رغم تأخرهم فى تشكيله، ورغم تحذير الجميع لهم بضرورة أن يتم اختيار أعضائه بعناية وعلى أسس صحيحة، ورغم وجود تنوع كبير فى التخصصات والخبرات فى أعضاء المجلس، إلا أن التشكيل الذى أعلن عنه مجلس النواب فى قراره بإرسال وفد من أعضائه لزيارة البرلمان الأوروبى، لم يكن موفقا فى كثير من اختياراته، والقصور ليس إشارة إلى الأشخاص، بل إشارة إلى خلفياتهم وخبراتهم، والأسس التى يجب أن تراعى فى اختيار ممثلين للبرلمان فى زيارة مثل هذه، التى يخوض فيها البرلمان جولة جيدة من جولات الدفاع عن سمعة مصر، ووجهها الذى لوثه تقصيرنا، من جهة، ومؤامرات جهات خارجية ضد مصر، من جهة أخرى.
أعضاء وفد مجلس النواب المسافرين للبرلمان الأوروبى
تضمن الوفد، الذى صدر قرار من المجلس بشأن تشكيله –دون إعلان عن أسباب الاختيارات- 9 نواب، يترأسهم الدكتور أحمد سعيد، ويتشكل باقى أعضاء الوفد من، محمد زكى السويدى، القيادى بائتلاف"دعم مصر"، والنائبة هبة هجرس، عضو ائتلاف دعم مصر، وشيرين فراج النائبة المعينة، والنائب أحمد خليل خير الله عضو حزب النور، والنائب المستقل كريم سالم، والنائب علاء والى، والنائب أحمد سمير عضو حزب مستقبل وطن، والنائب أحمد على، عضو حزب المصريين الأحرار.
اطلع على السيرة الذاتية لهم
الرد على النقاط التى تضمنها البيان لم تحكم اختيارت الأعضاء المسافرين
هؤلاء هم أعضاء الوفد المسافر للبرلمان الأوروبى، فى مهمة رد عدوان أعضائه على مصر، وتغيير وجهة نظر ممثلى دول الاتحاد الأوروبى عن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، وقضية مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى، وموقف مصر من اتفاقيات حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية التى وقعتها مع الاتحاد الأوروبى، والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والمساعدات التنموية التى تقدمها دول الاتحاد الأوروبى لمصر.
ورغم النقاط الإيجابية التى توجد فى التشكيل، مثل تواجد عنصر الشباب، وتميز عدد من أعضاء الوفد باتقان اللغة الإنجليزية، إلا أن هناك مناطق أخرى هامة، بها قصور فى التمثيل ضمن أعضاء الوفد المسافر، خاصة أنه كان المفترض أن يدرس البرلمان المصرى، بيان البرلمان الأوروبى جيدا، ويحدد على أساسه خبرات ومؤهلات وخلفيات النواب الذين سيافرون ليردوا بوضوح وتحديد على البيان، خاصة أن الهدف من الزيارة يجب أن يكون على البيان أولا، ثم فرض أجندتنا وآرائنا ثانية.
غياب الخبرات الأمنية التى تستطيع توضيح اللبس وشرح درجات التحقيق
رغم أن قضية مقتل الشاب الإيطالى بدأت فى مقامها الأول أمنية، ورغم توافر الخبرات الأمنية ورجال الأمن فى تشكيلة مجلس النواب، سواءا من رجال الشرطة أو من رجال القوات المسلحة، ورجال المخابرات السابقين، والذين تمرسوا على العمل تحت ضغط الإتهام، وشاركوا فى الكثير من القضايا والملفات الدولية، إلا أن تشكيل الوفد المسافر لبروكسل للتواصل مع البرلمان الأوروبى خلا من أى هذه الخبرات، ولا يوجد به نائب واحد من أصحاب هذه الخبرات.
