بناء الوحدات السكنية للمواطنين عقب تنفيذ المليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل، لافتًا إلى أن قانون الإسكان الاجتماعى الذى أقره البرلمان بتعديلاته الأخيرة يهدف لاستمرارية ضمان الدولة توفير وحدات سكنية لمحدودى الدخل، ولا يوجد حد أقصى للوحدات المستهدف تنفيذها، مشيرًا إلى أن ما تم إنجازه فى المشروعات السكنية أضعاف ما تم فى عشرات السنين، وأنه كلف كل رؤساء الأجهزة ونوابه بهيئة المجتمعات العمرانية بالاستمرار فى بناء وتجهيز الوحدات لأكثر من فئة، وتابع: «إحنا مش هنبطل شغل.. ومش هنبطل بناء وحدات إسكان اجتماعى حتى نوفر وحدة لكل مواطن تنطبق عليه الشروط».
ويحتاج توفير وحدة سكنية لكل مواطن فى مصر حلولًا غير تقليدية، فضلا عن تضافر جهود الدولة مع القطاع الخاص للوصول إلى حلول نهائية لهذه الإشكالية، وهو ما أكد عليه المهندس محمد البستانى، المطور العقارى، مشيرا إلى أنه يجب التدرج فى مساحات الوحدات السكنية، إلى جانب توفير أراضٍ للمواطنين بسعر المرافق وتكون هذه الأراضى ذات كثافة عالية، شاملة الخدمات المختلفة من أسواق وخدمات تجارية وإدارية، فضلًا عن توفير أراضٍ للمطورين بأسعار منخفضة بحيث يكون لهؤلاء المطورين دور فى إنشاء وحدات سكنية منخفضة التكاليف للفئات محدودى الدخل.
وأشار المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس شعبة الاستثمار العقارى، إلى أن توفير وحدة سكنية لكل مواطن يتطلب الكثير من المبادرات بين الدولة والقطاع الخاص، مبينًا أن الشعبة كانت تقدمت بمبادرة للحكومة متمثلة فى وزارة الإسكان لتوفير 500 ألف شقة لمتوسطى الدخل بمساحات 120 مترًا، بأسعار مخفضة، مؤكدًا أنه يجب ألا تزيد قيمة مكون الأرض من التكلفة الاستثمارية العقارية عن %20 لتوفير وحدات سكنية مخفضة ومواجهة إشكالية ارتفاع الوحدات السكنية، لافتًا إلى أن هذه النسبة لمكون الأرض من تكلفة المشروعات تصل إلى %30، مما يؤدى إلى تحمل المستثمر أعباءً مالية مرتفعة غير مستغلة.
وأوضح أن مصر تحتاج إلى مئات من المدن الجديدة لاستيعاب التزايد السكانى والنمو الاقتصادى اللذان يتطلبان توافر وحدات سكنية وتجارية بصفة منظمة.
وبدوره، طالب ماجد عبدالفضيل، المطور العقارى، بضرورة التنسيق بين المستثمرين والوزارة وهيئة المجتمعات العمرانية، لتشجيع المستثمرين على زيادة الخدمات، وتقديم محفزات استثمارية تجتذب شريحة أكبر من المطورين العقاريين الذين يساهمون فى توفير فرص عمل للمواطنين، وتساهم فى تحقيق المخططات التنموية للدولة، لافتًا إلى أن الاقتصاد المحلى أصبح على الطريق السليم حاليًا، وهو ما يدعم استمرار عمله خلال الفترة المقبلة، فيما لفت نائب رئيس غرفة التطوير العقارى أمجد حسانين، إلى ضرورة استغلال الوحدات المغلقة، التى تصل إلى نحو 12 مليون وحدة.
وأوضح المهندس علاء فكرى، عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقارى، أن فتح الوحدات المغلقة سيسهم فى استغلال الثروة العقارية بمصر، وكذلك دفع التنمية والعمران داخل مدن المجتمعات الجديدة، التى أسهم شراء عدد كبير من الوحدات بها بغرض الاستثمار أو السكن المستقبلى فى تباطؤ تحقيق معدلات التنمية المستهدفة.
