الواقع والحقيقة يؤكدان أن الاستثمار في عقار سكني من خلال وضع "تحويشة العمر" في شراء ذلك العقار، قد يكون أمرًا غير مضمونا ومزعجًا في بعض الأحيان، وذلك نظرًا لاحتمال تأخير القليل من المستأجرين في دفع الإيجار، أو الامتناع التام عن الدفع، ومن هنا يصبح الموضوع كابوسًا بدلًا من كونه استثمارًا لصاحبه، لذلك قد تحتاج إلى معرفة كافة الإجراءات القانونية اللازم اتباعها في حالة كان هناك أحد المستأجرين لا يدفع الإيجار أو قام بترك المنزل ولديه مديونية كبيرة من الأقساط المتأخرة.
ومسألة فسخ عقد الإيجار من الموضوعات التي تشغل الطرفين من مالك ومستأجر والتي تعد بمثابة "لغم" من الممكن أن ينفجر في حال الاقتراب منه حيث سيؤدى لكلا الطرفين للوصول إلى أروقة المحاكم لسنوات وسنوات، وذلك لتعدد الحالات التي يمكن بناء عليها اللجوء إلى هذا الإجراء مع ملاحظة التباين في المواقف بين المؤجر من جانب والمستأجر من جانب آخر، ومؤخرًا بدأت هذه المشاكل يُحد منها بعد أن أصبحت عقود الإيجار تخضع فى تنظيمها للقواعد الواردة والمنصوص عليها فى القانون المدني والتي بموجبها أصبح العقد، كما يقال شريعة المتعاقدين.
فسخ عقد الايجار يُعد بمثابة "حقل ألغام" بين الملاك والمستأجرين
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها: هل يجوز طرد المستأجر دون اللجوء للقضاء؟ وما هي الشروط لإتمام هذا الإجراء؟ وذلك في الوقت الذى يحاول فيه العديد من الملاك وأصحاب العقارات اللجوء عادة إلى طرد المستأجرين دون اللجوء إلى القضاء أو المحاكم، في محاولة لتوفير الوقت والجهد الذى من الممكن أن يضيع بين أروقة المحاكم حيث يصل الأمر أحيانا إلى وفاة المالك قبل أن يحصل على وحدته نتيجة لبطيء التقاضي أو عدد سنوات المقاضاة - بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد عبد التواب.
متى يحق للمالك طرد المستأجر دون اللجوء للقضاء؟
في البداية - القانون المدني حدد الحالة التي يحق فيها لمالك العقار فى الإيجار الجديد مطالبة المستأجر بإخلاء مسكنه دون اللجوء للقضاء، أو بمعنى أدق حدد القانون حق المؤجر في طرد المستأجر عن طريق قسم الشرطة دون اللجوء إلي المحكمة شريطة توثيق عقد الإيجار بالشهر العقاري بحضور الطرفين، وهنا يثور التساؤل.. هل إثبات التاريخ في العقد كافي أم غير كافي؟ فبصدور القانون رقم 137 لسنة 2006 تم إضافة فقرة ثانية إلى نص المادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1996 ونصها كالأتي: "ويكون للمحررات المثبتة لهذه العلاقة الإيجارية وشروطها وانتهائها قوة السند التنفيذي بعد توثيقها بحضور أطرافها"، ويترتب على هذه المادة ما يلى – وفقا لـ"عبد التواب":
1-يحق للمؤجر أن يطرد المستأجر إذا انتهت مدة الإيجار وامتنع عن إخلاء العين، وذلك بأخذ أصل عقد الإيجار وصورة منه محضرين التنفيذ بالمحكمة التابع لها العين محل الإيجار والتي تقوم بدورها بتنفيذ مضمون العقد مثله مثل أي حكم يتم تنفيذه بواسطة الشرطة.
2-كما أنه يحق للمؤجر طرد المستأجر تحقيقا للشرط الصحيح الفاسخ الخاص بتأخر المستأجر عن سداد القيمة الإيجارية ولو لمدة قسط واحد.
وحتى يتم ذلك يلزم عدة شروط – الكلام لـ"عبد التواب":
1-أن يتم التصديق على هذا العقد فى الشهر العقاري ويتم تزيله بالصيغة التنفيذية في السجل الخاص بذلك فى الشهر العقاري.
2-أن يسرى على العقد أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996.
3-ألا تزيد مدة الإيجار عن 9 سنوات.
4-يلزم حضور الطرفين أمام الموثق في مكتب الشهر العقاري التابع له العين.
ويقوم الموظف المسئول بوضع الصيغة التنفيذية علي عقد الإيجار استنادا للمادة الثانية من القانون رقم 68 لسنة 1947 "قانون التوثيق" بحضور طرفي عقد الإيجار، ويختم العقد بخاتم المأمورية، وبذلك يصبح سندا تنفيذيا طبقا لمفهوم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1996.
