وافق مجلس النواب، نهائيا على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، وذلك في ضوء الآثار والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد، وهذا القانون لا يمس من قريب أو بعيد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بإخلاء الأشخاص الاعتبارية، ولا يتعلق بالتأجير للأشخاص الاعتبارية للغرض السكني، كما أنه لا يتعلق بالتأجير للأشخاص الطبيعية لغير الغرض السكني مثل المحلات التي تمارس مهنا أو حرفا أو صناعة نظرا لأن هؤلاء ينطبق عليهم القانون رقم 6 لسنة 1997 وتعديلاته.
ووافق مجلس النواب على التعديلات بشأن مشروع قانون إجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، والجديد هذه المرة هو تغير اسم مشروع القانون الذي تم تداوله على الألسن خلال الفترة الماضية من "مشروع قانون إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى" إلى "مشروع قانون إجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى"، لتضاف كلمتي "إجراءات ومواعيد" حتى يصبح القانون أكثر دقة ووضوحا منعا للبلبلة وإساءة الفهم التي حدثت خلال الفترة الماضية.
"الأشخاص الاعتبارية" للأماكن السكنية تطفو على السطح من جديد
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على مشروع قانون إجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، الذى يحاول البعض إثارة الفتنة في الشارع المصري باعتبار الأمر يهم ملايين الملاك والمستأجرين من خلال تأويلات خاطئة وشائعات ليس لها أي أساس من الصحة وحتى لا تحدث هذه الفتنة، فإن ما صدر من قرارات تخص الشخصيات الاعتبارية فقط لا غير وبما يتوافق مع أحكام المحكمة الدستورية، وبهذا نستطيع أن نقول إنه تم إغلاق ملف إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى – حتى كتابة تلك السطور - بما يتوافق مع أحكام الدستور لحين ورود أى مستجدات أخرى خلال الجلسة المقبلة – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض هاني صبرى.
تلك التعديلات التي وافقت عليها مجلس الوزراء ثم وافق عليها مجلس النواب، تعد بمثابة حجر جديد تم القائه فى مياه قوانين الإيجارات القديمة الراكدة حيث نص على إجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكنى، ومؤدى مشروع هذا القانون إجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير أغراض السكنى، ويستهدف مشروع القانون منح الأشخاص الاعتبارية المعنية بهذا القانون مهلة لا تجاوز 5 سنوات من تاريخ هذا القانون، لتوفيق أوضاعها، يتم بعدها تحرير العلاقة بين تلك الأشخاص الاعتبارية وبين الملاك أو المؤجرين بحسب الأحوال – وفقا لـ"صبرى".
تحدد القيمة الايجارية بـ5 أمثال القيمة القانونية السارية
وتحدد القيمة الايجارية بـ 5 أمثال القيمة القانونية السارية، وتزاد سنوياً وبصفة دورية آخر قيمة قانونية مستحقة وفق هذا القانون بنسبة 15% خلال السنوات الأربعة التالية، ويستهدف مشروع القانون أيضا تنظيم الإجراءات القضائية والقانونية المتعلقة بإخلاء المكان المؤجر فى اليوم التالي لانتهاء الحد الأقصى للمدة المبينة بالقانون "5 سنوات" في حالة امتناع المستأجر عن ذلك، وهنا نجيب على عدة نقاط تهم ملايين الملاك والمستأجرين حول مشروع القانون تتمثل في.. كيف المحكمة الدستورية ميزت فى قانون الايجار القديم بين ثلاثة أنواع من الإيجارات؟ وما المقصود بالأشخاص الاعتبارية والطبيعية؟ وما هي شروط تطبيق هذا القرار؟ وماذا عن إشكالية التطبيق في ظل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا عام 2018 – الكلام لـ"صبرى".
