ألقت الحرب الروسية على أوكرانيا التى دخلت أسبوعها الثالث بظلالها على دول الشرق الأوسط، التى تأثرت تأثرا بالغا بتلك الحرب رغم البعد الجغرافى، حيث عانت من ارتفاع جنونى فى الأسعار بعد ارتفاع أسعار النفط ومشتقات الطاقة وبدوره أدى لارتفاع السلع الأساسية.
ولكن كان القمح ومشتقاته من أكثر الموارد تضررا فى الدول العربية والتى تعتمد بشكل كبير فى خبزها على القمح الروسى والأوكرانى، وفى ظل اتخاذ الدولتين المتحاربتين قرارات متسقة بحظر تصدير مخزونها من القمح أصبحت دول الشرق الأوسط فى مأزق خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك، ما دفع الحكومات للعمل مع الغرف التشريعية لمحاولة امتصاص الأزمة قدر المستطاع.
وخلال الأسبوع الماضى أعلنت روسيا، مرسوما بمنع تصدير الحبوب إلى الاتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى حتى 30 يونيو.
وفى وقت سابق أفادت وكالة "إنترفاكس" الروسية، بأن روسيا قد تحظر صادرات القمح والشعير والذرة فى الفترة من 15 مارس إلى 30 يونيو.
وكذلك قالت أوكرانيا إنها قد لا تنتج محاصيل كافية للتصدير، إذا تعطلت الزراعة هذا العام بسبب الغزو الروسى المستمر منذ 24 فبراير الماضي.
وأكد مستشار الرئاسة الأوكرانية أوليه أوستينكو، أن "أوكرانيا لديها ما يكفى من احتياطيات الحبوب والغذاء لمدة عام.. ولكن إذا استمرت الحرب، فإن أوكرانيا لن تكون قادرة على تصدير الحبوب إلى العالم، وستكون هناك مشكلات".
وعلى خلفية قرارات روسيا وأوكرانيا تحركت البرلمانات والحكومات العربية لحظر تصدير مشتقات القمح، وكانت مصر فى طليعة تلك الدول حيث أصدرت وزارة التجارة والصناعة قراراً بوقف تصدير الفول الحصى والمدشوش، والعدس، والقمح، والدقيق بجميع أنواعه، والمكرونة وذلك لمدة 3 أشهر من تاريخ إصدار القرار.
وبالمثل أصدرت الحكومة الجزائرية عددا من القرارات لحماية البلاد من أزمة محتملة فى المواد الغذائية على خلفية الحرب الأوكرانية، فى مقدمتها حظر تصدير بعض المواد الغذائية والتكليف بإعداد مشروع قانون يٌجرم تصدير المواد غير المنتجة محليا.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الجزائر ستحظر تصدير ما تستورده من مواد غذائية من بينها السكر والزيت ومشتقات القمح، ويشمل القرار كذلك حظر تصدير العجائن والسميد، ومنع استيراد اللحوم المجمدة لتشجيع استهلاك اللحوم المنتجة محليا.
وكلف الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون وزير العدل بإعداد مشروع قانون يجرّم تصدير المواد غير المنتجة محليا، باعتباره عملا تخريبيا، للاقتصاد الوطنى.
وشجع رئيس الجزائر الفلاحين المموّنين للمخزون الاستراتيجى للدولة، من القمح الصلب واللين، والحبوب الجافة، بتحفيزات متنوعة منها الدعم بالقروض والأسمدة ومزايا أخرى.
وفى العراق تحرك البرلمان للعمل مع وزارة التجارة للتعامل مع الأزمة، وتم عقد اجتماع عاجل كشف خلاله وزير التجارة العراقى علاء الجبورى، أن المخزون الاستراتيجى من القمح فى البلاد يكفى حتى شهر أبريل المقبل، مؤكدا أن وزارته تعمل لتهيئة مخزون استراتيجى من القمح باستيراد 3 ملايين طن، وتخصيص 100 مليون دولار للشراء العاجل.
ولم تكن الأردن بعيده عن ذلك رغم اعلانها ان مخزونها من القمح يكفى 13 شهرا، وأكد وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالى للجنة برلمانية أنه لن يتم رفع سعر الخبز مهما ارتفع سعر القمح، مشيرا الى أن الأردن هو الدولة العربية الوحيدة التى لديها مخزون يكفى لأكثر من عام من القمح والشعير.
وقال الشمالى: "الأردن لديه مخزون قمح يكفى لمدة 13 شهرا و8 أيام"، مضيفا أن "الأردن لديه الإمكانية أن يستوعب لمدة 18 شهرا من القمح ولكن ارتفاع كلفة القمح منعتنا من الشراء بكلفة عالية".
وأوضح الوزير أن "كل كيلو خبر مدعوم بـ 13 قرشا حاليا ولا تغيير على أسعاره للمواطن الأردنى بغض النظر عن الأسعار عالميا".
وفى الكويت قال وزير التجارة والصناعة الكويتى، فهد الشريعان، إن بلاده أوقفت تصدير الزيوت النباتية وكل أنواع الحبوب لمدة 3 أشهر، وذلك لشح المعروض الناجم عن الأزمة الأوكرانية الروسية.
ولفت الوزير الكويتى، وفقا لـ"سكاى نيوز عربية" إلى أن المخزون الاستراتيجى فى الكويت يكفى لمدة عام.
وأضاف الشريعان: "يأتى حظر التصدير الكويتى للزيوت النباتية والحبوب فى ظل حرص الحكومة على منع تصدير وإعادة تصدير عدد من السلع الأساسية والأولية التى يحتاجها السوق الكويتى فى المرحلة الراهنة خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الكريم، للحفاظ على توفر الإمدادات فى السوق المحلية، لاسيما فى ظل أزمة أوكرانيا التى دخلت يومها الخامس والعشرين، والتى تسببت باضطراب فى سلاسل التوريد بعدما حظرت كل من روسيا وأوكرانيا تصدير عدد كبير من الحبوب من بينها القمح والذرة والشعير إلى جانب الزيوت النباتية، مما تسبب بموجة غلاء واسعة للأسعار".
أما فى المغرب تعهدت الحكومة تحملها فرق أسعار القمح داخل البلاد بسبب ارتفاعها جراء تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
جاء ذلك فى تصريح للمتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس، خلال مؤتمر صحفى عقب اجتماع الحكومة الأسبوعى.
فى حين توقعت الصحافة المحلية أن تنعكس الاسعار على مشروع قانون الموازنة الجديد الذى سيتم طرحه للبرلمان، وقال الدين أقصبى، أستاذ الاقتصاد، "اعتبر أن الضرر واضح وكبير جدا، وقد يلحق قانون المالية، إذ ينطلق من فرضيات خاطئة ومنطلقات تعتبر السنة عادية، فى حين أن الوضع الدولى والفلاحى الوطنى صعب".
وأضاف أقصبى، فى تصريح لجريدة هسبريس، أن "الأزمة تتجاوز القمح ويصل إلى مواد أخرى بسبب الجفاف"، مؤكدا أن "أسعار البترول والغاز ستشهد ارتفاعا، فيما تكابد السياحة خسائر كبيرة، وبالتالى فإن الوضعية العامة ليست جيدة".
كذلك حظرت الحكومة اللبنانية تصدير مواد غذائية مصنعة فى لبنان إلا فى حال الحيازة على إجازة تصدير من وزارة الصناعة، ويشمل الحظر الفواكه المحفوظة ونتاج مطاحن الحبوب، والسكر والخبز وعلف الحيوانات، فى ظل تحذيرات من أزمة تطول المواد الغذائية على خلفية الأزمة الأوكرانية.