لا حديث هذه الأيام يعلو على واقعة القبض على رجل الأعمال محمد الأمين رجب أحمد جمعة، وصدور قرار من النيابة العامة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، وذلك على خلفية اتهامه بالاتجار في البشر والتعدي على بعض الفتيات بداري أيتام أسسهما المذكور في بني سويف، فيما طالبت النيابة بتحريات إدارة مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية حول الوقائع المنسوبة لرجل الأعمال، وذلك في القضية رقم 188 لسنة 2022.
كما يُعد اكتشاف هذا النوع من الجرائم والتعرف على ضحاياها أحد التحديات الصعبة في مجال مكافحته، نظرًا لما يحيطه من السرية والكتمان حتى من جانب الضحايا أنفسهم خوفاً من التهديدات التي قد يواجهونها من قبل الجناة، أو خشية توقيع العقوبات عليهم من قبل السلطات في حال اكتشاف هذه الجريمة، وهي الأمور التي دفعت المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده المختلفة لمحاولة التصدي لتلك النوعية من الجرائم عن طريق عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات، وكذلك حث كافة الدول على إصدار تشريعات وطنية تهدف إلى الحد من جريمة الإتجار بالبشر، وجبر ضرر ضحاياها وإعادة تأهيلهم.
هل القوانين الحالية كافية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر؟
الدولة المصرية تعتبر من أوائل الدول في العالم التي تبنت إصدار قانون خاص يجرم الإتجار بالبشر بكافة أشكاله وهو القانون رقم 64 لسنة 2010، الذي جاء وفاءً للالتزامات الدولية التي سبق وتم التصديق عليها، في الوقت نفسه، يأتي هذا القانون في ظل غياب أي وعي مجتمعي بتلك الظاهرة التي تنتج أثارها في الخفاء باعتبارها تجارة رائجة، فنجد أن الإتجار بالبشر في مصر يأخذ أشكالا مختلفة وتحت مسميات عدة، أكثرها شيوعًا هي "الزيجات الموسمية" أو "زواج القاصرات" أو "الزواج السياحى"، وهي التي تتم من خلال تزويج فتيات، دون السن القانوني في أغلب الأحيان، لرجال غير مصريين، بالإضافة إلى ظاهرة أطفال الشوارع التي تؤدي إلى استغلال آلاف الأطفال في الدعارة والخدمات الجنسية، وغيرها من أشكال الاستغلال كالعمالة القسرية في المنازل، ذلك إلى جانب التنظيمات الإجرامية الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية التي نشطت في مصر في السنوات الأخيرة.
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على جريمة الاتجار في البشر من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها الأسباب التي تساعد في تنامى تلك الظاهرة؟ صور أو أنواع جريمة الإتجار بالبشر؟ طرق تنفيذ جريمة الإتجار بالبشر؟ هل هناك آليات متفق عليها لمكافحة جريمة الإتجار بالبشر؟ ما رأي القانون المصري في هذه الجريمة؟ بالنسبة لمسألة التبرع بالأعضاء، هل هناك في القانون ما يُعاقب على ذلك؟ ماذا عن الجرائم الواردة بالقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر؟ هل يُعتد بقبول ورضاء المجني عليه في مسألة استغلاله؟ ما عقوبة الاتجار بالبشر في القانون المصري؟ وماذا عن وضع الطفل في جريمة الاتجار بالبشر؟ وماذا عن إشكاليات تطبيق القانون أمام المحاكم المصرية؟ وغيرها من الأسئلة الشائكة بشأن تلك الأزمة – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض رجب السيد قاسم.