7 ملاحظات وإيجابيات على مشروع القانون
وفي تقديري مشروع هذا القانون جيد ومتوازن ويعد تطبيقا متميزا لحكم الدستورية العليا، لا يمس الشخص الطبيعي الإنسان البسيط لا داعي لقلق الأشخاص العاديين حيث أنه غير مرتبط بأماكن إيجار هؤلاء الأشخاص، ولكنه خاص بالأشخاص الاعتبارية ويحقق التوزان بين طرفي العلاقة الإيجارية بينهم، وإيماء إلى موافقة مجلس النواب على مشروع قانون خاص بالأشخاص الاعتبارية، لابد من توضيح التالي:
1-أن هذا المشروع نفاذا للحكم الدستوري رقم 11 لسنة 23 دستورية الصادر في مايو 2018.
2-المشروع اقتصر فقط على الأشخاص الاعتبارية للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن.
3-يستمر العقد لمدة خمس سنوات مع زيادة للقيمة الايجارية.
4-هذا المشروع لا يمس السكنى ولا التجاري الطبيعي.
5-المشروع المقدم هو ذات المشروع الذي قدمته الحكومة في دور الانعقاد الرابع من البرلمان الماضي.
6-المشروع تأكيد على ما أوضحناه من قبل أن الحكم الدستوري قاصرا فقط على الأشخاص الاعتبارية لغير أغراض السكنى، وهو تأكيد من ناحية أخرى على تحصين المراكز القانونية للسكنى والتجاري الطبيعي طبقا للأحكام الدستورية الصادرة فى شأنهما.
7-ملحوظة: الأشخاص الاعتبارية هي الشركات والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة.
هذا القرار مقيد بشرطين:
الأول: أن يكون المستأجر من الأشخاص الاعتبارية فقط "الشركات بأنواعها - مؤسسات - هيئات منظمات".
ثانياً: أن يكون الغرض من الإيجار غير معد للسكن كأن يكون "مقر إداري للشركة - مخزن - معرض … الخ".
3 تعريفات ميزت بهم المحكمة الدستورية فى قانون الإيجار القديم
وفى حقيقة الأمر - المحكمة الدستورية ميزت فى قانون الايجار القديم بين ثلاثة أنواع من الإيجارات كالتالي:
أولاَ: السكنى وقصرت الامتداد فيه على أسرة المستأجر الأصلي وفقا لطبيعة الغرض من الايجار وهو السكنى.
ثانيا: التجارى والإداري " المحلات والمكاتب " للأشخاص الطبيعيين، وقصرت فيه الامتداد للورثة باعتباره مشروع مالي اقتصادي طبقا لطبيعته.
ثالثا: الأشخاص الاعتبارية وهو ذو طبيعة خاصة حيث لا تموت ولا تورث فأنهت عقودها على أساس أن عقدها لا يمكن تحديده قانونا، ولا يمكن تعيين من له حق الامتداد، ويصبح العقد ممتدا بلا تحديد، ولذلك قضت بعدم دستوريته إلا ما كان منه لغرض السكنى.
الفرق بين الشخصية الطبيعية والاعتبارية
هذا التمييز الواضح من المحكمة الدستورية ردا على من يقولون بالتساوي في المراكز القانونية فى الأماكن غير السكنية بين الأشخاص الاعتبارية والأشخاص الطبيعية، ومشروع هذا القانون حدد الأماكن المؤجرة لغير غير السكن من الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة المستأجرين لوحدات أو محلات تجارية ولا يسري على الشخص الطبيعي المستأجر لمحل تجاري، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. ما المقصود بالشخص الاعتباري، والشخص الطبيعي المنصوص عليه في مشروع هذا القانون؟
فالشخصية الاعتبارية هي مجموعة من الأشخاص والأموال يتوفر لها كيان ذاتي مستقل تستهدف تحقيق هدف معين وتتمتع بالشخصية القانونية في حدود هذا الغرض وتُعدّ مجموعات الأشخاص والأموال هذه شخصاً اعتبارياً أو معنوياً مستقلاً عن الأشخاص الطبيعيين المشكلين له، والشخصيات الاعتبارية إما ان تكون عامة مثل الدولة وما يتفرع عنها من جهات إدارية، أو خاصة مثل الشركات التجارية والجمعيات والمؤسسات الخيرية – الكلام لـ"صبرى".
