مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بشكل كبير وانتشارها بين الفئات العمرية الصغيرة، اتضح تأثيرها على المراهقين والأطفال وخاصة الصور التى يبثها المشاهير والمؤثرين، والتى تؤدى إلى تغيير فى سلوك الشباب والمراهقين ورضاهم عن شكلهم وأجسادهم، كان هذا ملخص دراسة أجراها نواب بريطانيون العام الماضى.
ووفقا للدراسة البريطانية فإن غالبية الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما قالوا إن صور وسائل التواصل الاجتماعى كانت "مؤثرة للغاية" على نظرتهم لأجسادهم.
وفى ذات الاستطلاع، قال 5% فقط من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما إنهم لن يفكروا بتغيير مظهرهم من خلال القيام بأشياء مثل اتباع حمية غذائية أو إجراء عملية جراحية.
نتائج تلك الدراسة أثارت اهتمام بعض المجالس التشريعية التى أخذتها بعين الاعتبار فى نقاشاتها عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعى والصور المنتشرة بها، وفى حين حذر البعض من مخاطر هذا على حالة الرضا لدى جيل الشباب، انتفضت برلمانات اخرى لاتخاذ خطوات جادة نحو حماية أبناءهم.
وكانت النرويج سباقة فى هذا الصدد بإقرار قانون منذ أشهر قليلة أثار ضجة كبيرة حوله، حيث يجبر التشريع "المؤثرين" على هذه المنصات على الإفصاح عن "التعديلات" التى يجرونها على صورهم الشخصية التى ينشرونها.
ووفقا للقانون، سيجبر مشاهير وسائل التواصل الاجتماعى على وضع "علامة حكومية"، على الصور التى تم تعديلها، التى لا تعكس الحقيقة بنسبة 100%.
ومن بين التعديلات، تلك التى يستخدم فيها المؤثرون تطبيقات لتغيير شكل الوجه والجسم وجعلهما أكثر جاذبية، وكذلك استخدام "الفلاتر" التى تخفى العيوب.
وتم تمرير المقترحات كتعديل على قانون التسويق النرويجى، حيث ورد على موقع الحكومة الإلكترونى أن الهدف هو المساعدة على تقليل الضغط فى المجتمع بسبب "الأشخاص الذين يبدون مثاليين فى الإعلانات".
وجاء أيضا: "إلى جانب أمور أخرى، من المقترح أن يصبح واجبا وضع علامات على الإعلانات التى تعدل فيها الصور أو يتم التلاعب فيها بشكل جسم الشخص الذى يظهر فى الإعلانات بشكل يغير الواقع سواء من حيث شكل الجسم وحجمه ولون البشرة".
وسيشمل هذا القانون الفلاتر التى تستخدم فى تطبيقات مثل سناب تشات، إضافة إلى التعديلات الرقمية لجوانب مثل شكل الجسم وحجمه، كما يشمل أى شخص ينشر إعلانا مدفوعا على وسائل التواصل الاجتماعى، بما فى ذلك العديد من المؤثرين والممثلين والمغنيين.
ويعود قانون التسويق النرويجى إلى العام 2009 ولكن تم تعديله قبل نهاية 2021 ويتناول هذا القانون التعديلات والمشاركات المتعلقة بالتغيرات الرقمية للصورة من حيث شكل الجسم أو حجمه وملامح الوجه وما إلى ذلك أى باختصار تلاعب على حقيقة الصورة.
وقد تم إعلان علامة أنشأتها وزارة شؤون الأطفال والأسرة النرويجية، فبمجرد وضع هذه العلامة على الصورة المُعدلة قد يؤدى إلى تخفيف العقوبة وعدم زيادة الغرامة، أما إن تم نشر هذه الصورة قد يؤدى هذا إلى زيادة الغرامة أو السجن فى الحالات القصوى للغاية.
وأشارت bbc فى تقرير لها أنه كان هناك مشروع قانون اقترحه نواب فى بريطانيا لإلزام الناس بالإعلان عن صورهم المعدلة، لكنه لم ير النور أبدا.
وقالت متحدثة باسم الحكومة لبى بى سى إنهم يريدون تعزيز "الإعلان العادل والمسؤول والأخلاقى عبر الإنترنت" الذى يصلح للجميع، وسينظرون فى موضوع الصور المعدلة أثناء مشاوراتهم بشأن برنامج الإعلان عبر الإنترنت، الذى أعلن عنه عام 2019.
ونقلت بى بى سى عن إم كلاركسون، وهى مؤثرة من لندن، إنه على الحكومة البريطانية أن تأخذ هذه القضية "بجدية أكبر" وأن تسن قانونا مثل قانون النرويج. وتقول: "كل المؤشرات تظهر تزايد مشاكل الصحة العقلية، واضطرابات القلق، واضطرابات الأكل".
وأضافت "يجب أن تكون هناك بعض القواعد التى نتفق عليها للتصرف بمسؤولية، وأعتقد أن قانون النرويج يعدّ بداية جيدة بالفعل. إذ لا يمكننا أن نقول للناس أن يتوقفوا عن تعديل الصور، فهذا غير ممكن. ولكن يمكن أن نقول لهم: إن كنت ستفعل ذلك، فعليك أن تكون صادقا".
وبهذا القانون فتحت النرويج الباب أمام عدد من البرلمانات حول العالم لمناقشة تأثير الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وتأثيرها على فئات الشباب والمراهقين، وربما تسير بعض الدول على ذات الدرب.