أثرت الزيادة السكانية على جميع القطاعات التنموية، ومعدل التنمية كما أثرت على المنظومة التعليمية، بزيادة أعداد الطلاب كل عام بعدد كبير جدًا أضعاف السنوات الماضية، مما أحدث أزمة الزيادة الطلابية والتكدس الطلابى داخل الفصول، حيث وصل عدد الطلاب داخل الفصل الواحد فى بعض المناطق إلى 120 طالبًا، وهو ما يعرقل العملية التعليمية من جانب الطلاب والمعلمين، وهو ما تستهدف الحكومة القضاء عليه وتقليل التكدس الطلابى. وقد أكد وزير التعليم، الدكتور طارق شوقى، أننا نحتاج إلى 260 ألف فصل، بتكلفة 130 مليار جنيه حتى يمكننا استيعاب الكثافة الحالية، ناهيك عن مئات الآلاف الذين ينضمون سنويًا.
وبالرغم من أن حصول الطالب على فرصة تعليمية متميزة مجانية هو حق كفله الدستور، لكن دائمًا ما يواجه تطوير التعليم انخفاض الميزانية المخصصة للبرامج التعليمية، مما يؤدى إلى ضعف الخدمة، فيما تحاول وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، الحصول على بعض المنح ومساهمات من مؤسسات المجتمع المدنى، وأيضًا رجال الأعمال والصناعة فى مصر لتطوير المؤسسات التعليمية وتحقيق جزء من متطلبات المنظومة التعليمية.
ميزانية وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، خلال العام الجارى وصلت إلى قرابة 89 مليار جنيه، حسب بيانات وزارة التعليم، هى هى ميزانية التعليم قبل الجامعى، وتشمل ديوان عام الوزارة و27 مديرية تعليمية وبعض المراكز والجهات الأخرى التابعة لوزارة التربية والتعليم، وتستهلك الرواتب جزءا كبيرا من الميزانية، حيث يبلغ عدد المعلمين والإداريين حوالى 2 مليون موظف، وتشير المصادر إلى أن هناك وعدًا بزيادة الميزانية إلى 92 مليارًا، حيث إن هناك محاولات خلال الوقت الراهن للحصول على 3 مليارات جنيه. خاصة أن الوزارة أعدت برامج تعليمية قبل تخصيص الميزانية تحتاج إلى 128 مليار جنيه، وطالبت بتخصيص هذه المبالغ من قبل وزارة المالية، ولكن تمت الموافقة فقط على 89 مليار جنيه.
وأشارت المصادر إلى أن ميزانية التعليم قبل الجامعى ارتفعت خلال السنوات القليلة الماضية، وكل عام ترتفع عن العام الذى يسبقه بسبب دعم الدولة لقضية التعليم.
من جانبه، قال الدكتور رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم الأسبق بوزارة التربية والتعليم، إن قضية حصول الطالب على تعليم متميز يحتاج إلى مبالغ كبيرة هى عبارة عن تخصيص ما نص عليه الدستور المصرى من نسبة للتعليم والتى وصلت إلى %4 من الناتج القومى، لافتًا إلى أن التعليم المتميز مكلف، فلو نظرنا إلى ما تقدمه بعض المؤسسات التعليمية فى مصر من خدمة تعليمية متميزة يسدد ولى الأمر فى مقابلها مبالغ تبدأ من 10 آلاف فما فوقها، وتصل إلى 50 ألفًا وأكثر من ذلك.
وأضاف رئيس قطاع التعليم الأسبق، أن التعليم المتميز مكلف، لافتًا إلى أنه لو تم تخصيص ما نص عليه الدستور المصرى سوف تحقق المبالغ المالية طموحنا وما تسعى إليه الدولة من الارتقاء بجودة التعليم ومنافسة الخريج فى سوق العمل.
