فصلت محكمة النقض – في طعن لإحدى قضايا التعويضات بعد مرور 27 سنة على واقعة اختطاف مولود من أحد المستشفيات، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن تأمين المستشفيات الجامعية وحراساتها، قالت فيه: "مسئولية المستشفى الجامعي عن واقعة اختطاف مولودة الطاعنين بعد ولادتها القيصرية من داخل المستشفى، وذلك تأسيساً على أن:
"مؤدى النص فى المادتين الأولى والثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم (260) لسنة 1990 بشأن الموافقة على اتفاقية حقوق الطفل والمادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم (26) لسنة 1977 فى شأن وحدات الأمن هو التزام المستشفيات الجامعية باعتبارها من المصالح الحكومية بأن تنشأ وحدة أمن لحراسة المستشفى وتأمين الدخول إليها والخروج منها والتحقق من هوية المترددين عليها وإثبات بياناتهم ومتعلقاتهم ومتابعة ذلك أثناء الدخول والخروج حفاظًا على سلامة المرضى وأمنهم وتوفير الراحة والطمأنينة لهم، وهذا الالتزام كما يشمل الأم نزيلة المستشفى يشمل أيضاً وليدها باعتبار أنه قد تعجزها ظروف المرض عن حسن رعايته ، فإذا تقاعست المستشفى عن قيامها به قام الخطأ فى حق المسئولين عنها وثبت مسئوليتهم عن الضرر الذى يلحق بالمرضى من جراء هذا الخطأ".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 888 لسنة 68 القضائية، برئاسة المستشار محمود سعيد محمود، وعضوية المستشارين عبد الناصر محمد أبو الوفا، وأحمد أبو ضيف، وإيهاب فوزى سلام، وايمن صابر.
الوقائع.. اختطاف مولود من المستشفى بعد ولادته
تتحصل وقائع النزاع في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهما بصفتهما – وآخرين لم يختصموا في الطعن – دعوى قضائية رقم 123 لسنة 1995 مدنى الإسكندرية الابتدائية، بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لهما مبلغ مليون جنيه تعويضا عما لحق بهما من ضرر أدبى نتج عن اختطاف سيدة مجهولة لابنتهما عقب ولادتها القيصرية بمستشفى ".....الجامعى"، وقد تحرر محضر بالواقعة، وأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد سماع الشهود قضت بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعنين تعويضا مقدراه 50 ألف جنيه.
وفى تلك الأثناء – استأنف جميع الأطراف الحكم الطرف الأول لإلغائه بينما الطرف الثاني لأن الحكم لم يكن بمقدر المبلغ المطلوب للتعويض، وضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت في الأول بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وفى الاستئناف الثانى برفضه، ثم طعن الطاعنان في الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة برأيها دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثانى، وفى موضوع الطعن برفضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة.
المستشفى تتخلى عن مسئوليتها وتقر أن التأمين للمرضى فقط
وهنا دفعت النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني – مدير مستشفى..... الجامعي بصفته – أنه لا يمثل المستشفى وإنما يمثلها قانونا المطعون ضده الأول بصفته رئيس جامعة.... باعتبار أن المشرع منح الجامعات الشخصية الاعتبارية وخول رؤساءها حق تمثيلها أمام القضاء، مما يكون اختصامه في الطعن غير مقبول.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت – ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة السابعة من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات على أن: "الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافى، ولكل منها شخصية اعتبارية"، وفى المادة 26 من القانون ذاته على أن: "يتولى رئيس الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية، وهو الذى يمثلها أمام الهيئات الأخرى...."، مفاده أن المشرع منح الجامعات الشخصية الاعتبارية وخول رؤساءها حق تمثيلها أمام الهيئات الأخرى، لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد اختصما المطعون ضده الثانى – مدير مستشفى..... بصفته – مع أنه لا يمثل المستشفى وإنما يمثلها المطعون ضده الأول – رئيس الجامعة – فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول.
مذكرة الطعن تستند على إلزام المستشفى بتأمين الأم والمولود
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب بالنسبة للطاعنين أبرزها الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب حين نفى الخطأ عن المستشفى في اختطاف المولودة ونسبه إلى الطاعنة الثانية بقوله إنها عهدت رعاية مولودتها إلى مريضتين تشاركانها الغرفة بعد أن أبدت لهما مخاوفها من سيدة مجهولة اعتادت التردد عليها والحديث إليها دون أن تتخذ الحيطة والحذر ولم تعهد بذلك لإحدى الممرضات أو تخطرها به وأن يستحيل التحقق من شخصية المترددين على المستشفى أو حراسة كل مولود عقب ولادته، رغم أن اقرره الحكم لا ينفى خطأ العامين بالمستشفى من تركهم مجهولين يترددون عليها دون التحقق من هويتهم، مما أدى إلى واقعة الاختطاف وقد تأكد ذلك بما قررته رئيسة قسم الحوادث في محضر الشرطة من تردد سيدة مجهولة لأكثر من مرة على قسم الولادة في غير أوقات الزيارة، وحدث مشادة بينهما وأغفل الحكم عن دلالته، الأمر الذى يعيبه ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم ردت على هذا الدفع بقولها أن هذا النعي في محله، ذلك بأن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكييف الفعل أو الترك المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، وأن استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وتقدير مدى جسامة الخطأ من مسائل الواقع التي يقدرها قاضى الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كان استخلاصه غير سائغ، وأن ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذى ليس من شأنه بطبيعته إحداث مثل هذا الضرر مهما كان قد اسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترنا بالسبب المنتج.
التزام المستشفيات الجامعية باعتبارها من المصالح الحكومية بالتأمين والحراسة
وبحسب "المحكمة": وكان النص في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 260 لسنة 1990 المنشور في 14 فبراير 1991 بشأن الموافقة على اتفاقية حقوق الطفل التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1989 على أن: "تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها"، وفى المادة الثالثة على أنه: "تكفل الدول أن تتقيد المؤسسات والإدارات والمرافق المسئولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة ولا سيما في مجالى السلامة والصحة".
ووفقا لـ"المحكمة": أن مسئولية المستشفى الجامعي عن واقعة اختطاف مولودة الطاعنين بعد ولادتها القيصرية من داخل المستشفى، وذلك تأسيساً على أن: "مؤدى النص في المادتين الأولى والثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم (260) لسنة 1990 بشأن الموافقة على اتفاقية حقوق الطفل والمادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم (26) لسنة 1977 في شأن وحدات الأمن هو التزام المستشفيات الجامعية باعتبارها من المصالح الحكومية بأن تنشأ وحدة أمن لحراسة المستشفى وتأمين الدخول إليها والخروج منها والتحقق من هوية المترددين عليها وإثبات بياناتهم ومتعلقاتهم ومتابعة ذلك أثناء الدخول والخروج حفاظًا على سلامة المرضى وأمنهم وتوفير الراحة والطمأنينة لهم، وهذا الالتزام كما يشمل الأم نزيلة المستشفى يشمل أيضاً وليدها باعتبار أنه قد تعجزها ظروف المرض عن حسن رعايته ، فإذا تقاعست المستشفى عن قيامها به قام الخطأ في حق المسئولين عنها وثبت مسئوليتهم عن الضرر الذى يلحق بالمرضى من جراء هذا الخطأ".