أصل قانون الاتجار بالبشر من الناحية العالمية
في البداية – وجريمة الإتجار بالبشر تمثل خرقًا ليس فقط لتشريعات مكافحة الاتجار بالبشر، بل أيضًا لمباديء الشريعة الإسلامية، وللنظام الأساسي لكل الأنظمة والدول، وتخالف المباديء الاجتماعية والحقوق والواجبات العامة، وعملية الإتجار فى البشر هى نقل أو إيواء أو توظيف شخص عن طريق الخطف أو التهديد أو الإكراه أو الخداع أو الاحتيال بهدف استغلاله في نشاط غير قانوني كالعمل القسرى "العبودية" أو الدعارة أو تجاره الأعضاء البشرية، أو التسول، ويعتبر قانون مكافحة الإتجار بالبشر الصادر في مايو 2010 من أكثر القوانين المصرية اتساقا مع الآليات والمعايير الدولية، ويظهر ذلك بداية من تعريف القانون لجريمة الإتجار بالبشر الذي جاء من التعريف الوارد في بروتوكول "باليرمو"، فيعتبر القانون أن تلك الجريمة لا تتحقق إلا بتوافر ثلاثة عناصر – وفقا لـ"قاسم":
1-"الإتجار": وهو التعامل بأیة صورة في شخص طبیعي بما في ذلك البیع أو العرض للبیع أو الشراء أو النقل أو التسلیم أو الإیواء.
2- و"استخدام وسائل معينة": مثل استعمال القوة أو العنف أو التھدید بھما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتیال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة.
3-و"قصد الاستغلال": أیاً كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في الخدمة قسراً أو التسول، أو استئصال الأعضاء البشرية.
ماذا عن الأسباب التي تساعد في تنامى تلك الظاهرة على مستوى العالم؟
هناك عدة أسباب تساعد على تنامى تلك الظاهرة وهي أسباب متفق عليها محليا ودوليا كالتالي:
1-انتشار الفقر والبطالة وتدهور الوضع الاقتصادي.
2-عدم مقدره الدولة على حماية حدودها.
3-تنامي الطلب العالمي على العمالة غير القانونية الرخيصة.
4-الحروب والنزاعات المسلحة والصراع السياسي.
5-الفساد وعدم الاستقرار السياسي.
6-ضعف الوازع الأخلاقي والديني وانتشار الجريمة في المجتمع.
7-عدم وجود قوانين رادعه.
8-ازدياد معدلات اللجوء والهجرة الداخلية والخارجية الهجرة.
9-التغير في انظمة الدولة الاقتصادية مما يؤدى إلى إضعاف دور القطاع العام خاصة ومؤسسات الدولة عامه، وفتح الحدود أمام المؤثرات الدولية دون تمييز بين المؤثرات الايجابية "كالاستثمارات في المجالات المنتجة والسلبية"، كشبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ما هي صور أو أنواع جريمة الإتجار بالبشر؟
1-البغاء.
2-الاتجار بالأطفال واستغلالهم في العمالة غير المكلفة وتجنيدهم في المناطق الغير مستقرة وتجارة الجنس.
3-تجاره الأعضاء البشرية.
أركان جريمة الاتجار بالبشر من الناحية القانونية؟
1-السلعة محل الاتجار "وهو الشخص الذي يباع ويشترى بالرضا للحاجة أو بالقسر أو بالاحتيال".
2-السمسار"الوسيط" وهو البائع.
3-السوق وهو محل عرض السلعة ومكان عملية الاتجار سواء كان واقعيا أو الكترونيا "الإنترنت".
4-المُستقبل وهو الشخص المستقبل للسلعة المباعة بهدف استغلالها في فعل غير قانوني.
ما طرق تنفيذ جريمة الإتجار بالبشر؟
هناك طرق عديدة لتنفيذ جريمة الاتجار بالبشر وهي:
1-استخدام القوة بما يتضمن الحبس والضرب والتقييد والاغتصاب.
2-الاحتيال والخداع.
3-التهديد.
4-نقل المتاجر بهم من مكان إلى آخر.
5-الوعود الكاذبة بحياة أفضل وفرص عمل جيده.
6-الإجبار على تقديم معلومات كاذبه لأجهزه الشرطة والهجرة والحدود.
هل هناك آليات متفق عليها لمكافحة جريمة الإتجار بالبشر؟
-اقترح العديد من الخبراء والباحثين المزيد من آليات مكافحة الاتجار بالبشر وتتضمن:
1-أن جريمة الاتجار بالبشر هي جريمة عابرة للحدود ودولية، لذا تقتضى مكافحتها التعاون الدولي، من خلال الانضمام للمنظمات والمعاهدات الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر
2-إصدار وتطوير التشريعات والقوانين ذات الصلة بمكافحه الاتجار بالبشر، ووضع عقوبات ردعه لكل من تثبت صلته بهذه الجريمة.
3-تحسين الظروف المجتمعية بتوفير التعليم ومكافحه البطالة وتوفير الدعم الحكومي للفئات الفقيرة، وتفعيل نظم الضمان الاجتماعي.
