أصدرت محكمة النقض، حكماَ قضائياَ في غاية الأهمية بشأن تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: "المستأجر الذي أقام مبنى مكون من أكثر من 3 وحدات سكنية بذات البلد يُخير بين إخلاء المسكن الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم للمؤجر سواءً كان المبنى قد أقامه المستأجر بنفسه أو آل إليه بالشراء مبنياً".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 10463 لسنة 76 القضائية، برئاسة المستشار جرجس عدلى، وعضوية المستشارين محمد منصور، ومنصور الفخرانى، وصلاح المنسى، ومحمود أبو المجد.
الوقائع.. نزاع بين المالك والمستأجر حول الشقة
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على مورث الطاعنين دعوى قضائية بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وذلك على سند من القول أنه استأجرها منه بموجب عقد ايجار مؤرخ 1 أبريل 1978، وقد أقام مبنى به أكثر من 3 وحدات، ثم صحح المطعون ضده شكل الدعوى باختصام الطاعنين لوفاة مورثهم أثناء نظرها، ثم حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده، وفيه قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات، ثم طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على شراء المستأجر عقار
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى بإخلاء العين محل النزاع استنادا إلى نص المادة 2/22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 رغم أن ملكية المبنى آلت إلى مورثهم – المستأجر الأصلي – بالشراء مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان الأصل في قواعد التفسير أنه إذا أورد المشرع مصطلحاَ معينا في نص ما لمعنى معين وجب صرفه، لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، إلا إذا تبين أن المعنى الاصطلاحي يجافى قصد المشرع فإن ذلك يؤكد أنه تحول عن هذا المعنى إلى معنى أخر يدل عليه ظاهر النص، ومن ثم فإن التعرف على الحكم الصحيح من النص يقتضى تقصى الغرض الذى رمى إليه والقصد الذى أملاه، والعبرة في تفسير النصوص – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمبانى.
نص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك - وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن: "وإذا أقام المستأجر مبني مملوكاً له يتكون من أكثر من 3 وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبني الذي أقامه بما لا يجاوز مثلى الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه"، يدل على أن المشرع استهدف تحقيق نوع من التوازن في العلاقات الإيجارية فارتأى أنه مما يحقق العدل أن يخير المستأجر بين إخلاء المسكن الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم للمؤجر أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بأجرة لا تزيد عن مثلى الأجرة التي يدفعها إذا أقام لحسابه في تاريخ لاحق على عقد استئجاره بناء تزيد وحداته عن 3 وحدات سكنية تامة البناء خالية من سكنى الغير وصالحة للانتفاع بها بعد نفاذ القانون المذكور إذ يكون في مكنته حينئذ الاستغناء عن مسكنه والاستعاضة عنه بآخر فى المبنى الذى أقامه.
النقض تنصف المالك بفسخ عقد الإيجار القديم لامتلاك المستأجر عقار بذات البل
ولما كانت إرادة المشرع التى صاغ على ضوئها هذا النص والغاية التى استهدفها من تقريره إياه تتوفر سواءً كان المبنى قد أقامه المستأجر بنفسه أو آل إليه بالشراء مبنياً، طالما توافرت فى وحداته الشرائط سالفة البيان التي تمكن المستأجر من الاستغناء عن الوحدة السكنية المؤجرة والاستعاضة عنها بوحدة أخرى بعقاره الجديد أو تنفيذ التزامه بتوفير وحدة سكنية ملائمة به لأحد المستفيدين من حكم النص، وذلك اتساقاً مع روح التشريع واستهداءً بحكمته التي تغياها المشرع وهي إعادة التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية بعد أن أصبح المستأجر – وقد كان الطرف الضعيف فيها - من طائفة الملاك، والقول بغير ذلك يؤدي إلى إثراء طائفة من الملاك على غيرهم بغير مبرر ويعد مجافاة لروح العدالة، كما يجعل المستأجر الذي أقام البناء في وضع قانوني أسوأ ممن اشتراه خالياً، وهو ما لا يتفق مع العقل والمنطق ويتنزه عنه المشرع.
4 شروط لفسخ عقد ايجار المستأجر حال امتلاكه عقار
لما كان ذلك - وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها، ومنها تقرير الخبير الأول خلصت إلى أن البناء الذى آلت ملكيته إلى مورث الطاعنين بموجب عقد البيع المؤرخ 29 فبراير 1996 لاحق على استئجاره لعين النزاع واشتمل – وقت الشراء – على أكثر من 3 وحدات سكنية تامة البناء خالية من سكنى الغير وصالحة للانتفاع بها بما تتوفر معه الشروط المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 22 من القانون سالف الذكر، حيث أنه من المقرر وفقاَ لأراء الفقه أنه يشترط للإفادة من نص المادة رقم 22/2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أربعة شروط وهي:
1-أن يقيم المستأجر مبنى مملوكاَ له يتكون من أكثر من 3 وحدات.
2-أن تكون إقامة المبنى لاحقة للتأجير.
3-أن يكون المكان المؤجر لأغراض السكنى.
4-أن يكون المبنى المنشأ فى ذات البلد.