الجمعة، 22 نوفمبر 2024 02:57 ص

هل العقد "فعلا" شريعة المتعاقدين.. المشرع وضع مبدأ "سلطان الإرادة" لاستقرار المراكز القانونية.. وأجاز للقاضى تعديل العقد بشروط

هل العقد "فعلا" شريعة المتعاقدين.. المشرع وضع مبدأ "سلطان الإرادة" لاستقرار المراكز القانونية.. وأجاز للقاضى تعديل العقد بشروط العقود - أرشيفية
الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021 03:04 م
كتب علاء رضوان

"العقد شريعة المتعاقدين".. جملة عادة ما يرددها الأطراف المتعاقدة في سوق العمل أو في سوق العقارات والايجارات أو البيع والشراء، وذلك في محاولة لإنهاء المناقشة بين الأطراف وبعضها البعض، وتعرف من الناحية القانونية بقاعدة "القوة الملزمة للعقد" التي تعتبر من القواعد الأساسية التي تقوم عليها فكرة العقد في القانون الخاص، فالعقد في القانون الخاص ينشئ لأطرافه مراكز قانونية مستقرة ومتزنة إلى حد ما لا يجوز المساس بها بالإرادة المنفردة لأحد طرفي العقد.  

 

عند الشراء أو البيع للممتلكات، مثل الأراضي أو العقارات والسيارات بل الكثير من الأشياء الحياتية الثمينة، يوقع البائع والمشترى على عقد ورقى يتعهد فيه كلا الطرفين بالالتزام ببنود العقد وتنفيذها دون ان يكلف نفسه عناء قراءة ما وقع عليه من بنود، ربما عن جهل بالقانون أو نتيجة للثقة المفرطة في الطرف الثاني، وعند الاحتكام للقانون والقضاء بسبب الخلاف على تفسير العقد يجد نفسه متورطا فى قضية قد تكلفه الكثير، ليرتفع صوته أمام القضاء "أنا مضيت بحسن نية"، رغم أن "القانون لا يحمى المغافلين"، فما هو العقد وفقا للقانون؟ وكيف تفسر المحكمة بنوده هل وفقا لنصوص العقد أم مضمونه؟

2021_2_18_13_28_54_247

هل العقد "فعلا" شريعة المتعاقدين؟

 

في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين الأطراف المتعاملين بالعقود سواء في سوق العمل أو في سوق العقارات والايجارات أو البيع والشراء بصفة عامة، وهي العبارة المنتشرة بأن "العقد شريعة المتعاقدين".. هل هي عبارة صحيحة أم لا من الناحية العملية؟ وماذا لو طرأت حوادث استثنائية، كيف سيكون وضع العقد وبنوده؟ وهل يجوز للقاضي تعديله من تلقاء نفسه؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد الشهير.

 

 

في البداية – في كثير من الأحيان ما نسمع الجملة سالفة الذكر "العقد شريعة المتعاقدين"، وأيضاَ مصطلح "سلطان الإرادة"، مبدأ "سلطان الإرادة" هو المصدر الأساسي لكل العقود المعروفة أو التي سيتم انشائها ومعنى هذا المبدأ هو "الإرادة الحرة" التي تستطيع أن تنشئ "تصرف قانوني"، لاستقرار المراكز القانونية،، ولأجل ذلك لو أن هناك إرادتين اتفقوا مع بعضهم البعض، يترتب عليها "العقد" وهذا العقد يكون هو "القانون الخاص بهم" أو "شريعة المتعاقدين"، وطالما إن "سلطان الإرادة" هو السبب في إنشاء العقد، بذلك لا يجوز لـ"طرف واحد" أن يغير العقد أو يلغيه من تلقاء نفسه دون موافقة "الطرف الثاني" وهو ما يطلق عليه بـ"القوة التنفيذية للعقد"، وأيضاَ إذا كانت بنود العقد واضحة، لا يجوز لأحد تفسيرها تفسيراَ" مغاير" لنصها، ولأن الإرادة التي اتفقت على البند الواضح، لا يمكن تجنبها وتغيرها دون "رضا الطرفين" - وفقا لـ"الشهير".

