مازالت الأصداء مستمرة في الأوساط القضائية والقانونية حول الحكم القضائي الصادر لأول مرة – سابقة قضائية – من محكمة استئناف أسيوط، برد المنقولات الزوجية "العفش"، والمصوغات الذهبية للزوج "الشبكة" في دعوى الخلع التي أقامتها زوجته عليه، حيث وصفه البعض بأنه سيقلب موازين التشريعات في قضايا الخلع التي أصبحت تكتظ بها محاكم الأسرة والذي من شأنه أن يحد من حالات الطلاق بعد وصولها لنسبة مرتفعة.
خلاصة القضية:
الزوجة أقامت دعوى خلع، بينما قدم الزوج طلب عارض في دعوى الخلع برد المنقولات والذهب، فقضت محكمة أول درجة بالخلع للزوجة، ورفض الطلب العارض للزوج، ومن المتعارف عليه أن دعوى الخلع ليس لها استئناف، ولكن تم عمل استئناف في الطلب العارض، وتم قبوله وحكمت المحكمة لصالح الزوج باستلام المنقولات الزوجية والمصوغات الذهبية، وذلك على الرغم من أن المتعارف عليه أن المنقولات الزوجية هي ملك للزوجة وموجودة بصفة أمانة لدي الزوج.
الدفع بصورية المهر تؤدى للدفع ببطلان مقدم الصداق
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على الحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط دائرة الأحوال الشخصية برد منقولات زوجية لزوج في دعوي خلع رفعتها عليه زوجته من خلال قراءة الحكم قراءة قانونية توضح وتكشف عدة ملاحظات، وذلك في الوقت الذى يدفع فيه الزوج في دعوى الخلع بدعوى يُطلق عليها "صورية المهر"، وهو ما يعنى الدفع ببطلان "مقدم الصداق" الثابت، وأن هذا المقدم صوري وليس هو المهر المدفوع بالفعل المتعارف عليه بين الناس، وأن العرف السائد في مجتمعنا الشرقي أن مقدم الصداق المدون بقسيمة الزواج هو واحد جنيها فقط، وتقوم الزوجة برد مؤخر الصداق عند دعوى الخلع، وفى مثل هذه القضايا أو الدعاوى يلجأ الزوج إلى رفع دعوى "صورية المهر" حتى يستفيد من تعطيل إجراءات دعوى الخلع ويدفع بصورية مؤخر الصداق، ويتم تأجيل الحكم في دعوى الخلع حتى يفصل في دعوى الصورية التي رفعها الزوج – بحسب الخبير القانوني والمحامي هشام الكودى.
في البداية – أثار في الآونة الأخير الحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط دائرة الأحوال الشخصية برد منقولات زوجية لزوج في دعوي خلع رفعتها عليه زوجته – جدلا كبيرا - هذا وبالاطلاع على هذا الحكم وجدنا أنه لم يطلق حق الزوج المختلع في المطالبة دائما بمنقولات الزوجية عند الحكم في الدعوي بالخلع وإنما لذلك بيان، وقبل مناقشة الحكم وجب علينا تعريف الخلع كما هو منصوص عليه بالقانون، حيث نصت المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 الصادر بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ان المشرع اقر نظام الخلع وقصد به دفع الضرر ورفع الحرج عن طرفي العلاقة الزوجية اذ أجاز لهما المخالعة بالتراضي. فان لم يتراضيا عليه كان للزوجة ان تخالع إذا افتدت نفسها بتنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية وتشمل مؤخر صداقها ونفقة العدة والمتعة ورد عاجل الصداق الذي دفعه الزوج لها – وفقا لـ"الكودى".