وأشار رئيس قطاع التعليم العام، إلى أنه رغم قلة المبالغ المخصصة للتعليم والتى تصرفها معظمها على المرتبات، إلا أن الدولة ووزارة التربية والتعليم تحاول توفير دخل بديل للتعليم من مصادر أخرى، منها رفع الدعم عن بعض السلع لتوجيهها إلى التعليم، إضافة إلى توفير دعم خارجى سواء منح لا ترد من دول خارجية أو قروض ميسرة، لتخفيف العبء عن ميزانية الدولة وتلبية لمتطلبات العملية التعليمية، موضحًا أن الميزانية ارتفعت فى عهد الرئيس السيسى وأفضل مما سبقها.
وأكد رئيس قطاع التعليم العام الأسبق، أنه لو تم توزيع ميزانية التعليم قبل الجامعى على عدد الطلاب فى المدارس والذى وصل قرابة 20 مليون طالب، سنجد أن الدولة تصرف من 4 إلى 5 آلاف جنيه سنويًا على تعليم الطالب فى المدارس الحكومية فى المقابل يكلف الطالب فى المدارس الخاصة والدولية أكثر من 10 آلاف جنيه.
حذر خبراء الاقتصاد من الزيادة السكانية بمعدلات كبيرة، مما يؤدى إلى عرقلة التنمية والإصلاح الاقتصادى، وتحميل الموازنة العامة للدولة أعباء مالية كبيرة، لا تقوى على تحملها الدولة، مؤكدين أن زيادة السكان بوضعها الحالى التى تسجل نسبة %2.56 سنويا تحتاج معدل نمو اقتصادى سنوى بنسبة لا تقل عن هذه الزيادة لتحقيق هدف المحافظة على مستوى الاقتصادى الحالى بدون تدهور.
من جانبه قال الدكتور فخرى الفقى، مساعد مدير صندوق النقد الدولى السابق، إن الزيادة السكانية نار تلتهم ثمار الإصلاح الاقتصادى، موضحا أن معدل النمو السكانى يتغلب على كل مخصصات الدعم التى توفره الدولة للمواطنين، كما تزيد من أعباء الدولة فى توفير مسكن وتعليم مناسب للمواطنين.
وأكد الفقى، أن مواجهة الزيادة السكانية يتطلب أولا تحقيق معدل نمو فى الناتج المحلى الإجمالى على أقل تقدير ضعف المعدل السكانى، إذ أن معدل النمو السكانى حالياً يصل إلى 2.5 مليون نسمة سنوياً، فى حين حققت الحكومة ما يزيد عن %5 العام المالى الماضى، أى أن نسبة %2.8 فقط متبقى لتحسين مستويات المعيشة للمواطنين، وثانيا إجراءات مشددة لتنظيم الأسرة لمواجهة الزيادة السكانية.
وحول كيفية تحقيق زيادة فى معدل النمو لمواجهة الزيادة السكانية، قال الفقى، إن الحل فى أولا استدامة تحقيق معدل نمو فى الناتج المحلى ضعف المعدل السكانى، وهو ما يتطلب ضخ استثمارات ضخمة لا تقل عن نسبة %20 من الناتج المحلى، فى الوقت الذى يصل فيه حجم المدخرات المحلية %13 من الناتج المحلى، وهى نسبة ضعيفة جداً لتحقيق استثمارات تحقق معدل نمو، فى مقابل الصين مثلا لديها حجم مدخرات %35 تحقق معدل نمو اقتصادى %8، وثانيا تبنى إجراءات مشددة لتنظيم الأسرة.
واتفق الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، مع الراى السابق، مؤكدا أن الزيادة السكانية فى مصر بوضعها الحالى تحتاج ارتفاعا كبيرا فى معدلات النمو للبلاد بشكل سنوى من أجل الصمود ومواجهة هذا الارتفاع المطرد فى عدد السكان.
