آلاف الأحكام تصدر فى المحاكم المصرية، لصالح الزوجة أو الأبناء بالنفقة، إلا أن الأسر المصرية تعاني من إشكالية عدم اتخاذ الجهات التنفيذية أياَ من الإجراءات الحاسمة لسداد أحكام النفقات، على الرغم من أن المشرع قرر أن "دين النفقة" من الديون التي لها الأولوية في السداد عند تزاحم الديون، حيث استعرضنا في السابق ازدياد نسبة الطلاق والشقاق بين الزوجين الذي أدى بدوره إلى تكدس ساحات المحاكم بدعاوي النفقة بكافة أشكالها وأنواعها.
إلا أن مسألة دعاوى النفقة تواجه العديد من المشكلات العملية والإجرائية في تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقة من خلال القصور التشريعي في كفالة وضمان تنفيذ تلك الأحكام مع وجود العديد من مقترحات للتعديلات الواجب تطبيقها على نصوص مواد قانون الأسرة، وتوضيح الأساس القانوني للالتزام بالنفقة، وكذلك الحد الأقصى للخصم من مرتب الملتزم بالنفقة، وآلية تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات.
الحلول العملية لكيفية تنفيذ أحكام النفقات حال تعنت الآباء
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على كيفية تنفيذ أحكام النفقات وشروط التنفيذ بالحبس، وموقف الزوجة من إنذار الزوج إياها للدخول فى طاعته، حيث أن المشرع أعطى للمرأة سواء كانت متزوجة أو مطلقة وجوب الحضانة ونفقة تشمل المسكن والمعيشة الكريمة وأجرة الرضاعة وتعويضاَ عادلاَ إن كان الطلاق تعسفيا، بالنسبة إلى دعوى النفقة، فهي يجب أن تكون متلازمة مع دعوى الأساس، أي دعوى الهجر أو البطلان أو الفسخ – بحسب الخبير القانونى والمحامية المتخصصة فى الشأن الأسرى – هيام محمد قدرى عضو لجنة المرأة بنقابة المحامين سابقاَ.
كيفية تنفيذ أحكام النفقات
1-في البداية – هناك 4 طرق لكيفية تنفيذ أحكام النفقات وهي النفقة المؤقتة تنفذ بموجب صورة رسمية من محضر الجلسة عليها الصيغة التنفيذية، وتعلن للزوج وبعد ذلك إما تسلم لجهة العمل أو يتم اتخاذ إجراءات الحجز التنفيذى على ما يملك الزوج، وتظل الزوجة تنفذه حتى يصدر حكم موضوعي في النفقة – وفقا لـ"قدرى".
2 ـ نفقة الزوجية حكمها مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون دون الحاجة للنص عليها في الحكم أى أن الطعن بالاستئناف لا يوقف تنفيذها ويتم اتخاذ إجراءات التنفيذ بالحكم الابتدائي ويتم تنفيذها مثل حكم النفقة المؤقتة، إما بإقامة دعوى حبس بالمتجمد بعد صدور حكم الاستئناف.
3ـ سداد النفقة:
ـ قد يقوم الزوج بأداء المفروض عليه بالوفاء بإنذار رسمي على يد محضر أو بعرض البلغ المتجمد بجلسة دعوى الحبس أمام المحكمة فالمقرر قانونًا أنه فى دعوى الحبس إذا بادر الملتزم بالنفقة بأداء الدين المستحق حال تداول الدعوى انتفى أحد شروط الحبس وللمحكمة أن تقضى بانتهاء الدعوى.
4ـ دعوى الحبس في متجمد النفقات للصغار أو الزوجية ومصاريف المدارس والعلاج:
"إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في دعاوى النفقات والأجور وما في حكمها جاز للمحكوم له أن يرفع الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو التي يجرى التنفيذ بدائرتها ومتى ثبت لديها أن المحكوم عليه قادر على القيام بأداء ما حكم به وأمرته بالأداء ولم يمتثل حكمت بحبسه مدة لا تزيد على 30 يومًا فإذا أدى المحكوم عليه ما حكم به أو أحضر كفيلاً يقبله الصادر لصالحه الحكم فإنه يخلى سبيله".
ـ ويستند فى ذلك الى حديث الرسول - على الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته - ومن ثم جعل الأحناف امتناع المدين بعد ثبوت الدين وأمر القاضى بالأداء عن الوفاء من مماطلة يكون الحبس زجر له ـ وكذلك تسمع عن المبالغ التى تأخذ حكم النفقات، عدا المؤخر والمتعة.
ـ وشروط التنفيذ بالحبس هى:
1ـ أن يحصل طالب التنفيذ على حكم نهائى فى دعوى نفقة أو أجور وما فى حكمها.
2ـ أن يكون الحكم نهائيًا أو انتهائيًا وفقًا للنصاب.
3ـ أن يثبت قدرة الصادر ضده الحكم على الوفاء.
