ثار جدل كبير فى الآونة الأخيرة حول المراكز الحقوقية والبحثية فى مصر وعلاقتها بأعضاء مجلس النواب، خاصة بعد تحذيرات الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، من وجود مراكز ومؤسسات بحثية تنظم ورش عمل لأعضاء البرلمان، وتأكيده أن تلك المؤسسات تحمل أجندات خاصة ضد الدولة، تنفذها من خلال التدريبات التى تقدمها للنواب فى ورش العمل والندوات، خاصة فيما يتعلق بانتقاد السياسات النقدية للدولة المصرية.
وبخصوص هذا الملف، حاور "برلمانى" النائبة مارجريت عازر، عضو مجلس النواب ووكيل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، التى كشفت طبيعة المواد التى يتم إلقاؤها على النواب خلال ورش العمل التى تشهد تدريبهم على إحداث "فرقعة إعلامية" لجذب الميديا - حسب قولها - كما أوضحت الأهداف الخفية لتدريبات مؤسسة "جلوبال بارتنرز" التى نظمتها بالتعاون مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية للنواب، وتطرقت عضو مجلس النواب لعمل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، والقوانين التى تعمل عليها حاليًا، وإلى نص الحوار...
ثار جدل حول المراكز والمؤسسات البحثية بعد تحذير رئيس مجلس النواب.. ما موقفك من تلك المؤسسات؟
هذه المؤسسات لا تحقق تنمية حقيقية فى المجتمع كما تدّعى، وتعقد مؤتمراتها فى الفنادق الـ5 نجوم، وفى دول خارجية، والأمر المثير للشك والريبة أن بعضها يكون لها مقرٌ بالقاهرة، ورغم ذلك فإنها تنظم ورش عمل فى الأردن أو تركيا وغيرهما من الدول، ولا أجد مبررًا لهذا الأمر، وتركيا منعت تنظيم بعض الندوات المماثلة عندما شعرت أنها تمس أمنها القومى.
ماذا عن علاقة مؤسسة "جلوبال بارتنرز" بمركز الأهرام للدراسات السياسية؟ وماذا أيضا عن ورشة العمل التى نظمها المركز للنواب مؤخرا؟
الناس تثق فى مركز الأهرام عندما ينظم ندوة أو ورشة عمل للنواب، فهو مؤسسة قومية يثق فيها الجميع، ولكن ورش العمل التى تم تنظيمها بالتعاون مع مؤسسة "جلوبال بارتنرز" كانت حول بيان الحكومة، ولقد شاركت فى بعضها، وهنا أقول إن من حق المدرب أن يوضح لنا ما يجب أن يتضمنه بيان الحكومة، وما يجب أن تشير إليه الحكومة فى بيانها، ولكن ما حدث أنه كان هناك توجيه للنواب بشأن كيفية التعامل مع البيان، وكيفية انتقاده ورفضه، ومن ثمّ فإن ورش العمل لم تكن لرصد التفاصيل، بل كانت للتوجيه، كما أن المحاضرين لم يكونوا مصريين فقط، بل كانت بينهم جنسيات مختلفة، فيما كانت بعض الندوات حول الموازنة العامة للدولة.
التدريب كان يتم بنفس الأسلوب التحريضى الذى كان يستخدم مع الشباب لشحنهم ضد مؤسسات الدولة فى المظاهرات التخريبية، ولكن أصبح يستخدم الآن مع النواب والمرأة بهدف هدم مؤسسات الدولة، فبدلًا من التدريب على العنف، فإنه يدرب النواب على ما يوصلنا إلى ثورة ثانية، عن طريق رفض كل شىء فى الدولة، وتسريب الإحساس بأن الأمور لا تسير على ما يرام تحت إدارة النظام الحالى، وزعزعة الثقة فى النظام، بمعنى أدق، المدرب يضع "السم فى العسل" داخل المادة العلمية الملقاة على النواب.
هل اختيار النواب للمشاركة فى ورش العمل يتم بطريقة عشوائية؟
المنظمات تستغل 60% من النواب الذين انضموا لمجلس النواب لأول مرة، لأنهم شغوفون بتحقيق القدرة على العمل فى البرلمان لصالح المجتمع، وتحاول تلك المؤسسات إعادة صياغة الأدوات النيابية بشكل مختلف، كما تستهدف العدد الأكبر من النساء، وبشكل إجمالى فإنهم يستهدفون أسماء محددة يرون أنها تشكل خامة جيدة لتلقى المادة التى يريدون ترويجها.
