الأصل في عقد الزواج – كما هو معلوم - أنه شُرع ليصبح على سبيل البقاء والدوام، حيث لا يصح شرعاَ أو قانوناَ أن يكون هذا العقد مؤقتاَ، لأن الزواج لا يُعد علاقة اجتماعية أو نفسية بقاؤها يرتهن برحمتها ومودتها، وبإحسانها وعدلها، وأنه مبني على المودة والرحمة، يقول سبحانه وتعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
إلا أنه في كثير من الأحيان قد تصبح الحياة الزوجية مليئة بالمشاكل والتناحر بين الزوجين، ما يضطر الزوجة إلى طلب الطلاق، أو ما يضطر الزوج إلى "رمى" اليمين على زوجته شفويا إلا أنه يرفض بعد ذلك أن يقر بهذا الطلاق، بحجة أنه نادماَ على ما بدر منه وأن اعترافه سيكون سبيلاَ لدمار الأسرة، ولكن الزوجة في نفس الوقت تصر على إثبات ذلك الطلاق، لأن من الناحية الدينية الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
كيف تتصرف الزوجة حال رفض الزوج إثبات الطلاق؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بألاف الزوجات المتضررات وهي عملية إثبات الطلاق الشفوي الذي يرفض الزوج الاعتراف به رغم وقوعه، لأن الطلاق الشفهى لدى المصريين – يقع - لكل من بيده عقدة النكاح أثبت ذلك عند مأذون أم لم يثبته لكنه يقع وتصبح الزوجة أجنبية ولها عدة طالما أنه دخل بها.. والسؤال هنا ماذا لو قام الزوج بتطليق الزوجة طلاق شفهي ورفض اثبات الطلاق كيف تتصرف الزوجة مع رفض الزوج اثبات الطلاق؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى بلال جابر.
في البداية – حال قام الزوج بتطليق الزوجة طلاق شفهي، ورفض إثبات الطلاق، كيف تتصرف الزوجة مع رفض الزوج إثبات الطلاق؟ في هذه الحالة تستطيع الزوجة أن تقيم دعوى إثبات طلاق، وتتم عملية الإثبات هذه بإحدى الطرق الأتية – وفقا لـ"جابر":
1-شهادة الشهود:
وطريقة الإثبات بشهادة الشهود تعتبر الطريقة الأهم والأبرز فى دعوي إثبات الطلاق ويشترط أن يكون الطلاق وقع أمامهم، وأنهم شاهدوا واقعة تطليق الزوج للزوجة، وتتم الشهادة فى رفض الزوج إثبات الطلاق عند القاضي بحلف اليمين.
2-الإقرار:
وطريقة الإقرار هذه تكون بحضور الزوج وعدم انكاره وقوع الطلاق على الزوجة ويقر أمام القاضي أنه قام بتطليق الزوجة.
3-حلف اليمين:
توجيه اليمين الحاسمة للزوج وسؤاله عن سبب رفضه لإثبات الطلاق، فإذا رفض حلف اليمين تعتبر الزوجة طالق.
شروط إثبات الطلاق الشفهي
يشترط في المطلق أن يكون عاقلا بالغاً، ولو طلق المريض مرض الموت زوجته المدخول بها طلاقاً بائناً بينونة صغرى أو كبرى، ثم مات وهي في عدتها منه، فإنه يعتبر في حكم الفار من إرثها، وبالتالي ترث منه مطلقته رغم وقوع الطلاق"، ويعتبر القانون أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع إلا طلقة واحدة.
سيناريو آخر
في الحقيقة مسألة رفض الزوج إثبات الطلاق من المشاكل والأزمات التي تقابل البعض، وهناك فرق بين الطلاق الشفهي والطلاق القانوني أو ما يسمي الطلاق الشرعي والطلاق القانوني، وذلك لأنه لإثبات الطلاق قانونا ونؤكد قانونا لابد أن يكون هناك وثيقة طلاق من عند مأذون، أما إذا قام الزوج بإيقاع الطلاق الشفهى، ولم يتم اثباته في وثيقة طلاق، هنا تعتبر الزوجة قانونا معلقة فلابد من رفع دعوى طلاق.
إثبات الطلاق الشفهي:
في حال تم الطلاق أمام شهود فهنا لابد من رفع دعوى إثبات طلاق، ويتم إثبات الطلاق كما ذكرنا من قبل إما بإقرار الزوج، أو الشهود، ولكن في حالة انكار الزوج الطلاق، وأيضا كان لا يوجد شهود فبالتالي لا يوجد طلاق قانونا، هنا تحتاج الزوجة لرفع دعوى طلاق، فهل هناك فرق بين دعوى اثبات الطلاق ودعوى الطلاق؟
هناك فرق كبير بين دعوى:
1-إثبات الطلاق
- ففي دعوى إثبات الطلاق تريد الزوجة إثبات أن الطلاق قد وقع قانونا.
2-الطلاق للضرر أو الخلع
أما دعوى الطلاق للضرر أو الخلع، فهنا الزوجة تريد الطلاق لنفي الزوج وقوع الطلاق أصلا.
وفى حال الزوجة لم تتمكن من إثبات الطلاق سيكون أمامها حل أخر وهو رفع دعوي طلاق للضرر أو خلع، والزوجة عليها أن تختار الطريق سواء الخلع أو الطلاق للضرر، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن رفض الزوج إثبات الطلاق لا يمنع الزوجة من رفع دعوي اثبات طلاق أمام المحكمة.