4-وضع برامج إعلامية لتعريف المجتمع بجريمة الاتجار بالبشر واليات مكافحتها.
5-إنشاء هيئة حكومية مختصة بمكافحة الاتجار بالبشر.
6-إنشاء نيابة ومحاكم متخصصة لقضايا جرائم الاتجار بالبشر.
7-تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، والتأكيد على أن الشراكة المجتمعية مع الجهات الرسمية ضرورية للنجاح في مكافحة هذه الجريمة.
8-التأكيد على دور الأسرة المتمثل في توفيرها الحماية للطفل دون إفراط أو تفريط، والتنبيه المستمر للطفل بعدم تعامله مع الأغراب، وعدم قبوله أي هديه أو أموال من أي شخص خارج إطار الأسرة، وعدم مرافقته لأقران السوء، ومراقبه شبكه العلاقات التي يقيمها الطفل.
9-التنسيق مع الدول ذات الحدود المشتركة من أجل ضبط الحدود.
10-إنشاء قاعدة بيانات خاصة بجريمة الاتجار بالبشر.
11-تشجيع الدراسات والبحوث العلمية في مجال جريمة الاتجار بالبشر واليات مكافحتها.
12-وضع التشريعات والقوانين التي تحفظ حقوق الطفل والمرأة.
-ما رأي القانون المصري في هذه الجريمة؟
تضمن الدستور المصري عدد من النصوص التي تحرم الاتجار بالبشر أو الاستغلال الجنسي أو الرق والعبودية والاتجار بالأعضاء البشرية: فقد نصت المادة 11 من الدستور المصري المعدل على أنه: "تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف"، كما نصت المادة 12 من الدستور على أن: "العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبرا، إلا بمقتضي قانون، ولأداء خدمة عامة ولمدة محددة وبمقابل عادل، ودون اخلال بالحقوق الاساسية للمكلفين بالعمل"، ونصت المادة 60 على أنه: " لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون، ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أيه تجربة طبية أو عملية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقا للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية على النحو الذي ينظمه القانون " – الكلام لـ"قاسم".
بالنسبة لمسألة التبرع بالأعضاء، هل هناك في القانون ما يُعاقب على ذلك؟
القانون المصري لم يحظر التبرع بالأعضاء في أثناء حياة الإنسان أو بعد وفاته وتركت آلية وقواعد التبرع للقانون لتنظيمها، فنصت المادة 61 منه على أنه: " التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده في أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقا للقانون".
وحددت المادة 80 من مواد الدستور من يعد طفلا بقولها: " يعد طفلا كلا من لم يبلغ الثامنة عشر من عمره، وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري"، وحظرت المادة 89 من الدستور كافة صور العبودية والاسترقاق والاستغلال حيث نصت على أنه: " تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار في البشر، ويجرم القانون كل ذلك".
-ماذا عن الجرائم الواردة بالقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر؟
عام 2010 أصدر البرلمان المصري قانون يحمل رقم 64 لمكافحة الاتجار بالبشر، وهذا القانون ما زال ساريا، نصت المادة الثانية منه على أنه: " يُعد مرتكبًا لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعى بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية – إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه – وذلك كله – إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صورة بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسرًا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول، أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية، أو جزء منها".
-هل يُعتد بقبول ورضاء المجني عليه في مسألة استغلاله؟
لا يُعتد برضاء المجنى عليه على الاستغلال في أى من صور الاتجار بالبشر، متى استخدمت فيها أية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون، ولا يشترط لتحقق الاتجار بالطفل أو عديمي الأهلية استعمال أية وسيلة من الوسائل المشار إليها، ولا يعتد في جميع الأحوال برضائه أو برضاء المسئول عنه أو متوليه.
-ما عقوبة الاتجار بالبشر في القانون المصري؟
عاقب هذا القانون كلا من:
1- ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر
-وبالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في أى من الحالات الآتية.
-إذا كان الجانى قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضمًا إليها، أو كانت الجريمة ذات طابع عبر وطنى.
- إذا ارتكب الفعل بطريق التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو التعذيب البدنى أو النفسي أو ارتكب الفعل شخص يحمل سلاحًا.