الحكم لم يطلق حق الزوج المختلع في المطالبة دائما بمنقولات الزوجية في الدعوي بالخلع
وعلى ذلك فإن الزوجة إذا أرادت مخالعة زوجها فإن عليها رد مقدم الصداق والتنازل عن المؤخر منه مع تنازلها عن باقي حقوقها الشرعية، هذا وبالعودة الي الحكم محل الجدل نجد أن المحكمة أسست حكمها أنها استمعت إلى شاهدين للمستأنف "الزوج" واللذين شهدا بأنهما حضر الاتفاق بين الطرفين والذي اتفقا فيه على أن يقدم المستأنف للمستأنف ضدها "الزوجة" بمناسبة زواجه المنقولات المثبتة في قائمة المنقولات، وقدم لها ذلك على أساس أنه معجل المهر وليس هدية، واثبتوا ذلك في قائمة المنقولات ولم يثبتوه في وثيقة الزواج حتى لا يفرض عليها رسوم للمحكمة وأجر للمأذون – الكلام لـ"الكودى".
كما تطرقت المحكمة إلي نقطة في غاية الأهمية وهي ماهية المهر وحقيقته، إذ قالت أن المقرر أن المقصود بالمهر الحقيقي ما دفعه الزوج حقيقة لزوجته كصداق أو كمهر أيا كانت طبيعته نقدا أو عينا، وأيا كانت حالته قسم إلي مقدم ومؤخر والأصل أن يثبت هذا المهر كما هو بحالته بوثيقة الزواج، بحيث تلتزم الزوجة برده إذا ما رفعت دعواها بطلب التطليق خلعا، وانتهت في ذلك إلي أن للزوج أن يدفع بصورية المهر بوثيقة الزواج ويطلب إحالة الدعوي إلي التحقيق ليثبت بشهادة الشهود المهر الحقيقي الذي قبضته الزوجة منه اخذا بالمادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 والتي تلزم القاضي الآخذ بالرأي الراجح في المذهب الحنفي فيما لم يرد به نص في قوانين الأحوال الشخصية والراجح في هذا المذهب أن العبرة بمهر السر إلي المهر غير المعلن – هكذا يقول "الكودى".
ملاحظتين في غاية الأهمية تضمنها الحكم
والمقرر عرفا أن مقدم مهر الزوجة في ظروف مجتمعنا هو تلك المنقولات التي يجهزها الزوج والمصوغات الذهبية المقدمة إليها، ولذا فإن الزوجة تلتزم بردها إذا أرادت التطليق خلعا، واثبات الزوج أنها من مقدم ومعجل الصداق، هذا ويلاحظ على ما حكمت به المحكمة في هذا الشأن أمور عدة:
أولا: أنه حكم برد بعض المنقولات وهي التي تم اعتبارها جزء من المهر ولم يحكم برد كافة المنقولات "كما يظن البعض" الثابتة في قائمة المنقولات.
ثانيا: أن الحكم أقر بحق الزوجة في المنقولات التي احضرتها هي مشاركة لزوجها في تأسيس مسكن الزوجية.
والقاضى حدد 3 شروط لمطالبة الزوج المخالع برد المنقولات أو قيمتها والشبكة
وبناء على ما تقدم فإنه يشترط لمطالبة الزوج المخالع برد المنقولات أو قيمتها وفقا لهذا الحكم عدة شروط:
الأول: أن يثبت الزوج أن ما تم شرائه من أجهزة أو مصوغات ذهبية كانت من مقدم ومعجل الصداق ويتم إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات.
الثاني: أن يقدم الزوج من المستندات التي تدل على شرائه تلك المنقولات.
الثالث: أن يثبت الزوج أن تلك المنقولات مازالت في حوزة الزوجة.
وفي هذه الحالة فإنه يتم الحكم فقط برد المنقولات التي أثبت الزوج أنه قد اشتراها بعد اثبات أنها كانت جزء من المهر، وعلى ذلك فإننا ننتهي إلى أنه ليس كل حكم بالخلع يبيح للزوج المطالبة باسترداد المنقولات الواردة بقائمة منقولات الزوجية، وإنما يجب توافر الشروط السابق ذكرها والتي أهمها أن يثبت الزوج أن تلك المنقولات قد قدمت على اعتبار أنها جزء من المهر أما إذا فشل الزوج في اثبات ذلك فإنه لا يحكم له بشيء.