وشهدت مناقشة أزمة البطاطس، جدلاً لاسيما بعدما قال ممثل وزارة التموين أسامة محمود، إن الوزارة متهمة بتحفظها على جميع ثلاجات تجار البطاطس وهذا أمر غير صحيح، وأن التلاجات المتحفظ عليها هى غير المرخصة فقط، حيث هاجم اللواء هشام الحصرى وكيل لجنة الزراعة وزارة التموين، مؤكدًا أنها اتخذت إجراءات عشوائية للتحفظ على ثلاجات البطاطس فى المحافظات وأنها صادرت بطاطس بثلاجات مرخصة وورقها سليم، فى الوقت الذى تساءل النائب رائف تمراز، هل القانون ينص على مصادرة محتويات الثلاجة غير المرخصة أم تحرر محضر فقط؟، ليعود ممثل الوزارة لحديثة قائلاً "لا أقوم سوى بجمع معلومات عن واقعة وتوصيفها وإرسالها للقضاء ومن ثم تقوم النيابة العامة بالتحفظ على البطاطس داخل الثلاجات وليس وزارة التموين".
وجاءت كلمة وزير الزراعة الدكتور عزالدين أبو ستيت، لتثلج صدر النواب قليلاً، لاسيما بعدما قال بعد الاستماع لحديث النواب فى شأن أزمة البطاطس، إنه سيتخذ قراراً بإلغاء تطبيق القرار الوزارى رقم 669 لسنة 1991 بشأن تخزين البطاطس بالثلاجات والذى أصدره الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأسبق بتاريخ 28 مايو 1991، الأمر الذى قابله أعضاء مجلس النواب من لجنة الزّراعة بالتصفيق، موجهين الشكر للوزير على قراره.
وأوضح وزير الزراعة، أن ما حدث فى موضوع البطاطس مسئولية جهات متعددة، مشيراً إلى أن بيان الطمأنة الذى أصدره الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة، رسالة إيجابية لجميع الاطراف وكان لها صدى لدى الجميع، مشيراً إلى تأكيد رئيس الوزراء خلال اجتماع عقده بحضور وزراء التموين والزراعة والصناعة فى حضور رئيس جهاز حماية المنافسة، أهمية التنسيق التام على جميع الجهات المعنية قبل اتخاذ أى إجراءات أو تدخلات وكانت أحد تكليفاته ليا شخصيا إعداد لأول مرة فى مصر خريطة زراعية.
وأكد وزير الزراعة، أننا لن نستطيع العودة للدورة الزراعية بكل إيجابيتها وسلبياتها، كاشفاً عن إعداد خريطة زراعية للدولة على مدار العام سيتم الانتهاء منها خلال 3 أسابيع، وتستند إلى احصائيات عن السنوات الخمس الماضية، ومتوسط الإنتاج، والفجوات بين العروات فى أى شهور من شهور السنة، والتكلفة الإنتاجية لكل محصول وفقا لمعادلات إحصائية، وذلك بهدف الانتقال من مرحلة "رد الفعل" إلى الفعل، وتكون أمام صانعى القرار بما يمكنهم من اتخاذ الإجراءات الاستباقية بحيث لا يكون هناك مشاكل فى الأسعار.
وفى سياق متصل أكد وزير الزراعة، أهمية وجود كيان مجتمعى لحماية المستهلكين على غرار الحال فى دول العالم المتقدمة، يحدد الحدود السعرية وفقا للتكلفة الإنتاجية التى يتم إعلانها، مع تحديد هامش ربح المزارعين، متابعا: عندما يرتفع سعر أى سلعة بشكل مبالغ فيه نتوقف عن شرائها.
وأضاف أبو سيت، أنه يجب العمل وفقا لاستراتيجية تقوم بأن المسئول عن حماية المستهلك هو المستهلك نفسه وليس الحكومة فقط، متابعا: "لا بد أن يكون للمستهلك رأى وقرار مسموع لتنظيم الأسواق قبل اللجوء للحكومة ممثلة فى وزارة التموين أو الزراعة.. لكن ما لدينا حاليا، ليس ذلك فالحكومة هى ماما وبابا وبنجرى عليها لكى توجد لنا الحلول".