4ـ أن يمتنع الصادر ضده الحكم عن الوفاء بعد أن تأمره المحكمة بذلك لحبس مدته ثلاثون يوم ويتم وقف التنفيذ بناء على ما يفيد السداد.
ـ وإذا استحقت النفقة بموجب حكم نهائى ووقفت المحكمة على قدرته على الدفع وحيث يثبت من تحريات الشرطة مقدرة المدعى عليه على الوفاء، وقدرت المحكمة يسار المدعى عليه وقدرته على الدفع، فأمرته بالوفاء وامتنع عن الوفاء، ومن ثم تحققت شروط الحبس وبه تقضى المحكمة.
5 ـ المتعة ومؤخر الصداق لا تسمع فيهما دعوى الحبس
ـ وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية أنه:
"إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائى الصادر فى دعاوى النفقات والأجور وما فى حكمها جاز للمحكوم له أن يرفع الأمر إلى المحكمة التى أصدرت الحكم أو التى يجرى التنفيذ بدائرتها، ومتى ثبت لديها أن المحكوم عليه قادر على القيام بأداء ما حكم به وأمرته بالأداء ولم يمتثل حكمت بحبسه مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً".
ـ مؤدى هذا النص ان دعوى الحبس لا تقام إلا فى دعاوى النفقات ومنها نفقة الزوجية والعدة والصغار والاقارب والاجور لأنها فى حكم النفقات وكذلك المصاريف الثابتة كمصاريف المدارس والعلاج ويقضى بالحبس عند الامتناع رغم يساره.
ـ أما عن المتعة فهي لا تعد من النفقات ولا تأخذ حكمها وكذلك الحال لمؤخر الصداق فإن للمحكوم لهن اللجوء للمحكمة التي أصدرت حكماً فى ثمة دعوى من دعاوى النفقات والأجور أو للمحكمة التى يقع التنفيذ بدائرتها لأمر المحكوم عليه بالأداء وحبسه عند الامتناع، ولما كان هذا النص قد خصص تلك الدعاوى التى يجوز معها للمحكوم لهن إقامة دعوى الأداء والحبس عند قصور المحكوم عليها عن تنفيذ الأحكام الصادرة فيها ولم يكن من يبنها الأحكام الصادرة بأداء مؤخر صداق المطلقات أو اللاتي توفى عنهن أزواجهن.
6ـ إبطال مفروض نفقة زوجية للنشوز:
"إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها".
وموقف الزوجة من إنذار الزوج إياها للدخول في طاعته لا يخرج عن 3 فروض:
الأول: حالة عدم قيام الزوجة برفع دعوى الاعتراض على إنذار الزوج إياها بالدخول في طاعته ففي هذه الحالة توقف نفقة الزوجة على الزوج من تاريخ انتهاء مدة الثلاثين يوماً الممنوحة لها للاعتراض خلالها بقوة القانون دون حاجة إلى استصدار حكم قضائي بذلك لأن الامتناع معتبر قانوناً بحكم النص.
الثاني: إذا أقامت الزوجة الاعتراض إلا أنها قامت بقيده بعد ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليها حكمت المحكمة بعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد الميعاد فتوقف نفقة الزوجة من تاريخ انتهاء مدة الثلاثين يوماً المقررة للاعتراض أيضاً، ولا تسقط نفقة الزوجة إلا باعتبارها ناشزاً بموجب حكم نهائي بذلك.
الثالث: قيام الزوجة برفع الاعتراض في الميعاد فإذا رفضت الدعوى أوقفت نفقة الزوجية من تاريخ إنذار الزوج وليس من تاريخ الحكم في الدعوى باعتبار أن الحكم ذو طبيعة كاشفة وليست منشئة.
7ـ نشوز الزوجة لا يسقط حق الزوجة في المؤخر أو المتعة:
ـ نشوز الزوجة لا يمنع حق الزوجة في حضانة صغيرها، إنما يسقط حقها فى النفقة الزوجية المقررة لها ولا يسقط حقها فى المؤخر أو المتعة عند طلاقها.
8ـ تسليم صورة تنفيذية ثانية فى حالة ضياع الأولى:
-وفقاً لنص المادة 183 من قانون المرافعات على أنه لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا فى حالة ضياع الصورة الأولى، وتحكم المحكمة التى أصدرت الحكم فى المنازعات المتعلقة بتسليم الصورة التنفيذية الثانية عند ضياع الأولى بناء على صحيفة تعلن من أحد الخصوم إلى خصمه الآخر.
-وإذا ثبت فقد الصورة التنفيذية الأولى من الحكم طبقاً للشهادة المستخرجة من قسم الشرطة بشأن تحرير مذكرة "محضر" بفقدها، والذي تطمئن به المحكمة من ضياع الصورة التنفيذية الأولى، الأمر الذي يكون من حق المدعى للحصول على صورة تنفيذية ثانية من الحكم.