زواج الأطفال أو زواج القاصرات جريمة مجتمعية متشابكة الأطراف وتحتاج إلى تصدى قوى، وهو ما يتطلب تشريع قانونى حاسم لوقف هذا الأمر والذى يقضى على حياه الأطفال وبرائتهم ويحولهم من بين ليله وضحاها إلى ربات بيوت ومسئولين عن أسر رغم صغر سنهم.
وتقدم النائب أحمد بلال بمشروع قانون لتجريم زواج الأطفال ومعاقبه كل أطراف هذه القضية وكل من شارك وحرض وساعد في ارتكاب هذه الجريمة
يقصد بكلمة زواج في أحكام هذا القانون كل عقد، أو وثيقة دالة علي إيقاع الارتباط بين ذكر وأنثي سواء تم بمعرفة المأذون الشرعي، أو محام، أو موثق.
يعد مرتكبًا لجريمة زواج طفل كل من شارك في إجراءات الزواج، أو تحرير ثمة وثيقة رسمية أو عرفية تثبت الزواج، سواء موثق، أو محرر عقود، أو محام، وكذا ولي أمر الطفل، أو من له الوصاية عليه، أو كان مسئولًا عن ملاحظته، أو تربيته، أو ممن لهم سلطة عليه.
بانقضاء 6 أشهر علي تاريخ صدور هذا القانون ونشره في الجريدة الرسمية يحظر نهائيا التصديق علي كافة عقود الزواج العرفي للأطفال تكون قد وقعت سابقة علي صدور القانون.
تعد وقائع التصادق على عقود الزواج لأقل من السن القانونية واللاحقة علي انتهاء الفترة القانونية لصدور القانون وسريانه جريمة تامة يعاقب مرتكبوها بذات أحكام الجريمة الأصلية.
مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون أخر، يعاقب علي الجرائم المنصوص عليها في المواد التالية بالعقوبات المقررة لها.
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرون ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب الجريمة المنصوص عليها بالمادة الثانية من هذا القانون.
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من استعمل القوة، أو التهديد، أو عرض عطية، أو مزية من أي نوع، أو وعد بشيء من ذلك لحمل طفل علي الزواج.
يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن عشرة ألاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حرض بأي وسيلة كانت علي ارتكاب جريمة تزويج طفل، أو ساهم فيها عن طريق تقديم شهادات طبية، أو إثبات شخصية مزور، أو معلومات غير صحيحة كانت سببا في إيقاع الجريمة.
يعاقب بالسجن أو بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز سبعين ألف جنيه كل من أفصح أو كشف عن هوية المجني عليه، أو الشاهد، أو المبلغ، أو سهل اتصال الجناة به في أي مرحلة من مراحل نظر الدعوي أو بعد الحكم فيها بما قد يعرضهم للخطر، أو يصيبهم بالضرر.
وفي كافة الأحوال لا يجوز نشر أي أخبار تتعلق بتلك الوقائع إلا في إطار توجيهات سلطات التحقيق المختصة وبعد الحصول علي موافقتها.
إذا بادر أحد الجناة بإبلاغ أي من السلطات المختصة بالجريمة ومرتكبيها قبل علم السلطات بها تقضي المحكمة بإعفائه من العقوبة إذا أدي إبلاغه لمنع الجريمة أو ضبط باقي الجناة.
وللمحكمة الإعفاء من العقوبة الأصلية إذا حصل الإخبار بعد علم السلطات بالجريمة وأدي إلي كشف باقي الجناة وضبطهم.
ولا تنطبق أي من الفقرتين السابقتين إذا تم الإبلاغ بعد وقوع الجريمة أو مرور ثمان وأربعين ساعة علي اتصال علمه بها.
جريمة تزويج طفل من الجرائم التي لا تسقط ولا يستفيد مرتكبوها من أحكام سقوط الجريمة والعقوبة المنصوص عليهما بأي قانون آخر.
في خطاب جماهيري واسع صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه: "استكمالًا لمسيرة دعم وتمكين المرأة المصرية أوجه الحكومة بما يلي: قيام مجلس النواب بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع زواج الأطفال أنا بتكلم علي الزواج المبكر بقانون مستقل والنص صراحة علي السن القانوني للزواج"، ليكشف التكليف عن قصور تشريعي واحتياج مجتمعي بالغ الأهمية يتعلق بمواجهة استشراء ظاهرة زواج الأطفال وإفلات ذويهم من العقوبة عن تلك الجريمة.