وتابع أبو ستيت: "أننا نعيش آليات السوق الحر، فلابد للمستهلك أن يدافع عن حقة وأيضا التاجر وكذلك الأمر بالنسبة للمنتج وبذلك يحدث توازن للمنظومة، وعلى الحكومة المساعدة فى إحداث هذا التوازن، نحن نتحدث عن المسئولية التضامنية".
وشدد أبو ستيت، فى حديثة أمام لجنة الزراعة بمجلس النواب على أهمية دور الإعلام ومجلس النواب فى توعية المواطنين، مشيراً أيضا إلى دور التعاونيات فى دعم الفلاحين، واقترح إنشاء صندوق لدعم الفلاح أو المزارع.
من جانبه قال رجل الأعمال على عيسى رئيس جمعية منتجى البطاطس، إن إنتاجية المحاصيل الزراعية "ضعفت" خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن أزمة نقص المنتجات لا تقتصر على البطاطس فقط، قائلا: "كيلو الفول بـ25 جنيها والفاصوليا البيضاء بـ35 جنيها ومش لاقينها والعدس برضو مش موجود فى الأسواق ومحدش بيتكلم".
وألقى "عيسى"، باللوم على وسائل الإعلام فى تسببها إحداث بلبلة مما أثر بشكل مباشر فى حدوث أزمة البطاطس رغم أن الموضوع لم يكن بهذا الحجم الضخم.
تحدث أحمد الشربينى رئيس الجمعية العامة للبطاطس عن الأزمة قائلا: إنهم طلبوا فى يناير الماضى بإسقاط الديون عن مزارعى البطاطس بعد الخسائر التى تعرضوا لها العام الماضى، إلا أن الحكومة والوزير السابق لم يردوا عليهم، مشيراً إلى أن ما تبقى من العام الماضى تم إعدام أكثر من 14 ألف طن منها كانت مخزنة كتقاوى، بجانب سوء الأحوال الجوية بداية العام الحالى والعاصفة الترابية التى اقتلعت المحاصيل من الأرض وأعدمت محصول البطاطس.
وأضاف "الشربيني" أن المخزون من البطاطس كان أقل 50% عن مخزون العام السابق، ومع تصعيد الأمر فى وسائل الإعلام دون التحقق من المنتجين، اتخذت السلطة التنفيذية قراراً تصعيدياً بمصادرة البطاطس من المخازن، وأصبح مخزنى البطاطس وكأنهم حائزى متفجرات يتم مطاردتهم، ووصلت الأمر للسخرية من حائزى البطاطس إنه من يتم القبض عليه بـ5 كيلوجرامات بطاطس ستوجه له تهمة الاتجار، وحائز 3 كيلو بطاطس ستوجه إليه تهمة تعاطى البطاطس.
وطالب "الشربيني" بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح والسماح للمزارعين بتخزين ما يكفيهم للزراعات المقبلة، وإسقاط ديون العام الماضى، والإفراج عن من تم القبض عليهم بتهمة تخزين بطاطس، قال إنها مخزنة كتقاوى، ولكن رجال الضبطية لا يفرقون بين بطاطس الاستهلاك وبطاطس التقاوى "كلها عندهم بطاطس".
وانتهت لجنة الزراعة فى ختام مناقشة أزمة البطاطس إلى عدد من التوصيات الهامة فى ضوء مطالبات النواب، وفى مقدمتها التوصية بالإفراج عن كميات البطاطس التى تحفظت عليها وزارة التموين، حتى يتمكن المزارعون من استخدامها فى زراعة محصول البطاطس العام المقبل، وضرورة التنسيق بين وزارة التموين والمحافظين، فى أى إجراءات تتخذها، تجاه المزارعين، وأن يكون ذلك وفقا لتحريات حقيقية، وأخيراً وضع خطة حكومية واضحة للزراعات والمساحات المتوقعة من كل محصول، منعا لحدوث أزمات مفاجئة.
ومن أزمة البطاطس إلى إشكالية تضرر مزارعى الطماطم بعدد من المحافظات بسبب فساد التقاوى من صنف (023) المستور، أوصت لجنة الزراعة بمجلس النواب، برئاسة النائب هشام الشعينى، بعد الاستماع إلى كافة الأطراف، بعده توصيات فى مقدمتها مطالبه الحكومة بوقف استيراد بذور الطماطم الفاسدة من صنف (023) التى تسببت فى تلف عروة الطماطم بسبب وجود فيروس أضر بالزراعات فى مصر.