وأشار رشاد عبدة، إلى أنه يمكن أن تكون هناك معدلات نمو مرتفعة لكن يصاحبها زيادة مطردة فى السكان وهو ما قد يُحدث أزمة، والفيصل هنا هو كيفية الاستفادة من هذه الزيادة وتوجيهها بصورة صحيحة بما لا يكون عائق أمام التطور والنمو الاقتصادى فى البلاد، لافتا إلى أن الزيادة السكانية «مصيبة» فى مثل هذه الظروف لكنها فى المطلق، الزيادة السكانية، ليست أزمة فى حد ذاتها والدليل أن ألمانيا وهى أكبر اقتصاد فى أوروبا فتحت بابها واستقبلت مليون لاجئ من أفريقيا، لأنها افتقرت للثروة البشرية لفترة معينة.
وحول كيفية التعامل مع الزيادة السكانية فى ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة، قال عبده: «نحن فى حاجة إلى سياسات لتوظيف طاقات الشباب لكن، وبالتزامن مع ذلك نحتاج برامج قوية للتوعية بأزمة الزيادة السكانية وضرورة الحد منها ومنذ فترة طويلة لم نسمع عن أى برامج توعية فى الريف والصعيد، وكذلك الإعلام ليس له دور فى توعية الناس بخطورة الزيادة السكانية والأزمة التى تسببها فى الأوضاع الحالية».
وقالت الدكتورة نور الشرقاوى الخبيرة الاقتصادية، إن الزيادة السكانية تستلزم تنمية الموارد بمعدل يفوق معدل نمو السكان لتلبية احتياجات الاستهلاك المتزايدة، لأن زيادة السكان تؤدى بالتبعية إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك فى ظل معدلات إنتاج منخفضة بجانب زيادة الاستيراد وانخفاض عمليات التصدير، مما يؤثر سلبا على الميزان التجارى وأيضا زيادة القروض الخارجية للدولة لمواجهة احتياجاتها المطردة، ونمو جانب المصروفات وضعف جانب الإيرادات بالتالى زيادة نسب العجز بالموازنة العامة للدولة كنتيجة طبيعية لزيادة السكان دون إدارة حقيقية لهذا الملف.
وتابعت نور الشرقاوى، أنه لابد أن تؤسس مصر مشروعاً قومياً متكامل لمواجهة الزيادة السكانية يتضمن سن مجموعة من القوانين الملزمة فى هذا الشأن، على أن يتم بناء هذا المشروع على نشر الوعى المجتمعى بين الأسر بضرورة بتنظيم عملية الإنجاب، وخفض نسب الأمية والبطالة كما يجب تحسين وضع الاهتمام بمتابعة وتقييم الخطط والقوانين بصورة ترفع كفاءة نظم المعلومات والسكان، لأن الوضع الحالى يحتاج تدخلا عاجلا للحد من هذه الزيادات فى معدلات السكان.
فيما شدد محمد أبو الغيط، خبير الاستثمار، على أهمية السيطرة على معدل النمو السكانى فى ظل معدلات النمو الاقتصادية الحالية أو حتى التى يمكن تحقيقها، لأنه بدون تخطيط للزيادة السكانية فسوف تلتهم أى معدلات نمو، إذ إنها ظاهرة مرتبطة بشكل طردى مع الفقر، حيث تعتبر المحافظات الأكثر فقراً فى صعيد مصر هى المحافظات الأعلى فى نسبة الزيادة السكانية، وهى محافظات ظلت مهملة لسنوات طويلة، ولم تلق اهتماماً الا فى الآونة الأخيرة.
وأضاف أبو الغيط، أن تركيز الدولة على تنمية المناطق الفقيرة اجتماعياً وصحياً واقتصادياً بشكل مباشر عن طريق حوافز الاستثمار والضرائب وغيرها، وذلك حتى لا يضطر ساكنى هذه المناطق للانتقال للمدن الأخرى أو الهجرة غير الشرعية أو الاضطرار للانخراط فى اتجاهات غير محمود تحت ضغط اليأس والعوذ.