غياب الخبرات القانونية القادرة على الدفاع عن درجات التقاضى والمحاكمات فى مصر
بيان البرلمان الأوروبى تضمن فى طياته اتهام لمصر فى مجال حقوق الإنسان والتقاضى وحبس نشطاء وأصحاب رأى، وكان هذا يستلزم أن يكون من بين النواب المسافرين ضمن الوفد، خبرات قانونية من النواب أصحاب التاريخ القانونى والقضائى، وهم متوفرين ضمن تشكيلة البرلمان، ليتمكنوا من صد الهجوم على أوضاع التقاضى وحقوق الإنسان وإجراءات التحقيق، على الأقل فيما يخص قضية مقتل الشاب الإيطالى، وإلا فمن سيجيب عن أى سؤال متعلق بهذه النقاط إذا ماوجهها أحد نواب البرلمان الأوروبى للوفد؟.
غياب النائب محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق رغم ثقله الدولى
الأمر الآخر الذى يضع علامات استفهام كثيرة حول التشكيل، هو غياب النائب محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، عن عضوية الوفد المسافر للبرلمان الأوروبى، والسؤال هنا ليس عن شخص، بل عن منصب يمثل ثقلا كبيرا على مستوى العلاقات بين المؤسسات الدولية، خاصة أنه كان وزيرا للخارجية فى توقيت واجهت فيه مصر الكثير من المواقف المشابهة، التى كان فيها العرابى لسان الدولة للرد على الدول والجهات الخارجية، ورغم عدم علمنا بسبب هذا الغياب، إلا أنه لن يكون هناك مبرر مقنع، فى ظل أهمية تلك الزيارة، التى تمثل أول اختبار حقيقى لبرلمان ثورة 30 يونيو فى الدفاع عن سمعة الدولة المصرية.
المحاصصة الحزبية فى تشكيل الوفد تؤكد تغليب المصالح الشخصية على مصلحة الدولة
خلفيات وانتماءات النواب التسعة المسافرون تشير إلى وجود محاصصة حزبية بين التكتلات الكبيرة تحت قبة البرلمان، فى اختيار النواب، فهناك 3 أعضاء بائتلاف "دعم مصر"، ونائبان مستقلان، ونائب عن المصريين الأحرار، وآخر عن مستقبل وطن، ونائب عن النور، ونائبة معينة.
ورغم وجوبية المحاصصة وتمثيل التكتلات الكبيرة فى المجلس فى أمور كثيرة، إلا أن أمر سفر وفد للبرلمان الأوروبى فى توقيت كهذا، لايجب أن يحكمه المحاصصة السياسية، التى تمثل تغليب لمصالح التكتلات السياسية، على مصلحة الدولة، فى وجوب اختيار النواب القادرين على تمثيل الدولة وبرلمانها، ودحض التهم التى وجها بيان البرلمان الأوروبى لمصر ومؤسساتها، على أساس علمى يضمن وجود الخبرات المطلوبة فى مثل هذه المهام الصعبة.
الهدف من وراء النقد والتحليل هو الوصول للتشكيل الأمثل للوفد فى مهمته الصعبة
نقد اختيار أعضاء الوفد المسافر فى مهمة بروكسل للدفاع عن مصر أمام البرلمان الأوروبى، هدفه الأساسى هو أن يكون هذا الوفد يمتلك من الخبرات والمقومات ما يمكنه من الزود عن مصر، وتفنيد الادعاءات التى تضمنها البرلمان الأوروبى فى بيانها، وأن ينجح البرلمان المصرى فى أول مهمة كبيرة، ستكتب نتائجها له، أو عليه، وخاصة أن المهمة الآن أبحت أكثر خطورة، لأن فشل الوفد فى تحقيق إنجاز أو خطوة إيجابية لصالح مصر، سيكون أمام العالم بمثابة تأكيد على ماجاء بالبيان، ولن نستطيع وصفه بالادعاءت، وهو مايخشاه الجميع، وبالتأكيد، يخشاه نواب الوفد المسافر، الذين يحملون حماسا ووطنية كبيرة، فى مهمة لايحكمها إلا الحجة والمنطق، والمعلومة.