ويقصد بزواج الأطفال أنه زواج رسمي أو غير رسمي للأطفال دون سن البلوغ 18 عام، وهي ظاهرة اجتماعية في منتهى الخطورة منتشرة في كل دول العالم وليس في المجتمعات العربية والإسلامية فقط، ولا تقتصر أيضا على الدول النامية فحسب ولكنها تختلف في نسب الانتشار والشيوع. حيث تخلف تلك الظاهرة آثاراَ سلبية اقتصادية واجتماعية وإنسانية بالغة الخطورة على المجتمعات حيث تشير الإحصائيات الرسمية المعتمدة إلي أن واحدة من أصل ثلاث فتيات في المناطق النامية من العالم تزوجن قبل بلوغ سن 18 ويقدر أن 1 من كل 9 فتيات في البلدان النامية تزوجن قبل سن 15 عامًا، وتعتبر النيجر أعلى معدل لزواج الأطفال في العالم حيث أنه يتزوج حوالي 3 من كل 4 فتيات قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة.
أما عن الوضع المحلي لتلك الجريمة زواج الأطفال فقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع عدد حالات زواج القاصرات في مصر لتصل إلى 118 ألف حالة زواج سنويا تعادل نحو 40 % من إجمالي حالات الزواج في مصر من بينهم 1200 مطلقة وأكثر من 1000 فتاة أرمل فيما جاءت حالات الزواج للفئة العمرية أقل من 15 عامًا من الذكور والإناث معًا خلال عام واحد 5999 حالة زواج بينها 1541 حالة زواج للذكور و4458 حالة زواج للإناث.
ولبيان مدي خطورة هذا السلوك تغلغله في بعض البيئات نذكر هذا المثال حيث تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من ضبط مأذون شرعي تخصص في تزوير المحررات لتزويج القاصرات بمحافظة الشرقية حيث أكدت التحريات أن ع. م مأذون شرعي ارتكب 107 وقائع تزويج قاصرات من خلال التحايل على القوانين وإدخال الغش والتدليس على الجهات الحكومية بموجب إبرام عقود زواج عرفية لفتيات قاصرات بغرض الحصول على منافع مادية وبتفتيش مسكنه عُثر على 29 عقدًا عرفيًا لحالات زواج لفتيات قاصرات مذيلة ببصمات وتوقيعات بأسماء مختلفة و78 إيصال أمانة خالية البيانات مذيلة بتوقيعات لأسماء مختلفة منسوبة للأزواج وآباء الفتيات القاصرات.
الغريب في تلك القضية أنها تأتي بالمخالفة لكافة التشريعات الوطنية والمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة المصرية لتصبح جزءا من بنيتها القانونية بحسب نص المادة 93 من دستور 2014 والتي تنص على: "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة"، فقد نصت المادة 80 منه على أنه: "يعد طفلًا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية وتطعيم إجباري مجاني ورعاية صحية وأسرية أو بديلة وتغذية أساسية ومأوى آمن وتربية دينية وتنمية وجدانية ومعرفية كما نصت الفقرة الأولي من المادة 2 من قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 على أنه: "يُقصد بالطفل في مجال الرعاية والمنصوص عليها في هذا القانون كل من لم تتجاوز سنه الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، بينما نصت المادة 5 من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية على أنه: "لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية"، وهو النص الذي حصنته المحكمة الدستورية العليا 2017 بعدما رفضت الطعن علي حظر توثيق عقود الزواج لمن دون الثماني عشر عامًا.
وعلى مستوى المواثيق والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها الدولة المصرية فقد نصت المادة الأولي من اتفاقية حقوق الطفل 1989 على أنه: "يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة" بينما نصت الفقرة الثانية من المادة 21 من الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته 1990 على أن: "يحظر زواج الأطفال وخطبة الفتيات والأولاد وتتخذ الإجراءات الفعالة بما في ذلك التشريعات لتحديد الحد الأدنى لسن الزواج ليكون 18 سنة".
ورغم تلك البنية القانونية ووضوح التشريعات الوطنية التي تحدد صراحة سن الطفل وتجعل عمليات الزواج مخالفة للدستور والقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية إلا أن فعل الزواج ذاته يبقي غير معاقب عليه في القانون المصري فلا يوجد نص يعاقب من قام بالزواج من قاصر أو تزويجها بل أنه حتى وإن قام شخص بتلك الجريمة فلن نستطيع محاكمته أو محاسبته إلا إذا اقترن هذا الفعل بجريمة المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري.