وعن تأثير الزيادة السكانية على موازنة الدولة، أكد أبو الغيط، أنها إحدى المشاكل الكبرى خاصة وأنها غير مخططة، حيث يصاحبها عادة تدفق مستمر للسكان من الريف والصعيد للمدن الرئيسية، وبالتالى اكتظاظها بالسكان، مما يؤثر سلباً للتوسع العمرانى على حساب الأراضى الزراعية، بخلاف آثاره الواضحة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية بحيث يزداد الطلب على المواد الغذائية والحياة.
وعن رؤيته لمواجهة الزيادة السكانية، أكد أهمية أن تواجه الحكومة هذه المشكلة، من خلال توعية الأسر الفقيرة بتنظيم الأسرة، وعمل برامج توعية للأسر مع محاربة عمل الأطفال فى سن مبكرة، مع زيادة معدلات النمو بأقصى قدر ممكن.
قال أعضاء لجنتى الشؤون الاقتصادية والخطة والموازنة بمجلس النواب: إن تغطية المتطلبات المعيشية لـ100 مليون مصرى تحتاج إلى 12 تريليون جنيه سنويا، مشيرين إلى أن هناك تحديات تواجه تحقيق ذلك، وعلى رأسها الزيادة السكانية التى تلتهم كل محاولة للنهوض بالاقتصاد المصرى.
وأوضح الدكتور أشرف العربى، وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أن حجم المصروفات بالموازنة العامة للدولة بالعام المالى الجارى 2018/2019 يبلغ نحو تريليون و400 مليار جنيه، مشيرا إلى أن عدد سكان مصر الذى تخطى الـ100 مليون نسمة يحتاج إلى خدمات صحية وتعليمية وصرف صحى وبنية تحتية وخلافه، وجميعها تصل تكلفة تغطيتها إلى 12 تريليون جنيه مصروفات بالموازنة العامة للدولة، ما يعنى أننا بحاجة إلى من 10 إلى 12 ضعف حجم المصروفات بالموازنة الحالية.
أضاف العربى لـ«برلمانى» أن أى زيادة فى الإنفاق على خدمات الصحة والتعليم والدعم والبنية التحتية ستتآكل بسبب الزيادة السكانية المستمرة، مؤكدا أن الزيادة السكانية من أخطر التحديات التى تواجه النمو والإصلاح الاقتصادى فى الدولة المصرية، معتبرا أنه لن تكون هناك حلول فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة سوى بالتوعية، مشيرا إلى أن التوعية تتم عبر حملة قومية ضخمة ومستمرة فى وسائل الإعلام والجامعات والمداس والمصالح الحكومية والشركات، وتوعية السيدات بوسائل تحديد النسل، مشيرا إلى أن الزيادة السكانية هى أول وأكبر تحدى فى برنامج الحكومة، لافتا إلى إمكانية مواجهة هذا الخطر الداهم الذى يُهدد فرص النمو الاقتصادى أيضا عبر مجموعة من الحوافز، من بينها على سبيل المثال أن تتحمل الدولة %50 من تكلفة المصروفات المدرسية للطفل إذا كانت الأسرة لديها طفل واحد، وأن تتحمل %25 من المصروفات المدرسية إن كانت الأسرة لديها طفلين، أما الطفل الثالث فيُرفع من عليه الدعم نهائيا.
وقال وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان: إن الإنفاق على الخدمات من كهرباء ومياه وطرق ومواصلات، يتم تمويله من الموازنة العامة للدولة، محذرا من استمرار الزيادة السكانية بهذا الشكل الخطير، قائلا: «إذا استمرت الزيادة السكانية بهذا الشكل سنصل إلى مرحلة أنه لا حكومة ولا قطاع خاص سيستطيع الإنفاق على البنية التحتية».