في حالة امتناع الموظف عن إعطاء الصيغة التنفيذية
أما في حالة امتناع الموظف عن إعطاء الصيغة التنفيذية على العقد الذي توافرت فيه الشروط السابق ذكرها فإنه يحق لصاحب الشأن استنادا للمادة "7" من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 أن يلجأ لقاضي الأمور الوقتية بالمحكمة التابع لها مكتب التوثيق بطلب أمر علي عريض بتسليمه الصورة التنفيذية وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ رفض مكتب التوثيق وضع الصيغة التنفيذية على العقد.
في حالة فقد عقد الإيجار المتضمن الصيغة التنفيذية
أما في حالة فقد عقد الإيجار المتضمن الصيغة التنفيذية فإنه لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية إلا بحكم من محكمة المواد الجزئية التي يقع مكتب التوثيق في دائرتها بعد اختصام الطرف الأخر في عقد الإيجار ومكتب التوثيق بعد تقديم الأسباب والأدلة التي تسمح بطلب الصورة التنفيذية الثانية من عقد الإيجار، وذلك منعا من اقتضاء الحق أكثر من مرة وهو ما نصت عليه المواد 9 من القانون رقم 68 لسنة 1947 و183 من قانون المرافعات.
ماذا يفعل المؤجر تجاه المستأجر الممتنع عن دفع الإيجار؟
في هذه الحالة يقوم المؤجر بطرد المستأجر أو إقامة دعوى تكرار تأخير أو امتناع عن دفع الإيجار، فإذا تم إنذار المستأجر ولم يستجب أو يقوم بدفع الأجرة، فلا يجوز له السداد أمام المحكمة ويجوز للمؤجر إقامة دعوى قضائية مباشرة لطرده، واسترداد الوحدة السكنية مرة أخرى.
هل يجوز طرد المستأجر دون اللجوء للقضاء؟
من حق المالك أن يطرد المستأجر إذا انتهت مدة العقد وامتنع المستأجر من إخلاء الشقة، ويكون ذلك بأخذ أصل عقد الإيجار وصورة منه لقلم المحضرين المحكمة التابعة، التي تنفذه بواسطة الشرطة، ويسري نفس الوضع في حالة تأخر المستأجر عن سداد الإيجار فإذا اتفق الطرفان على أن الإخلاء يتم في حالة عدم السداد شهر أو شهرين، فمن حق المؤجر استرداد الوحدة من المستأجر، مع العلم أنه لكي يسرى هذا لا بد أن يكون عقد الإيجار موثقًا بحضور الطرفين ولا يكفى عمل إثبات تاريخ للعقد.
إقامة دعوى الطرد بسبب التأخير أو الامتناع عن سداد الإيجار
وهنا دعوى الإخلاء لتكرار التأخر أو الامتناع عن سداد الأجرة من حيث الشروط اللازمة لإقامة دعوى الإخلاء، حيث أنه وفقًا لنص المادة 18 ب من القانون رقم 136 لسنة 1981: "إذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء"، وتنقسم هذه الشروط إلى:
1- الامتناع عن سداد الأجرة
تقوم هذه الدعوى بسبب امتناع المستأجر عن دفع الأجرة ولكن يأتي بمقتضاها شروط أخرى وهي:
أ-سبق إقامة دعوى إخلاء لعدم سداد الإيجار المتأخر يستقر الأمر بشأنها إلى عدم إجابة المؤجر لطلبة بدفع المستأجر الأجرة.
ب-ألا يكون هناك مبررات لدى المستأجر لتأخره في السداد وهذه المبررات يقدرها القاضي ويجب أن تكون المبررات مقبولة ومقنعة.
2- مدلول مبررات التأخر في سداد الإيجار الشهري
ويقصد بها التأخير في دفع آخر إيجار الذي أقيمت عليه الدعوى وليست المرات السابقة، وطبقًا لقانون الطعن رقم 661 لسنة 74 ق، “متى تمسك المستأجر بمبررات تخلفه عن الوفاء بالأجرة، وجب على محكمة الموضوع أن تطلع عليها تبحثها وتخضعها لتقديرها، وأن تبين في حكمها ما يسوغ رفضها أو قبولها، رفض المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن التأخر في عرض الأجرة يرجع لفعل المحضرين يعيب حكمها بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع”.
وفي هذه الحالة ربما توفر الهيئة القضائية طريقة دفع مناسبة للطرفين، بحيث تُقدر بها حالة المستأجر المالية أو أسباب تأخيره، وفي نفس الوقت تلزمه في نهاية الأمر بسداد القيمة الإيجارية للمؤجر، وذلك بطرق أيسر تضمن حق الطرفين.
