تحدث الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، لأول مرة، حول مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى فى مصر، وذلك فى مقابلة أجرتها معه صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، وفى هذا الحوار قال الرئيس بوضوح وصراحة: "سنعرف ونعاقب المسؤولين عن هذه الجريمة".
الشاب الإيطالى جوليو رجينى
المقابلة التى أجرتها الصحيفة الإيطالية استمرت ساعتين، وشهدت كثيرًا من التصريحات المهمة والواضحة من جانب السيسى، إذ قال خلالها: "اسمحوا لى أن أنقل عزائى إلى عائلة ريجينى فى البداية، أنا أخاطبكم كأب قبل كونى رئيسًا، نفهم الألم والمعاناة الناتجة عن فقدان ابن، شعور بالمرارة والاضطراب يكسر القلب، وأنا أفهم ذلك، وقلبى معكم ودعواتى إليكم".
وأضاف الرئيس السيسى: "أعدكم أننا سنبذل قصارى جهودنا للتوصل إلى الحقيقة، ونحن نعمل الآن مع السلطات الإيطالية لتسليم هؤلاء المجرمين ومعاقبتهم لقتل ابنكم".
الرئيس السيسى: العلاقة مع إيطاليا تاريخية وفريدة من نوعها
وأشارت الصحيفة الإيطالية، إلى أن اللقاء كان فى القصر الرئاسى، وكانت رسالة الرئيس السيسى خلاله واضحة، ومفادها أن "العلاقة مع إيطاليا تاريخية وفريدة من نوعها بسبب طبيعتها، فهى اليوم الشريك التجارى الأول فى الاتحاد الأوروبى، كما تجمعنا بها صداقة قوية، ونحن لن نسمح لأى شخص أو أى شىء بأن يفرقنا".
عادل معوض المصرى المفقود بإيطاليا
وأضاف الرئيس السيسى فى حديثه مع الصحيفة الإيطالية: "العمل مع شركة إينى اليوم هو رمز لعمق ومتانة العلاقات الثنائية مع إيطاليا، كما أن اكتشاف أكبر حقل غاز فى البحر الأبيض المتوسط يمثل زاوية مهمة لتطوير أى نشاط آخر فى مصر، ولدى احترام كبير وعميق لماثيو رينزى، الذى اعتبره صديقًا حقيقًا لى ولمصر، ولدينا علاقات كبيرة، وهو شخص صاحب مبادئ".
السيسى: موت "ريجينى" كان صدمة لمصر
واستطرد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حواره قائلاً: "أولاً أريد أن أقول إن موت جوليو ريجينى كان صدمة لمصر، كما كان صدمة بالنسبة لإيطاليا، فما حدث أمر فظيع وغير مقبول، وكان الخبر مزعجًا، ليس بالنسبة للحكومة فقط، بل لكل الشعب المصرى".
الرئيس خلال حواره مع الصحيفة الإيطالية
وردًّا على سؤال حول أنه خلال الأسابيع الماضية كان التعاون فى التحقيقات حول مقتل "ريجينى" ضعيفًا وغير كافٍ، قال السيسى: "التحقيق هنا فى مصر بدأ منذ اللحظة الأولى، تحت إشراف مباشر من النائب العام، وهناك مجموعة من المحققين المتخصصين الذين يعملون ليل نهار لمعرفة الأسباب الحقيقية، ولكشف الظروف التى تقف وراء هذا الموت المأساوى، ولن يهدأ لنا بال حتى نصل إلى حقيقة موت ريجينى".
وأضاف السيسى: "أريد أن أؤكد أهمية تكثيف التعاون بين البلدين لكشف سر هذا الموت وملاحقة الجناة، وفى الأيام القليلة المقبلة ستتوجه الشرطة المصرية إلى روما، لمناقشة كيفية تحسين التنسيق فى التحقيقات مع السلطات الإيطالية".
وفى سياق متصل، قال الرئيس السيسى لصحيفى لا ريبوبليكا: "أريد أن أؤكد جهود الحكومة المصرية الكبيرة لمكافحة الإرهاب والتطرف، من أجل تحقيق الاستقرار والأمن فى بلادنا، فمنذ 9 أشهر كان اغتيال النائب العام المصرى، وتم اكتشاف الحقيقة وحددنا موعدًا لمحاكمة المجرمين".
جانب من الحوار
أسئلة يجب توجييها على خلفية مقتل "ريجينى"
وأضاف الرئيس السيسى فى الحوار: "أمام وفاة ريجينى هناك عديد من الأسئلة التى يجب أن نوجهها لأنفسنا، أولاً التوقيت، فقد تم العثور على جثة ريجينى أثناء حدث زيارة الوفد الإيطالى من رجال الأعمال مع وزيرة التنمية الاقتصادية إلى مصر، لتعزيز التعاون المشترك، فمن لديه المصلحة لمقاطعة أو منع هذا التعاون الواسع بين إيطاليا ومصر؟! وعلينا ألا ننسى أهمية هذا التعاون".
وتابع رئيس الجمهورية حديثه بالقول: "نحن نربط بين النقاط لنرى الصورة كاملة، فالهدف هو ضرب الاقتصاد المصرى وعزل البلاد، وهذا انتقام لحرب كبيرة تشنها مصر ضد قوى التطرف والإرهاب، وآمل أن نبقى متحدين ضد هؤلاء الأعداء، مع عدم السماح لأى شخص بأن يقسم مصر وإيطاليا، وأود أن أؤكد للشعب الإيطالى أن جهودنا ستستمر ليل نهار حتى نجد حقيقة كل ما حدث، وحتى نلقى القبض على الجناة ومعاقبتهم وفقًا للقانون".
وفى استكماله للحديث حول قضية مقتل ريجينى وأحوال المصريين فى إيطاليا، قال الرئيس السيسى: "اسمحوا لى أن أذكر أيضًا عادل معوض، المصرى الذى اختفى منذ 5 أشهر فى إيطاليا، وحتى الآن لم تكن لدينا أيّة آخبار عنه، وأنا متأكد أن الجهود البحثية حوله ستكون ناجحة، ولكن مثل هذه الحوادث لا يمكن أن تفسد العلاقة بين البلدين، فالأوقات الصعبة تظهر لتختبر قوة علاقات الصداقة بين البلدين".
الرئيس خلال حواره مع الصحيفة الإيطالية
وعلى صعيد الحديث عن مشكلة الإرهاب، قال الرئيس: "فى الأشهر الأخيرة لاحظنا تراجعًا فى عدد الهجمات بشكل متزايد، بفضل الجهود الهائلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية للأجهزة الأمنية، فنحن نحارب الفكر الذى يغذى الإرهاب، وعلينا أن نكون واضحين جدًا وصادقين مع أنفسنا، الإرهاب ظاهرة عالمية أصبحت منتشرة فى جميع أنحاء العالم، الإرهاب فى مصر وليبيا وسوريا واليمن والعراق ومالى والصومال ونيجيريا، ولذلك فلهذا السبب لا بدّ من أن نأخذ استراتيجية شاملة لمواجهته، وأن يكون الأولوية للمجتمع الدولى، ولا بدّ أن يرسل المجتمع الدولى رسالة قوية إلى الدول والأطراف التى تدعم الإرهاب والتى يزودهم بالسلاح والمال والمقاتلين".
وردًا على سؤال حول الراعيين للإرهاب، ابتسم الرئيس عبد الفتاح السيسى وهزّ رأسه قبل إجابته، ثم قال: "نحن جميعًا نعرف من هذه الدول، وهذه الأحزاب، وأطلب منهم الحد من دعم الإرهابيين".