أداء وظيفة النيابة العامة لدى محكمة النقض تؤديها نيابة عامة مستقلة وهى "نيابة النقض"، ويكون لها بناء على طلب المحكمة حضور مداولات الدوائر المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها من المواد، دون أن يكون لممثلها صوت معدود فى المداولات، وتؤلف نيابة النقض من مدير يختار من بين مستشارى النقض أو الاستئناف أو المحامين العامين على الأقل، يعاونه عدد كاف من الأعضاء من درجة وكيل نيابة ممتازة على الأقل، ويكون اختيار مدير النيابة وأعضائها بعد أخذ رأى رئيس محكمة النقض وموافقة مجلس القضاء الأعلى، وفقا للمادة 24 من قانون السلطة القضائية.
ويضع مجلس القضاء الأعلى لائحة للتفتيش على أعضاء هذه النيابة يصدر بها قرار من وزير العدل، ويكون ندب كل من المدير والأعضاء لمدة سنة قابلة للتجديد بقرار من مجلس القضاء الأعلى بناء على ترشيح رئيس محكمة النقض، ويعد رأى نيابة النقض استشاريًا غير ملزم لمحكمة النقض ولها أن تأخذ به أو لا تأخذ به، وللنيابة العامة لدى محكمة النقض دور ومهام وخصائص، وطبيعة وقانونية لمذكرات نيابة النقض ورأيها، وميعاد إيداع مذكرة الرأى من نيابة النقض، وهناك أيضا قيود واستثناءات واردة على رأى نيابة النقض، ووضع وترتيب قانونى لنيابة النقض، ولكن يبقى السؤال.. هل من حق نيابة النقض استدعاء الشهود وسماع أقوالهم مرة أخرى؟.
هل من حق نيابة النقض استدعاء الشهود وسماع أقوالهم مرة أخرى؟
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمد بهجت زغلول – لا يجوز قانونا لنيابة النقض استدعاء الشهود وسماع أقوالهم مرة أخرى لورود اختصاصات نيابة النقض حصرا بنص المادة 24 من قانون السلطة القضائية، حيث أن نيابة النقض ليست مختصة وإذا صدر إذن بالقبض أو الضبط فهو إذن باطل لصدوره من غير جهة الاختصاص لأن نيابة النقض نيابة مستقلة لها اختصاصات محددة عملا بنص المادة 23 والمادة 24 من قانون السلطة القضائية، ونيابة النقض تنتهى مهمتها عند فحص أسباب النقض وإبداء رأيها، أما إذا ارتكبت جريمة تتعلق بحكم النقض كتزويره أو جريمة بجلسة نظر النقض كجرائم الجلسات يجوز إلى أن تحيله للنيابة المختصة.
وبحسب "زغلول" فى تصريح لـ"برلمانى" - يجب أن نلقى نظرة على نشأة نيابة النقض فمنذ صدور المرسوم بقانون رقم 18 لسنة 1931 بإنشاء محكمة نقض فقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لمشروع هذا القانون أنه: "رئى فى المشروع إيجاب سماع أقوال النيابة العمومية، إذ لا شك فى أن حضورها أمام أعلى هيئة قضائية - متكلمة باسم القانون – يعد ضمانة جليلة القدر لاستيفاء بسط المسائل أمام تلك الهيئة"، وقد نصت المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1931 المشار إليه بأن تلاحظ نيابة محكمة النقض مراعاة إجراءات الطعن المنصوص عليها فى المادة 15 منه، ونصت المادة 24 على أن توافى النيابة بملف القضية، بعد إبداء الخصوم لدفاعهم لتضيف إليها مذكرة كتابية بأقوالها، ونصت المادة 28 على أن تفصل المحكمة فى الطعن بعد سماع محامى الخصوم والنيابة العمومية وتكون النيابة آخر من يتكلم.
أهمية دور نيابة النقض وتشكيل النيابة
ووفقا لـ"زغلول" - تأكيدا على أهمية الدور الذى تؤديه النيابة العامة لدى محكمة النقض نصت المادة 24 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار الجمهورى بقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن: "تنشأ لدى محكمة النقض نيابة عامة مستقلة تقوم بأداء وظيفة النيابة لدى محكمة النقض. ويكون لها بناء على طلب المحكمة حضور مداولات الدوائر المدنية والتجارية والأحوال الشخصية دون أن يكون لممثلها صوت معدود فى المداولات، أما عن التشكيل – كما ذكرنا من قبل - وتؤلف من مدير يختار من بين مستشارى النقض أو الاستئناف أو المحامين العامين يعاونه عدد كاف من الأعضاء فى درجة محام عام أو رئيس نيابة، ويكون ندب كل من المدير والأعضاء لمدة سنة قابلة للتجديد بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأى رئيس محكمة النقض وموافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
مهام واختصاصات النيابة العامة لدى محكمة النقض
أولا: إيداع مذكرات بالرأى فى الطعون
قبل عرضها على المحكمة، إذ تنص المادة 293 من قانون المرافعات على أن: "بعد انقضاء المواعيد المنصوص عليها فى المواد السابقة، يرسل قلم الكتاب ملف الطعن إلى النيابة العامة وعلى النيابة أن تودع مذكرة بأقوالها فى أقرب وقت"، يتم تضمين هذه المذكرات موجزا وافيا لوقائع النزاع الذى صدر فيه الحكم المطعون فيه، يتبع بسرد لإجراءات الطعن وبرأى النيابة فيما إذا كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية من عدمه، وأيا ما كان رأيها فى ذلك فإن واجبها يقتضيها أن تتناول أسباب الطعن الواردة فى صحيفته بإيجاز السبب، ودفع المطعون ضده له، وما يكون الطاعن قد رد به على هذا الدفع، ثم تدلى هى برأيها فى سبب الطعن مشفوعا بما تكون محكمة النقض قد قررته فى كافة الأحكام التى أصدرتها فى المسألة التى يثيرها السبب من مبادئ قانونية – الكلام لـ"زغلول".
