"اشتريت شقة في منطقة راقية، وتأخر المكتب المقاول في التسليم لمدة سنتين وأربعة أشهر، ما اضطرني إلى إرسال إنذار علي يد محضر من المحكمة بتاريخ التسليم، وكان الرد بأنه ملتزم بدفع بدل الإيجار عن الوحدة عن مدة التأخير، والآن العقار جاهز وتبقى مبلغ 200 ألف جنيه، وطلبت منه خصم مبلغ بدل الإيجار من دفعة التسليم، ولكن المطور العقاري لا يريد دفع شيء ويماطل".. بهذه الكلمات بدأ الشاب "أحمد. ع"، 38 سنة، محافظة الإسكندرية، سرد معاناته وتجربته مع إحدى مكاتب المقاولات في محاولة لإيجاد حلول قانونية.
وتابع: "واليوم أرسل لي مكتب المقاولات إنذارًا يطلب مني استلام العقار ودفع دفعة التسليم خلال 7 أيام وإلا سيلجأ للقانون، وبسؤال أحد الأصدقاء أخبرني أن سبق له وأن تعرض هذا الأمر مع إحدى شركات التطوير العقاري، وتم استنزافه من قبل الشركة، بينما نصحني آخرون باللجوء إلى المتخصصين في ذلك الشأن حتى لا تتكرر المأساة معي، وذلك في محاولة لمعرفة هل هناك التزام لشركة المقاولات أو المطور العقاري، وما هو موقفي القانوني؟ وماذا يجب أن أفعل؟
التزام شركة المقاولات أو المطور العقاري هو التزام تعاقدي مدني يخضع للمسئولية التعاقدية
وللإجابة على تلك الإشكالية – يقول الخبير القانونى والمحامي بالنقض سامى البوادى - أن التزام شركة المقاولات هنا أو المطور العقاري هو التزام تعاقدي مدني يخضع للمسئولية التعاقدية، والمقرر في قضاء النقض أنه بمجرد عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقد يعتبر في ذاته خطأ موجباَ للمسئولية التي لا يدرؤها عنه إلا إثباته قيام القوة القاهرة أو خطأ الدائن، والثابت أن الأصل فى المسألة المدنية، أن التعويض عموماَ يقدر بمقدار الضرر المباشر الذى أحدثه الخطأ، وأن المدين فى المسئولية العقدية لا يلزم فى غير حالتى الغش والخطأ الجسيم إلا بتعويض الضرر الذى يمكن توقعه عادة وقت التعاقد عملاَ بالمادة 211/1 من القانون المدنى مع الاعتداد فى تقريره بقيمة الالتزام فى الوقت، فطالما مع السائل ما يفيد وجود عقد بيع بينه وبين المطور الذى باع له الوحدة محل النزاع، ونص فى هذا العقد على تاريخ التسليم، وحيث إن هذا العقد ممهور بتوقيع منسوب للمطور أو من يمثله قانونا، ومن ثم فهو ملتزم بما جاء بهذا العقد سيما ولم يطعن على توقيعه، وثبت أن المشتري سددا المبالغ المستحق عليه حتي وقت التسليم المتفق عليه.
وبحسب "البوادى" في تصريح لـ"برلماني" - فالتزام المطور العقاري بتسليم الوحدة السكنية محل النزاع فى ميعاد محدد طالما ثبت من الأوراق على نحو يقيني لم ينازع فيه بل واقر بأحقية المشتري في بدل ايجار عن المدة التي تأخر فيها عن ميعاد التسليم المتفق عليه، وثبت أن المشتري قد أوفي بالتزامه، ولم يفى المطور فإن ثبوت وجود أضرار مادية لحقت بالمشتري جراء هذا التأخير مع التزامه بالاتفاق على مسكن آخر، وكذا أضرار أدبية يمثل فى الأثر النفسي والعناء والمجهود المترتب على هذا التأخير يكون قد صادق صحيح الواقع والقانون، ومن ثم يستحق التعويض عن التأخير لهذه المدة، ويتم خصمه وانقاصه من الدفعة المتبقية والمتفق علي سدادها عند التسليم.