ما هي شروط ثبوت دعوى الإخلاء لتكرار الامتناع عن دفع الإيجار؟
يشترط لثبوت دعوى تكرار تأخير الإيجار أن يكون مقدار الأجرة الشهرية في الدعوى اللاحقة هي نفس الأجرة في الدعوى المتخذة سابقًا، حيث إنه إذا لحق بهذه الأجرة أي تغيير، تصبح الأجرة بعد التعديل محل منازعة جديد ويتعين على المحكمة أن تفصل فى هذه المنازعة وصولًا إلى تحديد الأجرة المستحقة الجديدة.
حيث يدخل ضمن مخالفة شروط العقد عملية تكرار امتناع المستأجر أو تأخره في دفع الأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حيث يحكم عليه فى هذه الحالة بإخلاء الشقة، ويستردها المؤجر وفقًا لقرار المحكمة، حيث تقوم بإخطار أقرب قسم شرطة للشقة السكنية، ومن ثم تقوم بإخلاء الشقة وفقًا للإجراءات القانونية.
قانون الإيجار القديم الأكثر جدلًا في الامتناع عن دفع الإيجار
تعتبر شقق الإيجار القديم واحدة من أكثر طرق الحصول على وحدات سكنية رائجة بين المصريين، حيث إنها أرخص من التمليك، في حين تمنح المستأجر سكنًا لفترات طويلة، وفقًا للمدة الزمنية في العقد، ولكن في نفس الوقت يشكو الكثيرون من أصحاب العقارات، من طول المدة التي تصل إلى 59 عامًا، وتوارثها الأجيال، بالإضافة إلى مشكلة امتناع بعض المستأجرين عن الدفع أو التأخير.
لذلك حرص المشرع المصري، على وضع ضوابط والحالات التي يحق فيها للمالك إخلاء الشقة ورفع الإيجار، وهو ما حدده القانون المصري للحالات التي يحق فيها للمالك إخلاء الشقة، وحتى حالات زيادة الإيجار، وفقا للمادة رقم 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
الحالات القانونية التي تستوجب إخلاء الشقة المؤجرة:
1-أن يكون العقار آيلًا للسقوط سواء بشكل جزئي أو كلي
2-عدم دفع المستأجر الأجرة خلال 15 يومًا من تاريخ إنذاره وتكرار امتناعه عن الدفع والتأخير
3-قيام المستأجر بالتنازل عن الشقة أو تأجيرها من الباطن دون موافقة المالك كتابيًا
4-الاستغناء عن الشقة وتركها للأقارب نهائيًا
5-إضرار المستأجر بالشقة المؤجرة أو إتلاف أي شيء بها ويتم ثبوت ذلك بموجب حكم قضائي
6-تغيير نشاط الوحدة على سبيل المثال تحويلها من سكني إلى تجاري
7-الحكم على المستأجر بالسجن أو الحبس في جريمة مخلة بالشرف
8- اندلاع حريق في الشقة وحدوث تلفيات
9-وفاة المستأجر دون أن يمتد عقد الإيجار لزوجته أو أبنائه إذا ثُبت أنهم غير مقيمون معه وقت الوفاة بفترة سنة على الأقل.
ما هو موعد سداد الأجرة هل هو اليوم الأول أم اليوم الأخير من الشهر؟
فصلت محكمة النقض في الأزمة المتعلقة بموعد دفع الأجرة الذي لو تأخر عنه المستأجر هل يصبح مهددًا بدعوى الإخلاء، حيث أكدت أن المقرر بموجب الفقرة الأولى من المادة 586 من القانون المدني يلتزم المستأجر بدفع الأجرة في المواعيد المتفق عليها بين الطرفين في عقد الإيجار، فإذا لم يكن هناك موعد متفق عليه في العقد، فإن دفع الأجرة يكون مؤخرًا وليس مقدمًا، وذلك لأنه يكون ثمن انتفاع الفرد بالوحدة.
الخلاصة:
من خلال شرح التعديل فإننا نستطيع أن نستنبط الآتي:
1-من حق المالك أن يطرد المستأجر إذا انتهت مدة الإيجار وامتنع المستأجر من إخلاء العين، وذلك بأخذ أصل عقد الإيجار وصورة منه لقلم محضريين المحكمة التابعة، التي تقوم بدورها بتنفيذ مضمون العقد مثله مثل أى حكم يتم تنفيذه بواسطة الشرطة.
2-يسرى نفس الوضع السابق في حالة تأخر المستأجر عن سداد الإيجار – حسب ما نص العقد عليه – فإذا اتفق الطرفان على أن الإخلاء يتم في حالة عدم السداد شهر واحد أو شهرين ممن حق المؤجر أن يخلى العين تبعاَ لذلك.
3-لكن لكي يسرى هذا لابد أن يكون عقد الإيجار موثق بحضور الطرفين ولا يكفي عمل إثبات تاريخ للعقد.