وإلى أية درجة يوجد تفاوت واختلاف بين الهدف المعلن والخفى فى ورش العمل؟
على سبيل المثال نظمت مؤسسة "جلوبال بارتنرز" بالتعاون مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكثر من ورشة عمل فى مدينة العين السخنة وفى أحد فنادق القاهرة، وأيضًا فى مقر مركز الأهرام، ورغم أن الهدف المعلن هو تدريب النواب على مناقشة قانون الخدمة المدنية وبيان الحكومة وكيفية قراءة الموازنة العامة، فإن الواقع والمجمل كان يتركز على سرد السلبيات دون النظر إلى الإيجابيات فى كل شىء، حتى وإن كانت الإيجابيات أكثر، وهذا الأمر ظهر بشكل كبير فى قانون الخدمة المدنية.
وهل القائمون على مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية كانوا على علم بالأهداف الخفية؟
مركز الأهرام به خبراء واعون ومدركون جيّدًا لأهمية المادة التى يتم تدريسها للنواب، وهم باحثون كبار ومدركون لمدى الخطورة التى يمكن أن تسببها تلك المواد، ولذلك لا أعفيهم من المسؤولية، لأنهم كانوا يحضرون ورش العمل ويطلعون على المواد التى تدرس للنواب.
هل توجد ورش عمل مماثلة كانت تحمل تحريضًا ضد الدولة؟
الجامعة الأمريكية بالقاهرة نظمت ورش عمل على كيفية استخدام وتعامل النواب مع الإعلام، إلا أن ورش العمل بها لا تمت بصلة لذلك، ورغم أنى لم أحضر تلك الندوات، فإن النواب سردوا لى التفاصيل، وكان الهدف الحقيقى من تلك الندوات هو توجيه النواب للقيام بعمل "شو" وفرقعة إعلامية، للظهور على أنهم ضد النظام وفى صف المعارضة لجذب الإعلام لهم.
هل يمتلك نواب فى البرلمان الحالى مؤسسات بحثية ذات توجهات ضد الدولة؟
لا أعلم إن كان هناك نواب يمتلكون مراكز بحثية، ولكن هناك نوابًا يتعاملون مع بعض السفارات الأجنبية ويتلقون تمويلات خارجية لأسباب تنموية من خلال مؤسساتهم الأهلية، ولكن لا أعلم إن كانت تلك المؤسسات تؤدى الغرض الذى تحصل على التمويل من أجله أم لا.
ما آليات الحد من انتشار المراكز الحقوقية والمنظمات الأهلية غير القانونية؟
لا تستطيع الدولة الاستغناء عن المراكز الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدنى، لأننا نؤمن أن تلك المؤسسات لها دورها التنموى والتأهيلى المهم من أجل تغيير ثقافة المجتمع، بالتعاون مع مؤسسات الدولة، ولكننا نحارب المؤسسات غير الشرعية، أو الشرعية صاحبة الأجندات الخاصة، ويمكن الحد منها من خلال مراقبة الدولة للبرامج التدريبية التى تأتى بها تلك المؤسسات، فإذا كانت هناك منظمات ما تعمل على ملفات محو الأمية وتمكين المرأة، على سبيل المثال، فيجب متابعة تنفيذها لبرامجها على أرض الواقع، بما يتناسب مع طبيعة المجتمع المصرى، دون أن يتم إملاء أفكار علينا من الخارج، هذا إلى جانب توعية المواطن.
هل يمكن إصدار تشريع بعقوبات مغلظة لمعاقبة مسؤولى المراكز مجهولة التمويل؟ وإلى أى درجة تشدد العقوبة؟
كل من يعمل بدون ترخيص لا بدّ من معاقبته، ويجب أن يتضمن قانون الجمعيات الأهلية ضوابط لعمل جميع المؤسسات والمنظمات الأهلية، ويجب تغليظ العقوبة، التى قد تصل إلى الإعدام، وهذا أمر ضرورى لأن هذا الملف يمس الأمن القومى للدولة، والمراكز البحثية والحقوقية المخالفة وصاحبة الأجندات تعمل على تغذية المواطنين بأفكار معادية للوطن، ولا أعنى هنا النقد والمعارضة، لأن المعارضة البناءة مقبولة، ولكن من غير المقبول التدخل فى سيادة الوطن، ولن نقبل أن يأتى إلينا شخص من الخارج بأجندة خاصة ليملى علينا أفكاره.
هل لدى لجنة حقوق الإنسان أسماء للمراكز والمنظمات غير القانونية؟ وكيف يمكن رصدها؟
ليس لدينا حصر، ولكن يمكن التعرف على تلك المراكز بسهولة، من خلال المواد البحثية والعلمية التى تدرسها للمتدربين، وفى وقت من الأوقات كان لدينا كل من المعهد الديمقراطى الجمهورى، والمعهد الديمقراطى، والمعهد الجمهورى، وفريدريش ناومان، وفريدريش إيبرت، وهى منظمات كانت تعمل فى مصر بدون تراخيص ولصالح أجندات خارجية.