وباستقراء التشريعات الوطنية لا نجد إلا تجريم وحيد مستقل لهذا الفعل تنص عليه المادة 227 فقرة 1 من قانون العقوبات أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقاً كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق"، وهي عقوبة لا تتناسب مع الواقعة إضافة لكونها تتعلق بالمأذون الذي يقوم بتزويجهم.
ـ في هذه المرحلة العمرية الصغيرة يكون الفتي والفتاة غير مهيئين من الناحية النفسية والثقافية والعقلية والجسدية لكى تقوم الزوجة بمسئولية بيت وزوج وتربية أطفال فتتحمل عبئا لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقا.
ـ يمثل هذا الزواج يُعد اغتصابا للحق في الطفولة واعتداء صارخاَ على كرامة الطفل فهو من باب فقر الأخلاق بل يمثل جريمة مكتملة الأركان في حق بناتنا والمجتمع بأكمله.
ـ فضلًا عن ذلك فإن لزواج القُصَر آثاره الاجتماعية الخطيرة كالتسريب من التعليم وتفشى الأمية وتدنى الصحة الإنجابية بما ينعكس أثره على ذرية هذا الزوج ويمتد هذا الأثر ليؤثر على سلامة المجتمع في جوانبه الأسرية والصحية والتعليمية وهى أثار تترك ندوبها على وجه المجتمع سنين عددا ويغدو إصلاحها من الصعوبة بمكان.
ـ البنية القانونية الهشة التي يرتكز عليها هذا الزواج ولا تتيح لأطرافه حقوقا واضحة أو محددة يمكن الدفاع عنها فلا يمكن توثيق العقد وبالتالي فلا يمكن تسجيل الأطفال الناتجة عنه بما يحول دون حصولهم علي التطعيمات الأساسية أو التحاقهم بالتعليم.
ـ حال وقوع خلافات تستحيل معها الحياة أو عدم التوفيق بين الزوجين فلا يحق للزوجة رفع دعوي الطلاق أو الخلع وحتي لو وقع الطلاق فلا يحق لها المطالبة بالنفقة أو المؤخر.
عليه فإن هذا القانون يستهدف توثيق وتحديد المقصود بكلمة الزواج في هذا القانون المادة 1 كما وسعت النطاق القانوني لجريمة زواج الأطفال لتشمل كافة العناصر المشاركة في ارتكابها أو التي لها ولاية علي الطفل المادة 2 بينما حددت المادة 3 الفترة الانتقالية لتطبيق القانون والتي يحظر بعدها التصديق علي عقود الزواج العرفي ويعاقب مرتكبوها بذات أحكام الجريمة الأصلية المادة 4.
أما الفصل الثاني من القانون فقد تضمن بيان للجرائم والعقوبات التي تطبق علي جرائم زواج الأطفال دون الإخلال بأية عقوبات أشد تنص عليها التشريعات الوطنية المادة 5 حيث تضمن عقوبة السجن لمدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين كل من شارك في تزويج أطفال المادة 6 أما لو صاحب عملية الزواج إكراه أو تهديد أو إغراء فقد عاقبت المادة 7 عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة.
وفي ظل شيوع ثقافة تحرض علي زواج الأطفال وتفسيرات لدي بعض المنتسبين للفكر الديني تتعامل مع زواج الأطفال فقد وضع مقترح القانون عقوبة علي تلك السلوكيات تتفق وعقوبة تقديم محررات تساهم في اتمام زواج الأطفال بالسجن وغرامة لا تقل عن 10 ألاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين المادة 8.
ولتشجيع الأطراف المختلفة علي مكافحة الجريمة والحيلولة دون وقوعها فقد منحت المادة 10 حصانة وإعفاء من العقاب لكل من يبلغ عن الجريمة قبل علم السلطات المختصة بها طالما أتاح البلاغ فرصة للحيلولة دون وقوع الجريمة أو القبض علي مرتكبيها بل وعاقبت من يكشف عن هوية المجني عليه أو الشاهد أو المبلغ بالسجن أو بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز سبعين ألف جنيه المادة 9.
ولضمان الردع والصرامة في توقيع العقاب علي أطراف الجريمة فقد نصت المادة 11 علي اعتبار جريمة تزويج الطفل من الجرائم التي لا تسقط ولا يستفيد مرتكبوها من أحكام سقوط الجريمة والعقوبة المنصوص عليهما بأي قانون آخر.