على الرغم من أن مجلس النواب هو صاحب الحق الأصيل فى السلطة التشريعية، إلا أن أعضاء مجلس النواب فى تصرف غريب اليوم تنازلوا ضمنيا عن حقهم فى الرقابة على الأجهزة الرقابية، وهو ما اعتبره البعض تقليصا لسلطاتهم لصالح السلطة التنفيذية تارة، والسلطة القضائية تارة أخرى، ويحدوا بأنفسهم من صلاحيات منحها لهم الدستور.
فبعد أن وافق أعضاء مجلس النواب على عرض وإحالة
مشروعات القوانين إلى مجلس الدولة بعد مناقشتها بالبرلمان، وهو ما يعتبر سحب الاختصاص الأصيل من اللجنة الدستورية والتشريعية بالبرلمان وهى المنوط بها المراجعة والصياغة لأنها صاحبة الحق الأصيل فى ذلك ليمنح ذلك الحق لمجلس الدولة، وهو ما اعترض عليه بشدة النائب خالد يوسف واصفا ذلك بأن المندوب السامى سيتحكم فى البرلمان، مرت مواد الأجهزة الرقابية باللائحة لتنتقص من صلاحيات المجلس مرة أخرى.
رفض الرقابة على الأجهزة البرلمانية
المواد المنظمة للأجهزة الرقابية شهدت مناقشات لم تعط للمجلس صلاحيات بل قلصت من صلاحياته، حيث رفض المجلس مقترحا بجواز رقابة البرلمان على الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة مقدما من الدكتور مكرم رضوان، عضو مجلس النواب، ويتضمن النص فى مشروع اللائحة الداخلية لمجلس النواب أن يكون لمجلس النواب حق مراقبة الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة.
رفض التعرف على خطة عمل المرشحين لرئاسة الهيئات الرقابية
البرلمان لم يرفض الرقابة على الأجهزة الرقابية فقط بل رفض أيضا مقترحا باستدعاء المرشحين لرئاسة الأجهزة الرقابية قدمه النائب محمد أنور السادات، بأن يتم استدعاء المرشحين لتولى مناصب رؤساء الأجهزة الرقابية والمستقلة، إلى مجلس النواب للالتقاء بهم والاستماع إلى رؤيتهم، حيث اقتراح السادات إضافة فقرة إلى المادة 344 بمشروع اللائحة، وهى "وفى جميع الأحوال يجب أن يتضمن طلب الترشيح السيرة الذاتية، وللمجلس أن يطلب الالتقاء بأى من المرشحين للتعرف على رؤيتهم.
النائب البرلمانى فسر مقترحه قائلا: "فيما يخص رؤساء الأجهزة الرقابية والمستقلة، أقترح أن يكون للمجلس عند ترشيح رئيس الجمهورية لهم فرصة أن يلتقى هؤلاء ويرى رؤيتهم والتعرف على ما إذا كان المرشح قادم من خلال خطة وبرنامج، وليس الموافقة بمجرد الترشيح، وأن يتضمن طلب الترشيح السيرة الذاتية للمرشحين"، وهو ما رفضه المجلس أيضا بعد إعادة التصويت عدة مرات.
رفض عرض التقارير الرقابية وجوبى على النواب
كما رفض البرلمان اقتراح من النائب محمد أنور السادات، أن يكون عرض جميع تقارير الأجهزة الرقابية على جميع النواب وجوبى حتى يستطيع النواب أن يؤدوا دورهم، وليس كما تنص المادة على إتاحتها لمن يطلبها، وتابع السادات قائلا: لا يجب أن ننظر تحت أرجلنا، كما رفض المجلس النص على: يقوم مجلس النواب بإخطار الأعضاء بالتقارير بعد نظرها، وقال الدكتور على عبد العال رئيس المجلس، إن الدستور نص على أن ينظر مجلس النواب التقارير الرقابية والنظر يعنى الأخطار وإضافة كلمة إخطار فيها تزيد.
انتقاص من دور المجلس
من جانبه قال الدكتور يسرى العزباوى، الخبير بالنظم الانتخابية، إن رفض مجلس النواب اليوم خلال مناقشته مواد اللائحة الخاصة بالأجهزة الرقابية بأن يتم عرض المرشحين لتولى رؤساء هيئات رقابية على المجلس، ورفض المجلس أن يكون عرض التقارير الرقابية على النواب وجوبى، أن هناك محاولات للانتقاص من دور المجلس الرقابى.
وأضاف "العزباوى" فى تصريحات لـ"برلمانى"، أن المجلس يكشف يوما بعد الآخر عن نوايا غير إيجابية فى تفعيل الدور الرقابى للمجلس، وفى استقلالية الأجهزة الرقابية، موضحا الأصل فى التقارير الرقابية أن تتاح للجميع وليس للنواب فقط، متابعا أن التقارير الرقابية التى لا تعرض على المجلس تتحول إلى بيانات صحفية خالية من المضمون.
وتابع الخبير بالنظم الانتخابية، أن السلطة التشريعية تسمو على السلطات الأخرى، ولا يعلوها إلا سلطة المواطن، موضحًا أن رفض عرض المرشحين لتولى رؤساء هيئات رقابية على المجلس، أو برنامجهم وخطتهم للعمل فى هذا الجهاز، هى محاولة لتحجيم السلطة التشريعية لصالح السلطة التنفيذية والقضائية.
وأشار إلى أن إقرار المادة الخاص بعرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة لضبط صياغتها هو تغول جديد لصالح السلطة القضائية على مجلس النواب والسلطة التشريعية، على الرغم من أن هذا هو دور اللجنة التشريعية بالمجلس.