الجمعة، 22 نوفمبر 2024 07:59 ص

"ألغام الإيجار من الباطن".. هل يؤدى إلى إخلاء العقار؟.. وما هى أشكاله وشروطه؟.. المشرع أجازه بشروط وفرق بين 3 حالات متشابهة

"ألغام الإيجار من الباطن".. هل يؤدى إلى إخلاء العقار؟.. وما هى أشكاله وشروطه؟.. المشرع أجازه بشروط وفرق بين 3 حالات متشابهة الايجارات - أرشيفية
الجمعة، 11 فبراير 2022 12:00 م
كتب علاء رضوان

مسألة التنازل عن عقد الإيجار وكذا الإيجار من الباطن من الأمور الشائكة حيث يعتبرها البعض حقل ألغام بين المالك والمستأجر، ما يؤدى معه إلى إقامة ملايين الدعاوى فى المحاكم المدنية من جراء المشاكل والخلافات التى تقع بين الطرفين، وذلك لعدم معرفة كل منهما حقوقه وواجباته تجاه الآخر، وذلك فى الوقت الذى يشهد فيه ملف الايجار القديم تطورات جديدة وهامة بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام، بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.

 

وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول مشروعى "قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر"، وكذا "قانون الإيجارات القديمة"، الأمر الذى يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.

 

20836-201908231122212221

 

دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار 

فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، حيث يشغل ملف الإيجارات فى مصر بال ملايين الملاك والمستأجرين، فهل للمستأجر فى عقود الإيجار الخاضعة للقانون المدنى الحق فى التنازل عن الإيجار، ونقل العين من الباطن إلى آخر إذا كان العقد يخضع للقانون القديم أو الجديد ما لم ينص العقد على ذلك؟  حيث أن التأجير من الباطن يحدث ذلك عندما يقوم المستأجر الرسمى، الذى ينعكس اسمه فى عقد إيجار، بتأجير جزء من العقار، أو كل الممتلكات التى هو مستأجر فيها، لشخص ثالث، حيث يتم تنفيذ الإيجارات من الباطن لكل من العقارات السكنية والتجارية، ومن المهم أن تعرف أنه من خلال عقد إيجار من الباطن، فإنك تنشئ علاقة قانونية جديدة ومختلفة بين المستأجر والشخص الذى يتم تأجيره من الباطن - فى الوقت نفسه - تظل العلاقة بين المستأجر ومالك العقار سليمة – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمد رشوان.

 

فى البداية – إذا أجر المستأجر من الباطن أو تنازل عن الإيجار أو ترك المكان المؤجر للغير دون إذن كتابى صريح من المالك وفى غير الأحوال الجائزة قانوناً، كان للمالك طلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين المستأجر الأصلى وإخلاء المكان المؤجر ممن يشغله، وإذا تعدد الملاك جاز طلب الإخلاء ممن يملك أغلبية الأنصبة سواء أكان واحد منهم أم اكثر من واحد، وإلا كانت الدعوى مرفوعة من غير كامل الصفة ويحكم بعدم قبولها، كما يجوز رفعها من نائب المالك كوكيله أو الوصى عليه أو الحارس القضائى، لأنها تعتبر مرفوعة فى هذه الحالة من المالك طبقاً لأحكام النيابية – وفقا لـ"رشوان".

 

280156-280156-280156-Lease-renewal-cover

 

معلومات مهمة عن الإيجار من الباطن والتنازل عن عقد الإيجار وحالة الترك

والتنازل عن الإيجار من الناحية العملية هو قيام "المستأجر" بتحويل كامل حقه فى عقار ما إلى شخص آخر، بحيث إذا قام بتوقيع عقد الإيجار لمدة 12 شهراً - على سبيل المثال - ولكن قرر ترك العقار بعد 6 أشهر فقط، فيمكنه إيجاد شخص آخر يحل محله بالعقار أو الوحدة، على أن يقوم بسداد الإيجار مباشرة إلى مالك العقار، وتكون لديه كافة حقوق ومسؤوليات المستأجر الأصلى، وفى كثير من الأحيان ما نسمع عن الإيجار من الباطن، وإنه سبب لإخلاء المستأجر من العين، لكن فى حالات أخرى تشبه الإيجار من الباطن، و هى حالة "التنازل عن عقد الإيجار" و حالة "الترك"، ويجب على المستأجر أخذ موافقة المالك فى حالة التنازل أو الايجار من الباطن أو الترك لشخص غريب – الكلام لـ"رشوان".