4018-images

العبرة فى تفسير العقود

 

والعقد فى القانون هو اتفاق بين طرفين أو أكثر، يلتزم فيه كل منهم ببنود أو وعود متبادلة، بحيث ينفذها القانون، "فالعقد شريعة المتعاقدين"، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون، ويجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقه تتفق مع حسن النية، وقد تضمنت الاعمال التحضيرية للقانون المدني تعيين المقصود بمضمون العقد ، فهو لا يقتصر على الزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص والإقرار، بل يلزمه كذلك بما تقتضيه طبيعته وفقا لأحكام القانون والعرف والعدالة، فإذا تعين مضمون العقد وجب تنفيذه على وجه يتفق مع ما يفرضه حسن النية، وما يقتضيه العرف من شرف التعامل، والعبرة فى تفسير العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والكلمات – الكلام لـ"الشهير".

 

وقد تناول القانون المدنى هذا المعنى فى المادة - 150- منه، ومفاد هذه المادة انه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها، للتعرف على إرادة المتعاقدين، والمقصود وضوح الإرادة لا وضوح اللفظ، أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النيه المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للألفاظ، مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغى أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجارى بينهم.

82944-82944-مالفرق-بين-عقد-البيع-عقد-اتفاف-علي-بيع؟

تفسير الالتزام لمصلحة المدين

 

وإذا عرضت على القاضى دعوى بخصوص عقد من العقود وكانت عبارات هذا العقد غير واضحة وتحتمل أكثر من معني، فإن القاضى بما خوله القانون من سلطه موضوعيه ان يقوم بتفسيره وصولا للكشف عن الارادة المشتركه للمتعاقدين، وفقا لما تراه المحكمة أنه أوفى بمقصود المتعاقدين، وفى استخلاص ما يمكن استخلاصه منها، على أن تبين فى حكمها ما استندت اليه فى هذا التفسير، ولا يجوز للمحكمة وهى تعالج تفسير المحررات ، أن تعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من عبارات المحرر، بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفى مجموعها، بل وواجب ان يتم تفسير الالتزام لمصلحة المدين، إذ كان فى مقدور الدائن ان يجعل الالتزام بالعقد واضحا لا شك فيه.

 

وهنا يتضح الأمر بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون، ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعا للظروف وسد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك، ويجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته، وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام – الكلام لـ"الشهير".

82797-82797-Demystify-the-Real-Estate-Appraisal-in-Vancouver-Processes

سيناريوهات "عقود الإذعان" في حال الاختلاف 

 

فإذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفى الطرف المذعن منها، وذلك وفقا لما تقضى به العدالة، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك، وإذا كانت عبارة العقد "واضحة"، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقا للعرف الجارى فى المعاملات.

 

يفسر الشك فى مصلحة المدين

 

كما يفسر الشك فى مصلحة المدين، ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن، ولا يرتب العقد التزاما فى ذمة الغير، ولكن يجوز أن يكسبه حقا، فإذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده، فإذا رفض الغير أن يلتزم، وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه، ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو نفسه بتنفيذ الالتزام الذى تعهد به، أما إذا قبل الغير هذا التعهد، فإن قبوله لا ينتج أثرا إلا من وقت صدوره، ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول إلى الوقت الذى صدر فيه التعهد. 

 

images

 

ويجوز للشخص أن يتعاقد باسمه على التزامات يشترطها لمصلحة الغير، إذا كان له فى تنفيذ هذه الالتزامات مصلحة شخصية مادية كانت أو أدبية، ويترتب على هذا الاشتراط أن يكسب الغير حقا مباشرا قبل المتعهد بتنفيذ الاشتراط يستطيع أن يطالبه بوفائه، ما لم يتفق على خلاف ذلك، ولكون لهذا المتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التى تنشأ عن العقد، ويجوز كذلك للمشترط أن يطالب بتنفيذ ما اشترط لمصلحة المنتفع، الا إذا تبين من العقد أن المنتفع وحده هو الذى يجوز له ذلك، ويجوز للمشترط دون دائنيه أو ورثته أن ينقض المشارطة قبل أن يعلن المنتفع إلى المتعهد أو إلى المشترط رغبته في الاستفادة منها، ما لم يكن ذلك مخالفا لما يقتضيه العقد.  

 

الاثار المترتبة على نقض المشارطة

 

ولا يترتب على نقض المشارطة أن تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط، إلا إذا اتفق صراحة أو ضمنا على خلاف ذلك وللمشترط إخلال منتفع آخر محل المنتفع الأول، كما له أن يستأثر لنفسه بالانتفاع من المشارطة، كما يجوز في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصا مستقبلا أو جهة مستقبلة، كما يجوز أن يكون شخصا أو جهة لم يعينا وقت العقد، متى كان تعيينهما مستطاعا في وقت أن ينتج العقد أثره طبقا للمشارطة.  

6333-download

 

print