محاكم الأسرة تعج بالقصص الإنسانية باختلاف نوعياتها وتفاصيلها، إلا أن الأغلبية العظمى أو السواد الأعظم من تلك القضايا يدور بشكل مباشر حول استجداء المرأة المطلقة نفقة لنفسها وأولادها، ما يؤدى بدوره إلى منازعات قضائية على قيمة النفقة وقضايا تخفض قيمتها، ففي الوقت الذي تحصل فيه على حكم لا تجد من ينفذه لها ويأتيها بقوتها وأولادها عقب سنوات زواج طالت لعقود أو قصرت لشهور محدودة.
وفى ظل هذه الظروف يتبع ذلك قضايا لإلزام الزوج بتنفيذ الأحكام الصادرة ضده، وقضايا لمحاسبته عن الامتناع عن تنفيذ حكم القضاء، وما يتبع ذلك من استئنافات ودوامة تعلمها الآسر المصرية المصابة بهذا المرض العضال لا أول لها ولا آخر، كما أن هناك قصص وحكايات في منتهى الغرابة تتعلق بقضايا الأحوال الشخصية، لدرجة أن البعض يراها مادة خصبة في الحكي والسرد، ومن أغرب هذه القضايا قضية "سرقة متجمد نفقة صغير" تقدر بـ 50 الف جنيه، فبعد أن بذلت الحاضنة كل ما هو غالى ونفيس من أجل الحصول على حكم نفقة وتنفيذه، جاءت الطامة الكبرى وهى سرقة النفقة.. فما هو الحل؟
الحاضنة سُرق منها متجمد "نفقة صغير" تقدر بـ 50 ألف جنيه.. ما الحل؟
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم – هناك العديد من القضايا تكون في منتهى الغرابة خاصة داخل أروقة محاكم الأسرة وعلى رأسها القضية المعروضة أمامنا وهي حال سرقة نفقة الصغير أو فقدها أو تلفها بدون تقصير من الحاضنة، بمعنى أن الأم الحاضنة حصلت على حكم متجمد نفقة صغير يبلغ 50 ألف جنيه، ثم قامت بتنفيذ الحكم وحصلت على الأموال – النفقة – ثم سرق أو هلك بدون تقصير أو إهمال منها – في تلك الأثناء – عليها تحرير محضر بذلك ثم يأتي دور تحريات المباحث لإثبات واقعة السرقة، وحال ثبوتها يحق للحاضنة رفع دعوى "بدل نفقة مسروقة" أو "بدل نفقة فاقده أو تالفه"، وتلزم الأب بسداد المبلغ في مدة محددة مع تقديم ما يفيد عدم تقصيرها في سرقة المبلغ.
وبحسب "رحيم" في تصريح لـ"برلماني" – لأن نفقة الصغير فُرضت لسد حاجة الصغير وكفاية حاجته، أما في حال سرقة النفقة فلن تُسد حاجة الصغير وبذلك يكون الأب ملزم بها بينما يقع على الأم الحاضنة إثبات فقط عدم تقصيرها أو اهمالها في سرقة النفقة وأن السرقة كانت بظرف خارج عن إرادتها، والمحكمة وفقا لصحيح القانون أن تلزم الأب بنفقة الصغير التي سُرقت، وقد سبق صدور حكم في هذا الإطار قضت فيه المحكمة بإلزام الأب بسداد بدل نفقة مسروقة، قالت فيه المحكمة في حيثيات حكمها: "إذا عجلت نفقة المدة فإن القريب يتملكها بالقبض ولا يجوز للمنفق استردادها لأنها صلة محضة لا يصح الرجوع شرعا فيها بعد القبض".
مبادئ حكم قضائي في هذا الشأن
ووفقا لـ"رحيم": وذكر الحكم أيضا إذا هلكت نفقة القريب أو فقدت وسرقت قبل مضى مدة الفرض وجبت له نفقة أخرى، لأن هذه النفقة صلة للقريب وفرضت لدفع الحاجة عنه، وبهلاك النفقة أو فقدها أو سرقتها قبل مضى مدة الفرض لا تكون حاجته إلى النفقة قد اندفعت فتلزمه نفقة أخرى، أما إذا تعيبت بعد مضى مدة الفرض فلا تجب نفقة أخرى، أما إذا هلكت أو سرقت أو فقدت نفقة الصغير بإهمال من الحاضنة بعدم وضع النفقة في مكان أمين، فضاعت فإنها تلزم بالنفقة، فإذا كانت فقيرة تفرض النفقة مرة ثانية على الأب ويكون له حق الرجوع عليها إذا أيسرت".
خبير يرد: الأمر سيفتح الباب للحاضنات للانقضاض على "نفقة الصغير" بحجة سرقته
فيما رد الخبير القانوني والمحامي بالنقض أحمد عبد القادر على هذا الدفع قائلا: أولاَ/ حتى لا يتم استغلال مثل هذا الأمر كمبرر لإقامة دعاوى بدل نفقة مسروقة وانقضاض الحاضنات على نفقة الصغار بحجة سرقته، فيكون السبيل إبراء ذمة الزوج أو الملزم بأداء النفقة تكون بأداء قيمة النفقة فإن أداها برأت ذمته، وتكون الحاضنة هي من تولي أمر الصغير فإن فقدت النفقة من الحاضنة، فأعتقد ليس علي الأب أداء النفقة مرة أخري لأن ذلك يعتبر "ازدواج" ولا يحق الإلزام مرتين بذات الدين بل يقع علي الزوجة اركان المسئولية التقصيرية المستوجبة المسألة لأنها أهملت في المحافظة علي مال الصغير.
ويضيف "عبد القادر" في تصريحات خاصة – ثانيا/ بينما ما قرره "رحيم" من قول لا يسانده نص قانوني واحد حتي وإن استند لحكم محكمة النقض فستجد الكثير من أحكام النقض أيضا التي تؤكد علي براءة ذمة الأب من دين النفقة بالسداد، لأن هذا هو الأصل وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض، ثالثا لا تستطيع المحكمة إلزام الاب بأداء النفقة مرتين لعدم وجود نص قانون لذلك وأن قضت يستطيع الأب الرجوع علي الأم بدعوي التعويض لمسئوليتها التقصيرية أو بجنحة تبديد لأن يديها علي أموال الخاصة بالصغير يد أمينة فحيازتها علي الأموال حيازة ناقصة لأنها ليست مالكة لتلك الأموال.