المشرع أعطى للمشترى الحق فى التعويض عن مدة التأخير
ووفقا لـ"البوادى": وكذلك لما كانت المادة 226 من القانون المدنى قد نصت على: "إذا كان محل الالتزام مبلغاَ من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به كان ملزماَ بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها 4% فى المسائل المدنية و5% فى المسائل التجارية وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاَ أخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره، حيث أن العديد من الأزمات التي تقع بين البائع والمشترى، بشأن مسألة تسليم العقار أو الوحدة السكنية من قبل البائع للمشترى، وهو الأمر الذى ناقشته العديد من مواد القانون المدنىن والمعروف بـ"تسليم المبيع"، الذى هو فى الأساس يعنى وضعه تحت تصرف المشترى، بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل طبقا للمادة 435 من القانون المدنى.
ومن الجدير بالذكر أن السائل كان له الحق في تحريك الدعوي الجنائية إبان هذا التراخي في تسليم الوحدة السكنية قبل المطور العقاري الغير ملتزم حيث أن الواقعة الماثلة هي جنحة وفقا لنص المادة 23 من قانون 136 لسنة 1981 تعرف بجنحة بالتراخي العمدي في استكمال الوحدة السكنية عن الميعاد المتفق عليه إذا يعاقب بعقوبة النصب المنصوص عليها فى قانون العقوبات المالك الذي يتخلف دون مقتضى عن تسليم الوحدة فى الموعد المحدد فضلاَ عن إلزامه بأن يؤدى إلى الطرف الأخر مثلى مقدار المقدم، وذلك دون إخلال بالتعاقد.
وأجاز خصمه وانقاصه من الدفعة المتبقية والمتفق على سدادها عند التسليم
ويشترط لتوافر تخلف المالك عن تسليم الوحدة المباعة في الموعد المحدد اتفاق الطرفين على ميعاد للتسليم وتخلف المالك عن تسليم العين دون مقتضى في الموعد المحدد، وأن يستظهر توافر شروط تطبيق نص المادة 23 آنف البيان، ومنها أن تخلف الطاعن عن تسليم الوحدة في الموعد المقرر كان بغير مقتضى وهو مناط التأثيم في هذه الجريمة فلا يصح اتخاذ من مجرد عدم تسليم العين المباعة في الميعاد المتفق عليه بين الطرفين دليلا على تحقق هذه الجريمة بعناصرها القانونية كافة قبل المطور طالما لم يتحقق ان التراخي راجع له دون أي ظروف خارجية، وهذا ما ثبت بإقراره بالتزامه عن بدل ايجار للوحدة المتفق علي بيعها طوال مده تراخي التسليم.
رأى محكمة النقض في الأزمة
محكمة النقض المصرية سبق لها التصدي لهذه الإشكالية الخاصة بجريمة التخلف عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد ومناط تحقيقها من خلال حكم "إيجار أماكن"، حيث أكدت أن نص المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد جرى على أنه: "يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذي يتقاضى بأية صورة من الصور، بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة.... إلخ، ويعاقب بذات العقوبة المالك الذي يتخلف دون مقتضى عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد، فضلاً عن إلزامه بأن يؤدي إلى الطرف الآخر مثلي مقدار المقدم، وذلك دون إخلال بالتعاقد وبحق المستأجر في استكمال الأعمال الناقصة، وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977".
ومفاد ما تقدم، أنه يشترط لتوافر تخلف المالك عن تسليم الوحدة المؤجرة أو المباعة في الموعد المحدد اتفاق الطرفين على ميعاد للتسليم وتخلف المالك عن تسليم العين دون مقتضى في الموعد المحدد، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بثبوت الجريمة الثانية في حق الطاعن دون أن يستظهر توافر شروط تطبيق نص المادة 23 آنف البيان، ومنها أن تخلف الطاعن عن تسليم الوحدة في الموعد المقرر كان بغير مقتضى وهو مناط التأثيم في هذه الجريمة واتخذ من مجرد عدم تسليم العين المؤجرة في الميعاد المتفق عليه بين الطرفين دليلا على تحقق هذه الجريمة بعناصرها القانونية كافة قبل الطاعن/ فإن الحكم يكون قاصر البيان بالنسبة للتهمة الثانية بما يعيبه ويوجب نقضه كله والإعادة بالنسبة إلى التهمتين موضوع الدعوى تحقيقا لحسين سير العدالة وذلك دون حاجة لبحث الوجه الآخر من الطعن، طبقا للدوائر الجنائية الطعن رقم 10098 لسنة 62 جلسة 14-1-2002 مكتب فنى 53 ص 78.