 

3 مسميات يجب التفرقة بينها

1- الإيجار من الباطن: معناه أن المستأجر يعيد تأجير العين لشخص آخر "سواء بعقد مكتوب أو عقد شفوى" بمقابل مادى "غالبا بتكون أجرة تزيد عن الأجرة الأصلية للعين".

 

2- التنازل عن الإيجار: هو عبارة عن "حوالة عقد" بمعنى أن المستأجر يترك الشقة أو المحل لمستأجر جديد "بنفس الأجرة، وبشرط كتابة التنازل وتوقيع المستأجر القديم عليه".

 

3- الترك: معناه أن المستأجر يترك العين لشخص آخر "لا يكون ملتزم بإسكانه" من غير كتابة عقد ولا تنازل ولا أى شيء أخر، وشرط "الترك" هو أن يكون الشاغل الجديد للعين مسئول من المستأجر، بمعنى أن المستأجر ممكن يترك الشقة لزوجته أو حد من أولاده أو أحد أبويه، ولا يستطيع المالك يطرده لأن كل الذين ذكرناهم مسئولين من المستأجر وعليه واجب إسكانهم.

 

22309-22309-22309-رئيسية

 

كيفية رفع دعوى الفسخ والإلغاء على المستأجر الأصلى

وترفع دعوى الفسخ والإلغاء على المستأجر الأصلى ولا بد من اختصام المستأجر فى هذه الدعوى حتى لو كان ترك العين المؤجرة، ويجوز اختصام المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن الايجار أو الغير الذى يشغل العين فى هذه الدعوى غير أنه لا يلزم المالك أو المؤجر غير المالك أن يختصم غير المستأجر الأصلى، لأنه يترتب على فسخ عقد الايجار الأصلى فسخ عقد الايجار من الباطن، كما أن التنازل عن الايجار يعتبر غير نافذ فى حق المؤجر فى هذه الحالة، وبالتالى تعتبر يد المتنازل عن الايجار يعتبر غير نافذ فى حق المؤجر فى هذه الحالة، وبالتالى تعتبر يد المتنازل إليه على العين، وكذلك يد الغير الذى ترك له المستأجر العين يد غاصب بلا سند، وبهذا فإن الحكم الصادر فى هذه الدعوى يجوز تنفيذه على المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن الايجار أو من تركت له العين ليشغله حتى لو لم يختصم أحد من هؤلاء فى الدعوى – الكلام لـ"رشوان".

 

ما هى المحكمة المختصة لإقامة دعوى الفسخ؟

وترفع دعوى الإخلاء إلى المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها موطن المدعى عليه، باعتبارها دعوى غير مقدرة القيمة، وذلك فى فترة الامتداد القانونى للإيجار وطبقا للقواعد العامة، وبالإجراءات العادية المنصوص عليها فى قانون المرافعات لرفع الدعاوى، ولا يلزم أن يسبق رفع هذه الدعوى أى تنبيه على المستأجر بالإخلاء، وإذا حدث هذا التنبيه فلا يلزم الانتظار أية مدة بعده، إذ يجوز رفع الدعوى بمجرد وقوع التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار أو ترك المكان المؤجر للغير حتى قبل انتهاء مدته الإيجار، كما يجوز رفعها حتى إذا أزال المستأجر الأصلى هذه المخالفة، وعاد إلى مخالفة العين نفسه – هكذا يقول "رشوان".