- إذا كان الجانى زوجًا للمجنى عليه أو من أحد أصوله أو فروعه أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه أو كان مسئولًا عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه.
- إذا كان الجانى موظفًا عامًا أو مكلفًا بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة.
- إذا نتج عن الجريمة وفاة المجنى عليه، أو إصابته بعاهة مستديمة، أو بمرض لا يرجي الشفاء منه.
- إذا كان المجنى عليه طفلًا أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة.
- إذا ارتكبت الجريمة بواسطة جماعة إجرامية منظمة.
2- كل من استعمل القوة أو التهديد أو عرض عطية أو مزية من أى نوع أو وعد بشئ من ذلك لحمل شخص آخر على الإدلاء بشهادة زور أو كتمان أمر من الأمور أو الإدلاء بأقوال أو معلومات غير صحيحة في أية مرحلة من مراحل جمع الاستدلالات أو التحقيق أو المحاكمة في إجراءات تتعلق بارتكاب أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، بعقوبة السجن.
3- كل من أخفى أحد الجناة أو الأشياء أو الأموال المتحصلة من أى من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو تعامل فيها، أو أخفى أيًا من معالم الجريمة أو أدواتها مع علمه بذلك. بعقوبة السجن. ويجوز للمحكمة الإعفاء من العقاب إذا كان من أخفى الجناة زوجًا أو أحد أصوله أو فروعه.
4- يُعاقب بالسجن كل من أفصح أو كشف عن هوية المجنى عليه أو الشاهد بما يعرضه للخطر، أو يصيبه بالضرر، أو سهل اتصال الجناة به، أو أمده بمعلومات غير صحيحة عن حقوقه القانونية بقصد الإضرار به أو الإخلال بسلامته البدنية أو النفسية أو العقلية.
5-يعاقب بالسجن كل من حرض بأية وسيلة على ارتكاب جريمة من الجرائم المشار إليها في المواد السابقة ولو لم يترتب على التحريض أثر.
6- يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري إذا ارتكبت أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بواسطة أحد العاملين في الشخص الاعتباري باسمه ولصالحه، بذات العقوبات المقررة عن الجريمة المرتكبة إذا ثبت علمه بها أو إذا كانت الجريمة قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات وظيفته، ويكون الشخص الاعتباري مسئولًا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات إذا كانت الجريمة قد ارتكبت من أحد العاملين به باسمه ولصالحه، وتأمر المحكمة في الحكم الصادر بالإدانة بنشر الحكم على نفقة الشخص الاعتباري في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار، ويجوز للمحكمة أن تقضي بوقف نشاط الشخص الاعتباري لمدة لا تجاوز سنة.
7- يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو بالشروع فيها ولم يبلغ السلطات المختصة بذلك، فإذا كان الجاني موظفًا عامًا ووقعت الجريمة إخلالًا بواجبات وظيفته كان الحد الأقصى للحبس خمس سنوات. وللمحكمة الإعفاء من العقاب إذا كان المتخلف عن الإبلاغ زوجًا للجاني أو كان من أحد أصوله أو فروعه أو إخوته أو أخواته.
-ماذا عن الطفل في تلك الجريمة؟
الجرائم الواردة بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 وقانون العقوبات:
حدد قانون الطفل عدد من الجرائم المتعلقة بجريمة الاتجار بالبشر واستغلالهم منها:
- توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ سن الثامنة عشر:
أضاف المشرع في تعديله لقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 مادة جديدة إلى القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية مادة جديدة برقم (31 مكررا)، نصها كالآتي " لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، وإعلامهما بنتيجة هذا الفحص، ويصدر بتحديد تلك الأمراض وإجراءات الفحص وأنواعه والجهات المرخص لها به قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير العدل. ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجا بالمخالفة لأحكام هذه المادة ".
وقد نصت المادة 227 من قانون العقوبات على أنه: " يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقا كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق، ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون.
تعريض الطفل للخطر:
نصت المادة 95 من قانون الطفل: "يعد الطفل معرضا للخطر، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وذلك في أي من الأحوال الآتية: 1.6- إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الاستغلال التجاري أو التحرش أو الاستغلال الجنسي أو الاستعمال غير المشروع للكحوليات أو المواد المخدرة المؤثرة على الحالة العقلية.