من جانبه، أعلن وزير الزراعة الدكتور عزالدين أبو ستيت، الاستجابة لمجلس النواب، ووقف استيراد بذور الطماطم من صنف (023) بعد ثبوت اصابتها بفيروس، وذلك لحماية المواطن المصرى والحفاظ على الأراضى الزراعية من أى فيروسات تضر بالتربة.
وقال أبو ستيت، إن لجنة التقاوى بالوزارة اتخذت قراراً بالإجماع بوقف استيراد صنف (023) من بذور الطماطم، لحين إعادة تقييمه مرة أخرى من الناحية العلمية وذلك بعدما ثبت تطابق البصمة الوراثية خلال الفحوص التى أجريت بشأن الصنف بنسبة 96.3%.، مشيراً إلى الوزارة تعمل بشكل مؤسسى، فلا يملك الوزير اتخاذ قرار بمنع استيراد أى صنف أو الموافقة على استيراد صنف آخر، إنما فقط يملك حق عرض الأمر على اللجان المختصة لاتخاذ قرارها.
وأشار أبو ستيت: التحرك السريع للوزارة منذ تلقيها شكاوى بمناطق البحيرة والنوبارية حول إصابات تجعد الأوراق فى نباتات الطماطم فى مرحلة مبكرة من النمو الخضرى، حيث توجهت لجان فورية تضم معهد بحوث البساتين بإرشاد من الشركة المستوردة وذلك لمعاينة هذه الحقول، وأثبتت الحالة، مشيراً إلى أن كمية المساحة التى ظهرت بها الشكاوى قبل ظهور تقرير الفحوص كانت تبلغ 2819 فدانا، لكنها وصلت بعد إعلان التقرير إلى 3500 فدان، قائلا: دور الوزارة إثبات وجه الحقيقة وفقا للعروض العلمية، مشيراً إلى أن الإجراء القانونى بطلب المزارعين التعويضات لابد أن يأخذ مجراه القانونى لكل متضرر، وهذا أمر لا نستطيع التدخل فيه.
وشدد أبو ستت، على أهمية تسلم المزارعين حال شراء أى مبيد أو تقاوى مستوردة "إيصال أو فاتورة"، مشيراً إلى أنه سيتم إلزام جميع الشركات التى تستورد التقاوى بإصدار فواتير عن كافة الكميات التى تبيعها للمزارعين داخل مصر، قائلاً: الأمور يجب تقف عن هذا الحد ويجب أن تتضمن هذه الفواتير السعر والوكيل ومن اشترى، لكى يعرف كل شخص مسئولياته، وعندما يحدث ضرر نستطيع التعرف على التفاصيل".
وعن إشكالية التقاوى بشكل عام، قال الدكتور عز الدين أبو ستيت، أن الشركات العاملة فى مجال استيراد التقاوى لها دور كبير فى توفير التقاوى المطلوبة بالزراعة، خاصة فى زراعة الخضار، مشيرا إلى أن نسبة 98 % من بذور المحاصيل الحقلية يتم إنتاجها فى مصر، نتيجة الجهود العالية لمعهد المحاصيل الحقلية فى تسجيل التقاوى والأصناف، وذلك على عكس ما يحدث فى معهد بحوث البساتين، حيث إن أقل من 2% من بذور الخضار تنتج محليا، ويتم استيراد الباقى، وهذه مشكلة، لأنه فى ظل غياب منتج وطنى من محاصيل الخضار، تقوم الشركات باستيراد التقاوى، ويكون فى تفاوت كبير فى الأسعار وهامش ربح.
وأضاف وزير الزراعة، أن أحد أولوياتنا فى معهد البحوث الزراعية ومعهد البساتين ومعهد تربية الخضار، مواجهة ذلك، بالبدء فى خطوات تصحيحية لذلك الوضع المختل، لأن ذلك أمر استراتيجى وحيوى.
وأشار أبو ستيت، إلى أن "محدودية" الشركات المستوردة، يؤدى إلى تفاوت كبير فى هامش الربح، من استيراد التقاوى، ونتمنى من المستثمرين والشركات للمساهمة فى فى البرنامج الوطنى لإنتاج محاصيل الخضر، لتقليل الفجوة الحالية فى استيراد بذور الخضار، وهذا هو التحدى الحقيقى فى الفترة الحالية.
