للمرأة الحق الكامل في انهاء العلاقة الزوجية من قبلها إذا كرهت المقام مع الزوج وخشيت ألا تقيم حدود الله، وذلك عن طريق الخلع الذي منحته إياها الشريعة الإسلامية في مقابلة حق الطلاق الذي هو بيد الرجل، حيث أن الخلع حق شرعي أعطى للمرأة في مقابلة حق الرجل في الطلاق، تستعمله لمفارقة زوجها وإنهاء العلاقة الزوجية عند كراهيتها لزوجها، وعدم تقبلها للعيش معه، وخوفا من ألا تقيم حدود الله في هذا الزواج، ولها أن تحصل عليه إما بالتراضي عليه مع زوجها أو بتحكيم الحكمين أو عن طريق التقاضي.
ولكن رغم هذا الحق الذى منحه لها الشرع والقانون، إلا أن الزوجة تأثم إذا ما أساءت استعمال هذا الحق الذى مُنح لها، لان الشرع الحنيف أولى عقد الزواج والحياة الزوجية أهمية خاصة على بقية العقود التي تبرم بين البشر لأنه من أعظم العقود، وأرفعها شأنا، وأعلاها منزلة، كيف لا وقد وصفه الله عز وجل بالميثاق الغليظ حيث قال سبحانه وتعالى: "وأخذن منكم ميثاقا غليظا"، فهو ميثاق غليظ، ورباط وثيق في ذاته، وبما ينتج عنه من آثار، وجعل أهم ركائزه قائمة على المودة والرحمة والتفاهم بين الزوجين، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
مدى أثر الخلع على أجر الحضانة
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بأثر الخلع حال وقوعه على أجر الحضانة من خلال طبيعة أجر الحضانة، هل يعتبر من حقوق الزوجية التي يسقط الحق فيه برفع الزوجة دعوى الخلع، أم أنه متعلق بحقوق الصغير، وبالتالي يحق للمختلعة المطالبة بأجر الحضانة بعد صدور حكم بالتطليق خلعا؟ وهل يعتبر أجر الحضانة من الحقوق المالية الشرعية؟، وبالتالي يسقط الحق في طلبه من الزوج، في ظل صدور أحكام من محكمة الأسرة بعدم أحقية المختلعة في طلب مقابل أجر الحضانة، وما هو مصدر هذا الاختلاف؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى مختار عادل.
في البداية - تناقضت أحكام القضاء بشأن مدى أحقية المختلعة في أجر الحضانة، فالبعض يرى أن تنازل الزوجة في دعوى الخلع عن حقوقها الشرعية يشمل أجر الحصانة، بينما لا يرى البعض ذلك ويقرر أحقية المختلعة في استحقاق أجر الحضانة، إذن ما هو مصدر هذا الاختلاف؟ وللإجابة على هذا السؤال نؤكد أن سند استحقاق المختلعة لأجر الحضانة يستند أنصار هذا المذهب إلى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 1 لسنة 2000، والتي قررت أن الحقوق الشرعية التي تتنازل عنها المختلعة المنصوص عليها بالمادة 20 تشمل نفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق فقط، وبالتالي فإن الخلع لا يشمل التنازل عن أجر الحضانة ويجوز فرضه للمختلعة – وفقا لـ"عادل".
سند عدم استحقاق المختلعة لأجر الحضانة
أما بالنسبة "سند عدم استحقاق المختلعة لأجر الحضانة"، فقد ذهب أنصار هذا المذهب إلى أن المذكرات الإيضاحية للنصوص القانونية لا يجوز أن تنطوي على ما يعد تعديلا للنص القانوني الذي وضعت لتفسيره، وعبارة التنازل عن جميع الحقوق المالية الشرعية المنصوص عليها في المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 هي عبارة عامة تشمل تنازل المختلعة عن أجر الحضانة، وتطبيقا لذلك بدأت بعض المحاكم أن تقرر سقوط حق الزوجة المختلعة في متجمد نفقتها المستحق لها قبل رفع دعوى الخلع وحتى تاريخ الحكم بالخلع، وإذا قامت بتنفيذ حكم متجمد النفقة قبل صدور حكم الخلع، كان للزوج رفع دعوى باسترداد قيمة ذلك المتجمد – الكلام لـ"عادل".
مشروع تعديل قانون الأسرة
جاء مشروع تعديل قانون الأسرة المقترح ليحسم هذا الجدل بالنص صراحة على أن الحقوق المالية الشرعية المتنازل عنها في دعوى الخلع تقتصر على نفقة العدة، والمتعة، ومؤخر الصداق فقط دون غيرها عن طبيعة أجر الحضانة، ونُجيب هنا عن السؤال.. هل يعتبر من حقوق الزوجية التي يسقط الحق فيه برفع الزوجة دعوى الخلع، أم أنه متعلق بحقوق الصغير، وبالتالي يحق للمختلعة المطالبة بأجر الحضانة بعد صدور حكم بالتطليق خلعا؟ يقوم طلب الزوجة التطليق خلعا من زوجها على عدة شروط ومنها أن تتنازل الزوجة بنفسها عن جميع حقوقها المالية الشرعية.
ويثور التساول هل يعتبر أجر الحضانة من الحقوق المالية الشرعية؟ وبالتالى يسقط الحق في طلبه من الزوج، في ظل صدور أحكام من محكمة الأسرة بعدم أحقية المختلعة في طلب مقابل أجر الحضانة.
نؤكد: بصدور حكم التطليق خلعا تنتهى العلاقة الزوجية، لكن لو نتج عنها أطفال يظلوا في فترة حضانة النساء حتى بلوغهم خمسة عشر عاما، ومن ثم يستحق الحاضن مقابل أجر الحضانة طوال هذه المرحلة، وقد حدد المشرع المصري الحق في الحضانة للنساء ابتداء من الأم فأم الأم وإن علت وباقى النساء من جانب الأم، فاذا لم توجد حاضنة من هؤلاء النساء أو لم يكن منهن أهل للحضانة أو انقضت مدة حضانة النساء، انتقل الحق في الحضانة إلى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق في الإرث، مع مراعاة تقديم الجد الصحيح على الأخوة، وذلك طبقا للمادة "20" من قانون الاحوال الشخصية.
وعلى ذلك فإن أجر الحضانة بعيد كل البعد عن الحقوق الشرعية للزوجة لتعلقه بهدف حفظ الصغير، فاليد على الصغير إنما هي يد للحفظ والتربية وضرورياته كالعلاج والالحاق بالمدارس مع مراعاة إمكانيات الأب – وعليه - فأجر الحضانة ليس خاصا بالأم فقط ولكنه متعين حتى في حالة انتقال الحضانة لأم الأم لأن الحق "الأجر" مرتبط بحفظ الصغير ورعايته، ونرى أن العدالة تقتضى أن يتدخل المشرع بالنص صراحة على طبيعة أجر الحضانة، وكونه من الحقوق المتعلقة بالصغير ورعايته وحفظه، وذلك من خلال مناشدة البرلمان والمجلس القومى للمرأة بتبنى "أجر الحضانة"، وذلك بِحَثّ المشرع على التدخل والتأكيد على استبعاد أجر الحضانة من الحقوق الشرعية المالية للمختلعة، واعتبارها من الحقوق المالية للحاضن لتعلقها بحفظ الصغير أو الصغيرة.