تطبيقات محكمة النقض في إثبات الطلاق للاسترشاد
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لإشكالية "إثبات الطلاق عند الانكار" في الطعن المقيد برقم 455 لسنة 70 قضائية "أحوال شخصية" – جلسة 8 فبراير 2003 – حيث قالت في حيثيات الحكم أن تعديل المشرع بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية بعدم الاعتداد في إثبات الطلاق عند الإنكار ألا بالإشهاد والتوثيق مادة 21 / 1 من ق 1 لسنة 2000 مؤاده، هو البقاء على ذاتية القاعدة الآمرة التي تضمنتها المواد 5 ، 6 من القانون 462 لسنة 1955، 280 من اللائحة الشرعية، يكون أثره عدم سريان حكم التعديل على الدعاوى التي رفعت قبل صدوره.
مادة "21"
لا يعتد في اثبات الطلاق عند الانكار الا بالإشهاد والتوثيق وعند طلب الاشهاد عليه وتوثيقه يلتزم الموثق بتبصير الزوجين بمخاطر الطلاق ويدعوهما الي اختيار حكم من اهله وحكم من اهلها للتوفيق بينهما فان اصر الزوجان معا علي ايقاع الطلاق فورا او قررا معا ان الطلاق قد وقع او قرر الزوج انه اوقع الطلاق وجب توثيق الطلاق بعد الاشهاد عليه وتطبق [ميع الاحكام السابقة في حالة طلب الزوجة تطليق نفسها اذا كانت قد احتفظت لنفسها بالحق في ذلك في وثيقة الزواج ويجب علي الموثق اثبات ما تم من اجراءات في تاريخ توقيع كل منهما علي النموذج المعد لذلك ولا يعتد في اثبات الطلاق في حق اي من الزوجين الا اذا كان حاضرا اجراءات التوثيق بنفسه او من ينوب عنه او من تاريخ اعلانه بموجب ورقة رسمية.
حكم نقض أخر بشأن إثبات التطليق
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه في مسائل الأحوال الشخصية استشهاد الطاعنة بشاهد مسيحي أمام محكمة أول درجة لا يحول بينها وبين تمكينها من إثبات دفاعها على الوجه الصحيح المتفق مع المنهج الشرعي أمام محكمة الاستئناف، وأن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعاوى لعدم اكتمال نصاب البينة الشرعية في إثبات الضرر المبيح للتطليق للزواج بأخري والتفات المحكمة عن الطلب الاحتياطي للطاعنة بإحالة الدعوى للتحقيق لإثبات دفاعها على الوجه الشرعي الصحيح، لا يواجه دفاع الطاعنة أو طلبها ولا يتضمن ما يسوغ رفضه، يكون أثره قصور في التسبب وإخلال بحق الدفاع، وذلك طبقا للطعن رقم 242 لسنة 70 قضائية "أحوال شخصية" – جلسة 26 أكتوبر 2002.
حال عجز الزوجة عن إثبات التطليق تلجأ لسيناريوهين
يشار إلى أنه في حال عدم قدرة الزوجة في إثبات التطليق لها أن تأخذ طريق الطلاق للضرر أو الخلع إذا اقتضى الأمر، والزوجة تلجأ إلى تقديم دعوى الطلاق للضرر عندما يقع عليها ضرر مادي أو نفسي من الزوج، فمن حقها طلب الطلاق للضرر عن طريق محكمة الأسرة بشرط إثبات الضرر، وغالبا ما يكون بشهادة الشهود، وفي هذه الحالة تحتفظ الزوجة بحقوقها الشرعية والمادية مثل حضانة الأطفال ونفقتهم، والإقامة بمسكن الزوجية حتى سن الأطفال القانوني، وفى حال كون المسكن إيجار فإن الزوج يكون ملزمًا بدفع الإيجار شهريا.
والمطلقة للضرر تحتفظ بكافة حقوقها وتحصل على جميع المنقولات الخاصة بها، وليس من حق الزوج الامتناع عن إعطائها منقولاتها، وإلا عرض نفسه للحبس، والمطلقة للضرر تحصل على نفقة متعة لا تقل عن سنتين، حتى ولو كان الزواج لم يستمر سوى يوم واحد فقط، بالإضافة إلى نفقة العدة والتي تعادل فترة العدة الخاصة بها، و تكون حوالي 3 شهور، وأيضا الحصول على مؤخر الصداق المسجل بقسيمه الزواج، كما أنه في حال وصول الزوجين إلى طريق مسدود، وتقدمت الزوجة بطلب الطلاق للضرر، وعدم موافقة الزوج على تنفيذ طلبها، فإن الزوجة تلجأ إلى المحكمة لطلب الطلاق للضرر أو الخلع إذا لزم الأمر.
وفى حال الطلاق للضرر فالزوجة لها الحق في الحصول على حقوقها كاملة، وتحدد في دعواها أسباب واضحة لطلب الطلاق مثل "تعدى زوجها عليها بالضرب - الهجر - الزواج بأخرى دون علمها"، حيث أنه إذا لم يكن الزوج مقصر في حقها أو ليس هناك إثبات على الضرر، فإن الزوجة تلجأ إلى الخلع، وفي هذه الحالة تتنازل الزوجة للزوج عن كافة مستحقاتها الشرعية، من نفقة متعة ونفقة عدة ومؤخر صداق، وفي كلتا الحالتين "طلاق أو خلع" فان الزوجة تحتفظ بكافة مستحقاتها في حضانة الأطفال، ومصاريف المدارس، وعلاج الأطفال ونفقتهم.