وتابع وزير الزراعة: " نستورد تقاوى خضر، بمليار دولار تقريبا، فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر، واجبنا كمصريين وشركات، أن نقلل ذلك المليار دولار ده، ومش عاوز أتكلم فى أرقام حقيقية فى أرباح الشركات، حيث أن العملية تتم بشكل غير منضبط، وكل واحد بيحدد السعر اللى عاوزه، فالوضع القائم غير مقبول".
واستمعت اللجنة إلى فريد جعارة رئيس شركة جعارة لاستيراد وتجارة البذور، الذى أكد إنه تعرض لهجوم متعسف واتهم بصفات عديدة، بالرغم من أن شركته من أقدم الشركات فى مصر، وأنشئت منذ عام 1881، مشيراً إلى أن التقاوى يتم استيرادها من أفضل الشركات بالخارج وتم دخول 38 ألف باكت، والتقارير أشارت إلى أن نسبة الإصابة لا تتعدى الـ 4%، وغير متواجدة فى "أسنا" الأكبر من حيث حجم الزراعة، قائلا: " هل اتحمل مشكلة الأرض أو المبيدات أيضا.. لن نضحى باسمنا وكل من لديه علم أو لا يهاجمنا وأرى أن هذا تعسف".
وكان النائب محمد إسماعيل، عضو مجلس النواب عن البرلس، قد طالب بضرورة تعويض مزارعى الطماطم المتضررين من فساد البذور صنف 023 الذى ثبت فساده، وأنه بعد ثبات فساد تلك البذور، تصبح شركة الجعارة، المستوردة لذلك الصنف، هى المسئولة، مشيرا أن أغلب المزارعين حصلوا على البذور، من خلال وسطاء، وعليهم ديون تصل إلى ملايين الجنيهات.
وأضاف إسماعيل أنه لابد أيضا من تنفيذ توصية مركز البحوث الزراعية، بوقف استيراد الصنف حتى يعاد تقييمه مرة أخرى، وأن هناك ما يزيد عن 3500 فدان، تضررت من فساد البذور، أى ما يمثل نسبة 18.5 فى المائة من المساحة الإجمالية المزروعة طماطم.
من جانبه، رد فريد جعارة رئيس الشركة قائلا: منطقة النائب محمد إسماعيل بها 700 فدان ولنفرض أنها ألف فدان فى البرلس، بينما باقى الـ35 الباقية لم تتضرر من بذورنا.
وتابع: "أقول إن الإصابة غير موجودة إلا فى هذه المنطقة لا تتعدى نسبة 4% وهى مشكلة تربة زراعية ومبيدات، وقالوا إن البذرة حاملة الفيروس إلا أنه عملياً لا يوجد ما يثبت أن البذرة حاملة للفيروس فأين كان الحجر الصحى ولماذا لم يمنعها؟ وأزيدكم قولا أن الصنف معه شهادة داخلية بصحته"، وتساءل جعارة: هل 38 ألف فسدت؟، مضيفًا: لم تردنا أى شكاوى.
وحذر من خطورة منعه من استكمال استيراد البذور المتعاقد عليها، قائلا: "أنا دافع 35% من ثمن البذور لأتحمل تكلفتها وبناء عليه أطالب وزير الزراعة للموافقة على استيراد باقى البذور لأنه من المتوقع أن تحدث مشكلة مع الحكومتين الفرنسية واليابانية".
من جانبه، قال المهندس رمضان مهندس زراعى أثناء اجتماع لجنة الزراعة، إنه حتى الآن لم يأت أحد على جراح وآلام المزارعين الذين لم يزرعوا العروات التالية، قائلاً: "المشكلة ليست تابعة للوزارة والمشكلة متعلقة فى العقد بين المزارع والشركة، لافتًا إلى أنه حلل بذور شركة الجاهزة فى معامل وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية، وتبين أن البذور مصابة بفيروس وأن الزراعات مضرورة من هذا الأمر، وزراعات كثيرة لم تخرج ثمار، الظروف المناخية كاشفة للمشكلة وليست مسببة لها.