كتبت إيمان علي
أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن استمرار وتوالي الازمات الاقتصادية والجيوسياسية الخارجية، والتي لم تكن مصر بمعزل عن هذه الأزمة الاقتصادية العالمية، باعتبارها جزء لا يتجزأ من العالم يؤثر ويتأثر بكافة مجرياته، قد دفع الدولة لإجراء تدخلات جذرية للعمل على تحسين الهيكل الاقتصادي المصري بتعزيز الاستثمار المباشر وتحسين بيئة الاعمال واستثمار مشروعات البنية التحتية العملاقة التي تم تنفيذها على مدى العقد الماضي.
وقد تم ترجمة ذلك في نجاح الدولة في جذب أكبر صفقة استثمار مباشر بقيمة 35 مليار دولار، إلى جانب تطبيق عدة آليات ضمن سياسة تقييدية؛ للعمل على القضاء السوق الموازية للصرف الأجنبي واستهداف التضخم، أبرزها الرفع المتتالي لمعدلات الفائدة، أخرها اليوم 6 مارس الجاري برفع الفائدة 6% لتصل في مصر إلى 27.25 %، مع قرار آخر بإخضاع سعر صرف العملة لآليات السوق.
وأكدت أن سبل العلاج هذه يتوقع أن يكون لها بعض الآثار الجانبية البالغة على بعض المواطنين، وهو ما دفع القيادة السياسية والحكومة لاتخاذ بعض الإجراءات الاستباقية والمبادرات التي من شأنها تعزيز القدرات المالية لقطاع واسع من المواطنين وتخفيف العبء عن كاهلهم، منوهة أن الدولة دائما ما كانت تراعي البعد الإنساني ورضا المواطنين أثناء المضي قدمًا في عملية التنمية الشاملة. لذا يلاحظ تطور المخصصات المالية لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية خلال تولي الرئيس السيسي سدة الحكم.
وذكرت أنه قد تم تخصيص 530 مليار جنيه في العام المالي الحالي 2023/2024 لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، مقارنة بنحو 244,5 مليار جنيه في العام المالي 2014 فقد وجهت القيادة السياسية بتخصيص 180 مليار جنيه لتنفيذ حزمة للحماية الاجتماعية اعتبارًا من مارس الجاري، تتضمن زيادة أجور العاملين بالدولة بحد أدنى يتراوح من 1000 إلى 1200 جنيه، ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50٪، وزيادة المعاشات بنسبة 15% ورفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 33% لتخفيف الأعباء عن العاملين بمن فيهم القطاع الخاص، وبذلك يكون قد ارتفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 73% اعتبارًا من يوليو 2023 حتى مارس 2024، كما تضمنت هذه الحزمة أيضًا زيادات إضافية فى أجور الأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ما يؤكد حرص الدولة على النهوض بالصحة والتعليم، ووضعها فى أولوية متقدمة سواءً من حيث الإنفاق الاستثماري أو تحسين الأجور.
وفي ضوء الانحياز للفئات الأولى بالرعاية، ارتفعت مخصصات معاش «الضمان الاجتماعي» وبرنامج «تكافل وكرامة» من 5 مليارات جنيه لنحو 1.5 مليون أسرة في 2014 لتصل إلى 35.5 مليار جنيه لنحو 5.2 مليون أسرة في 2024 بزيادة 614%.
وفي سياق مواز، لم يكن الدعم الموجه للمواطنين في صورة زيادة أجور فقط، لكن جزء منها موجه كدعم لتحسين جودة الخدمات التي تهم المواطن، والمواطن البسيط.
واعتبرت الدراسة أن الحكومة ومع الإجراءات الأخيرة بالتسعير العادل للجنيه ورفع سعر الفائدة، والتوجه نحو مزيد من جذب الاستثمارات الأجنبية، فهي تعمل على سياسات أكثر توازنًا وتحوطًا، مع الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، بتداعياتها المتشابكة التي تزايدت تعقيدًا مع التوترات الجيوسياسية، على نحو يمكن الاقتصاد المصري من احتواء حدة الصدمات الداخلية والخارجية.
كما تحرص على تحسين الهيكل الاقتصادي بتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره المنشود؛ باعتباره قاطرة التنمية، مع وفتح آفاق رحبة للاستثمارات الأجنبية، وعلى التوازي من السياسات الاقتصادية والمالية الجاري تنفيذها يتم التوسع في برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، لتخفيف العبء عن كاهل المواطن خاصة في ظل الأزمة العالمية الراهنة، في محاولة من الدولة للموازنة بين تحقيق العدالة الاجتماعية، والأهداف الاستراتيجية المستدامة للدولة.