وبدوره لفت النائب محمد بدراوى، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إلى أن الدولة المصرية تشهد زيادة سنوية فى السكان بمعدل %2.5، بمعنى زيادة 2 مليون و500 ألف نسمة سنويا، مشيرا إلى أن معدل النمو الاقتصادى يبلغ نحو %5.3، وأنه حتى يتم استيعاب معدل الزيادة السكانية، لا بد أن يكون معدل النمو 3 أضعاف المعدل السكانى بواقع %7.5، مضيفا أن الحل لمواجهة الزيادة السكانية إما زيادة النمو أو تقليل معدل الزيادة السكانية، وزيادة النمو الاقتصادى المحلى عملية صعبة، حيث إنه وفقا لصندوق النقد، فإن التوقعات قد تصل إلى %5.5 وهو ما يتطلب أن معدل النمو السكانى يكون أقل من %2.
وتابع بدراوى أن استمرار الزيادة السكانية يجعل الدولة غير قادرة على توفير الدعم الكافى، وينعكس على عدد من المحاور الرئيسية ومنها محور التعليم، حيث لا تستطيع توفير مقاعد ومدارس للتلاميذ، وكذلك الحالة بالنسبة لتوفير الرعاية الصحية، حيث لا تستطيع توفير مستشفيات جديدة إضافية كما ينعكس على توفير فرص عمل، وبالتالى يزيد من نسب البطالة، مؤكدا أن خفض الزيادة السكانية ليس رفاهية ولكنها ضرورة لمواجهة المشاكل المرتبطة بها والتأثيرات السلبية على الدولة، متابعا: نحتاج لـ400 مليار جنيه إضافية بالموازنة وهى قيمة العجز لمواجهة الزيادة السكانية التى تلتهم موارد الدولة.
واتفق النائب والخبير الاقتصادى الدكتور محمد فؤاد مع الآراء السابقة، مؤكدا أن الزيادة السكانية أكبر خطر يواجه مصر، ويتسبب فى مشاكل كبيرة بالدولة المصرية، لأن سياسة جمهورية مصر العربية التى توارثتها الأجيال منذ الستينيات مبنية على وجود دور موسع للدولة فى أكثر من ناحية، وأولها الدعم، بمعنى أن الدولة مسؤولة عن التعليم والرعاية الصحية ودعم المواد البترولية ومنظومة دعم التموين، وقال فؤاد: إنه فى ظل الزيادة السكانية ووصول التعداد السكانى إلى 100 مليون مواطن مع التزام الدولة بالدعم، فإن ذلك يزيد من الضغط على الموازنة العامة للدولة، مضيفا: على سبيل المثال وجود %32 من السكان تحت خط الفقر يمثل رقما كبيرا ضاغطا على الموازنة العامة، فى حين أن هناك 70 مليون مواطن يحصلون على الدعم التموينى، ومن المفترض أن يحصل عليه 32 مليون فقط.
وتابع عضو مجلس النواب بأن الفكرة العامة لدى العالم بشكل عام أن ارتفاع معدلات النمو السكانى يرتبط ارتباطا وثيقا بانتشار الفقر، لأن ذلك يحول دون قدرة الدول على توفير الأموال اللازمة لدفع الاستثمار بشكل يحقق النمو الاقتصادى السريع، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى اعتماد اقتصاديات الدول ذات النمو السكانى العالى على فكرة الاقتراض من الدول الأخرى المتقدمة التى لا تعانى من أزمة النمو السكانى.
من جانبه، أكد المهندس ياسر عمر شيبة، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الزيادة السكانية بوضعها الحالى تلتهم كل جهود التنمية وخطوات الإصلاح الاقتصادى التى تبذلها الدولة المصرية، لافتا إلى أن الدولة تستهدف معدل نمو اقتصادى %5.5، فى حين أن معدل الزيادة السكانية يبلغ %2.5 سنويا، مضيفا: فى ظل معدل الزيادة السكانية فى مصر التى تُقدر بـ2.5 مليون نسمة سنويا، نحتاج إلى توفير مليون فرصة عمل سنويا كحد أدنى، لافتا إلى أن الفرصة الواحدة تتكلف من مليون إلى 10 ملايين جنيه، ما يعنى أن الدولة مُطالبة بتوفير تريليون جنيه سنويا لخلق فرص العمل لـ%40 من الزيادة السكانية السنوية فقط.