كتب الأنبا إبرام أسقف عام الفيوم، رسالته الأولى منذ اعتكافه بدير الأنبا بيشوي لشعب كنائس الفيوم الذى يتولى خدمته منذ ما يزيد عن 45 عامًا، وطالب الأسقف المستقيل أحباءه وتلاميذه بقبول اعتذاره عن استمراره في خدمته ومسامحته إن أخطأ في حق أحد معلنًا تسامحه مع من أخطأ في حقه أيضًا، وذلك بعدما حاصر شباب وكهنة من إيبراشية الفيوم قلاية "سكن الرهبان" الأنبا إبرام بدير الأنبا بيشوي عصر أمس لمطالبته بالعودة للخدمة.
أما المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية القس بولس حليم، فأعلن أمس في بيان رسمي، أن الأنبا إبرام تقدم بخطاب موجه إلى البابا تواضروس الثاني حرره بخط يده وبتوقيعه، يوم السبت 15 يوليو الماضي، وطلب فيه السماح له بخلوة مفتوحة يقضيها بقلايته في دير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، كما أفصح خلاله عن رغبته الشديدة في الاعتكاف والوحدة الرهبانية بعد أن خدم إيبارشية الفيوم أكثر من 32 سنة، مما دفع البابا تواضروس لعقد ثلاثة اجتماعات لبحث هذا الموضوع، كان أولها مع الأنبا صرابامون أسقف ورئيس دير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، ثم مع وكيل مطرانية الفيوم والأب الراهب المسئول عن دير القديس الأنبا إبرام بالفيوم والمدير المالي لمطرانية الفيوم، بحضور أربعة من الآباء الأساقفة من بينهم الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس.
ثم جاء الاجتماع الثالث للبابا مع الأنبا أبرام لمناقشة طلبه، أعرب خلاله البابا عن محبته ومحبة أعضاء المجمع المقدس للأنبا إبرام، وفي نهاية اللقاء أصر الأخير على رغبته في الاعتكاف كما ذكر أن هناك أيضا بعض الأسباب الصحية التي تؤثر على قدرته على العمل الرعوي، كما سبق هذا سعي من عدد من الآباء الأجلاء أعضاء المجمع المقدس لمقابته بالدير إلا أنه اعتذر عن استقبال أيٍ منهم، وبناء على كل ما سبق قرر البابا إحالة طلبه إلى اللجنة المجمعية لشئون الإيبارشيات لدراسته واتخاذ اللازم.
وأعربت الكنيسة عن رغبتها في أن يستجيب الأنبا ابرام للمساعي المتعددة التي تبذلها الأطراف المختلفة ومع رغبة شعب الفيوم للعودة لخدمته مؤكدة ،أن الأنبا أبرام عضو مكرم جليل الاعتبار بين أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وسيظل كذلك بغض النظر عما ستسفر عنه الجهود المبذولة المبذولة لأجله حاليًا.
في سياق متصل، أثارت واقعة الأنبا إبرام جدلًا كنسيًا واسعًا بعدما أكد معلمو اللاهوت الكنسي أن الأسقف لا يجوز له الاستقالة من منصبه فهو متزوج رمزيًا من إيبراشيته ولا يحق له ترك مقعده إلا بالوفاة.
وأكد مينا أسعد المدرس بمعهد الكتاب المقدس، أن استقالة الأنبا إبرام تخالف القانون الكنسي الذى لا يعرف أنصاف الحلول في تلك الأمور، فلا يجوز للأكليروس "رجال الدين المسيحي" الاستقالة من العمل الكنسي، حيث إنه مرتبط وفقًا للتقليد الكنسي بالزواج الروحي بينه وبين إيبراشيته ومن ثم لا يمكن لعريس أن يترك عروسه دون رعاية، بينما اختلف كمال زاخر الكاتب المتخصص في الشأن القبطي مع هذا الطرح مؤكدًا أن درجة الأسقف هدفها تحقيق خدمة الكنيسة ورسالتها ومن ثم لا يمكن أن نلزم أحدًا بالاستمرار فيها خاصة وإن تعلل بظروفه الصحية أو رغبته في العودة إلى حياة الرهبنة مرة أخرى.
ورأى زاخر في تصريحات خاصة، أن القائلين بفكرة زواج الأسقف من إيبراشيته يستندون إلى واقعة حدثت في القرن الرابع الميلادي في القسطنطينية حين تمت ترقية أحد الأساقفة من إيبراشية صغيرة ليصبح بطريركًا على القسطنطينية فرفضوا ذلك بحجة عدم جواز ترك الأسقف لإيبراشيته إلا أن هذا الأمر تجاوزه الزمن على حد تعبيره.
وضرب زاخر المثل بالكنيسة الكاثوليكية التي تسمح بالاستقالة مثلما حدث مع بابا الفاتيكان السابق البابا بنديكتوس الذى استقال وعاد للدير وتم انتخاب البابا فرنسيس خلفًا له، مطالبًا بعدم إعطاء الأمر أكبر من حجمه.
وفسر زاخر رغبة الأنبا إبرام في الاستقالة بوجود خلافات في المجمع المقدس بين تيارين من الأساقفة دفعت اسقف الفيوم لاعتزال الإدارة الكنسية والعودة لحياته الرهبانية السابقة.
كان خلاف قد وقع بين الأنبا إبرام والبابا تواضروس أثناء أزمة القبول بمعمودية الكاثوليك مما دفع البابا لإسناد الإِشراف على دير الأنبا توما السائح لراهب آخر، ثم قرر الأنبا إبرام العودة للنسك والرهبنة عقب تلك الواقعة.