"شقيقي عايش في دولة اليونان منذ أكثر من 40 عام، وتزوج وأنجب بنتين فقط من زوجته اليونانية، وهو متجنس مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية - توفاه الله من فترة قريبة - وربنا أنعم عليه بممتلكات وثروة لا بأس بها: السؤال هنا هل نحن أخواته البنات سيكون لنا الحق في الورث؟ وما الذي سيحكم عملية الميراث هنا هل قانون جنسيته المصرية (الأصل) أم قانون دولة اليونان المتجنس بجنسيتها".. بهذه الكلمات بدأت "أميمة. م"، 43 سنة، سرد مشكلتها في محاولة لإيجاد حلول قانونية.
وتابعت: "وفى حال تم العمل بقانون اليونان هل أخواته سيورثون؟ ولو تم العمل بالقانون المصري سنرث؟ وما هي الإجراءات المقررة أو حتى مع وجود وصية بجزء من التركة، كيف سنتحصل على نصيبنا من التركة، وما هو القانون الواجب تطبيقه في هذه الحالة؟ وهل هناك قواعد قانونية حاكمة لتلك الإشكالية؟ وغيرها من الأزمات التي لازلنا نبحث لها عن حلول قانونية ومنطقية، وتضارب فيها الأقوال من قبل أشخاص عاديين ومتخصصين.
كيفية توزيع المواريث حال وفاة مصرى متجنس بجنسية الدولة التي مات على أرضها؟
وللإجابة على تلك الإشكالية – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض المتخصص في قضايا والاقامات والتجنس رابح الدسوقى - قبل الرد على تلك الاستفسارات يجب معرفة القانون الواجب التطبيق علي الميراث والوصية: فقد نصت ماده 17/1 من القانون المدني علي إنه: "يسرى علي الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلي ما بعد الموت قانون المورث أو الموصي أو من صدر منه التصرفات وقت موته"، وطبقا ً لهذا النص فإن التركة تخضع لقانون جنسية المورث وقت الوفاة سواء كانت الخلافة اجبارية (ميراث) أو اختيارية (وصية) والهدف من ذلك هو تلافي تعدد القوانين التي تحكم التركة إذا ما كانت اعيانها موزعة في عدة دول أو كان الورثة منتمين إلي عدة جنسيات، وذلك بالأخذ بقانون جنسية المورث دون غيره من القوانين كقانون موقع الأموال أو قانون جنسية الورثة أو الموصي لهم مع التسوية بين العقارات والمنقولات في هذا الشأن.
ووفقا لـ"الدسوقى" في تصريح لـ"برلماني" - ولعل ما ذهب إليه المشرع المصري من اعتبار الميراث من مسائل الأحوال الشخصية وإخضاعه بالتالي لقانون الجنسية يتفق مع ما تنقض به بعض التشريعات مثل التشريع "الإيطالي – الالماني – اليوناني"، إلا أنها تخالف تشريعات أخرى تعتبر الميراث من مسائل الأحوال العينية التي تخضع لقانون موقع المال سواء كان منقولا ًأم لعقار، فيذهب الفقه والمشرع إلى أن اخضاع الميراث لقانون الجنسية يرجع إلى الصلة الوثيقة بينه وبين روابط الأسرة نظرا لأن الميراث يؤدي الي انتقال أموال المتوفي إلي أقاربه أو من تربطهم به رابطة الزوجين .
مجال تطبيق قانون جنسية المورث وقت الوفاة
وبحسب الخبير القانوني: فقد اتسع في مجال تطبيق قانون جنسية المورث وقت الوفاة لكي ينظم الأحكام العامة لاستحقاق الإرث، فيحدد متي يعتبر المورث ميتا ومتي لا يعتبر المفقود أيضا في حكم الميت، كما يبن هذا القانون حياة الوارث شرطا للإرث أم لا، وكذلك أحكام وشروط توريث الجنين، وأيضا بيان ما إذا كان من الممكن أنه يرث المتوفي ورثه وارثه، وشروط هذا الإرث وهو ما يعرف في الشريعة الإسلامية باسم الوصية الواجبة، كما يرجع إلي قانون جنسية المورث وقت الوفاة لتحديد من هم الورثة ومراتبهم مثلا الي درجة القرابة التي تخول حق الإرث، كما يحدد نصيب كل وارث من التركة وبين موانع الإرث كاختلاف الدين، وكما يبين حق المورث في تعيين منفذ للوصية، ومدي سلطه القاضي تعيين مدير للتركة.
كذلك يحدد قانون جنسية المورث وقت الوفاة الحقوق والالتزامات التي تنقل إلى الورثة، وكيفية هذا الانتقال ودقته، وأهمية هذه المسألة نظرا لاختلاف الشرائع اختلافا كبيراً فيما بينها، فبينما يعتبر الارث في الشريعة الاسلامية اجباراً يثبت للورثة بحكم القانون، أما بنسبة للوصية والقانون الواجب التطبيق فقد وضع المشرع المصري الوصية مع الميراث في قاعدة إسناد واحدة أوردها في المادة 17 فقرة 2 من القانون المدني "والتي تنص علي" يسرى علي الوصي وسائر التصرفات المضافة الي ما بعد الموت قانون الموصي أو من يصدر منه التصرفات وقت موته، ولتحديد القانون الواجب التطبيق علي النزاع لا يكفي تكييفه باعتباره وصيه، إذ أن المشرع المصري قد أورد لموضوع الوصية قاعدة إسناد غير تلك التي تحكم شكلها ونعرض لكل من هاتين القاعدتين طبقا لـ"الدسوقى":
الأولى: قاعدة الإسناد والتي تحكم موضوع الوصية
-فالقاعدة الأولي: والتي تحكم موضوع الوصية، وطبقا لهذا النص فإن الشروط الموضوعية للوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت تخضع لذات القانون الذي تخضع له الشروط الموضوعية للإرث، وهو قانون الجنسية المورث وقت الوفاة والشروط الموضوعية هي الشروط اللازمة لصحة الوصية من الناحية الموضوعية، وتشمل شروط تتعلق بالموصي وشروط تتعلق بالموصي له.
الثانية: قاعدة الإسناد التي تحكم شكل الوصية
-أما القاعدة الثانية: وهي شكل الوصية وسائر التصرفات المضافة الي ما بعد الموت تختلف عن قاعدة الاسناد والخاصة بموضوع هذه التصرفات، فإنه يتعين علي القاضي الوطني إذا ما عرض عليه نزاع يتعلق بالوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت أنه يحدد اولاً ما إذا كان النزاع يتعلق بشكل ام الموضوع، ويعتبر ذلك من مسائل التكييف التي تخضع لقانون القاضي وهو القانون المصري.
ماذا عن شكل الوصية؟
وبالنسبة للشكل فقد نص المشرع في ماده 17/2 على أنه يسري علي شكل الوصية قانون الموصي وقت الإيصاء أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية، وكذلك الحكم في شكل التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت اي أن الوصية، وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت تخضع من الناحية الشكلية لقانون محل الابرام أو قانون جنسية الموصي وقت الايصاء، والقانون المتبع في اليونان علي الميراث هو قانون دولة جنسية المالك وفي حال كان المالك حامل لأكثر من جنسية يتم العمل علي قوانين الدولة المرتبط بها أكثر إلا في حال كان المالك حامل للجنسية اليونانية، وعليه تطبيق قانون الميراث لدوله اليونان الورثة الفرصة لتقديم مطالبهم بالميراث خلال فتره 6 أشهر.