 

201807131023542354

 

ولما كان قانون إيجار الأماكن قد جعل التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار، وترك العين المؤجرة فى منزلة واحدة فهى تشكل طلبا واحدا فى مفهوم المادة 235/1 مرافعات، وبالتالى يجوز للمالك الذى يستند إلى إحداها أن يعدل سبب الدعوى إلى غيره منها ولو أمام محكمة الاستئناف، فإذا طلب الإخلاء مثلا للتنازل عن الإيجار جاز أن يعدل سبب الدعوى بطلب الإخلاء لترك العين مثلا غير أن على المحكمة أن تلتزم بسبب الدعوى المرفوعة عنه الدعوى اخلاء، فإذا رفعت الدعوى بطلب الإخلاء للتأجير من الباطن فليس للمحكمة أن تقضى بالإخلاء لترك المستأجر العين المؤجرة أو لتنازله عنها للغير.

 

على من يقع عبء الإثبات للإيجار من الباطن؟

ويقع على المدعى عبء إثبات السبب الذى يطلب من أجله إخلاء العين المؤجرة طبقا للقواعد العامة، والأصل أن يكون المكان المؤجر مقصورا على المستأجر وتابعيه، فإذا ادعى المؤجر خلاف هذا الأصل كان عليه عبء إثباته ويكفيه أن يقيم الدليل على وجود غير المستأجر ومن يتبعه فى المكان المؤجر طبقا لأحكام عقد الإيجار أو القانون لينتقل بذلك عبء اثبات العكس إلى عاتق المستأجر بوصفه مدعيا خلاف الأصل ليثبت أن وجود ذلك الغير يستند إلى سبب قانونى يبرر ذلك، وإلا حكم عليه بالإخلاء، والعبرة بحقيقة الواقعة والتكييف الصحيح لها، لا بما يسبغه عليها المتعاقدان من أوصاف.

 

download (1)

 

ويذهب بعض الفقهاء إلى أن المحكمة لا تملك سلطة تقديرية فى الحكم بالفسخ والإخلاء متى ثبت لها أن المستأجر أجر من الباطن أو تنازل عن الإيجار أو ترك المكان المؤجر للغير بغير إذن كتابى صريح من المالك، وذلك على أساس أن قانون إيجار الأماكن شدد على المستأجر فى حظر التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار مقابل المزايا التى كلفها له، وقد صرحت المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 بذلك، وهذا المرسوم بقانون مصدر تاريخى لهذا الحكم الذى ورد فى قوانين إيجار الأماكن اللاحقة.

 

سلطة المحكمة التقديرية فى الحكم بالفسخ والإخلاء

لكن أن للمحكمة سلطة تقديرية فى الحكم بالفسخ فى هذه الحالة على أساس ما سبق أن ذكرناه من أن المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 أجازت للمؤجر طلب الإخلاء، ولم يرد بها ما يقيد سلطة المحكمة التقديرية فى الحكم بالفسخ ولا يعنى الإبقاء على سلطة المحكمة التقديرية أن تكون لها سلطة مطلقة بل يعنى ذلك أن تكون رسالة القاضى مكملة لرسالة واضع القانون وتقدر ظروف الدعوى وتزن الأمور فيها بما يجعل أكثر عدالة، وقد تقدم أن واضع القانون حظر التأجير من الباطن والتنازل والترك وأجاز للمؤجر طلب الأخلاء فى هذه الحالة لحكمة، وهى أن المستأجر وقد انتفت حاجته للمكان المؤجر فى ظروف أزمة للإسكان فلا محل لأن يبقى فيه لضرورة.

 

83263-83263-83263-201808090323112311

 

وبالتالى حيث يثبت للمحكمة انتفاء حاجة المستأجر للمكان المؤجر فإن العدالة تقضى الحكم بإخلاء المستأجر حتى لو لم يصب المؤجر ضرر من التأجير من الباطن أو التنازل أو الترك ومن باب أولى إذا أصاب المؤجر ضرر حتى لو كان المستأجر فى حاجة إلى العين لأن حظر التأجير من الباطن أصبح هو الأصل أما حيث يثبت أن المستأجر فى حاجة الى عين وقد زال المخالفة ولم يصب المؤجر ضرر من وقوعها فإن للمحكمة بعد تقدير كافة ظروف الدعوى ان ترفض الحكم بالفسخ، وإذا قضت المحكمة بالفسخ والأخلاء فليس هناك ما يمنع من أن تمنح المستأجر مهلة لتنفيذ حكم الأخلاء عملاً بالمادة 346/2 مدنى .