وفيما عدا الحالات المنصوص عليها في البندين (3) و(4) يعاقب كل من عرض طفلا لإحدى حالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ".
حماية الأطفال من الاتجار والاستغلال:
-نصت "مادة 291 على أنه: " يحظر كل مساس بحق الطفل في الحماية من الاتجار به أو استغلال الجنسي أو التجاري أو الاقتصادي، أو استخدامه في الأبحاث والتجارب العلمية ويكون للطفل الحق في توعيته وتمكينه من مجابهة هذه المخاطر.
-ومع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها في قانون آخر، يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من باع طفلا أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقا، أو استغله جنسيا أو تجاريا، أو استخدمه في العمل القسري، أو في غير ذلك من الأغراض غير المشروعة، ولو وقعت الجريمة في الخارج.
-ويعاقب بذات العقوبة من سهل فعلا من الأفعال المذكورة في الفقرة السابقة أو حرض عليه ولو لم تقع الجريمة بناء على ذلك.
-ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (116 مكررا) من قانون الطفل، تضاعف العقوبة إذا ارتكبت من قبل جماعة إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية.
-ومع مراعاة حكم المادة (116 مكررا) من القانون المشار إليه، يعاقب بالسجن المشدد كل من نقل من طفل عضوا من أعضاء جسده أو جزءا منه، ولا يعتد بموافقة الطفل أو المسئول عنه".
-يذكر أن المادة 116 مكررا (أ) تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج أو حاز أو بث أي أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسي للطفل، ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة في ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية.
إشكاليات تطبيق القانون أمام المحاكم المصرية
أما عن إثبات جريمة الإتجار بالبشر لا يتحقق إلا بتوافر العناصر الثلاثة سالفة الذكر "مجتمعة"، مما يعني أنه في حال غياب أي من تلك العناصر لا يمكن اعتبار الفعل المجرم "إتجارًا بالبشر" بل يمكن اعتباره جريمة تخضع لأحكام واردة بقوانين جنائية أخرى، وهو أمر في غاية الأهمية حيث يترتب عليه اختلاف العقوبات الموقعة على المُدانين، وذلك باختلاف الوصف القانوني الذي يتم إصباغه على الجريمة.
فعلى سبيل المثال، قانون مكافحة الدعارة ينص على عقوبة الحبس لمدة أقصاها 7 سنوات لجريمة استغلال أحد الأشخاص في البغاء، بينما في ظل أحكام قانون مكافحة الإتجار بالبشر إذا تاجر الجاني بالضحية بهدف الاستغلال الجنسي يعاقب بالحبس لمدة قد تصل إلى خمسة عشر عامًا، وجدير بالذكر، أنه في أحيان أخرى قد يُحاكم الجناة ويُدانون بموجب مواد القانونين معًا، وهو ما ظهر في أحد أحكام محكمة النقض، حيث أُدين الجناة بجريمة الإتجار في البشر وجريمة إدارة مسكن لأعمال الدعارة، بعدما أجبروا واستخدموا عددا من الفتيات على تلك الأعمال مستغلين حالة ضعفهم وحاجتهم، بالإضافة إلى تزويجهم بموجب عقود زواج عرفي لعدد من الأجانب أكثر من مرة، لتتوافر بذلك كافة عناصر جريمة الإتجار بالبشر بالإضافة إلى جريمة تسهيل الدعارة أيضًا.
كما تجدر الإشارة إلى أنه كان يجب مراعاة تفسير كافة المصطلحات والعبارات التي تضمنها القانون من خلال لائحته التنفيذية، ومحاولة التفرقة بينها وبين المصطلحات الواردة بالقوانين الجنائية الأخرى، وهو الأمر الذي لم يحدث، حيث جاءت اللائحة خالية من أي شروحات لعبارات مثل "الاستغلال الجنسي" أو "العمل القسري" أو "الرق والإستعباد" أو حتى أن توضح ما هو المقصود "بالأعضاء البشرية" التي لا يجوز الإتجار فيها على سبيل الحصر، مما يهدد أن تظلّ تلك النصوص حبرًا على ورق، لسهولة التهرب من إصباغ تلك الأوصاف نظرًا لعدم تعريفها بشكل يقطع الشك عن أي تفسيرات أخرى.