ميعاد إيداع مذكرة الرأى من نيابة النقض
لم يحدد القانون ميعادا يتعين على النيابة أن تقدم فيه مذكرة برأيها فى الطعن وكل ما اشترطه أن تودع المذكرة فى أقرب وقت، وأن يراعى لدى إعداد المذكرات ترتيب الطعون فى السجل المعد لذلك ما لم تر الجمعية العمومية لمحكمة النقض تقديم نظر انواع من الطعون قبل دورها وفق ما نصت علية المادة 263 فقرة 2 من قانون المرافعات.
الطبيعة القانونية لمذكرات نيابة النقض ورأيها
رأى النيابة دائما رأى محايد يهدف إلى مصلحة عامة هى إعلان حكم القانون، فيما يختلف فيه من المسائل القانونية، ومن ثم فهى تجرى محاكمة أولية للحكم المطعون فيه قبل طرحه على المحكمة لتقول فيه كلمتها الأخيرة، وهو رأى استشارى لا يقيد المحكمة فى شيء فلها أن تأخذ به أو تطرحه، كما أن لها أن تأخذ ببعضه دون البعض الاخر، فالمحكمة هى صاحبة الكلمة الأخيرة فى الحكم المطعون فيه ومدى مطابقته أو مخالفته لأحكام القانون، كما أن رأى النيابة ليس نهائيا وإنما يجوز لها أن تعدل عنه سواء تم ذلك بمقتضى مذكرة تكميلية أم شفاهه فى جلسات المرافعة.
القيود الواردة على رأى نيابة النقض
لا يجوز للنيابة – إذا رأت نقض الحكم – أن تبنى ذلك على أسباب غير ما أوردها الطاعن فى صحيفة طعنه مهما كان وجه العوار الذى يكون قد أصاب الحكم طالما لم يذكر الطاعن هذه الأسباب فى صحيفة الطعن.
الاستثناءات الواردة على القيود
يستثنى من القيود الواردة على رأى نيابة النقض الأسباب المبنية على النظام العام، إذ يجوز للنيابة أن تثيرها – من تلقاء نفسها ما دامت واردة على جزء الحكم المطعون فيه، وكانت عناصرها الواقعية قد سبق طرحها على محكمة الموضوع إذا تبين أنها تختلط بواقع، فللنيابة أن تدفع بسقوط الحق فى الطعن، أو بعدم جوازه، أو بعدم قبوله، أو ببطلانه، وما إلى ذلك من أسباب النظام العام بالشروط السالف ذكرها.
الوضع والترتيب القانونى لنيابة النقض
النيابة تعتبر طرفا منضما فى الطعن بالنقض فإن ذلك يستتبع أن تكون آخر المتكلمين، فلا يجوز للخصوم أن يعقبوا على رأيها فى الطعن ما لم تأذن لهم المحكمة فى ذلك وفى هذه الحالة توجب القواعد العامة على المحكمة أن تتيح للنيابة العامة فرصة للتعقيب على ما يقولون وللنيابة أن تستعمل هذه الرخصة، كما أن لها ان تكتفى بالتزام رأيها السابق.
ثانيا: المرافعة فى الطعن
المقرر أن رأى النيابة يطرح على محكمة النقض فى مذكرة مكتوبة بيد أن المحكمة قد ترى ضرورة لسماع مرافعة شفوية من النيابة فيكون عليها فى هذه الحالة أن تتناول فى مرافعتها الشفوية ما قد يعن للمحكمة استظهاره من أمور، ويجوز لها فى هذه المرافعة الشفوية أن تعدل عن رأى أول كانت قد ارتأته إلى آخر تراه متفقا مع صحيح القانون إلا أنها تتقيد فى مرافعتها بأسباب الطعن ولا يجوز له أن تثير فيها إلا ما أجاز لها القانون إثارته فى مذكرتها المكتوبة.
ثالثا: الاشتراك فى المداولة
دون أن يكون لممثلها صوت معدود فى المداولات، فإذا ما دعيت لحضور المداولة كان لممثلها أن يصفح عن رأيها فيما يطرح على تلك الدوائر.