 

حكم التنازل عن الإيجار اللاحق على سريان القانون رقم 4 لسنة 1996

رأينا فيما سلف أن قوانين إيجار الأماكن تحظر كل من التأجير من الباطن والنزول عن الإيجار بدون إذن كتابى صريح من المؤجر، ولكن المشرع استثنى من هذا المنع بعض الحالات، وأشرنا إلى أن التنازل عن الإيجار هو عبارة عن اتفاق يقصد به نقل حقوق والتزامات المستأجر قبل المؤجر الناشئة عن عقد الإيجار إلى المتنازل له، فهو يتضمن حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المستأجر وحوالة دين بالنسبة إلى التزاماته، وتنشأ علاقة مباشرة بين المؤجر والمتنازل له عن الإيجار بنفس شروط العقد الأصلى المبرم فى تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996.

 

وفى حالة إذا تم التنازل عن الإيجار فى الحالات، وبالشروط المقررة قانونا أو بمقتضى العقد ذاته، فى تاريخ لاحق على سريان القانون الجديد فلا يسرى عليه أحكام القانون المدنى فى شأن تأجير الأماكن أعمالاً للمادة الأولى من هذا القانون، وإنما يظل التنازل عن الإيجار خاضعاً لقوانين أيجار الأماكن الذى أبرم فى ظلها عقد الإيجار الأصلى المتنازل عنه دون غيرها من أحكام القانون المدنى ولو تم التنازل عنه بعد العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996.

 

715800-715800-48954

 

رأى محكمة النقض فى الأزمة 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض أن تصدت لمثل تلك الإشكالية فى الطعن المقيد برقم 292 لسنة 46 قضائية، حيث ذكرت فى حيثيات الحكم أن الإيجار من الباطن لا يؤدى إلى الإخلاء، حيث إن الإيجار الأصل فيه أن لا يقوم المستأجر بالإيجار لأخر من الباطن ودائما وأبدا يتضمن عقد الإيجار شرطا بمنع المستأجر من التنازل عن الإيجار من الباطن، فلا يلتزم به المستأجر ويعلم المؤجر بمخالفة الشرط مما يجيز له طلب الإخلاء ولكنه لن يطلب ذلك رغم انقضاء الوقت الكافى ويكون بذلك قد أقر التنازل أو الإيجار من الباطن إقرارا ضمنيا إذ أن علمه بذلك وقعوده عن طلب الإخلاء وقائع مادية لا تدع ظروف الحال شكا فى اتجاه الإرادة الضمنية للمؤجر إلى التنازل عن طلب الإخلاء.

 

وقضت محكمة النقض بأن منع المستأجر من تأجير المكان من باطنه أو التنازل عن الإيجار حق مقرر لمصلحة المؤجر فيجوز له النزول عنه صراحة أو ضمنا وليس له من بعد حصوله طلب فسخ الإجارة بسببه ولئن كانت الكتابة كطريق لإثبات الإذن بالتنازل عن الشرط المانع ليست ركنا شكليا ولا هى شرط لصحته فيجوز إثبات التنازل الضمنى بكافة طرق الإثبات اعتبارا بأن الإرادة الضمنية تستمد من وقائع تثبت بجميع الوسائل.

 

وبذلك يكون من حق المستأجر تأجير العين من الباطن بشرط النص فى العقد صراحة على هذا البند وفى هذه الحالة لا يحق للمؤجر الاعتراض على ذلك، ولكن لو قام بالتأجير من الباطن ولم يعترض المؤجر فترة زمنية يعد ذلك إقرار ضمنى راجع قانون الإثبات، والمرجع هنا قانون الايجار الجديد 4 لسنة 96 بغض الطرف عن قانون الإثبات.

 

20190819082802282
 
 
masr-alshorta-mohamy-dw932
الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمد رشوان

print