نص المادتين الأولى والثانية
والشخص الطبيعي الأصل أن الإنسان هو وحده، بصفته كائنا بشرياً، يتمتع بالشخصية القانونية التي تمكنه من أن يكون طرفاً من أطراف الحق، وقد حددت المادة الأولى نطاق سريان مشروع القانون، وقد جاء قاصرا على الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، وفقا لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و136 لسنة 1981، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، والمادة الثانية بينت أجل إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية خلال مدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون.
نص المادتين الثالثة والرابعة
والمادة الثالثة حددت القيمة الإيجارية خمسة أمثال القيمة القانونية السارية، وتُزاد سنوياً وبصفة دورية، بنسبة 15%، وفِي تقديري يجب أن تكون الزيادة السنوية بنسبة 15% ثابتة من أصل الزيادة وليست تراكمية، والمادة الرابعة إلزام المستأجر بإخلاء المكان المؤجر في اليوم التالي لانتهاء المدة المبينة بالمادة الثانية من مشروع هذا القانون، وفي حالة امتناع المستأجر عن الإخلاء يكون للمالك أو المؤجر بحسب الأحوال أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتهما العقار بطرد الممتنع عن الإخلاء، دون الإخلال بالحق في التعويض إن كان له مقتضى.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن الحكم الصادر فى 5 مايو عام 2018 من المحكمة الدستورية ألزم مجلس النواب بإصدار تشريع خاص بالإيجارات الخاصة بالأشخاص الاعتبارية فى خلال عام، فهى الوحيدة التى لديها صلاحية بتحديد مدة سريان الحكم أما بأثر رجعى أو إرجائه لمدة وهنا تم تأجيله لمدة عام ونصف وفى حالة عدم التزام مجلس النواب يعتبر الحكم نافذ، والحكم الصادر كان يتحدث عن تحرير الاشخاص الاعتبارية فقط والمقصود هنا الجماد وليس البشر، وهنا الجماد ليس له وارث أي ينقضي العقد بانهيار العقار أو تصفية المكان وإغلاقه، على عكس البشر والذى ينتهى عقد الايجار بوفاته وهو ما ينطبق على الحكم الصادر عام 2002 والذى استند إلى أحكام الأحناف.
ماذا عن صدرت ضدهم أحكام وقاموا بإخلاء الأماكن المستأجرة؟
وفى عام 2019 قام مجلس النواب بإصدار تشريع طبقا لحكم المحكمة الدستورية قبل انقضاء الفترة التي ألزمته المحكمة بصدور القانون، ولكن لجنة الاسكان خالفت حكم المحكمة واَضاف التجاري الطبيعي، وهو لم يذكر بالحكم وهنا خالفت لجنة الاسكان حكم المحكمة الصادر فى 2002، حيث أن الاشكالية الحالية هو أن مجلس النواب حدد مدة للإخلاء وهي 5 سنوات، ولكن ماذا عمن صدرت ضدهم أحكام وقاموا بإخلاء الأماكن المستأجرة فهنا لم يستفيد من القانون الصادر؟ وماذا عمن صدرت لهم أحكام حالياً وفى مرة التنفيذ سيتم إيقاف الحكم، لحين توفيق الأوضاع ومرور خمس سنوات؟ فنحن أما إشكالية لأشخاص استفادت من حكم المحكمة الدستورية وأشخاص أخرى تضرروا.
جدير بالذكر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 11 لسنة 23 قضائية دستورية بجلسة الخامس من مايو 2018 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 " في شأن بعض الأحكام الخاصة، بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما تضمنه من إطلاق عبارة: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير الغرض السكني، تحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال اثره"، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 مايو 2018.