متلازمة اليد الغريبة أو كما يطلق عليها بالإنجليزية: Alien Hand Syndrome وتسمى أيضا باليد الفوضوية هي حالة مزمنة يعاني فيها الإنسان من عدم القدرة على التحكم بحركات يده 2017 p12، وهي عبارة عن أعراض ناجمة عن إصابة في المخ وتكثر في الحالات التي يكون فيها الشخص معتمدا على نصف واحد من نصفي المخ، وقد يكون السبب إصابة في منطقة الجسم الثفني أو بعد القيام بعمل جراحي للدماغ، أو الإصابة بالسكتات الدماغية أو أورام مرتبطة بالدماغ، وهو مرض يصيب الرجال والنساء على حد سواء.
والإنسان المصاب بهذه المرض يعاني من عدم القدرة على التحكم بحركات يده حيث تتصرف من تلقاء نفسها بحيث يكون الإنسان غير قادر على السيطرة على تحركات يده، بل أنه لا يشعر أنها جزء من الجسم، بمعنى أن اليد تصبح، كما لو كانت جسداً منفصلاً، وأول حالة معروفة وصفت في الأدبيات الطبية ظهرت في تقرير حالة مفصلة نشرت باللغة الألمانية في عام 1908 من قبل الطبيب النفسي أخصائي الأعصاب الألماني كورت غولدشتاين، حيث وصف غولدشتاين في تقريره عن امرأة أصيبت بجلطة أثرت على جانبها الأيسر، وأصبحت يدها اليسرى وكأنها لشخص آخر.
المسؤولية الجنائية لمريض اليد الفوضوية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالمسؤولية الجنائية لمريض اليد الفوضوية من خلال الإجابة على السؤال هل تقع على الانسان عقوبة حال عدم تحكمه في يده التي تسرق وتضرب وتشرع في القتل خنقا دون التحكم فيها؟ حيث يصاحب هذا المرض قيام الانسان بسلوكيات تضره هو ذاته مثل شد الشعر وتمزيق الملابس أو لمس أجزاء من الجسم في المناطق التناسلية أمام الآخرين، وتناول الطعام بشكل غير صحيح، مثل ملئ الفم بالطعام بشكل كثيف، وأيضا تكون يد المريض عرضه لتهديد للآخرين، حيث تقوم بعض الاحيان بالضرب أو الخنق، ويصاحب هذا المرض تقمص الانسان لأسماء غريبة وشخصيات مختلفة، حيث يصل بعض المرضى إلى حد ربط شخصية مختلفة بنفسه بل وأحيانا اسم مختلف مثلا يقول: "أن هذه اليد هي لشخص آخر" – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية - لم يصل الطب حتى الآن للسبب المباشر لمرض "اليد الفوضوية"، ولكن المختصون قاموا بربطها بتلف في الجسم الثفني - corpus callosum - الذي يمكن أن يتعرض للإصابة إما عن طريق عمل جراحي لفصي الدماغ حيث يرسل الدماغ اشارات كهربائية غير طبيعية، السكتة الدماغية، التهاب، ورم، تمدد الأوعية الدموية وظروف الدماغ التنكسية مثل مرض الزهايمر ومرض كروتزفيلد جاكوب، والمناطق الأخرى من الدماغ التي ترتبط مع متلازمة اليد الغريبة هي الجبهي، والقذالي فصوص الجداري، كما أنه لا يوجد علاج معروف لهذه المتلازمة، لكن هناك طرق وأساليب لزيادة تحكم العقل في اليد المصابة وتقليل حركاتها اللاإرادية، ومن ذلك إشغال اليد بشيء تعمله لكي يصل تدريجيا إلى شيء من التحكم بيده – وفقا لـ"فاروق".
قانون العقوبات قديما كان لا يعاقب فاقد الشعور أو الاختيار
ويثور التساؤول حول مسؤولية الانسان المصاب بمرض اليد الفوضوية عما جنته يداه من جرائم مثل الضرب البسيط أو الضرب المفض إلي موت أو هتك العرض الخ؟ والقاعدة أن القانون الجنائي يضع الجزاء والعقاب تأسيسا على حرية المجرم في الاختيار بين الخير والشر فإن جنح إلى الشر حرا مختارا حق عليه العقاب وإلا فلا، هذا وكَانت المادة 62 من قانون العقوبات المصري - قبل تعديلها - تنص على أنه لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل إما لجنون أو عاهة في العقل، ولكن صدر قانون الصحة النفسية رقم 71 لسنه 2009 معدلا للمادة 62 من قانون العقوبات، فأصبح نصها لا يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار، ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة – الكلام لـ"فاروق".
قانون الصحة النفسية رقم 71 لسنه 2009 يتصدى لجرائم "اليد الغريبة"
كما نصت المادة الأولى الواردة في الباب الأول من القانون رقم 72 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض على أنه في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالكلمات والعبارات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها: -
أ -.............
ب- المريض النفسي الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي عُصابي أو عقلي ذُهاني.
ج – الاضطراب النفسي أو العقلي: هو اختلال أي من الوظائف النفسية أو العقلية لدرجة تحد من تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية ولا يشمل الاضطراب النفسي أو العقلي من لديه فقط الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسي أو عقلي واضح.
رأى محكمة النقض في الأزمة
وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن مرض اليد الفوضوية لا يترتب عليه تخلف المسؤولية الجنائية تماما، إذ لا يترتب عليه فقدان الإنسان الإدراك والشعور، وإنما فقط عدم التحكم في سلوكياته أي هو اضطرابات سلوكية لا ترفع المسؤولية الجنائية، وقديما قضت محكمة النقض بأن دفاع المتهم بأن المتهم كان مجبول على هتك عرض المجني عليه في المواصلات العامة والزحام لوجود طغيان في غريزته الجنسية لا يعفيه من العقاب، إذ كان يتعين عليه وهو عليم بحالته أن يتجنب الزحام، وحديثا قضت محكمة النقض بأن الاضطرابات السلوكية ليس مانع من العقاب، وذلك طبقا للطعن رقم 18793 لسنة 83 قضائية الصادر بجلسة 11 مارس 2014، غير أننا نرى أنه إذا حاول المريض تجنب التواجد في تجمعات، ولكنه لسبب أو آخر وقع في المحظور وإصابة يد الغير بضرب أو جرح أو هتك عرض، فإن ذلك قد يستوجب رأفت القضاة أو تخفيف جرعته طبقا للمواد 17 أو 50 من قانون العقوبات.