وفى العام 2007، ومن واقع موقعى كأمين عام لحزب الجبهة الديمقراطية الذى كانت لديه أكبر منظمة شباب، تعاملت مع هذه المؤسسات عن قرب، وكنت أتابع المادة التى تدرس للشباب، ورصدت من خلال متابعتى أنهم لا يأتون بأجندة مغايرة للأجندة الوطنية، ولكنهم يدربون الشباب على أنماط مقاومة السلطات، وكيفية مقاومة الغاز المسيل للدموع، وإجهاد الشرطة فى المظاهرات، فالمدرب لا يقول إن بلده يرفض المظاهرات المسلحة والعنف فى المظاهرات، ولكنه يرسخ فى وجدان الشباب أنه لا يمكن أن تنجح ثورتهم إلا بالدم والتخريب وإنهاك الشرطة.
لو انتقلنا من ملف تدريب النواب إلى عمل لجنة حقوق الإنسان ما هى التشريعات التى تناقشها خلال الفترة الحالية؟
اللجنة تعكف على مناقشة مشروعات قوانين العدالة الانتقالية ومفوضية ضد التمييز وقانون بناء وترميم الكنائس وحقوق الإنسان.
وما هى أولويات اللجنة التى تسعى لإنجازها قبل نهاية دور الانعقاد الأول؟
نركز على الانتهاء من قانونى العدالة الانتقالية وبناء وترميم الكنائس، لأنهما ضمن الاستحقاقات الدستورية التى يجب إقرارها قبل نهاية دور الانعقاد الأول للمجلس.
وماذا عن قانون التظاهر؟
قانون التظاهر ليست به معضلة، لأنه أخف قانون على مستوى العالم، واسم القانون هو "قانون الحق فى تنظيم التظاهر"، فالتظاهر حق بما لا يضر الدولة، إذ يجب تحديد الموعد والمكان، وألا تتم إعاقة المرور، ولكن الإشكالية الوحيدة فى القانون هى عقوبة الحبس، والعقوبة من وجهة نظرى يجب ألا تكون فى قانون التظاهر، وأن تكون فى قانون العقوبات، والقانون سيكون ضمن القوانين التى ستناقش خلال دور الانعقاد الثانى.
هل تستعد لجنة حقوق الإنسان لتنظيم زيارات للسجون للوقوف على حالة المسجونين؟
قسّمت اللجنة أعضاءها إلى 5 مجموعات، أو 5 لجان داخلية، منها لجنة للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، ولجنة للشكاوى، ولجنة للمتابعة، والأخيرة هى التى تعمل حاليًا على وضع خريطة لزيارة السجون وأقسام الشرطة.
ما رؤية اللجنة لوقف مسلسل تعذيب وإهانة المصريين بالخارج؟
عندما يصل لنا أى خبر عن تعذيب مواطن فى أيّة دولة خارج مصر، نتحرّى عن الواقعة ونتواصل مع وزارة الخارجية، وسفارة مصر فى الدولة المشار إليها بالواقعة، ونرسخ كل جهودنا فى محاولة المساعدة قانونًا، إلى جانب تصعيد القضية للرأى العام الداخلى والخارجى.
وما تحليلك لواقعة الاعتداء على السيدة القبطية فى قرية الكرم بمحافظة المنيا؟
هذه القضية بكل المقاييس مؤلمة للمسلمين قبل المسيحيين، ولن أتحدث عنها كسيدة قبطية، بل كسيدة مصرية، فما حدث معها عار على كل المصريين، ونقطة سوداء فى جبين المصريين، لأن الاعتداء على سيدة مسنة فعل غريب على كل الأعراف والتقاليد المصرية، ولا بد من أن يدخل فى زمرة استهداف مصر بكل المقاييس، خاصة بالتدقيق فى توقيت الواقعة الذى يتزامن مع حالة المصالحة والوئام بين المصريين، فالواقعة محاولة لشق الصف، وهنا يجب أن أتوجه بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، والبابا تواضروس، والتهدئة التى تمت من الأنبا مكاريوس أسقف المنيا، بما لديهم من حكمة فى احتواء الأزمة، وتمسكهم بأن يأخذ القانون مجراه، لأن الجلسات العرفية لا تصلح لمعالجة هذه الأمور، و"تقبيل اللحى" لم يعد حلًا عمليًّا، ولكن الحل هو تطبيق القانون بكل حسم وردع.